الأرض حنينة إذا تعطيها تعطيك : " مثل شعبي تونسي " إذا أطعمت الأرض أطعمت شعبا " مثل شعبي انكليزي" ذكر الدكتور جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الأغذية الزراعية: "ثمة 862 مليون شخص في العالم لا يملكون الحصول على الغذاء. و يحتاج العالم إلى 30 مليار دولار للقضاء على الجوع ، بينما ينفق على الأسلحة 1200 مليار دولار كل سنة. هذا و يبلغ الاستهلاك الفائض للبدانة في العالم 20 مليار دولار" (مجلة الخضراء عدد 236 واقع الأغذية في العالم ص 22). لذا يتأكد علينا اليوم في بلادنا وأكثر من أي وقت مضى تحقيق اكتفاءنا الذاتي من الحبوب من أجل تعزيز أمننا الغذائي. هذا لا يتم توفيره إلا عبر إجراءات و استعدادات مكثفة و من أبرزها توفير الأسمدة الفسفاطية لجميع الأراضي المنتجة للحبوب و التي تبلغ مساحتها مليون* و 500 ألف هكتار (* مجلة الخضراء عدد 236 ص 5). الفسفاط ثروة طبيعية ، و نعمة في الكون وهبها الله إلى عباده ، إذ قال جل ذكره "و إن تعدو نعمة الله فلا تحصوها" من أهم العناصر الكيميائية التي يتركب منها الفسفاط ، عنصر الفسفور الذي يعرف بقيمته الغذائية الأساسية ، حيث تحتاجه كل خلية كائن حي ، و لا يمكن أبدا تعويضه لأنه من المكونات الجوهرية للحامض النووي (ADN) ، و جل الجزئيات العضوية ، وهو الذي ينقل و يخزن الطاقة لكل خلية حية ، و من دونه لا يمكن للانزمات أن تنشط. و على هذا الأساس ، صنّف الفسفاط من أثمن الكنوز الدفينة التي اكتشفها الإنسان ، فاستعمله بعد تحويله كيميائيا إلى سماد أطعم به الأرض ليزيد في إنتاجه الزراعي ، و يؤمّن به غذائه. فالإنسان منذ أن وجد على هذا الكون ، كان و لا يزال يسعى دائما لتوفير قوته ، فاهتدى إلى استغلال الأرض لضمان غذائه ، بدءا من زراعتها على حالتها الطبيعية ، مرورا بإضافة السماد التقليدي ، كالغبار و غيره ، وصولا إلى استعمال الأسمدة الفسفاطية التي أثارت شغف الفلاحين إلى حد تسميتها ب "ذهب الزراعة الأخضر" تبعا لذلك ، فإن حسن استغلال الأرض باستعمال الأسمدة الفسفاطية قد ساهم بشكل فعال في زيادة الإنتاج العالمي للحبوب ثلاثة أضعاف مما كان عليه منذ مائة سنة. لكن هذا الكنز النفيس ، هو على غرار بقية الموارد الطبيعية الغير متجددة في طريقه إلى الاستنفاد. فحسب آخر تقرير معهد الجيوفيزياء الأمريكي ، تقدر المدخرات العالمية للفسفاط ب 16 مليار طن في المناجم الممكن استغلالها (المجلة الفرنسية : البحث عدد 445 أكتوبر 2010 ص 56). وهذه المدخرات لا تتجاوز 100 سنة ، إذا تواصل استغلالها على نفس النسق لسنة 2009 ، حيث وصل مستوى الإنتاج في سنة 2009 ، 158 مليون طن (المجلة الفرنسية : البحث أكتوبر 2010 ص 56) ، و من المتوقع زيادة الطلب على الأسمدة الفسفاطية ب 40 % إلى حدود سنة 2030 ، ذلك نتيجة النمو الديمغرافي العالمي. يقدر معدل زيادة عدد سكان العالم سنويا ب 80 مليون نسمة. حاليا عدد سكان العالم 6.3 مليار نسمة ، و سيصبح ما يقارب 9 مليارات أو أكثر سنة 2050. لذلك و استنادا لما تقدم ، فإن المدخرات