نظمت جريدة الطريق الجديد وجريدة الشعب بمشاركة لمؤسسة فرحات حشاد تظاهرة ثقافية احياء للذكرى الخمسين لوفاة الزعيم الوطني والنقابي حسن السعداوي الذي توفي وهو رهن الاعتقال سنة 1963 . وأكد جنيدي عبد الجواد القيادي بحزب المسار في تقديمه لهذه التظاهرة، أنها تأتي احياء للذكرى 50 لوفاة المناضل الوطني والنقابي والشيوعي حسن السعداوي، الذي كان من أبرز القادة الذين ناضلوا ضد الاستعمار وانتصر للطبقة الشغيلة وكان من رموز النضال السياسي والاجتماعي والوطني. واعتبر الجنيدي عبد الجواد أن اليسار لم ينصف في نضالاته وهو الذي قدم عددا من شهداء الوطن والحرية، والسعداوي توفي في 12 جانفي 1963 في مخفر بوليسي ولم يكشف الى اليوم ملابساة هذه الوفاة. من جانبه أكد الأخ سامي الطاهري عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد العام التونسي للشغل والمدير المسؤول عن جريدة الشعب أن هذه التظاهرة تأتي في اطار التعاون بين كل من جريدة الشعب وجريدة الطريق الجديد المناضلة، وقد التقت الجريدتان في أكثر من مناسبة خاصة أيام الدكتاتورية، حيث كانت مطبعة الشعب أحد الحلول التي وجدتها الطريق الجديد أيام التضييق عليها، مذكرا بالمسارات والثوابت المشتركة التي تجمع كلا الجريدتين، والظرف الذي تمر به البلاد وتتهدد فيه الكلمة الحرة وتعود فيه التضييقات، وقال ان هذه التظاهرة محطة للالتقاء على قاعدة الاعلام الحر. من ناحية أخرى، أكد الطاهري على أن الأمر أصبح أكثر سهولة في النبش على الحقائق وعلى المحطات التاريخية الكبيرة التي شهدها النضال التقدمي والنقابي بالبلاد، ويجب فتح الباب أمام الأكادميين لنفض الغبار على التاريخ الذي أريد له أن ينسى، ولا بد أن يفتح أرشيف حسن السعداوي، ويعاد الاعتبار لتضحيات أجيال من النقابيين والمناضلين الوطنيين واليساريين التقدميين الذين ساهموا في التحرر من الاستعمار والعمل من اجل الانعتاق والتحرر، وضحوا بالغالي والنفيس. وقال الطاهري «حسن السعداوي كان من بين المؤسسين للعمل النقابي في تونس، سواء بالنضال النقابي بمنظمة عملة القطر التونسي، أو في تجربة الهياكل النقابية المستقلة مع محمد علي الحامي ومن بعد مع فرحات حشاد، وللرجل مآثر كثيرة خاصة أنه عمل من أجل نضال نقابي مستقل عن الاستعمار ومن ثمة عن السلطة والأحزاب كما جمع بين النضال الوطني والاجتماعي الذي لم يخل من المنظمة النقابية». من ناحيته أكد هشام سكيك المدير المسؤول عن جريدة الطريق الجديد على توحيد القوى الديمقراطية واعادة الاعتبار للذاكرة الوطنية وقد حان الاوان لتوحيد الصفوف بينها والعمل المشترك المتواصل خاصة أن الأخطار أصبحت كثيرة وتهدد البلاد، مؤكدا على أن التشارك بين الطريق الجديد والشعب سيتواصل. نور الدين حشاد عن مؤسسة فرحات حشاد، تطرق بدوره للخصال التي تمتع بها حسن السعداوي الذي اعتبره زعيما نقابيا كبيرا ، وكانت تربطه علاقة كبيرة مع فرحات حشاد، أدت الى توحيد العمل النقابي بالاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1956. وحضرت التظاهرة السيدة شريفة دالي أرملة حسن السعداوي وأدلت بشهادتها حول ملابسات وفاة زوجها، وسلطت الضوء على تفاصيل من حياته، وكان للباحث في التاريخ المعاصر العميد الحبيب القصدغلي مداخلة تطرق فيها الى تاريخ حسن السعداوي النضالي. وتخلّل التظاهرة معرض صور وشريط وثائقي حول النشاط النقابي والوطني في السنوات الستين، وأيضا بعض المداخلات الفنية الموسيقية. الزعيم النقابي واليساري الوطني حسن السعداوي في 12 فيفري 1963 