على اثر مطالعتي لفحوى الحوار الذي أجراه الأخ محمد العروسي بن صالح رئيس تحرير جريدة »الشعب« مع الأخ خيرالدين الصالحي الأمين العام التونسي للشغل ورفيق الزعيم النقابي الحبيب عاشور والذي استعرض من خلاله أطوار ومراحل حقبات مهمّة وبارزة من سيرته النضالية في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل وأبرز العديد من المحطات النضالية في تاريخ الحركة النقابية وخاصة الأزمات التي مرّ بها الاتحاد العام التونسي خلال سنوات 78/77 و88/85 والذي تمّ نشره بصفحات جريدة »الشعب« تباعا تحت عنوان »قصة عمر يرويها خيرالدين الصالحي« استوقفني كلام الراوي المنشور بجريدة »الشعب« عدد 1136 بتاريخ 23 جويلية 2011. وخاصة الفقرة المتعلقة بتعويض الأخوة أعضاء المكتب التنفيذي الوطني الأربعة الذين تمّ طردهم من الاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية عدم التزامهم بالتفرغ الكامل للعمل النقابي وفي اطار التفكير في من سيعوضهم لتحمّل المسؤولية النقابية في صلب المكتب التنفيذي الوطني تمّ اقتراح اسم الأخ حسين بن قدور من طرف بعض الاخوة أعضاء الهيئة الادارية الوطنية ليعوّض أحد الأعضاء المستقيلين في اطار ترميم هيئة المكتب التنفيذي الوطني وفي هذا المعطى يروي الأخ خيرالدين الصالحي أنّه لما تردّد على مسامعه اسم حسين بن ڤدور قال إنّه غير منخرط بالاتحاد ولم يتحمّل أي مسؤولية في السابق؟ هذا الكلام غريب ويحطّ من مكانة وقيمة المناضل النقابي حسين بن ڤدور كأحد رموز المنظمة الشغيلة ومسيرته النضالية الطويلة وحراكه الفاعل في الساحة النضالية النقابية يشهد على ذلك. ويفنّد ما جاء على لسان الأخ خيرالدين الصالحي وفي اطار إنصاف المرحوم حسين بن ڤدور وإبراز دوره الفاعل في المنظمة الشغيلة وإعطاء المكانة المرموقة التي يستحقها استوجب تقديم التوضيح التالي حول مسيرته النقابية. بناءً على الوثائق النقابية المتواجدة بأرشيف الاتحاد وبناء على ما أكدته سيرته الذاتية ومراحل نضاله وكفاحه ومشواره الطويل في العمل النقابي والسياسي وكذلك على الصعيد المغاربي ومساهمته الفعّالة في الحركة الوطنية ومواقفه البطولية ازاء حركات التحرير ودحر الاستعمار ومرافقته ومعايشته للزعيم الراحل الوطني النقابي والدستوري أحمد التليلي كلّها دلائل واضحة ومحطات مضيئة في السجل النضالي لمسيرته النضالية النقابية الطويلة المشرفة والمتميّزة للفقيد حسين بن ڤدور في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل منذ انخراطه بالمنظمة الشغيلة في مطلع الخمسينات اثر انتمائه لقطاع التعليم الابتدائي كمدرّس فاضل بالمدارس الابتدائية في مختلف مناطق البلاد وهذا ما أكده المناضل النقابي رفيق دربه المرحوم علي المؤدب الكاتب العام السابق للنقابة الجهوية للتعليم الابتدائي بجهة ڤفصة وهو صاحب مؤلفات عديدة حول الحركة النقابية وكفاح ونضال الاتحاد العام التونسي للشغل ورموزه وخاصة المقال المنشور بجريدة »الشعب« عدد 917 بتاريخ 12 ماي 2007. بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الفقيد بن ڤدور تحت عنوان »أضواء على حياة النقابي الكبير الحسين بن ڤدور« وكذلك مقال الأخ حبيب الشابي صحافي بجريدة الشعب المنشور في نفس العدد المشار إليه تحت عنوان »في الذكرى العاشرة لرحيل الزعيم النقابي حسين بن ڤدّور = حين ينبت الزهر في مفاصل الصخر وثنايا الرمال« وكذلك ما أكده المناضل المخضرم الأستاذ منصف الشريف في العديد من الدراسات والمقالات المنشورة بجريدة »الشعب« بمناسبة احياء ذكرى وفاة الفقيد والذين أكدوا أنّ الحسين بن ڤدور انخرط مبكرا بالمنظمة الشغيلة وتحمّل عديد المسؤوليات النقابية في قطاع التعليم الابتدائي منذ بداية الستينات كاتبًا عامًّا للنقابة الأساسية للقطاع بكل من مدينة الرديف ثمّ بمنزل بورڤيبة وقد تحمّل الحسين بن ڤدور أيضا المسؤولية النقابية على المستوى القطاعي الوطني منذ 1972 كاتبًا عامًّا للنقابة الوطنية للتلعيم الابتدائي »كانت تسمّى هكذا...