«تاريخ المعارضة التونسية من النشأة إلى الثورة: الأحزاب القوميّة واليساريّة والإسلاميّة» هو عنوان الكتاب الجديد للباحث والكاتب التونسيّ توفيق المديني الذي صدر مؤخّرا عن دار مسكيليانى للنشر في 592 صفحة من الحجم الكبير. وينقسم الكتاب إلى أبواب رئيسيّة ثلاثة خصّصَ الكاتب أوّلها للنظر في المعارضة القوميّة وفرّعه إلى خمسة فصول هي: «الفصل الأول: الحركة اليوسفية في تونس، الفصل االثاني: حركة البعث في تونس، الفصل الثالث: حركة التجمع القومي العربي، الفصل الرابع: حركة التحرير الشعبية العربية – تونس، الفصل الخامس: حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي». أمّا الباب الثاني فقد أفرده الباحث للمعارضة اليساريّة ووسمه بعنوان: «المعارضة اليسارية الشيوعية التقليدية، واليسار الجديد» ويحتوي هذا القسم على ستة فصول: «الفصل الأول: المسألة الوطنية في وعي الحزب الشيوعي التونسي، الفصل الثاني: الحزب الشيوعي والانتقال إلى المعارضة الإصلاحية، الفصل الثالث: الحزب الشيوعي في ظل سلطة السابع من نوفمبر، الفصل الرابع: منظمات اليسار الجديد في تونس...، الفصل الخامس: حزب التجمع الاشتراكي التقدمي (الحزب الديمقراطي التقدمي حاليا)، الفصل السادس: حزب العمال الشيوعي التونسي.» وخصّص الباب الثالث والأخير من الكتاب للمعارضة الإسلاميّة ووسمه باسم التيّار البارز فيها فحمل عنوان «حركة النهضة الإسلاميّة من المعارضة إلى اختبار السلطة» وتفرّع إلى ثلاثة عشر فصلا هي: «الفصل الأول: إرهاصات ولادة الحركة الإسلامية، الفصل الثاني: ظهور الإسلاميين التقدميين مع اشتداد حركة الصراع الاجتماعي، الفصل الثالث: ظهور حركة الاتجاه الإسلامي وتطوّرها، الفصل الرابع: سلطة السابع من نوفمبر من التعايش إلى الصراع مع الحركة الإسلامية، الفصل الخامس: الثورة التونسية وتحديات المرحلة السلطة الانتقالية، الفصل السادس: إنشاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة.. الفصل السابع: صعود حركة النهضة الإسلامية إلى السلطة، الفصل الثامن: حركة النهضة وصعود السلفية المتشددة-حدود الالتقاء والاختلاف، الفصل التاسع: حركة النهضة أمام تحديات الانتقال من الثورة إلى بناء الدولة، الفصل العاشر: معركة الدستور الجديد معركة الهوية والمستقبل، الفصل الحادي عشر: نحو وفاق تاريخي بين «الإسلام الليبرالي» والعلمانية، الفصل الثاني عشر: حركة النهضة والتحديات الاقتصادية، الفصل الثالث عشر: حركة النهضة الإسلامية والعلاقة بالغرب.» وقد استغرق هذا الباب أكثر من نصف الكتاب وحاول فيه الكاتب تتبع الاتجاهات الإسلاميّة قبل الثورة وبعدها. والكتاب وفق هذه الأبواب والفصول رحلة في ترصد تصوّراتها وخلفيّاتها الإيديولوجيّة ومواقفها من الأحداث الكبرى في تونس وخارجها بل وتقف عند حدود الالتقاء والاختلاف بين الأحزاب ذات الاتجاه الواحد. لذلك فإنّ السمة البارزة التي تسمه هي سمة الشمول وإن كانت أبوابه متفاوتة من حيث الحجم ولاسيما في الباب الثالث. إنّ صدور كتاب بهذا الحجم في هذا الوقت بالذات كفيل بأن يقدّم للقارئ التونسيّ الذي جعلته الدولة التسلّطية التونسيّة بعيدا عن عالم السياسة وهمومها فكرة عن أبرز التيارات السياسية في بلادنا ويسهم في تقليص الهوّة الفاصلة بين السياسة والمجتمع. ولئن كان الكتاب قد صدر في طبعته الأولى عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق سنة 2001 بعنوان «المعارضة التونسية: نشأتها وتطوّرها» فإنّ الباحث توفيق المديني قد أعاد تحيينه وتدقيق أغلب فصوله حتى صار حجمه مضاعفا في هذه الطبعة التي حملت عنوانا جديدا دالاّ على ما داخل الكتاب من تنقيحات «تاريخ المعارضة التونسية من النشأة إلى الثورة» وقد حاول الكاتب تلخيص فكرة الكتاب وأبرز نتائجه بشكل مجمل في الكلمة التي وضعها على قفا الكتاب وفيها يقول: « يحاول هذا الكتاب القديم - الجديد، أن يقدّم مقاربة فكرية وسياسية لأزمة المعارضة التونسية على اختلاف مشاربها الإيديولوجية ، آخذاً بعين الاعتبار التحولات الكبرى التي حصلت بعد إنجاز الثورة، ونتائج انتخابات 23 أكتوبر 2011، وتأثيرها في الخريطة الحزبية للمعارضة عامة، والإسلامية بشكل خاص.. ولما كان حجم المأساة التونسية لا ينعكس على سطح الاستبداد الذي مارسته الدولة التونسية التسلّطية فحسب، بقدر ما ينعكس على سطح العجز والارتباك الذي تعانيه قوى المعارضة التونسية، فقد ركزنا في هذا الكتاب على دراسة عمل أحزاب المعارضة، والتدقيق في وثائقها ونشراتها ونشاطها الفكري والسياسي، واكتشفنا عجزاً فادحا في معظم الحالات. وتقتضي النظرة الموضوعية منا، أن لا نرى جانباً واحداً من أزمة المعارضة الناجم عن القصور الذاتي للأحزاب والقوى السياسية، في اكتشاف طريق إنجاز أهداف الشعب في تحقيق ثورته الاجتماعية والسياسية، واكتشاف البرنامج اللازم في مرحلة معينة، والأسلوب اللازم لتحقيق هذا البرنامج، بل إن أزمة المعارضة في جانب آخر هي محصّلة لما مارسته الدولة التونسية التسلّطية خلال فترة حكمها الطويلة، لاسيما منذ بداية عقد التسعينات، حين أقصت السياسة عن المجتمع، وجعلت المواطن مشغولاً باللهاث وراء لقمة العيش بعيداً عن السياسة وهمومها.»