بالتعاون بين الاتحاد العام التونسي للشغل واللجان العمّالية الاسبانية نظّم قسم التكوين النقابي والتثقيف العمّالي بالحمامات يومي 21 22 ماي 2012 ندوة حول «الانتقال الديمقراطي ودور الاتحاد» واكبها عدد من أعضاء الهيئة الادارية الوطنية ومن لجنة المرأة العاملة والشباب وكان أشرف على افتتاح أشغالها الأخ محمد المسلمي الأمين العام المساعد المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمّالي الذي أكّد أنّها مناسبة لملامسة قضايا رئيسية تطرح على الاتحاد العام التونسي للشغل منها مسألتي العقد الاجتماعي ومنوال التنمية في علاقة باستحقاقات الانتقال الديمقراطي فضلا عن مسألة العلاقة مع المجتمع المدني مبادئ ورؤى ابتدأت فعاليات الندوة بمداخلة أولى لأستاذ الاقتصاد السيد عزام محجوب بعنوان «العقد الاجتماعي: رؤى تمهيدية» انطلق فيها من ضرورة تجسيم أهداف الثورة من خلال الشعارات التي رفعت وهي الكرامة التي تعني الحق في الحقوق والحرية التي تؤسس للدولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي تعني تحقيق الانصاف، وهي مبادئ يتعيّن التأسيس لها عبر آلية إدراجها في الدستور، وهو الدور الذي يسعى الاتحاد لتحقيقه من خلال مشروعه في الغرض، هذا وقد لاحظ المتدخل بأنّ العقد الاجتماعي تبنيه العناصر التالية: أ علاقة الشركاء ببعضهم وعلاقة الشركاء بالدولة وعلاقة الفرد بالدولة على أساس المواطنة بما يعني ذلك من مساواة بين كل المواطنين وعدم التمييز بينهم على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو المعتقد على اعتبار أنّ المواطنة تعني التمتّع بالحقوق والالتزام بالواجبات على أساس المساواة بين الأفراد وعلى أساس المشاركة التعاقدية اللامركزية بين الجماعات المحلية أو ما يعرف بالديمقراطية التشاركية، وعلى أساس التعاقد بين أطراف اجتماعية مستقلّة وممثّلة ترعى الحق في العمل اللائق بما يعني الحق في الشغل وفي المكافأة المجزية وفي الحماية الاجتماعية تحت مظلّة التمثيل النقابي وفي إطار حوار اجتماعي يفعّل هذه الحقوق ضمانا للسلم الاجتماعية. ب تحديد طبيعة منوال التنمية وتشخيصه بتنزيل الحق في التنمية بغاية تجسيم وإفعال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بحيث تكون المنظومة الاقتصادية وسيلة للتنمية عبر حدّ أدنى وفي مختلف الظروف من تدخل الدولة في المجال الاجتماعي لإفعال حدّ أدنى من العدالة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبذلك تتحقّق الشعارات التي جاءت بها الثورة. ج تحديد ضوابط فيما يتعلّق بالالتزامات الدولية على أساس ايجاد معادلة في تعاملنا مع الفضاءات الجغراسياسة لبلادنا (الفضاء الافريقي العربي الاسلامي المشرقي المتوسطي). توصيات 1 خلال هذه المداخلة طرح المشاركون عديد التوصيات ومنها: العمل على بناء اقتصاد اجتماعي تكون ركيزته الطبقة الوسطى وهدفه توسيع قاعدتها. إعطاء الحوار الاجتماعي موقعا متميّزًا في مسار الاصلاح على أن تكون ركيزته المنظمات والجمعيات الممثلة لقطاعاتها وهدفه مراجعة التشريعات الاجتماعية في اتجاه مقاومة البطالة وهشاشة التشغيل. ضرورة التركيز على مواضيع محورية والخروج من المتاهات في اتجاه وضع أسس عقد اجتماعي جامع وجديد بين المواطن والدولة تتمّ التهيئة له من خلال نص مشروع الدستور الذي تقدّم به الاتحاد. العمل على أن يكون الاتحاد رأس حربة في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية طبقا لمقتضيات الاصلاح واستحقاقات الثورة وقاعدة الصراع الاجتماعي