اضطراب وانقطاع مياه الشرب بمدينة سجنان وأحوازها    بشرى للطبقة المتوسطة: أسعار شقق السنيت... من 106 ألف دينار!    عاجل/ من بين الضحايا سائحون أجانب: فاجعة مروعة في مصر..    إستعدادا لقادم الإستحقاقات: تغيير موعد المباراتين الوديتين للمنتخب الوطني    المنتخب الوطني لكرة السلة: التحول إلى تركيا.. وثنائي يغيب عن التربص بداعي الاصابة    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    زيت الزيتونة كل يوم ؟: الكمية الصحيحة اللي لازمك تعرفها!    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    نقص في الحليب و الزبدة : نقابة الفلاحين تكشف للتوانسة هذه المعطيات    حذاري.. أكثر من 2000 بناية مهددة بالانهيار في تونس!    عاجل: هذا ما حكمت به الفيفا بين الترجي ومدربه الروماني السابق    الدكتور ذاكر لهيذب: '' كتبت التدوينة على البلايلي وساس وقلت يلزم يرتاحوا ما كنتش نستنقص من الفريق المنافس''    عاجل/ زلزالان يضربان غربي تركيا..    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على تأمين الشريطين الحدوديين البري والبحري    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    دراسة علمية تحسم الجدل وتكشف حقيقة علاقة وجود صلة بين التوحد وتناول الباراسيتامول خلال الحمل..    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    وزير السياحة يبحث مع نظيرته الإيطالية سبل تطوير التعاون الثنائي في المجال السياحي    مشروع قانون المالية: الزيادة في الأجور... بين 50 و100 دينار.. التفاصيل!    بقرار أمريكي.. سوريا تستعيد حضورها في قلب واشنطن    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    العربي سناقرية " لو لم يصب البلايلي وساس لسجلت الترجي اربعة أهداف ولغادر جمهورها من الشوط الاول"    رئيسة الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين: الأسعار الحالية لا تغطي كلفة الإنتاج والفلاحون في انتظار تنفيذ القرارات الرئاسية    وزير الداخلية: استراتيجية استباقية لضرب شبكات تهريب المخدرات وتعزيز الأمن السيبرني    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    نواب مجلس الجهات والأقاليم يثيرون استقلالية المجالس المنتخبة وعلاقتها بالسلط الجهوية والمحلية    تونس/الصين: بحث سبل تعزيز التعاون السياحي    افتتاح الوحدة الثالثة في تونس للشركة العالمية في صناعة الأدوية " حكمة" بقيمة استثمارية تقدر ب 50 مليون دينار    هذا النجم المصري يعلن انفصاله رسمياً عن زوجته... التفاصيل    ظاهرة طبية مقلقة: عندما تسبّب الأدوية الألم بدلاً من تخفيفه... كيف ذلك؟    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    مونديال تحت 17 عاما: المنتخب التونسي يترشح إلى الدور السادس عشر    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    قابس: تنظيم أيام صناعة المحتوى الرقمي من 14 الى 16 نوفمبر    بنزرت: إنتشال 5 جثث لفضتها الأمواج في عدد من شواطئ بنزرت الجنوبية    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: كافية الراجحي تتحصل على جائزة البحث العلمي وعملان تونسيان ضمن المُسابقات الرسمية    عاجل/ وزير التجارة: صابة قياسيّة في زيت الزيتون والتمور والقوارص    تقلبات جديدة ..كيف سيكون الطقس طيلة هذا الأسبوع؟..    تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30    عاجل: يوسف البلايلي يتعرض لإصابة على مستوى الأربطة المتقاطعة    عاجل: هذه الدول العربية تحت تأثير الكتلة الحارة    علاش فضل شاكر غايب في مهرجانات تونس الصيفية؟    عاجل: غلق 3 مطاعم بالقيروان...والسبب صادم    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسي والثقافي: تنافر أم تكامل؟
نشر في الشعب يوم 23 - 03 - 2013

الخوض في الشأن العام للبلاد وخاصة الخوض في الوضع السياسي الراهن جعل الجميع يغفلون الشأن الثقافي ومعاناة المبدعين والمثقفين، حيث تحولت دور الثقافة إلى قاعات تعقد فيها الاجتماعات الحزبية، واكتفت جل الوسائل إن لم نقل كلها ببعض الحصص التنشيطية التي تسلط الضوء على فئة قليلة من المثقفين وهي تقريبا نفس الفئة التي نالت حظها في الماضي.
المواطن التونسي بدوره انساق وراء تيار السياسة الجارف وأهمل كلّ ما له علاقة بالمعرفة والإبداع والأدب والفكر والفن. كما أن المثقف ذاته خرج أو يكاد يخرج من دائرة الثقافي إلى دائرة السياسي نظرا إلى ما يتكبّده من مشاقّ حتى يرى إنتاجه النّور.
