مداخلة الأخ حسين العباسي الأمين العام المساعد للاتحاد وعضو مجلس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في الندوة القطاعية للتعليم الأساسي حول الإصلاح السياسي كانت مسك الختام،ولكن معها انطلقت وتيرة التساؤلات حول مسائل ملحة رأى الحضور أنها تحتاج الى مزيد من الشرح والتوضيح،وخصوصا منها تلك المتعلقة بمواقف الاتحاد في الساعات الأخيرة من العملية السياسية برمتها في ظل ما نشهده اليوم من جدب وتباعد في الرؤى السياسية. واستعداد الاتحاد من عدمه لممارسة دوره الريادي والتاريخي الذي عرف به في ضبط إيقاع الخلافات وتجنيب البلاد ما يتهددها من منزلقات اعتمادا على ثقله وإشعاعه كأهم منظمة وطنية مؤطرة تعرف كيف تخوض الصراعات وتكسب الرهانات، وتنفذ كلما حتمت الضرورة ذلك من باب السياسة لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. وقد عرف الأخ حسين العباسي وفق منهجية تداخل فيها التحليل بالتفكيك ،كيف يجعل من محور مداخلته التي جاءت تحت عنوان »أي دور للاتحاد خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي« خارطة طريق توضيحية سهلت على الحضور استيعاب جملة المواقف التي اتخذها الاتحاد العام التونسي للشغل منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة حتى اليوم. وفي مستهل هذه المداخلة أبدى الأخ حسين العباسي احترازه اللغوي على عنوان المداخلة قائلا ان طرح السؤال بصيغته الاستفهامية تلك »أي دور للاتحاد في مرحلة الانتقال الديمقراطي«؟ قد يحيل عند البعض الى غياب الإرث النضالي والأدوار التاريخية السابقة التي تقلدها الاتحاد والتي تحولت بدورها الى جملة من التراكمات النضالية يستفاد منها اتحادنا اليوم في تحديد تصوراته للأشياء ومواقفه من الأحداث. ❊ إرث نضالي وأكد في هذا الباب ان الاتحاد بإرثه وزخمه النضالي ذاك وأدواره الريادية تلك سيظل ملكا لمنخرطيه ومناضليه ومن واجبنا في هذه المرحلة الانتقالية تعميق التفكير من اجل دور تاريخي جديد وفاعل للخروج من هذه المرحلة بأكثر ما يمكن من المكاسب التي تعزز ثقة العمال بمنظمتهم وذلك استنادا الى شرعية مهمة يحضا بها الاتحاد وتكمن في لعبه لأهم واخطر الأدوار إبان الثورة التي جعلت منه المحرك الأساسي لها والضابط لإيقاعها الاحتجاجي والثوري وليس راكبا على أحداثها مستفيدا في ذلك من تراكمات نضالية سابقة جعلته يستفيد كما يجب من أحداث الحوض المنجمي وغيرها من الأحداث التي شكلت للاتحاد رؤية ثاقبة وموضوعية حول الوضع في البلاد وأين يجب ان يتموقع الاتحاد الذي أدى الدور الذي يجب ان يؤديه في ظل تفاوت نضالي بين الجهات ، تفاوت اعتبر حسين العباسي ان أهم ما ميزه هو الالتصاق بالانتفاضة التي سرعان ما تحولت الى ثورة جاءت لفرض استحقاقات نادى بها الشعب في مقدمتها الحق في الشغل والكرامة والحريات،وهي مطالب تجند الاتحاد بمختلف هياكله لتأجيجها ومعها تأجيج المطالبة بإسقاط النظام الدكتاتوري،وديكتاتورية النظام حتى فر الجنرال وحققت بذلك ثورة الشباب أهم أهدافها في انتظار استكمال تحقيق بقية الأهداف . الأخ حسين العباسي وهو يحدد المفهوم الاصطلاحي اللغوي للثورة ركز كثيرا على فكرة القطع والاجتثاث،وسد كل الطرق امام الماضي الفاشستي حتى لا يعود لنا من الشباك بعد ان غادرنا من الباب واعتبر ان أي ثورة مهما بلغت درجة ثوريتها لا تجتث الماضي بكل جذوره هي ثورة ناقصة أو هي ثورة لا معنى لها. وعاد بالحضور الى تشكيل الحكومة الأولى والحكومة الثانية وصولا الى حكومة السيد الباجي قائد السبسي ،فقال ان عدم رضانا في الاتحاد العام التونسي للشغل على عمل حكومة الغنوشي الأولى وإصرارنا على استقالتها لم يكن بدافع مزاجي أو اعتباطي أو لتعكير صفو الحياة السياسية التي كانت آنذاك متعكرة بطبعها ولا أيضا لخدمة أجندات خاصة بالمنظمة مثلما يدعي المنقلبون الذين نعرف في الاتحاد كيف ولماذا ومن اجل اية أهداف انقلبوا!! وأعاد سبب مطالبة الحكومة الأولى بالاستقالة الى أسباب موضوعية أهمها الخطر الذي أصبحت تشكله الحكومة على الثورة وعدم تلبيتها لمطامح الشعب الثائر الذي قدم الشهداء في سبيل لحظة الانعتاق والحرية التي نحياها اليوم ، وأضاف بالقول ان محمد الغنوشي تجاهل تحذير الاتحاد العام التونسي للشغل من مغبة الاعتماد على وزراء تجمعيين تشبعوا من مبادئ الدكتاتورية وفنونها في النظام البائد وأقدم في تحد تصعيدي على تعيين أكثر من 13 وزيرا