المبني على مصالح الطبقة الشغيلة والجهات المحرومة، وعلى أساس التمييز الايجابي لتحقيق مشاركة الشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وبصفة أفقية بعيدًا عن كل تعاطي بيروقراطي مع هذه الشرائح. ربط مسألة الواجب الجبائي على أساس المساواة والإنصاف بالحق في الانتخاب وذلك في إطار الوعي بالواجبات مقابل الحقوق. ضبط برنامج يقوم على أهداف معيارية اجتماعية يتمّ تحقيقها مرحليا وذلك في مجال الصحة والتعليم ومحاربة الفقر وتطويع السياسات الاقتصادية والمالية لإنجاز هذه الأهداف. اعتماد معايير للاستثمار الخارجي بصفة تتماشى مع الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وعلى أساس انتقائي. تجميد تسديد الديون لمدّة خمس سنوات لتجاوز محدودية الإمكانيات الاقتصادية الراهنة للبلاد ورصد تلك المبالغ لبناء اقتصاد اجتماعي ذي قيمة مُضافة وتحويل فوائد الديون إلى مشاريع. ضرورة إرساء عقد اجتماعي ضامن لتنمية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار في معالجة المسائل المتعلقة بالفلاحة التدرج الحاصل في شحّ المياه وتتصدّى لتداعيات التوسّع الحضري على البيئة وتكون فاعلة في مقاومة التصّحر واستنزاف الثروات البحرية. الربط بين سياسات التعليم والتكوين بصفة تكون مستجيبة لاحتياجات التشغيل وكسب رهان مقاومة البطالة. بين الاتحاد والمجتمع المدني كما شهدت الندوة مداخلة للأخ مصطفى بن أحمد تمحورت حول مفهوم المجتمع المدني وعلاقة الاتحاد العام التونسي للشغل به تاريخيا وبعد الثورة وما يطرح عليهما من أجل إنجاح المسار الديمقراطي. وانتهت المداخلة بنقاش أفضى الى التأكيد على: العمل على توحيد الأفكار والجهود في اتجاه إحداث ميزان قوى على أساس أرضية مبادئ تتوحّد حولها قوى المجتمع المدني في علاقة بالمبادئ النقابية وبعيدًا عن أشكال الاستقطاب السياسي. مقاومة عقلية الاستعلاء والتعامل مع قوى المجتمع المدني بندية من أجل عقد شراكة بينهما، ومن أجل تفعيل الديمقراطية المحلية جهويا ومقاومة كل إرهاصات الأنظمة الشمولية واستبعاد الجمعيات التي لها طلاء المجتمع المدني لكنّها تابعة لجهاز الحكم على صعيد الممارسة. استبعاد الاستقطاب السياسي لمؤسسات المجتمع المدني كي تبقى وسيلة لتنظيم علاقات المجتمع وملء المسافة بينه وبين الدولة ونشر ثقافة الديمقراطية صلبه وتكريسها في التداول على المسؤوليات بصفة يكون معها الانتقال الديمقراطي مؤسسيا وهادئا. العمل على تقنين مسار الانتقال الديمقراطي والتصدّي لكل محاولات الالتفاف على هذا المسار. العمل على اجتناب تعامل الاتحاد مع منظمات المجتمع المدني ذات الممارسات التمييزية والماسة بالقيم الكونية. وأخيرا الدعوة الىا لربط بين الأنشطة الفكرية التي ينظمها الاتحاد وهياكل القرار في مجال تشبيك العلاقات مع منظمات المجتمع المدني وفي كل ما يتعلّق بمسألة التحول الديمقراطي. وضع مقرّات الاتحاد وإمكاناته على ذمّة قوى المجتمع المدني. منوال التنمية الأستاذ عبد الجليل البدوي، قدّم مداخلة حول «دور الاتحاد في رسم منوال تنمية يستجيب لاستحقاق الانتقال الديمقراطي» اعتبر فيها أنّ دور الاتحاد كان محوريا في تصوّر وتحقيق عمليّة التنمية سواء من خلال حرصه تاريخيا على عدم الفصل بين السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي الأمر الذي تجلّى في كثير من مؤتمراته منذ سنوات بالتأكيد على إجباريّة التعليم وعلى إصلاحات سياسيّة في اتجاه «إرساء برلمان منتخب وتعيين حكومة بصفة ديمقراطية تكون مسؤولة عن أفعالها»، وقد