المنستير: التوصل إلى حلول مبتكرة للادارة المستدامة للمياه في قطاع النسيج (مدير الاستغلال بالقطب التكنولوجي بالمنستير)    سيدي بوزيد: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تؤمن عيادات في 14 اختصاصا بالمستشفى المحلي بالمزونة    وكالة التبغ والوقيد: أرباح تتراجع وأزمة سيولة تهدد المستقبل!    الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل تدعو إلى فتح مفاوضات عاجلة في الوظيفة العمومية والقطاع العام..    البنك المركزي: كتلة القطع والأوراق النقدية المتداولة تزيد بنسبة 13 بالمائة إلى 22 ماي 2025    كرة السلة: اليوم الجولة الرابعة لنهائي البطولة المحترفة    عاجل : النيابة العمومية تفتح تحقيقاً بعد وفاة شابة بطلق ناري في الكاف    تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: السجن لثلاثة أجانب ينشطون ضمن شبكة دولية لتهريب المخدرات..    وزارة الدفاع توجه نداء هام لهؤولاء لتسوية وضعياتهم..    محمد صلاح أفضل لاعب بالبطولة الانقليزية الممتازة للمرة الثانية    الدستوري الحرّ يعلن عن مبادرة سياسية جامعة    كاس العالم للمبارزة (سلاح السابر) - تاهل فارس الفرجاني الى الدور ثمن النهائي    ملتقى ماري نوسترم (مرحلة كاني اون روسيون): تاهل التونسيين احمد الجوادي ورامي الرحموني الى نهائي سباق 400م سباحة حرة    وفاة شابة بطلق ناري في الكاف: العثور على ورقة ترجح فرضية الانتحار    قرار استثنائي من الفيفا ...تعرف عليه    ليبيا.. المتظاهرون يمنحون المجلس الرئاسي 24 ساعة لتنفيذ مطالبهم    حريق بمركب صيد في جرزونة.. تدخل فوري ينقذ الميناء من كارثة    الشرطة الألمانية تحذر من صعود جماعات شبابية يمينية إجرامية    زلزال بقوة 6ر4 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عملية ألمانيا: ارتفاع حصيلة المصابين ومنفذة الهجوم امرأة..#خبر_عاجل    تعزيز التعاون بين تونس والصندوق العربي للانماء الإقتصادى والاجتماعى، محور لقاء وزير الإقتصاد بالمدير العام للصندوق.    جندوبة: تفكيك شبكة مختصة في ترويج سماعات الغش في الامتحانات    عاجل/ السجن لكهل تحرش ب 3 أطفال واعتدى عليهم..    الستاغ : تشغيل خط كهربائي جديد بين توزر وتوزر 2    إيطاليا تُغيّر قانونا بشأن الحق في الحصول على الجنسية بموجب 'حق الدم'    هام/ تمديد آجال العفو الاجتماعي ونظام التعويض عن أضرار حوادث الشغل..    حالة الطقس لهذا اليوم..    رحيل أسطورة السينما الجزائرية محمد لخضر حمينة    الفكر المستقيل    فرنسا والسعودية تُطلقان تحضيرات مؤتمر حل الدولتين    الكاف: وفاة شابة بطلق ناري    طبيبة تفقد أبناءها التسعة في قصف إسرائيلي أثناء عملها بالمستشفى    إحدى الشركات الرائدة عالميا في تطوير البرمجيات في مجال السيارات، تفتتح مركزا جديدا لها بالقطب التكنولوجي بصفاقس    أردوغان لمواطنيه : أرجوكم انجبوا 3 أطفال على الأقل    أمراض تهدد حياتك عند ضعف حاستي السمع والشم.. ما هي؟!    صدور قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بالرائد الرسمي    وزير التجارة يعاين استعدادات شركة اللحوم لتركيز نقطة بيع الأضاحي بالميزان    دار الثقافة ابن زيدون بالعمران .. برمجة ثرية في تظاهرة التراث والفن    تنبيه/ توقف جولان الخط "ت.