لقد كنت متردّدًا في اختيار عنوان هذه الرسالة حيث كنت أحبّذ أن أصف السيد كمال الجندوبي «بالنملة» لما ارتسم له لديّ ولدى كلّ الناس من صفات الدقة والصبر والمثابرة والحزم والعزم والاصرار على المضي بالفعل إلى نهايته، إلاّ أنّ »النملة« لا تناسب كمال في حقيقة ما انجزه وأتمّه لفائدة تونس والتونسيين فالتجأت إلى كنية »الجنرال« التي أصبح يكنّى بها للصفات ذاتها باضافة سكون العنفوان ونعومة القوّة وتواضع الشموخ النضالي... وحتى لا نوغل في التوصيفات التي لا يحبّها »الجنرال« فإنّ رسالتي إلى »الجنرال النملة« ألا يسرّح جنوده الذين عملوا معه طيلة المدّة بكثير من التضحية والنضالية ونكران الذات فربطوا الليل بالنهار لإنجاز المهمّ ورفع التحدي فكانوا على أعلى مستويات الكفاءة والجهوزية والعطاء، وساروا وراء »الجنرال« عبر وعر المسالك يقتحمون المجهول وينحتون بأظفارهم الصخر للوصول بسفينة الانتخابات إلى برّ الأمان. هؤلاء الجنود البواسل، حرام وخسارة أن يسرّحهم »الجنرال« اليوم وقد انجزوا المهمة وحققوا هذا الاستحقاق التاريخي بكل النجاح الذي أقرّ واعترف به القاصي والداني في الداخل والخارج، فالأمل والمصلحة الوطنية أن تتحوّل هذه اللجنة المستقلّة إلى مؤسسة Institution وطنية مختصة في الانتخابات وهي على الأبواب بالنسبة إلينا في تونس وقد تكون أيضا في خدمة الأشقاء تفيدهم بخبرتها وتشد أزرهم عند الحاجة فيكون عندئذ من المصلحة الوطنية المؤكدة ان يواصل شباب الهيئة العمل كلّ في موقعه وألاّ نعير أهميّة لبعض الذرائعيين الذين يقيسون الأمور بالرّاتب والشّهرية والكلفة المادية وهي بسيطة في صورة الحال ويتعلّلون بدورية الانتخابات التي لا تتمّ كلّ يوم متناسين كلفة اللاديمقراطية والانتخابات الشكلية على كافة الدول العربية من »رأس الخيمة إلى رأس بوجادور« والتي كثيرًا ما تسلّح بها الغرب على مدى عقود لابتزاز حكّامنا اللاّمنتخبين واللاّديمقراطيين والضغط عليهم باصدار الأوامر إليهم فلا يملكون الاّ أن ينصاعوا صاغرين لأنّهم يدركون أنّهم سرقوا المنصب فهم أجبن من أن يرفضوا ما يُطلب منهم حتى وإن كانت الكلفة باهظة وهو ما لا يستطيعونه اليوم في مناخات الديمقراطية والانتخابات الشفافة المعترف بها دوليا وهو ما يترجم كسبا ماديا وخيرا عميما على البلاد بالاضافة الى الكسب المعنوي وهو ما لا يقدر بثمن لا يمكن أن يساوي كلفه الابقاء على جنود »الجنرال« بكل تأكيد الذي نقول له: لا تسرح جنودك واستعد من الآن إلى المعركة المقبلة منطلقا من التجربة والمعرفة وما خيرت من مطبّات الطريق... وحتى لا أنسى أقول: إذا كان انجاز هذه الانتخابات بكل هذا النجاح يمثّل الظاهر من »الجنرال« فالخفي انّ نظام بن علي حرم تونس طيلة عقود من ثمرة هذه الكفاءات المتمترسة وراء البحار والتي هي على أتم الأهبة لخدمة تونس.