سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشركات الأجنبية تسعى إلى مغادرة البلاد وتسريح آلاف العمال والجماعة تتنازع علي عائدات «بيت مال المسلمين» الأخ الحبيب الحزامي الكاتب العام للجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية :
عدا الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لا أحد اليوم داخل المؤسسات الرسمية يحرّك ساكنا ازاء قطاع النسيج الذي يشهد على الصعيد العالمي أزمة حادة بفعل هجمة التنين الصيني ويعرف على الصعيد الوطني رغبة جامحة لدى أصحاب المؤسسات الاجنبية في مغادرة البلاد وتسريح الاف العمّال الذين باتوا يمثلون في هذه اللحظة الفارقة فائض قيمة لنسب العطالة الآخذة بدورها في الارتفاع الجنوني. وبين السياسي والاقتصادي سرنا في رحلة حوارية نقابية مع الأخ الحبيب الحزامي الكاتب العام للجامعة للنسيج والملابس والجلود والأحذية لنتبين الخيوط البيضاء من الخيوط السوداء في واقع قطاعي بات مهدّدًا بفعل ألوان الجلباب القاتمة ونزوع المتعاطفين مع اللّحيّ المتدلية نحو الكراسي الوثيرة. توليت مسؤولية الكتابة العامة للقطاع سنة 2006، ما الذي حاولت القيام به وما هي أبرز المكاسب التي حققتها خلال كامل هذه المدّة؟ حاولت الجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية التركيز على ثلاث مسائل جوهريّة: أوّلا، تعميق الحوار الاجتماعي مع الاطراف الاجتماعيين. ثانيا، التركيز على المفاوضات الجماعية لتحسين الأجور وتطوير الجوانب الترتيبية. وثالثا، ايلاء أهمية قصوى لمسألة التكوين لهذا القطاع الذي عرف حالة من التهميش والاقصاء والتشرذم. إلى أي مدى توفقت الجامعة العامة في تحسين نسبة الانخراطات وتطوير الهيكلة القطاعية؟ للإجابة عن هذا السؤال، لابدّ من فهم الارضية المادية والاجتماعية التي كان القطاع يتحرّك على أسسها، بمعنى لابد من قراءة وفهم واقع القطاع وطبيعة العاملين فيه، وقد سبق ان ذكرت مدى اهتمامنا بالتكوين الملائم لاحتياجاتنا المهنية والنقابية وقد توفقنا في تنظيم زهاء ثلاثين ندوة تكوينية ساهمت في تحسين الاداء النقابي القطاعي وطوّرت من المخزون المعرفي للمفاوض كما وزعنا زهاء 20 ألف مطوية تلخص واقع القطاع وتحدّد المطالب وترسم أفقا ارحب لمستقبل العمال والذين تم تعزيزهم باكثر من 10 آلاف منخرط من فترة ما بعد الثورة إلى حدّ الآن. ولعلّ مبادرتنا التحسيسية الواسعة حول العدالة الاجتماعية قبل الثورة، قد خلقت مناخا ملائما لحالة الانتساب الكبيرة التي عرفها القطاع. لكن يبدو ان اهمّ معضلات القطاع ترتبط أساسا بشركات قانون 1972، فضلا عن محدودية المستوى الدراسي للعمال وكثرة العنصر النسائي الناشط في مجال النسيج تحديدًا. لابدّ أن نعرف هنا قطاع النسيج بالملابس فحجم قطاع النسيج لا يتجاوز 15٪ في حين ان قطاع الملابس يحتوي على نسبة 85٪ اي ما يناهز 170 الف عامل وعاملة حيث تصل نسبة العاملات من جنس الاناث 90٪ اما النسيج، فإن العملية تبدو عكسية اي ان نسبة العاملين به من الرجال تصل إلى 90٪ . أما فيما يتعلق بمؤشر التعليم في القطاعين، فلا يمكن تعميم الملاحظة المتعلقة بتدني البعد التعليمي، فالابتكار والفصالة يقتضيان مستوى عاليا من التعليم والتدريب فضلا عمّا نسميه في القطاع بالانامل الذهبية اي اصحاب الكفاءة العالية التي جعلت من القطاع يحتل المرتبة الخامسة عالميا رغم المزاحمة الكبيرة للقوى العظمى وللشركات العملاقة بل افتكاك عديد الأسواق بفضل مهارات الجودة والوقت والثمين. لكن حسب الارقام والمعطيات التي قدّمتها الآن يبدو القطاع على درجة معقولة من العافية والصحة فلماذا كل صيحات الفزع التي يطلقها اصحاب المؤسسات؟ لابدّ من فهم الواقع الاجتماعي للعاملين بالقطاع من سنة 1990 الى سنة 2007 حيث بات القطاع متأخرًا بنحو 170 دينار على صعيد الزيادة في الأجور مقارنة ببقية القطاعات المشابهة. ومن سنة 2008 تضاعفت الزيادة في الرواتب بنحو 50٪ أي انتقلت من 15 دينارا الى 29 دينار في الأسلاك الثلاثة وتطوّرت هذه النسب أيضا خلال سنة 2012 من خلال الاستحقاقات التي فرضتها المنظمة الشغيلة رغم السنة الاستثنائية في 2011 . لئن يضم قطاع النسيج والملابس شركات أجنبية فهل اثرت ثورة 14 جانفي 2011 على المؤسسات المنتجة وبالتالي هل سجلتم غلق بعض المؤسسات وفقدان أسواق الشغل؟ بالتأكيد فقد فقدنا نحو 2٪ من الشركات التي اما أُغلقت او انتقلت او قامت بتغيير التسمية او تولت عملية الافراق والتفريخ الا ان مساهمة الجامعة كانت فعالة بجدية من أجل حماية المؤسسات رغم الانفلات الامني والاجتماعي وغياب الدور الاداري للمؤسسات العمومية. ولقد اصدرنا نداء مع شركاتنا في الجامعة العامة للنسيج والملابس التابعة لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بمشاركة اصحاب المؤسسات الاجنبية وقد تمكّنّا من إنقاذ هذه المؤسسات، حيث حازت جامعتنا على ثقة شركائنا وتدعمت علاقاتنا الاجتماعية بها حيث تعزّزت مكانة الاتحاد العام التونسي للشغل في منظور اصحاب العمل التونسيين والاجانب على حدّ سواء. لكن هنالك حالة قلق وعدم اطمئنان لدى أصحاب المؤسسات الاجنبية في تونس ازاء ما تشهده بلادنا من حالات عنف وصلت حدّ الاغتيال السياسي، فكيف تعاطت الجامعة العامة مثلا مع تهديد صاحب شركة قارتاكس والتي تشغل نحو 1400 عامل وعاملة؟ بالفعل، هناك تخوّفات كبيرة لدى اصحاب المؤسسات الاجنبية من تطوّر الاوضاع سلبا في بلادنا على غرار شركة قارتاكس الألمانية التي كانت تنوي مغادرة بلادنا لكن خلال الاسبوع المنقضي عقدنا اجتماعا مع صاحب العمل وممثل الشركة، لنقنعه ان التجاذبات السياسية، لا يمكن ان يكون لها تأثير مباشر على الشركات الاجنبية طالما ان هناك حوارا اجتماعيا مؤسسا على معايير وقيم شغلية دولية فضلا عن الحرص الكبير الذي يبديه العمال والعاملات من اجل المحافظة على سوق شغلهم وتدعيم القدرة الانتاجية والتنافسية للمؤسسات اضافة إلى الدور الكبير الذي يقوم به الاتحاد العام التونسي للشغل من المحافظة على مواطن العمل وطمأنة اصحاب العمل وبالتالي دفع عجلة الاقتصاد بما يعزّز واقع التشغيل ويحقق أهداف التنمية. لكن مؤشرات الاستقرار والأمن في تونس مازالت بعيدة عن تطلعات الرأي العام الوطني، فهل ترى الاتحاد العام التونسي للشغل قادرًا وحده على طمأنة اصحاب المؤسسات؟ لا يمكن ان يتحمّل الاتحاد وحده مسؤولية نقابية واجتماعية وتنموية لكنه لا يمكن ان يلعب ايضا دور الاطراف السياسية والحكومة والغارقة جميعها في التجاذبات السياسية والصراع المحموم على الكراسي دون الاهتمام بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في وطننا. بماذا تفسر عدم قدرة القطاع على الوصول الى قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل على مدار أكثر من عقدين؟ لقد كان القطاع ممثلا في قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل في أراض التسعينات لكن لا تنس ان قطاعنا ممثل في اللجنة الوطنية للمراقبة المالية خلال مؤتمر طبرقة الاخير كما انه من غير المعقول ان نعتبر غياب ممثل القطاع عن قيادة الاتحاد مرتبط بانعدام الكفاءة النقابية والقدرة على تحمل المسؤولية. أمام حالة الانفجار الحزبي والسياسي التي عرفتها بلادنا، لماذا لم يعلن الحبيب الحزامي الى حدّ الآن عن لونه السياسي وظلّ مرابطا في ساحة محمد علي متحملا مسؤولية قطاع عرف بهشاشته وبمحدودية فعله في مجريات العمل النقابي؟ لئن كان مشغلي الرئيس يرتبط دائما بدرجة اضافة النقابي الى منظمته قبل اهتمامي بانتمائه السياسي، لكني سأكون اكثر جرأة وصراحة من سؤالك المخاتل حيث يذهب بعض النقابيين الى اعتبار الحبيب الحزامي عضوا نشيطا في حركة النهضة غير انني كنت من الداعمين لمشروع حزب العمل التونسي اثناء انتخابات 23 اكتوبر 2011 ومنتميا اليه لكن قناعاتي القومية والعروبية تجعلني اميل الى حركة الشعب التي أرى في اطروحاتها انسجاما مع قناعاتي الايديولوجية والفكرية. ولو كان الحبيب الحزامي منتميا إلى حركة النهضة لاعلن عن ذلك في ربيعة النهار وقبل الاماسي وعلى رأس الملأ لان المهمّ ليس الانتماء السياسي، بل مدى ايماننا بالمشترك الجماعي المتمثل في مبادئ الاتحاد العام التونسي للشغل ورسالته التاريخية ومدى الدفاع المستميت عن قضايا الشغالين بالفكر والساعد. اذن، لماذا انفصلت عن حزب العمل التونسي رغم انك كنت احد مؤسسيه؟ وفي هذا السياق ايضا سأكون اكثر صراحة فلقد انفصلت عن حزب العمل لانه اقصاني من قائمة اريانة خلال الانتخابات الماضية رغم ان كفاءتي السياسية وإشعاعي الشعبي لا يرقى إليهما الشك، فكأن توزيع القائمات كان يخفي وراءه محاصصة جهوية ومقياسا يعتمد على درجة الولاء للأمين العام ومع ذلك فاني احترامي للأخ علي رمضان وتقديري له لم يهتزّا الى حدّ الآن. لو تعرض عليك حركة الشعب رئاسة قائمة انتخابية في قابس او في اريانة فهل ستعلن عن انتمائك الحزبي الى هذه الحركة؟ حاليا لا انتمي إلى اي حزب ولكني اتعاطف مع هذه الحركة، وأؤكد لك انني سأبقى وفيا للاتحاد العام التونسي للشغل ولن اتحزب قبل مغادرتي لهذه المنظمة العتيدة. يرى بعض المراقبين والمحللين أن افرازات مؤتمر طبرقة قد غذّت النزعات الحزبية، فهل كان تعاطفك مع القوميين بمثابة تحصين موقعك النقابي على اعتبار ان القوميين يمثلون طرفا في المعادلة النقابية قطاعيا وجهويا ومركزيا؟ ان رؤية المراقبين والمحللين تقف وراءها خلفية ماكرة، تسعى الى خلق الفرقة وتغذية الخلاف صلب المنظمة الشغيلة، فمهما كانت اقرارات مؤمر طبرقة، فانها قد جاءت نتيجة لمؤتمر ديمقراطي ولشفافية صناديق الاقتراع، فضلا عن أن هؤلاء المراقبين والمحللين لا يدركون ان الوعي النقابي والثقافة العمالية تسبق الانتماء السياسي صلب هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل. أما فيما يتعلق بتحصين موقعي النقابي فإني استمده من شرعيتي النضالية ومن عمق الروابط النقابية التي تربطني بعموم المناضلين في قطاعي ويبقى المحك الوحيد للمسؤول النقابي مرتبطا بمدى ما يقدمه من تضحيات لقطاعه ومدى استماته في الدفاع عن الاتحاد العام التونسي للشغل للشغل. هل ينوي الحبيب الحزامي الترشح لعضوية المكتب التنفيذي خلال المؤتمر القادم، أم ينوي التهديد بانسحاب من المنظمة الشغيلة الى منظمة اخرى؟ بدءا يجب التأكيد على ثابت من ثوابت قناعاتي الشخصية والمتمثل في عدم استعدادي للخروج من المنظمة العتيدة او النضال صلب منظمة أخرى. ولن اترشح إلى عضوية المكتب التنفيذي خلال المؤتمر القادم الا متى كان هنالك اجماع قطاعي واسع حول شخصي ومتى اقتنعت بمكاني ضمن توافق نقابي واسع يخدم المنظمة وقضايا الشغالين أسوق هذه الإجابة رغم أن المسافة مازالت طويلة والحديث مازال بدوره بعيدا عن الحدث.