ح .م" بين هاتين المحطتين..    مشروع "5/5": تجربة جديدة لتوزيع الفيلم القصير في قاعات السينما التونسية    أولا وأخيرا...«مخ الهدرة»    انطلاق فعاليات تظاهرة "ثقافات من العالم" بدار الثقافة ابن رشيق    كرة اليد.. الاهلي المصري يتوج ببطولة افريقيا ويضمها لكأس للسوبر    ''قصّيت شعري وغامرت''... باسكال مشعلاني تكشف كواليس أغنيتها الجريئة!    سيدي بوزيد: انطلاق موسم الحصاد وسط تقديرات بانتاج 290 الف قنطار من الحبوب    موعد بدء إجازة عيد الأضحى في السعودية    تظاهرة ثقافية غدا السبت حول الفن والهوية بدار الشباب سيدي داود بالمرسى    دليلك الكامل لتنسيق ألوان ربيع وصيف 2025: ألوان جريئة وعصرية ''تخليك تتألق''!    29 يوم فقط تفصلنا على بداية فصل الصيف    علاج طبيعي للاكتئاب دون أدوية...تعرف عليه    ''ضحكة كبيرة ونتيجة خطيرة'': لعبة التخويف تهدّد صحة طفلك!    الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يعتذر بعد نفاذ الميداليات خلال حفل التتويج في الدوري الأوروبي    دعاء يوم الجمعة 23 ماي 2025    الاستيقاظ قبل رنين المنبه خطر.. دراسة تحذر وتكشف..    طقس الجمعة: انخفاض طفيف في الحرارة وأمطار رعدية مصحوبة بالبرد في هذه المناطق    تخصيص جوائز مالية قياسية لكأس العرب 2025 بقطر    هام/ "الستاغ" تشرع في جدولة ديون هؤولاء..    ملف الأسبوع...وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا .. الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفيدة في المهجر
قصة: بقلم مبروك صالح المناعي
نشر في الشعب يوم 12 - 11 - 2011

البطحاء حول الميناء تعجّ بالحركة والنشاط. في الجانب مأوى لوسائل النقل مليء بالسيارات والشاحنات الخفيفة.
الناس من رجال ونساء وشباب وأطفال في تحركات وتنقلات حثيثة وفي الواجهة سلم عريض وطويل يقود إلى قاعة عليا تشرف على الميناء مليئة بالبشر من مسافرين ومودعين ومن مستقبلين اختاروا الإشراف على الميناء لرصد سيارات أقاربهم القادمة من الخارج.
الجوّ مليء بالصخب في قيلولة شديدة الحرارة أشعّة شمس أوسّو تنزل بقوّة على هامات العباد.
جلس الشيخ بالبطحاء على حرف الطوار ينتظر حفيدته التي ولدت بالمهجر وقد تجاوز سنها السنة دون ان يراها. فضل الجلوس هنالك قبالة باب خروج سيارة ابنه التي يميزها عن عشرات السيارات.
حرم الشيخ نفسه من غفوة القيلولة إذ هو متعود عليها طوال حياته فقدم من ضاحية جنوبية للعاصمة الى ميناء حلق الوادي لاستقبال ابنه وكنّته وحفيدته التي تحمل اسم أمه.
نقله ابنه الاوسط في سيارته إلى الميناء ليستقبلا معا الاسرة الصغيرة العزيزة العائدة من المهجر من شمال إيطاليا حيث حدود دولة النمسا.
جلس الشيخ يتأمل باخرة ضخمة راسية ملأ حجمها مرأى الافق فبدت كأنها مدينة عصرية ذات عمارات بينما انتصبت في الجانب الآخر مشربة الميناء التي انبعث من مضخم صوت جهازها غناء شعبي عن الغربة والحنين والاشواق إلى الوطن.
جلس الشيخ يفكر ويتذكر:
لما ولدت حفيدتي منذ ما يزيد عن سنة بأقصى شمال ايطاليا على الحدود النمساوية والسلوفينية طار تفكيري الى هناك لرؤية الوليدة العزيزة بشرني ابني المهاجر هاتفيا بالميلاد السعيد ثم استشارني حول تسميتها سائلا:
أي اسم تختار لها يا أبي... يا جدّها.