تجلّى هذا الدور المحوري للاتحاد سنة 1956 حيث كان الشغالون الفئة الاجتماعية الوحيدة التي تقدّمت ببرنامج اقتصادي ينصّ على اصلاحات جوهريّة في كل ميادين الحياة تتمّ بآليات تطبيقية تمكّن من الانتقال من نمط استعماري الى وضع شعب مستقل وكذلك الشأن سنة 1972 بمناسبة الانتقال من نمط اقتصادي تهيمن عليه الدولة بصفة مشطّة إلى إعادة التركيبة الوطنية في اتجاه الانفتاح الاقتصادي عبر سعي الاتحاد إلى إقرار الدولة بوجود أطراف اجتماعية وسن سياسة تفاوضية وتعاقدية، وكذلك مواجهته لبرنامج الاصلاح الهكيلي سنة 1984 بمحاولة العمل على فرض برنامج يخدم مصالح الشغالين والفئات الضعيفة وبناء سياسة تعاقدية مبنية علىتضارب المصالح، ثمّ توقف المحاضر عند السياسات التي أدّت إلى الثورة والتي كان قوامها إعطاء الأولوية للنمو على حساب التنمية وذلك بتقديم حوافز للقطاع الخاص رغم قصوره عن تحقيق استراتيجية نمو في الجهات الداخلية فكان انسحاب الدولة نكبة جرّاء تطور الديناميكية الهيكلية دون انسجام فتعمّقت الفوارق بين الجهات والطبقات وكان سلب حق الأجيال القادمة في التنمية وتوقف تدعيم الطلب الداخلي بأجر متعيّر تعديلي واستفحلت البطالة ممّا أخلّ بالمنظومة التشريعية في مستوى العلاقات المهنية فضلا عن الاغراق الجبائي والاغراق المالي بالتخفيض المتواصل للدينار والاغراق البيئي بالاستغلال العشوائي للمحيط. وقد شعر الاتحاد بفشل المنوال التنموي فانبرى يعدّ دراسات حول التنمية في الجهات الداخلية المحرومة، وكان دوره محوريا في الدفع نحو انتصار الثورة وهو اليوم مطالب بالعمل على تحقيق استحقاقاتها عبر : الحرص على التشبّث بدولة مدنية ونظام جمهوري يضمن الحقوق والحريات والمواطنة بصفة يتحقّق معها مناخ الابتكار والابداع طبقا لما ورد في مشروع دستور الاتحاد. إعطاء الأولوية للاندماج الوطني قبل الاندماج العالمي بتقليص مركزية الدولة والانطلاق من حاجيات المواطن في مختلف الجهات وهو استحقاق يقتضي تدعيم الديمقراطية المحلية. تضمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية نص الدستور. إعادة توزيع الثروة في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية. تعديل التوازن بين الطلب الداخلي والطلب الخارجي. بناء برنامج اقتصادي واجتماعي يحقّق طموحات الشعب ويستجيب لاستحقاقات المرحلة والعمل على خلق موازين قوى تساعد على تمريره. بدائل المشاركون خلال هذه المداخلة قدموا عديد البدائل ومنها: الإعلان عن إجراءات جريئة لمقاومة التضخم. إعادة الاعتبار للقدرة الشرائية عبر الضغط على الأسعار وتقليص نسبة من مرابيح رأس المال والتخفيض من الأعباء الاجتماعية. تحقيق الاندماج القطاعي بخلق تكامل بين القطاعات. إعادة الاعتبار لدور الدولة في التوزيع العادل للمداخيل. اعتماد حلول متعدّدة المداخل باستحقاق تنموي مجتمعي واستحقاق سياسي يدعّم استقلالية البلاد واستحقاق إداري محوكم واستحقاق البناء الثقافي المعقلن. تبسيط المفاهيم الاقتصادية والحرص على ملاءمتها للواقع التنموي وتعبئة الرأي العام حولها. دسترة الحقوق الاجتماعية بما في ذلك حق التعليم. اعتماد الاتحاد لخطّة اتصالية تضمن انتشار بدائله الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وإعادة الاعتبار لقيمه المعرفة وقيمة العمل. دفع الحوار الاجتماعي انطلاقا من مخطّطات ودراسات واضحة وقابلة للتطبيق في اتجاه مراجعة التشريعات القائمة بصفة تكون معها منسجمة مع منوال تنمية اقتصادي يحقّق نقلة اجتماعية حقيقية نحو الأفضل.