لم يكن صعود التيارات الاسلاميّة إلى الحكم في بعض البلاد لعربية أمرًار متوقّعا بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية وذلك رُغم وجود حركات اسلاميّة سبق لها المسك بزمام السلطة مثل حركة حماس. تجد الولاياتالمتحدة نفسها اليوم مَحُوطة بتغيير الخارطة الجغراسياسية في بلدان استراتيجيّة على رقعة الشطرنج الحسّاسة كمصر القريبة من الكيان الصهيوني، هذا ما يطرح مسألة تقارب هذه التيارات ومراجعة اتفاقيات تاريخية على غرار اتفاقية كامب ديفيد. وفي ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة والانسحاب المخزي من العراق ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية يكون العالم العربي الاسلامي كالعادة حاضرًا في سوق المزايدات السياسية، بتعلّة حماية الأمن القومي الأمريكي وحماية مصالح اسرائيل. الرئيس الأمريكي باراك أوباما حمل شعار «التغيير» في حملته الانتخابية لسنة 2009، هذا التغيير الذي لم يأت بجديد على الصعيد الداخلي ولكنّه حمل الكثير من المفاجأة على الصعيد الخارجي. اليوم تأتي ايران في الواجهة ومع تزايد الضغوط والعقوبات وحظر صادراتها النفطية التي تشكّل 60 بالمائة من اقتصادها لا يكون أمامها غير اختيار الحرب رغم فارق القوّة. ايران التي تهدّد بإغلاق المضيق النفطي ستكون كبش الفداء التالي لسياسة الاحتواء الأمريكية، انّ الولاياتالمتحدة لا تقبل بوجود ايديولوجيا اسلامية يتعاظم دورها يومًا بعد يوم وبالتالي يكون ضرب طهران محاولة لامتصاص الصدمة الاسلامية وبمثابة انذار قوي لبقيّة الدول الاسلامية فحواه: لا مجال لعالم متعدّد الأقطاب أو لنقل متعدّد الايديولوجيات. لقد أثبت الخيار العسكري فشله في كلّ من افغانستان والعراق ولكن الولاياتالمتحدة تجد نفسها مضطرّة لقيادة حرب جديدة ضدّ ايران خوفا على مصالحها النفطية في الخليج وارضاء للكيان الصهيوني المرتعدة أوصاله من الصواريخ الايرانية والهاء لمواطنيها الذين سئموا الوضع الاقتصادي المتردّي وطالبوا في وقت سابق باحتلال وول ستريت. ايران ستجد نفسها بين مطرقة جيوش الأطلسي وسندان دول مجلس التعاون لتتلقى ضربة قاسية وموجعة.. ولكن اتساع رقعة الحرب سيؤدي حتمًا إلى اشتعال المنطقة برّمتها خصوصا في الشرق الأوسط بل قد تمتد إلى آسيا. فهل تقبل الصين التي تمتلك حق النقض وقوّة الردع النووي بسيطرة جيوش التحالف على ايران؟ وهل سترضى روسيا التي تشهد علاقاتها فتورًا متواصلاً مع الولاياتالمتحدة على خلفية نقد هيلاري كلينتون لانتخاباتها الأخيرة باقتراب أمريكا من مصالحها؟ المقاومة العراقية سيكون لها دور أيضا طبعًا إلى جانب حزب اللّه اللبناني... وربّما تدخل دول أخرى على الخطّ مثل كوريا الشمالية وباكستان... علمنا التاريخ أنّ الحروب مصالح وهنا أتحدّث عن امكانية تقارب اسلامي شيوعي فكل شيء ممكن ومتوقع حين تتلاقى المصالح. من المؤكد أنّ الولاياتالمتحدة بدأت تفقد مكانتها العالميّة كمتحكم رئيسي في العالم ومن الطبيعي أن تنهار الرأسمالية فلكل نظام فترة صلوحيّة يكون بعدها إلى زوال لذلك تسعى الولاياتالمتحدة إلى احتواء التغيّرات الحاصلة عالميّا. ايران التي تدرك أنّ المنطقة برمّتها ستجر إلى الحرب تقوم بدفع قواتها إلى مناورات بحريّة ثانية وبذلك ترمي الكرة في الملعب الأمريكي لتترك له الاختيار، انّه اختيار الغرق في مستنقع لن يكون الخروج منه هذه المرّة سهلا.