بعد تسريب بعض المواد وتأجيل امتحانات الباكالوريا، ارتفعت موجات العنف والحرق التي استهدفت عديد المرافق العامة والمؤسسات الوطنية، حيث استبدت المخاوف بالرأي العام الوطني بصورة عامة وعائلات التلاميذ بصورة خاصة، من امكانية سرقة فرحة أبنائهم. وحول هذه المناخات والملابسات الحافة بتأجيل الامتحانات أجرت الشعب حوارا مع الاخ الأسعد اليعقوبي الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي. كيف تنظر النقابة العامة للتعليم الثانوي إلى عملية إعادة الامتحانات في بعض المواد بالنسبة إلى تلاميذ الباكالوريا؟ تعتبر النقابة العامة للتعليم الثانوي ان الامتحانات الوطنية يجب ان يتوفر فيها شرطان أساسيان: الأول: هو نزاهة وشفافية ومصداقية الامتحانات. الثاني: توفر مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين. وما حصل من جريمة في حق امتحانات الباكالوريا يبرر هذين الشرطين وبالتالي لا يمكن لنا الا ان نطالب بإعادة الامتحانات التي لم تتوفر فيها هذه الشروط. لذا بادرت النقابة العامة منذ علمها بتسريب الامتحانات في مادة العربية بالمطالبة بإعادة هذه الامتحانات اضافة الى ان هذه الامتحانات الوطنية يجب ان يتوفر فيها شرط اساسي وهو الظروف الأمنية واللوجستية حتى يتمكن التلاميذ والاساتذة المراقبون من أداء هذه الامتحانات في أحسن الظروف. وهو ما لم يتوفر منذ بداية الامتحانات، فقد شهدت عديد مراكز الاختبارات، اعتداءات كثيرة على المربين وبلغت في بعض المراكز كمعهد ابن خلدون حالة من الفوضى تسببت في تأجيل امتحانات يومي الجمعة والاثنين بنصف ساعة على توقيتها العادي، وهو ما يجعلنا نعتبر ان الظروف التي تتم فيها امتحانات الباكالوريا انها ظروف أقل من عادية. وبعد تأكيد وزارة التربية على وجود «شكوك» في امكانية فتح بعض المراكز دون توضيح الاسباب ودون تقديم معطيات دقيقة حول هذا الموضوع، واتخاذها لتأجيل الامتحانات الى يومي الجمعة والسبت فإننا انطلاقا من ثوابتنا ومبدئيتنا لم ندخل في جدل في هذا الموضوع وقبلنا التأجيل حماية للامتحانات ولزملائنا المراقبين ولأبنائنا التلاميذ. إلى من تحمل النقابة العامة للتعليم الثانوي المسؤولية في تسريب بعض المواضيع قبل إجراء الامتحانات؟ النقابة العامة ومنذ بداية السنة الدراسية كانت قد نبهت الى عديد المظاهر التي تستهدف المؤسسات التربوية والتي دفع ثمنها المدرسون وكافة العاملين في المؤسسات التربوية الثمن الغالي بسبب الاعتداءات المادية واللفظية والتخريب لبعض المؤسسات نهبًا وحرقًا، وقلنا ان تراكم هذه الظروف وهذه المظاهر سيجعل المتربصين من فلول نظام بن علي وعصابة الفساد التي لا تزال متغلغلة في مفاصل وزارة التربية يتجرؤون على الامتحانات، واقترحنا على وزارتي التربية والشباب والرياضة منذ شهر مارس تشكيل لجان مشتركة بين النقابة ووزارات التربية والرياضة والصحة والشؤون الاجتماعية والداخلية، تعهد اليها توفير كافة الظروف الامنية واللوجستية لحماية الامتحانات الوطنية. وكانت النقابة على استعداد لوضع كافة امكانياتها النضالية على ذمة هذه اللجان. وللأسف الشديد، فان سياسة الانفراد بالقرار التي تنتهجها الوزارة والحكومة عموما اثبتت عدم قدرتها على توفير كافة الضمانات لحماية الامتحانات فالمسؤولية في هذه الجريمة يتحملها بالاساس بقايا الفساد ثم تتحملها وزارة التربية والحكومة باعتبارهما الجهة المسؤولة امام شعبنا على حماية ابنائنا وحماية المربين وحماية المؤسسات والامتحانات فلا يمكن بأية حال من الاحوال ان تتنصل وزارة التربية من هاته المسؤولية وعليها في هذا الوقت الدقيق ان توظف كل امكانياتها والنقابة العامة مستعدة لتوفير كافة الامكانيات النقابية للمساعدة على انجاح ما تبقى من هذه الامتحانات. ما هي جملة المواقف والقرارات التي اتخذتها النقابة العامة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بالنسبة إلى دورة جوان 2012؟ أولا: بادرت النقابة العامة بمطالبة وزارة التربية والحكومة باتخاذ اجراءات صارمة من اجل حماية الامتحانات الوطنية. ثانيا: طالبت النقابة وزارة التربية بالاسراع في الكشف عن الايادي المجرمة التي امتدت الى الامتحانات حتى تكون هناك رسالة طمأنة للرأي العام ولأبنائنا التلاميذ. ثالثا: أصدرت النقابة العامة بيانا دعت من خلاله كافة المربين الى المساعدة على انجاح هذه الامتحانات رغم تفهم النقابة للمعاناة الكبيرة التي يعانيها المربون في صمت وهي تعوّل على الحس الوطني العالي الذي أظهره المربون قبل الثورة وبعدها. هل يمكن أن تؤثر موجات العنف التي تجتاح البلاد على السير العادي للامتحانات في بعض المراكز؟ لا يمكن ان يختلف اثنان في ان ما يحدث الآن في تونس يلقي بظلاله على الامتحانات الوطنية. فهذه الموجة من الاضطرابات والتخريب والحرق تطال بعض المؤسسات التربوية وهو ما سيعصف بالامتحانات برمّتها. والنقابة العامة اذ تستغرب اندلاع هذه الاضطرابات ساعات بعد الاعلان عن التسريبات التي حصلت وعن تأجيل الامتحانات، فهي تؤكد ان مهمة الحكومة ووزارة التربية مسؤولية تاريخية في حماية هذه الامتحانات وسنحملها المسؤولية كاملة اذا تم المساس بمستقبل ومصير ابنائنا. كما نؤكد على ان النقابة العامة تضع كل امكانياتها وتدعو كافة المجتمع المدني الى وضع كل طاقاته على ذمة وزارة التربية من اجل تفويت الفرصة على أعداء تونس لسرقة فرحة أبنائنا. وفي الختام، أجدد دعوتي النضالية الى كافة المربين وكافة الهياكل النقابية في قطاع التعليم الثانوي وكافة هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل الى المساهمة الفاعلة في حماية وانجاح ما تبقى من الامتحانات. واذا كان تجندنا اليوم لحماية مقرات المنظمة من أيادي التخريب الحاقدة على الاتحاد، فان مساهمتنا في حماية الامتحانات الوطنية مهمة وطنية تاريخية تندرج ضمن مهامّ استكمال الثورة.