وسيطرة السياسي على الثقافي وتدهور الثقافة سمة تميز العالم العربي عن غيره. ويتجلى ذلك في القطيعة الحاصلة بين المواطن العربي والإنتاجات الثقافية وخاصة منها الكتب والكتاب الثقافي والعلمي على وجه مخصوص. هذا ما أكدته جميع الدراسات والتقارير المتعلقة بمسألة المطالعة، ومن بينها تقرير مؤسسة الفكر العربي الذي أكد أنه هناك كتاب واحد يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي في حين يصدر كتاب ل900 ألماني و500 لكل انجليزي. وبذلك لا يتجاوز معدل المطالعة في العالم العربي 4 بالمائة من معدل القراءة في انجلترا.
57 بالمائة من التونسيين لم يدخلوا مكتبة قط
ثلاثة أرباع التونسيين لا يعرفون المكتبات ولم تطأ أقدامهم مكتبة يوما ما ولو بالصدفة. ولا غرابة إن علمنا أن ربع التونسيين أو 25 بالمائة من غير الأميين لم يجرؤوا، طيلة حياتهم، على تصفح كتاب. فتونس ليست بمعزل عن محيطها العربي، إذ تظهر القطيعة بين المواطن التونسي والكتب جلية. وذلك ما توصلت إليه كل الدراسات الميدانية المنجزة في هذا الصدد.
وهذا أمر عاديّ إذا اعتبرنا أن هؤلاء يمارسون هواية المطالعة في بيوتهم أو في المقاهي وفي وسائل النقل العمومي وفي الحدائق العامة وفي غيرها من الأماكن، لكن هذا ليس من عادات ولا من طباع ولا من شيم المواطن التونسي الذي لا يخصص سوى قدر زهيد من ميزانيته لاقتناء الكتب. ولا عجب في ذلك إن كانت ميزانية وزارة الثقافة والمحافظة على التراث من أضعف الميزانيات مقارنة ببقية الوزارات.
غلبة السياسيّ على الثقافيّ
تخصيص ميزانية ضحلة لوزارة بأهمية وزارة الثقافة هو خيار وتوجه سياسي بالأساس. وقد توارثت الحكومات التونسية نفس الأسلوب في التعاطي مع كل ما يتعلق بالإبداع والفكر والثقافة عموما. ففي الماضي تم تطويع المثقف لخدمة النظام كما تم استغلال مندوبيّات ودُور الثقافة لنفس الهدف وعوض أن يتم دعم المبدعين من كتاب وشعراء وفنانين ومفكرين نهبت الأموال. نُهب جزء من الأموال المرصودة لهذا القطاع وصرف جزء على تظاهرات التجمّع المنحلّ ولم يتبقّ للثقافة سوى النّزر القليل. وهو ما ساهم بشكل كبير في تعميق عزلة المثقف وأحدث قطيعة بينه وبين مجتمعه وواقعه. نفس التمشّي ونفس طريقة التعامل مع المبدعين مازالت قائمة إلى يومنا هذا. فالمؤلف كاتبا كان أو شاعرا لا يتمتع بأيّ نوع من الدعم في حين يُمنح الناشر، وهو الرابح الرئيسي من العملية الإبداعية، دعما ب70 بالمائة. كما يعاني المبدعون عموما من رسامين ونحّاتين وفنّانين وشعراء وغيرهم من صعوبة كبيرة في توزيع إنتاجاتهم التي لا تدرّ عليهم سوى قدر بسيط من المال مع العلم أن الكثير منهم يشْكون من البطالة ولا يتمتّعون حتى بأبسط حقوقهم مثل التغطية الاجتماعية.
التصحّر الثقافيّ
عدم ربط العملية الإبداعية بالعملية الإنتاجية وبالعملية التنموية هي من أهم أسباب التصحر الثقافي وتدهور الثقافة عموما. وهذا ليس بالصدفة أن الارتقاء بالوعي الاجتماعي وبثقافة شعب ما أو جماعة ما أو أمة ما يتطلب إرادة سياسية وقناعة راسخة بأن أساس كل رقيّ اجتماعيّ وتقدم اقتصادي وانفتاح سياسيّ ونهوض فكريّ وعلميّ وأدبيّ يمرّ حتما عبر بوابة الثقافة والإبداع الحرّ. لكنّ مسألة تبنّي سياسة ثقافيّة تحدث تغييرات جوهرية وترتقي بمستوى الفرد والمجتمع لم توضع بَعْدُ على طاولة النقاش ولم تدخل إلى قاعة عمليات من ساسوا البلاد في الماضي ومن يسوسونها اليوم. ضآلة الإنفاق على الثقافة والإبداع والفن هو أمر مقصود. وحالة التصحّر المعرفي والثقافي والفكري أول من يتحمل مسؤوليته سلط الإشراف وحكام البلاد الذين نسوا أو تناسوا أنّ من أهمّ الحلول للنهوض بالوضع المتردّي الذي تمر به البلاد يكمن في الدعم المتواصل وغير المشروط لكل نفس إبداعي ولكلّ فكر مبدع ومجدّد يقطع مع الدّجل والخرافة، فالشعوب لم تتقدّم إلا حين اتبعت مفكّريها ومبدعيها ومثقّفيها في كل المجالات.
ولا يجب أن ننسى أن الثقافة هي جوهر كلّ تقدّم ورقيّ وازدهار، بها تخطو الشعوب خطاها الأولى نحو نهوض حقيقيّ وتطوّر فعليّ، ودونها تتقهقر وتتخلّف وتُسْتَعبدُ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.