علينا اليوم ان نعترف انّ القطاع الصحي في تونس لم يتطور رغم وجود عديد الكفاءات الناشطة في صلبه فهل يعود ذلك إلى نقص التجهيزات ام إلى النصوص التشريعية ام إلى أشياء اخرى نجهلها؟! كل هذه الاسئلة متجمعة نحو حلها نحن في هذا الرصد لواقع الطبيب المتخرج حديثا بما انه مطالب بالعمل كل 6 اشهر في استعجالي إلى حدود مرور 4 سنوات ليكون بعد ذلك موعد التخصص! الحقيقة انني حين سمعت ذلك لم افهم المغزى من ذلك خاصة انّ هذا الطبيب اذا ما قلنا انه تخرج وعمره 28 سنة فهذا يعني انه سيصبح عمره 32 حين يريد التخصص هذه واحدة اما الثانية فتهم الطبيب الذي عليه تنمية معارفه في البحوث فكيف سيجد الوقت الكافي لذلك والحال انه يعمل من السابعة الي السابعة ويكاد يكشف في كل ذلك الوقت الذي يقضيه في الاستعجالي على ما يفوق 100 حالة، الأكيد انّ توقيت عمل الاطباء في حاجة الى مراجعة دقيقة حتى يكون اداء الطبيب افضل! نعود الآن الى ما عشناه في استعجالي الياسمينات من ولاية بن عروس بما انّ هذا المركز يتجاوز طاقة استيعابه للمرضى الوافدين من مختلف احياء ومعتمديات الولاية، ولن نذيع سرا اذا قلنا انّ هذا الاستعجالي لم يعد قادرا على اداء دوره في ظلّ الاكتظاظ الكبير الذي يعرفه ليلا نهارا! الأتعاب المضاعفة... هبت رياح التغيير على البلاد، لكنّ قطاع الصحة العمومية خاصة مازال ينتظر نسمات التغيير بما انّ المنظومة حافظت على عناصرها التقليدية، واقتصر التغيير على بعض المسائل التي لم تغير الجوهر على حد رأي ممن التقيناهم داخل هذا المركز الاستشفائي الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني كبيرا في اطاره الطبي وشبه الطبي اذ من غير المعقول ان نجد اطارا لاكثر من 50 ساكن في ولاية بن عروس وهل تكفي طبيبة مقيمة واحدة لاستعجالي تؤمه يوميا مئات الحالات فيها السهل وفيها الصعب والتي تتم احالتها أو إحالة بعضها علي مراكز استشفائية اضخم من حيث التجهيزات خاصة في هذا الاتجاه يؤكد العم ابراهيم الغربي انه كان على وزارة الصحة ان توفر كلّ التجهيزات الضرورية بالمراكز الاستشفائية الموجودة بالمنطقة حتى تجنبنا تعب التنقل إلى مستشفيات العاصمة وما يترتب عن ذلك من تعب ومصاريف مضاعفة... المواطن يتهم والإطار الطبي ينفذ يلوم المواطن على العاملين في مستشفياتنا وكل مراكزنا الصحية واستعجالي الياسمينات واحد منها على البطء في القيام بعمليات التسجيل والانتظار الطويل ليكشف عليه الطبيب ثمّ ما يلبث بعد كل ذلك الوقت الذي قضاه هناك ليقدم له وصفة عليه ان يشتري الدواء من الصيدلية الخاصة بما انّ الدواء المطلوب غير موجود في صيدليات المستشفى في هذا الاتجاه تؤكد الدكتورة سارة بالليل انه يحصل ان يستهلك كل الدواء في وقت قياسي امام كثرة الطلبات كما انّ عملية التزويد بالدواء من مراكز التوزيع تتم حسب مواعيد ورزنامة محددة وهو ما لا يريد ان يفهمه المواطن الذي عادة ما يفقد اعصابه لاتفه الاسباب والحال انه كان عليه أن يتحلى بالهدوء والصبر والرصانة. أمّا نزيهة الشرطاني (ممرضة) فانّها ترى انّ العلاقة جيدة جدا بين المرضى وكل أطراف المشهد الصحي في بلادنا ما عدى بعض الحالات الاستعجالية والتي عادة ما يكون اصحابها في وضع يحسدون عليه مثل ان يأتي المصاب في حالة «سكر» او من معه فهؤلاء عادة ما يطلبون الاسعافات الاولية والحال اننا مطالبون بالقيام باجراءات خاصة مع هؤلاء وذلك حسب قوانين وزارة الصحة. الشاهد على الوقائع... ونحن في استعجالي الياسمينات شاءت الصدف ان يأتي احدهم في حالة يرثى لها بعد جلسة خمرية كان تعرض في اعقابها إلى اعتداء من طرف احد الجالسين معه وعلى وضعيته تلك فانّ الجميع تعامل معه بلطف كبير وقدموا له ما يستحقه من خدمات إلى درجة انه غادر المكان وهو يثني على ما وجده من حسن قبول، مقابل ذلك فانّ بعضهم لا يتوانى في الصياح داخل الاستعجالي رغم انّ الوضع كان يتطلب شيئا من الهدوء بما انّ وضع بعض المرضى ممن تقدم له خدمات آنية في حاجة الى الكثير من الهدوء وفي ظلّ ذلك الجوّ السائد تقدمنا من الخالة «حميدة» وسألناها عن احوالها فقالت انها تحسنت مقارنة بالاوجاع التي كانت تحس قبل وصولها الى الاستعجالي، نظرت إلى ساعتين فاذا هي الساعة تشرف على الثانية و20 دقيقة وكل الاطراف المنتمية إلى هذا الاستعجالي كخلية النحل تعمل دون كلل او ملل وانتظار شهادات الشكر بما انهم يقومون بواجبهم نحو الانسان التونسي.. من هنا وهناك من المطالب الاساسية للاعوان العاملين في استعجالي الياسمينات توفير الامن الضروري، وهناك من اقترح فتح مركز قار بهذا الفضاء الاستشفائي.. الطريق المؤدية ومحيط المستشفى تحيط بها ظلمة على المسؤولين في ولاية بن عروس ان ينيروا السبيل وذلك بإضافة فوانيس اخرى. غياب الحراسة في الباب الخارجي وهو ما يشرّع لمن هبّ ودبّ الدخول الى فضاء الاستعجالي دون رقابة! رغم انّ الاستعجالي «ما يرقدش» فانّ بعض الاطراف ترفض مغادرة سريرها وبالتالي تضع الاطراف العاملة هناك موضع احراج. يؤكد اغلب المواطنين الذين التقيناهم على تحسّن اداء الخدمات الصحية المقدمة في المؤسسات العمومية.. من المشاكل المزمنة التي يعانيها الاطار الطبي وشبه الطبي عدم تفهم بعض المسنين الذي عادة لا يعجبهم ما يقدم لهم من أدوية خاصة بالنسبة إلى يعانون من الروماتيزم. وحتى نلتقي.. كلمة حق لابد من توجيهها إلى كل الذي يعملون في استعجالي الياسمينات على حفاوة الاستقبال وقبولنا معهم وهم يؤدون واجبا انسانيا نحو الوطن والمواطن، برافو لسي فؤاد الرياحي وللاخ سالم الحامدي وللدكتورة سارة بليل وللأخت نزيهة الشرطاني وللاطباء المقيمين وللعاملين على السيارة والشيء من مأتاه لا يستغرب.