وحدها جهاتنا الداخلية المحرومة والمقصية والمهمشة ظلت على مدى عقود طويلة تحتمي وتعيش على حلم الشعارات لأن الشعارات تكبر وتنمو وتولد من ارحامها الاحلام الجميلة والامال المنسابة ولأن الشعارات وحدها تختزل هموم الشعب وارهاصاته لتفجر بداخله الثورة على الواقع وعلى المألوف... ربما هذه هي الصورة التي أراد نقابيو جهة الكاف ان يدبلجوا بها المظهر العام لمؤتمرهم من حيث اختيارهم لشعار «وفاءً لشهداء الثورة وتمسكا بثوابت المنظمة». النقابيون بجهة الكاف ومن داخل قلعة نضالاتهم الاتحاد الجهوي للشغل عاشوا مدا تاريخيا نضاليا من شعار «خبر وماء ونويرة لا...» الذي صنع احداث 26 جانفي 1978 الى شعار «حرية كرامة وطنية» الذي فجر ثورة 14 جانفي 2011 وأطاح بالدكتاتورية في تونس... عادوا هذه المرة بشعار يؤكد على ضرورة الوفاء للشهداء من اجل كنس أعداء ثورة الحرية والكرامة ومن اجل كنس أذناب الدكتاتورية واعداء الشعب المناضل واعداء دماء الشهداء الزكية التي عبدت الطريق امام الشعب لاستعادة كرامته وحريته وحقه في التنمية ولتفعيل هذا الجزء الاول من الشعار يرى نقابيو الجهة في ثوابت الاتحاد العام التونسي للشغل ومبادئه الحصن المنيع لدرء كل التفاف على الثورة وابعادها عن تحقيق اهدافها عبر تكريس النضالية والاستقلالية... فهل تعكس اشغال المؤتمر هذه الصورة والارادة. هذه إرادتنا... من هنا ذهب المكتب التنفيذي الجهوي المتخلي في تقريره الادبي الى استنكار حملات التشويه الممنهجة التي تستهدف النيل من الدور التاريخي للاتحاد ومصداقية مناضليه وادانة كل ما يستهدف الحريات العامة والفردية والتحذير من الانزلاقات الطائفية والنعرات القبلية والجهوية التي لا تخدم الا مصالح الرجعية والاعداء الطبيقيين لجماهير الشعب المناضل وقد ذهبوا في السياق للتأكيد على ضرورة إقرار دستور مدني يضمن الحرية والعدالة والديمقراطية الاجتماعية التي في ضوئها تتم محاسبة الفاسدين واستعادة الاموال المسلوبة والمنهوبة في الداخل والخارج وفي ضوئها كذلك تتم صياغة منوال تنمية متوازن يقوم على التوزيع العادل للثروة بين كل الجهات. وهذه الهموم التي يحملها نقابيو الجهة لم تغفل لديهم ايضا النظر بعيون حالمة الى نضالات شعبنا العربي على امتداد المنطقة الجغرافية الذي يخوض ثورات ضد الاستبداد والهيمنة والامبريالية ويقاوم اشكال التطبيع مع العدو الصهيوني وتجريمه. ... وهذه انتظاراتنا على صعيد ثان من هذا المؤتمر كان لابد ان يدور نقاش حول واقع الجهة التنموي والاجتماعي في علاقة بالواقع الثوري الذي يفرض على الاتحاد العام التونسي للشغل نحت تصور جديد لملامح العمل النقابي المستقبلي تراعى فيه ظاهرة التعددية النقابية الانتهازية ويقف الاتحاد فيه موقف الشريك الفعلي في مجالس التنمية بما يساعد على تفعيل الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التي انجزتها عديد الجهات المهمشة ومنها جهة الكاف وبذلك رصدنا في هذا النقاش جملة التطلعات والانتظارات التي يمكن ان نختزلها في ما يلي: تثمين دور الاتحاد ومناضليه في الجهة على مساهماتهم في ثورة الحرية والكرامة. تشريك الاتحاد الجهوي للشغل في المجالس الجهوية والمحلية للتنمية عضوًا كامل الحقوق باعتباره طرفا اجتماعيا مؤتمنا على منظوريه ومطلعا على مشاغلهم وماسكا بملفاتهم من اجل التوزيع العادل للثروات واعتبار الجهة ذات أولوية في التنمية وإيلاء مسألة تشغيل والعاطلين والمعطلين أهمية للحد من ظاهرة البطالة. إيلاء الملف الصحي والتربوي ما يستحقه من اهتمام على مستوى البنية التحتية والتجهيزات والموارد البشرية. وخيم على النقاش بصورة واضحة وجلية ملف الاسعار حيث طالب المؤتمر بوضع حد لغلاء الاسعار والمضاربات والاحتكار على حساب المقدرة الشرائية للمواطن. وفي نطاق المشاغل المطروحة على الجهة يرى المؤتمر ضرورة الاسراع بفتح قطب صناعي خاص بمنطقة «سرا ورتان» لما قد يحدثه من طاقة استيعاب لمئات العاطلين وكذلك طالب نواب المؤتمر بالتعجيل باتمام مشروع وادي سراط واسترجاع الاراضي الدولية واعتماد بعض الصناعات التحويلية. ورأى المؤتمر ان مناضلي ومناضلات الجهة دائمي الاستعداد للدخول في حركات احتجاجية ما لم يقطع مع سياسة الاقصاء والتهميش.