هكذا هو العرس الثوري، حبٌّ يستغرقُ النّصر والسفر والشجر يكسو الوطن غيابًا في طعم الرّمز الأغرّ. فبعد لا تتستّري أيّتها الدموع لقد اكتمل العمر وبانت للتراب أعيْنُ. أمْطري إذن فوق أكفاننا فلا زغاريد تعلو على فم القلم. شهيد النّهر: غيابك الذي انتظره الفجر ورفقاء الحلم كان الأكثر حضورًا فمن ضحكتك تفتّحت للرفض، للفقر، للفقر جداول الأمل. شهيد السّفر: أوّل الحبّ أن نكون القرابين، هكذا علّمتنا وهكذا يسّرت الحبّ رمزًا أقْبر الفاشلين. فما أفقر موتًا يتزّْعمه الميّتون، المتسوّلون لزرقة البحر غُبارًا كلوْن أحقادهم، والسّماء من فوقهم براءٌ يا شهيد. شهيد الشجر: موتك يا سليل الأرض والماء والورد، أمات في القبر قبرً وأنبت في غلّهم الذُّلُ والحنْظلُ. فأنت لم ترْحل، لم تكْفر، ولم تمُت إلاّ لتحيى، يا فتيل الكلمات وفّرت بسفرك الأسباب والامكانات ووهبت للأحرار رجاء حنّاؤهُ صلوات من الخلاص والثبات فما أجملك حيّا بين الأحياء وما أكثر غيابك حياة بين الأموات، إنّك رصيدُ القلم من الألم ومن الآت. شهيد الوطن: لقد مرّوا إليك إنتعالاً للسّجال الأبترِ، لقد مرّوا إليك وقتلوا الرّصاص، فقتلوا بغدرهم حين رأوْك في عيون الأحياء حيّا وبين الأموات شهيد وشاهد فامتلأت مساحات الخزي بهم لونًا وعددًا، وارتكبت أضلعهم لا ندمًا ولا قهرًا فبِغَيْضهم احترقوا وعلى أطراف موكبك انتحروا شغبًا وحمقا. شهيدي، أسمعك من حيث خلّدك الفاشلون تحتفل قائلا: للرّمز عطرٌ، لا قبْر فيه، لا مكان للمكائد فيه، لا قلق يغشاه، لا وجع يدْميه... ياوطني، اغفر للتائهين جهلهم بتفاصيل الانتماء والولاء، يا وطني، علّمهم أنّ التعقّل وسادة الشرفاء وقلعة الحُلماء. يا وطني، هذا قاتلي، من حيث لم يُصِبْ، رسَمَ للغد بسمةً شكرها عيدٌ للوطن.يا وطني، تُرابك حيث يرفع إسْمك بدمي اكتبه: أموت، أموت ويحيا الوطن.