أفضّل ان أترك لك الحريّة في تسميتها.
بما انك احلت إلي مهمة الاختيار فإني امنحها احبّ اسم إليك وأعزّ اسم في الوجود يخلف اسم جدّتي رحمها اللّه وهو اسم ام المؤمنين الأولى... خديجة.
بارك اللّه فيك على هذا الاختيار الوجيه لقد وفّقك الله لاختيار افضل اسم في الوجود لوليدتك حفيدتي العزيزة. مولودة تونسية عربية في بلاد أجنبية في أوروبا تحمل اسم خديجة اسم سيدة العرب والمسلمين الاولى التي لقّبت الفاضلة في عهد الجاهلية وفي عصرالاسلام رضي عنها وأرضاها.
فكرت في أم المؤمنين وفكرت في جدّتي رحمها اللّه التي حرمنا منها وقد سبق ان حرمت منها انت إذ عشت يتيم الأم.
تعب الشيخ من الجلسة الشّاقة وتعب اكثر من الانتظار انّه يمقت الانتظار في كل الاحوال للفراغ الذي يعيشه المنتظر لكنه اقنع نفسه منظّرا (إنه تعب حلو) ما داما ينتظر حفيدته التي يلم يرها منذ ولدت وتحمل اسم امّه فكأنه ينتظر امّه ان شاء اللّه تكون حفيدته تحمل صورة والدته... تساءل هل تتذكر وجه والدتك؟... لم أتذكر منه شيئا يقال إنّ المحبّة البالغة من شخص لشخص تفقده استحضار تلك الملامح تماما خاصة عندما يتعلق الامر بمحبّة الابن لامه رحلت والدتي وانا طفل بين الثامنة والتاسعة من عمري. لم أنس شيئا من حركاتها وتحركاتها في نشاطها في البيت وخارجه ولم يغب عنّي لباسها الريفي. ما ابدع تلك الملاءة التي كانت ترتديها وهي من صنع يديها في المنسج كذلك احاديثها مازالت راسخة بذهني وما أروع تلك الاغاني الشعبية الريفية النسائية التي كانت تترنم بها امام المنسج او مع رنين الرحى وهي تطحن الحبوب وخاصة رائحتها الذكيّة الزكية كانت أطيب رائحة بأنفي اما في فصل الصيف حين تعرق فإني أستنشق الطيب والمسك في ملابسها. يذكرني الموقف بقميص سيدنا يوسف بين يدي سيدنا يعقوب عليهما السلام.
رغم كل ذلك اني لا اذكر من ملامح وجه والدتي شيئا والاسف كل الاسف حيث لا توجد اي صورة تذكارية لها... المهمّ سأعتبر وجه حفيدتي هو وجه أمي بالتحديد، ظلّ الشيخ مقرفصا يرقب سيل السيارات التي تتوقف اكثر مما تتقدم في ألوان وأشكال عديدة وفي أحجام متفاوتة تحمل أرقاما أجنبية من عديد بلدان أوروبا.
يسأل من حين إلى آخر ابنه الاوسط الذي نقله إلى الميناء هل اقترب خروج أخيه فجاءه مخبرا أنه رأى من المبنى العلوي سيارته تقترب من باب الخروج.
وماهي إلا لحظات حتى أطلت سيارة ابنه تتقدم رويدا رويدا فقفز الشيخ وكاد يسقط لولا ان أمسك بسياج الميناء ثم هرول نحو السيارة فتقدم إلى الأسرة واختطف حفيدته فاحتضنها ثم رفعها وطفق يسلم على ابنه وكنّته ودموعه تتقاطر وظلّ يحتضنها يشمّ رائحة أمّه ويتأمّل وجهها وبانطلاق السيارتين جعل الشيخ يترنم:
أميّمه يا خديجة
م الخارج جيتينا
م الهجرة والغربة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.