مؤسسة دعم تحتفي بمسيرة 10 سنوات من الإدماج المالي وتعلن تخفيض دائم في نسب الفائدة    شنيا حقيقة امضاء لسعد الدريدي مع شباب قسنطينة؟..بعد جمعة برك في باردو    تصدى لمنفذي هجوم سيدني.. من هو أحمد الأحمد؟    عاجل: ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات بالمغرب    عاجل: جمعية القضاة تحذر: ترهيب القضاة يهدد العدالة في تونس    عاجل-محرز الغنوشي يُبشّر:''بداية أولى الاضطرابات الجوية والتقلّبات انطلاقًا من هذا اليوم''    بعد هجوم سيدني.. أستراليا تدرس تشديد قوانين حيازة الأسلحة    على خلفية الاحتجاجات الأخيرة: إيقاف أكثر من 21 شخصا بالقيروان    كأس العرب قطر 2025: المغرب والإمارات في مواجهة حاسمة من أجل بلوغ النهائي    HONOR تطلق في تونس هاتفها الجديد HONOR X9d    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية    إقرار تجمع عمالي أمام شركة نقل تونس ومقاطعة اشغال اللجان (الجامعة العامة للنقل)    الأب والابن بايعا "داعش".. معلومات مفاجئة حول منفذي هجوم سيدني    أب وابنه.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما في هجوم سيدني    عاجل/ حادث مرور مروع ينهي حياة أب وابنته..    تونس تدعو إلى تحالف من أجل الإنسانية    أخبار الملعب التونسي ...هزيمة ودية وتربص مغلق في سوسة    «شروق» على الملاعب العالمية ... صلاح يدخل التاريخ وفوضى وغضب في الهند بسبب ميسي    وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام بعد أزمة صحية طارئة    نابل .. استعدادات مكثفة بالمؤسسات السياحية لاستقبال العطلة ورأس السنة    الحمامات .. بين 14 و15 ألف مريض يخضعون لتصفية الدم أزمة زرع الكلى تتفاقم    العاصمة: يقتل جاره طعنا وشقيقته تُخفي أداة الجريمة... هذا ما حدث    مجمع موزعي النظارات يرحب بالفصل 72    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    في كتابه الجديد «المدينة في زمن الباشا بايات» .. د.محمد العزيز بن عاشور يؤرخ للمدينة العتيقة ول«البلديّة»    اتحاد الكتاب فرع توزر يعلن مقاطعته مؤتمر اتحاد كتاب تونس    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    وزارة الفلاحة تنطلق في العمل ببرنامج تخزين كميات من زيت الزيتون لدى الخواص مع اسناد منح للخزن    شجاعته جعلته بطلا قوميا في أستراليا.. من هو أحمد الأحمد؟    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة التاسعة    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    عاجل: إصابة هذا اللّاعب تجدد القلق داخل الجهاز الفني    حجز 30 غراما من الماريخوانا لدى شخص عاد مؤخرا من ألمانيا..#خبر_عاجل    المعابر الحدودية بجندوبة تسجل رقما قياسيا في عدد الوافدين الجزائريين..    مدنين / بلدية بن قردان تنطلق في تركيز 390 نقطة انارة عمومية من نوع "لاد" بالطريق الرئيسية ووسط المدينة    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    الفئة العمرية بين 18 و44 سنة تمثل 51 بالمائة من مجموع قتلى حوادث المرور (دراسة)    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    جندوبة: استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تمرد إلى تمرد
بئر علي بن خليفة:
نشر في الشعب يوم 16 - 06 - 2012

تعتبر بئر علي بن خليفة أكبر معتمدية في ولاية صفاقس من حيث المساحة وأكبرها من حيث عدد السكان (+ 100 ألف نسمة) وتاريخ علي بن خليفة غنيّ عن التعريف. اذ يمثل رمزا من رموز النضال الوطني، دافع عن تونس ضد الاستعمار. فقد أجبر فرنسا خلال حصارها لمدينة صفاقس وقصفها بالمدافع السكان الى تأجيل الاحتلال والاستعانة بقوات اضافية قدمت من تونس ومن طولون فرنسا ومن الجزائر (المستعمرة الفرنسية آنذاك).