« في السبعينات المكتب التنفيذي للقطاع المؤقت الذي كلّف بتصحيح المسار النقابي اثر حلّ هيئة النقابة الوطنية »جماعة الطاهر الباجي« ثم تمّ تجديد انتخابه بالإجماع كاتبا عاما للنقابة الوطنية للقطاع خلال المؤتمر القانوني 1973 وقد غنم مدرّسو التعليم الابتدائي في عهد تولّيه الكتابة العامة للنقابة الوطنية للقطاع عديد المكاسب والامتيازات المادية فتحت لهم آفاق واسعة في الترقية بفضل كفاءته وحنكته ومصداقيته وأسلوبه المرن في التعامل لحلّ المشاكل وتحقيق الفائدة المرجوة وبرز الشيخ الحسين كما يحلو لرفاقه أن يخاطبوه بهذا الوصف »كالنجم الساطع في سماء الاتحاد في هيئاته التنفيذية ونال إعجاب وتقدير الزعيم الحبيب عاشور حيث انّ الأخير وخلال اشرافه على اجتماع الهيئة الادارية للقطاع خاطب الحاضرين »من أين أتيتم بهذا الغول...« يقصد الحسين بن ڤدور الكاتب العام هذا ما أكده المرحوم علي المؤدب الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الابتدائي بڤفصة الذي كان متواجدا بالاجتماع المذكور والمنشور ضمن مقاله بجريدة »الشعب« المشار إليها آنفا وهي اشارة واضحة إلى مكانة هذا القيادي وتموقعه في الساحة النقابيّة وتمركزه في المسؤولية وحينما تقرّر أن يخيّر أعضاء المكتب التنفيذي الوطني للمركزية النقابية بين التفرّغ كامل الوقت للعمل النقابي أو الاستقالة تمّ تعويض الحسين بن ڤدور بأحد أعضاء المكتب التنفيذي الوطني المستقبل وتمّ انتخابه بالإجماع خلال اجتماع الهيئة الادارية الوطنية المنعقد للغرض 1973 على أساس ان بن ڤدور تمّ اقتراحه مسبقا من طرف بعض الأعضاء في الهيئة الادارية الوطنية وعلى أساس أنّه يتحمّل مسؤولية قطاعية وطنية في أهم وأكبر قطاع في المنظمة الشغيلة ألا وهو التعليم الابتدائي = وتمّ تجديد انتخابه لعضوية المكتب التنفيذي الوطني خلال المؤتمر الرابع عشر = مارس 1977 وتمّ الزجّ به في السجن خلال أزمة 1978 صحبة رفاقه أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وثلّة من أخْلص المسؤولين النقابيين وحكم عليه بعشر سنوات أشغال شاقة ولما تمّ الافراج عن القيادة النقابية اثر عفو رئاسي تمّ تجديد انتخابه في صلب المكتب التنفيذي الوطني مؤتمر ڤفصة الاستثنائي = أفريل 1981 وواصل تحمّل مسؤوليته النقابية الوطنية بكل عزم وثبات وشجاعة وصمود الأبطال رغم المرض العضال الذي أصابه وهو في السجن الى غاية انعقاد المؤتمر الثامن عشر ديسمبر 1993 حيث لم يقدم ترشحه واختار الانسحاب بكل هدوء من المسؤوليات النقابية وودع النقابيين بكلمة مؤثرة ألقاها خلال المؤتمر أين تمّ تكريمه وتبجيله وظلّ نقابيا وفيا مخلصا لمبادىء الاتحاد مواكبا ومتابعا للنشاط النقابي الى أن لبّى داعي ربّه في 12 ماي 1997 رحم اللّه الفقيد النقابي الوطني حسين بن ڤدور وجازاه اللّه خير جزاء على ما قدّمه من أعمال جليلة وتضحيات جسيمة لفائدة الاتحاد والبلاد والعباد والمرء حديث بعده.. كما يردّد دائما المرحوم الشيخ الحسين طيّب اللّه ثراه وأسكنه فراديس جنانه.