العالمية الفسفاطية ستستنزف قبل 100 سنة. إن من الصعب التخيل إلى ما ستؤول إليه حالة الإنتاج الزراعي دون أسمدة فسفاطية ، و بالتالي سيتراجع بل سيتدهور الإنتاج الغذائي العالمي. من أين و كيف سيوفر الغذاء الكافي إلى أكثر من 12 مليار نسمة مع نهاية القرن 21 هل ستتفاقم المجاعة إلى حد إنخرام السلم الاجتماعية ، و تعود العصور المظلمة فأين مبتدأ الحل هذه هي الأسئلة التي ستواجه البشرية في يوم ما. لذا، ينبغي الاهتداء إلى الحل ، و لا نكتفي بإثارة المشكل أو بقرع أجراس الخطر. و على هذا الأساس تعد عملية استعادة أو استخلاص الفسفور من الرهان الكبرى القادمة في هذا الميدان. في هذا الصدد ، و في إطار شراكة بين جامعة "كلمب" البريطانية و الشركة الكندية "أسترا" ، وقع التوصل أخيرا إلى طريقة تقنية حديثة لاستخلاص الفسفور من مياه محطات التطهير في شكل ثاني فسفاط الكلسيوم ، ذلك أن الافرازات اليومية مع فضلات الإنسان تبلغ 1.5 غرام من الفسفور لكل فرد في اليوم. فإلى حد سنة 2010 ، توجد في العالم 3 محطات تطهير تعمل خصيصا لهذا الغرض ، اثنان في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، و واحدة في كندا. في هذا المضمار ، و بالنسبة لمنتجي الفسفاط و الأسمدة في العالم ، فإن هدفهم المنشود ، كان و لا يزال ، التثمين الكلي و الشامل لجميع الفضلات التي تفرز أثناء عملية معالجة أو عملية تحويل الفسفاط الخام ، و من أهمها استعادة جل خامس أكسيد الفسفور واستخلاص المعادن الثمينة ، و ذلك لسببين اثنين ، أولهما بيئي و ثانيهما اقتصادي. هذا الانجاز لم يعد صعب المنال أو التحقيق في بلادنا ، ذلك لما يتمتع به خبرائنا و باحثينا من كفاءة و معرفة علمية عميقة ، زيادة على التجربة الطويلة المكتسبة في هذا الميدان. و مما يجعلنا نستشعر بمجئ هذا المستقبل المنشود ، هو ما اكتسبه عمال و مسيرو قطاع الفسفاط من ثقة ، بعد ثورة الشباب المباركة ، لمزيد البذل و العطاء لتحقيق الغد الأفضل للمؤسسة و للمجموعة الوطنية. - أرقام و تاريخ الفسفاط - مارس الإنسان الزراعة 8000 سنة قبل الميلاد ، أي قبل أن يخترع الكتابة ب 4800 سنة. - سّمي الفسفور قبل معرفته بحجر الفلاسفة أو الضوء البارد. - أكتشف الفسفاط في منتصف القرن التاسع عشر. - أول دولة أنتجت الفسفاط هي الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1867. - ثاني دولة أنتجت الفسفاط هي تونس سنة 1897 ، و تلتها الجزائر سنة 1908 ثم المغرب سنة 1920. - عدد البلدان المنتجة للفسفاط : حوالي 40 دولة. - تبلغ طاقة إنتاج الفسفاط سنويا في العالم : 160 مليون طن. - الدول التي تملك أكبر مدخرات الفسفاط هي : * مغرب : تحتل المرتبة الأولى بحوالي أكثر من 60 % من مدخرات العالم. * الصين : تحتل المرتبة الثانية بحوالي 18 % من مدخرات العالم. * جنوب إفريقيا الأردن الولاياتالمتحدةالأمريكية : حوالي 12 % من مدخرات العالم. * تونس و أكرانيا : حوالي 2 % لكليهما من مدخرات العالم. * بقية الدول المنتجة : حوالي 6 % من مدخرات العالم.