يرتدون بدلة التجمع البنفسجية ليكونوا نواة حكومة ثورية فكيف يمكننا حينها ان نقبل بهذه المعادلة الالتفافية لذلك سارعنا اعتمادا على موقف موحد اتخذ على اثر انعقاد هيئة إدارية للمطالبة فعليا بإعفاء هذه الحكومة من مهامها أو تقديمها لاستقالتها وحل التجمع اللا دستوري واللا ديمقراطي والقطع النهائي مع ممثليه. وحول قبول الاتحاد بالحكومة الثانية ابرز حسين العباسي ان ذلك كان مشروطا ببعث مجلس لحماية الثورة من اجل تجنيب هذه الثورة العظيمة كل مخاطر الالتفاف من أي جهة كانت مع إعادة النظر في تركيبة اللجان الثلاث. واعتبر ان كل هذه المواقف الصادرة عن الاتحاد تمثل استجابة لإرادة قواعده وإطاراته وهي مضمنة في بيانات نقابية وتم اتخاذها لأننا اعتبرنا في الاتحاد أنها تعكس المطالب الحقيقية لشعبنا الذي ناضل وقاوم وانتفض ولا يمكن للاتحاد العام التونسي للشغل الذي جبل على هذه المبادئ إلا ان يكون الى جانب هذا الشعب وان يحترم تضحياته ويقدر عظمة شهدائه وهذا ما حصل بالفعل ويظهر انه قلب الطاولة على أعداء المنظمة وأعداء الشعب الذين أصبح ثقل الاتحاد ومواقفه الصادقة الملتصقة بهموم الجماهير والتي تحظى بالإجماع تسبب له كابوسا ووجعا في الرأس. الأخ حسين العباسي واصل النبش في عديد الحقائق الموجعة المتعلقة بالحكومة الثانية ومنها بالخصوص رفضها القاطع للمبدأ المتعلق بانتخاب مجلس تأسيسي ،ورسمها لملامح نظام رئاسي بدأت في التمهيد له خدمة لأطراف سياسية معروفة و معادية للثورة وكل ذلك من اجل نسف ثورتنا ومنعها من المضي قدما في تحقيق أهدافها،ومن الطبيعي والبديهي ان يتحرك الاتحاد العام التونسي للشغل في هكذا لحظة تاريخية ومصيرية ليتحمل مسؤوليته كاملة ويقود قاطرة التصدي لهذه الثورة المضادة ورموزها في قصر القصبة ويطالب علنا باستقالة هذه الحكومة التي لم تكن تمثل الشعب في شيء بل تحولت الى مصدر خطر عليه وجذب الى الخلف والى الوراء!! ❊ دور الاتحاد وضمن هذا الإطار قال حسين العباسي يجب ان نفهم مطالبتنا بإنشاء مجلس تأسيسي بالانتخاب وليس بالتنصيب اعتمادا على قانون انتخابي يضفي مزيد الشفافية والديمقراطية على عملية انتخاب أعضائه. وحول مسالة الانتقال الديمقراطي ودور الاتحاد في هذا الانتقال قال حسين العباسي ان الاتحاد لعب دورا كبيرا في هذا الحراك وهو مؤهل بالتأكيد للحديث عن دور منوط به في هذه المرحلة بالذات.دور سيحتم عليه توخي خيارات سياسية واقتصادية واجتماعية بعينها تكون مرتبطة عضويا ارتباطا وثيقا بمصالح ومطامح عمالنا بالفكر والساعد، واعتبر ان الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المرحلة السابقة للانتقال الديمقراطي هو أكثر من متيقظ لما يحاك في كواليس السياسة وما يمكن ان ينجر عن ذلك من تأثير على المشهد السياسي العام في البلاد مؤكدا بالقول ان الحكومة الحالية بدورها ليست بريئة وتجمعها علاقة تواصل مع عدة قوى سياسية،وفي المقابل أكد على وعي الاتحاد بخطورة المرحلة وعمله التشاوري الدؤوب مع كل القوى الصادقة التي لا تحركها الأطماع وتحب الخير لهذا الوطن وشعبه الأبي من اجل موقف موحد يجنب البلاد الهزات ويضمن مستقبلا آمنا للبلاد. الأخ حسين العباسي أبدى استغرابه من بعض القوى السياسية التي حاولت إثارة مسالة تواجد الاتحاد في المجلس التأسيسي ،ثم اعترضت على حق الاتحاد العام التونسي للشغل في ان تكون له حصة قارة في هذا المجلس. وأوضح في هذا السياق أن مجرد تمكين الاتحاد العام التونسي للشغل من حصة يستحقها داخل المجلس التأسيسي سينعكس إيجابا على الاستحقاق الانتخابي ككل،حيث سيحافظ الاتحاد في هذه الحالة وبحصته تلك على استقلاليته كاملة تجاه الأحزاب وعدم توظيف ثقله وإشعاعه ومصداقيته لخدمة أي طرف سياسي كان، وفي المقابل أكد حسين العباسي على قدرة الاتحاد أيضا دون هذه الحصة على النجاح في انتخابات 24 جويلية القادم من خلال قائمات نقابية مستقلة وذلك استنادا الى قدرة النقابيين وما يحظون به من إجماع في الجهات سيجعل منهم رقما انتخابيا يصعب كسره في مشهد سياسي قد تتحكم فيه التحالفات ولكن بالنسبة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل كما يرى حسين العباسي عضو المركزية النقابية وعضو مجلس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي فانه لا سبيل الى انتخابات بلا ميثاق يضمن الحقوق والمساواة ويجعلنا نتفق على الدستور الذي سيحمي البلاد والعباد.