وتمرد علي بن خليفة ضد الباي الذي وقع معاهدة الحماية واعتبره خائنا وقاوم الاحتلال طيلة سنوات من 1881 الى 1884 عبر حرب عصابات كانت تنطلق من طرابلس ليبيا التي التجأ اليها صحبة 120 ألف من المقاومين حتى توفي سنة 1884 ودفن في طرابلس ولا يزال مدفونا هناك حتى اليوم. ويطمح الأهالي الى ارجاع رفاته الى مسقط رأسه كما ينتظرون تعويضات مادية أو حتى معنوية عن سنوات المنفى والجمر التي قضاها علي بن خليفة صحبة انصاره خارج بلاده وعن الشهداء الذين سقطوا برصاص الغدر الاستعماري في مدينة صفاقس ويتجاوز عددهم 600، وعن الاراضي التي انتزعت من السكان تباعا منذ العهد الاستعماري حتى اليوم. هذه المعتمدية التي سميت نسبة الى علي بن خليف همشت في العهد البورقيبي. ولم تنل نصيبا من خطط التنمية ولو يسيرا فلا مشاريع صناعية ولا بنية تحتية، ولا تنوير ريفي ولا توفير مياه صالحة للشرب ولا خدمات ولا غيرها حتى نزح عدد كبير من الريفيين نحو مدينة صفاقس او نحو مدن الشمال، كما هاجر الكثير من سكان بئر علي نحو أوروبا نتيجة الفقر والاحتياج.
أما النشاط الوحيد المتبقي للسكان وهو الفلاحة فقد انتزعت أراضي السكان وامتلكها الحضر عبر الاستحواذ العقاري منذ عهد الاستعمار او عبر المغارسة. كما ان جزءا من أراضي المنطقة استحوذ عليها الاستعمار مثل أراضي الشعال (30 ألف هكتار) والتي اصبحت بعد الاستقلال أراضي دولية. ووزعت قطعا صغيرة جدا من الاراضي لا تتجاوز 5 هكتار على الأهالي في اطار ما يسمى بالانزال. كما ان جزءا كبيرا من الاراضي ما يزال إما أراضي عروش كان يستغلها السكان بالرعي والحرث الى حدود التسعينات من القرن العشرين ثم انتزعت منهم لفائدة ادارة الغابات تابعة لما يسمى بحبس سيدي مهذب التي يتراوح مساحته حوالي 800 ألف هتكار لم ينزع منها الاستعمار سوى أراضي الشعال (30 ألف هكتار).
أما في العهد النوفمبري (عهد المخلوع) فقد أهملت معتمدية بئر علي بن خليفة تماما وتواصل تهميشها نتيجة احتكار مدينة صفاقس لمعظم الاستثمارات ونتيجة اشعاع المدينة على ظهيرها ونتيجة الاستحواذ العقاري (صفاقس وظهيرها وغابة الزياتين علاقة جدلية بين هذا الثلاثي). وركزت المصانع في مدينة صفاقس منذ الاستقلال ثم انتشرت وفي عقارب وفي الصخيرة، اما بئر علي فلا تزال تنتظر؟ وفي احدى زيارات المخلوع الى مدينة صفاقس استعرض هذا الاخير قائمة المناضلين في جهة صفاقس ولم يذكر علي بن خليفة رموز النضال الوطني ولا لوم على المخلوع لانه لا يفقه شيئا في التاريخ ولكن اللوم على من كتب له اسماء المناضلين، وكان مقصودا ان يسقط علي بن خليفة من قائمة المناضلين والملفت للانتباه ايضا ان شارع علي بن خليفة بمدينة صفاقس يوجد في اكثر المناطق تلوثا وبعيدا عن الحركة وبه المسلخ البلدي في اشارة واضحة الى البدو الرحل! وكان ذلك يحز في نفوس السكان الذين اصبحوا يشعرون وكان علي بن خليفة اصبح نقمة عوض ان يكون نعمة تفتخر به الجهة.