توفي حسن السعداوي بمخفر البوليس بباب سويقة، اثر سكتة قلبية، في حين تم ايقافه على خلفية نشاطه السياسي والنقابي، وبعد مضي بضعة أيام من حضر نشاط الحزب الشيوعي الذي انتمى اليه السعداوي ومازالت الى اليوم ملابسات وفاته غامضة . هو حسن بن صالح السعداوي، الذي ولد سنة 1906 بمجاز الباب في ظرف تاريخي بدأت تظهر فيه اولى بوادر الحركة الوطنية السياسية والنقابية، وساهم الى جانب رفيقه أحمد بن ميلاد في تكوين أول نقابة للسراجين سنة 1923 لينخرط مع بواكير الأعلام النقابية مثل محمد علي الحامي ومختار العياري والطاهر الحداد في العمل النقابي قبل الانخراط الفعلي في العمل السياسي بانضمامه الى الحزب الشيوعي التونسي سنة 1924. واثر موجة الاعتقالات التي طالت زعماء جامعة عموم العملة التونسيين بين سنة 1925 وسنة 1926، خرج الى فرنسا حيث أسس الفرع التونسي للاسعاف الأحمر بين 1927 و1929 وقام بتجربة سياسية مع الحزب الشيوعي الفرنسي وفي نجمة شمال افريقيا صحبة الزعماء الجزائريين الحاج علي ومصالي الحاج والتونسيين الطيب الدباب والشاذلي خير الله وحبيب فرحات. وفي 1931 سافر السعداوي الى موسكو في اطار بعثة للتكوين، واثر عودته تم القاء القبض عليه من قبل القوات الفرنسية على خلفية نشاطه الوطني وأفرج عليه سنة 1936، لينتخب اثر ذلك ضمن قيادة الحزب الشيوعي التونسي ويصبح مسؤولا على جريدة الطليعة في 1937، الجريدة العربية الصادرة عن الحزب الشيوعي. وبعد انفراج الأوضاع بتونس وبعد صدور مرسوم الباي لسنة 1932، وعودة العمل النقابي الى النشاط، واثر صعود الجبهة الشعبية اليسارية للحكم بفرنسا، توحدت الفصائل النقابية تحت راية الجامعة التونسية للشغل CGT وكان أول لقاء وعمل مشترك بين حسن السعداوي وفرحات حشاد بداية من سنة 1936. ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية و سقوط الجبهة الشعبية بفرنسا عاد التضييق على العمل النقابي و اعتقل حسن السعداوي وسجن بالكاف ثم رحّل لمحتشد القطار وبعدها رحل الى الجزائر. في ظروف الحرب العالمية الثانية عادت الانقسامات للعمل النقابي وانسحب الزعيم النقابي فرحات حشاد من «الس ج ت » بعد ان هيمنت الاطراف الشيوعية على المنظمة في مؤتمرها سنة 1944 وانتخب حسن السعداوي رئيسا لها و تميزت العلاقة بين هذا التنظيم و الاتحاد العام التونسي للشغل الفتي الذي أسسه فرحات حشاد بالتنسيق في التحركات الكبرى والاضرابات طويلة المدى وساهم الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي في تأطير الطبقة العمالية تأطيرا نقابيا وسياسيا والدعوة لمناهضة الاحتلال الفرنسي . انعقد المؤتمر الثاني للاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي أيام 10 و 11 جوان 1949 بعد ثلاث سنوات من العمل المشترك والتنسيق مع الاتحاد العام التونسي للشغل و بعد تعزيز صفوفه بقيادات نقابية بارزة امثال عمر فيالة والحاج علي ( عمال الرصيف )و عمار بن علي بن عمار ( المناجم ) ومحسن علجية ومحمد ونيس ومحمد التوزرطي وبشير المبروك وغيرهم ،هيمن على المؤتمر موقف التوحيد مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تم فعليا سنة 1956 حين بادرت القيادة على راسها حسن السعداوي الى توحيد الصف النقابي و الانضمام للإتحاد العام التونسي للشغل . وتواصل نضال حسن السعداوي النقابي والسياسي بعد الاستقلال، وقد تم اعتقاله عدة مرات، ومن ثمة منع نشاط الحزب الشيوعي الذي كان أحد قيادييه اثر أحداث سنة 1962، ليتوفى في 12 فيفري 1963 بمخفر البوليس بباب سويقة.