وعندما خط شعبنا العظيم ملحمة نضالية من أعظم ما أنجزته البشرية فدخل بها التاريخ من أوسع أبوابه، هذه الملحمة التي كتبت بدماء ابناء شعبنا، فتمكنت من دحر نظام دكتاتوري دموي فاقت جرائمه أعتى النظم الفاشية، وكان سكان بئر علي السباقين في الخروج الى الشوارع (منذ 28 ديسمبرد 2010) لمساندة اخوانهم في سيدي بوزيد وفي الرقاب وبوزيان وغيرها من المدن المنتفضة، وللتعبير عن سخطهم لهذا التهميش ولهذا الظلم المسلط على رقابهم، ورفعوا شعار «من القصرين الى بئر علي ضد ليلى وبن علي» وشعار «شغل حرية كرامة وطنية»... الخ وتمرد السكان مرة اخرى ضد آلة القمع والظلم والاستبداد. وبعد الثورة وفي عهد التجمع النهضوي الجديد، استبشرت الجهة (اي بئر علي) وطمحت الى النهوض بها وتشغيل ابنائها العاطلين عن العمل وتوظيف اصحاب الشهادات العليا وانشاء مشاريع صناعية، خاصة انه لا يوجد مصنع واحد منذ 50 سنة لكنها أصيبت بصدمة عندما اتهمت بالتمرد!؟ واحتضانها لارهابيين وهم ثلاثة اشخاص، جندت لهم الالوية من الحرس ومن الجيش، وسخرت لهم طائرات الهيليكوبتر ووسائل الاعلام من مسموعة ومرئية داخل البلاد وخارجها تتحدث عن المعتمدية المذكورة في معظم الحوارات واللقاءات الصحافية لعدة اشهر حتى اليوم تتحدث لا عن المشاريع والاستثمارات المقدمة للجهة انما عن العملية الارهابية التي دوخت الحكومة. وحتى زيارة والي صفاقس مؤخرا الى بئر علي يوم الاحد 6 ماي 2012 جاءت لتطرح اكثر من سؤال؟ لماذا يوم الاحد؟ هل ان السيد الوالي ليس لديه الوقت الكافي لكثرة التزاماته ولانشغاله بالمشاريع داخل مدينة صفاقس؟ أم انه يخاف من المواجهة وكثرة الحاضرين؟ وهل يصح ان نقول ان بئر علي بن خليفة همشت في العهد البورقيبي، وأهملت في العهد النوفمبري واحتقرت في عهد التجمع النهضوي. وعلمنا ان السيد والي صفاقس وعد بتقديم ثلاثين مليارا من المليمات من اجل التنمية في الجهة، فنسبة الفقر مرتفعة تتجاوز 50٪ من السكان دخلهم لا يتجاوز دولارا واحدا في اليوم. كما ان نسبة العاطلين عن العمل تتجاوز 30٪ من السكان الناشطين، اما اصحاب الشهادات الجامعية المعطلين فيتجاوز عددهم 3 آلاف. كما ان هناك عائلات عديدة ما تزال تفتقر للمياه الصالحة للشرب. وما زال التنوير الريفي منقوصا، كما هناك غياب بنية تحتية اذ يتنقل التلاميذ 10 و 20 كلم في طرق غير معبدة وفي مسالك فلاحية وعرة حتى لا وجود لمنطقة صناعية ولا وجود لاستثمارات ولا خدمات ولا وجود لفروع بنكية ولا لمركز حماية مدنية ولا فرع للكنام CNAM ولافروع لشركة الستاغ STEG أو الصوناد SONEDE تستجيب لحاجيات السكان وتقيهم عناء التنقل والسفر الى المحرس او الى مدينة صفاقس، كما ان أشغال المستشفى الجهوي المبرمج توقفت في منتصف الطريق وانتقلت الاموال المرصودة له خارج بئر علي ولعله لهفها المخلوع (اكثر من 3 مليارات). كما تشكو المؤسسات التربوية بالجهة من التهرئة وغياب التجهيزات ولا وجود لملاعب رياضية او مراكز ثقافية أو مسارح للهواء الطلق...ولا ولا ولا... بل ولاء ولاء ولاء...قبل ان تأتي الاستثمارات أو لا تأتي، نطالب بتركيز استثمارات عمومية أولا. ولابد للحكومة الجديدة ان تولي الجهة عناية خاصة مثل بقية الجهات الداخلية وترصد لها استثمارات حكومية فورا.
نريد الكف عن ذكر بئر علي بن خليفة في وسائل الاعلام، لأن ذلك يصم آذاننا ويصيبنا بالغثيان. نريد تركيز مجلس تنمية محلي يشرف على الاموال المرصودة في مشاريع التنمية حتى لا تلهفها رموز الفساد مصاصي دماء العباد والتي ما تزال منتعشة وحتى تكون الشفافية حاضرة نريد كشفا علنيا عن كل المشاريع المقدمة الى الجهة نريد توفير مواطن شغل للعاطلين عن العمل ولأصحاب الشهادات المعطلين في بئر علي على غرار الصخيرة وعقارب وقفصة وغيرها، نريد العدالة، نريد تدخلا عاجلا في مجلس وزاري مضيق وأخيرا نريد زيارة الرؤساء الثلاث الى بئر علي بن خليفة ليقدم لنا كل رئيس حزمة من الوعود لعلنا نظفر او نحصل على بعضها قبل ان تتبخر، ولا نريد ان نتمرد من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.