قالت مريم الزغيدي المسؤولة عن الاعلام في المكتب التنفيذي لجمعية النساء الديمقرطيات، ان الجمعية تثمّن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل وتدعّم جوهرها مضيفة انه حتى اذا سُجّلت اختلافات فلن يمسّ ذلك الجوهر بقدر ما يمسّ بعض التفاصيل الشكلية. الزغيدي اكدت ان مسيرة 13 اوت الجاري جاءت لتقيم الدليل ان المرأة التونسية متماسكة اكثر من أي وقت مضى و أعطت البرهان على انها لن تتنازل عن حقوقها ولن تستسلم لأعدائها ولاعداء الحرية ودعاة الطغيان والظلام. الاخت مريم استعرضت في حوارنا معها مساهمة جمعية النساء الديمقراطيات في اعتصام الرحيل بباردو وعناصر المبادرة التي قدّمتها في رسالة مفتوحة وجّهها مكتب الجمعية الى الرؤساء الثلاثة. كيف كانت مساهمتكم في الاحتفالات الخاصة بعيد المرأة لهذه السنة؟ - في البداية اودّ تهنئة كل نساء تونس في بلادنا وخارجها بعيدهنّ واخصّ منهن كل اللواتي حضرن وشاركن في مسيرة 13 اوت، في عيد المرأة، في مسيرة «حراير تونس» بأعداد غفيرة وبعزيمة نضالية قلّ وجودها. الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات عنصر مؤسّس لائتلاف «حراير تونس» الذي نظّم ودعا لمسيرة 13 اوت وقد كانت مساهمتنا بالتعبئة الجماهيرية عبر عديد قنوات الاتصال ( الاعلام، المواقع الاجتماعية الخ...) كذلك بتجنيد مناضلاتنا من تونس العاصمة ومن الجهات لحظور هذا الموكب العظيم والفيصلي في المرحلة الحالية التي تعيشها بلادنا. كما كانت الجمعية حاضرة من خلال وثائقها وأدبياتها التي تم توزيعها بالآلاف في خيمة الجمعية بساحة باردو. العديد يتّفق أن اعتصام باردو قائم تقريبا على الشباب والذي يُعتبر عموده الفقري، هل انخرط فيه «نادي الشابات» التابع للجمعية وكيف تعامل معه؟ - لا يغفل عن احد من الذين زاروا الاعتصام ولو مرّة، انه لولا الحضور الناجع والنشيط للشباب ولولا عزيمته الفولاذية لما كُتب للاعتصام النجاح، فالحركات الشبابية موجودة ومتشبّثة بمبادئها ومطالبها ومنها حركة تمرد، حركة «خنقتونا»، الحركة الثقافية الثورية...الخ وبالنسبة إلى نادي الشابات فطبيعي جدا ان يترك بصمته خاصة أنّه منخرط عن طواعية في مجمل الحركات الشبابية التي ذكرتها آنفا ذلك ان مناضلات الجمعية واصدقاءَها وصديقاتها موجودات وموجودون على الميدان منذ اليوم الاول في ساحة باردو ولن يغادروه الا منتصرات ومنتصرين. جمعية النساء الديمقراطيات طرحت عديد الأفكار للخروج بالبلاد من المأزق السياسي الذي تعيش فيه، كيف تلخصين مبادرتكم وما هو فعلكم في الحراك المعارض الراهن وخاصة فيما يحدث في ساحة باردو؟ - نحن نعتبر ان الوضع السياسي الحالي في بلادنا دقيقا للغاية وقد كنا نبّهنا في مناسبات عديدة على خطورته، لكن للاسف نصطدم في كل مرة بسلطة اختارت التجاهل وعدم الاكتراث وايضا اصطدنا بسلطة عاجزة عن تحّمل مسؤولياتها امام تفاقم العنف بكل أانواعه وفاشلة في حماية حياة المواطنين والمواطنات السياسيين والسياسيات، المثقفين والمثقفات والاعلاميين والاعلاميات، ولا مجال حتى نذكّر بطريقة «معالجتها» للاغتيال السافر الذي طال صديق الحركة النسوية المستقلة الرفيق الشهيد شكري بلعيد وهو امر جعلنا ننخرط بلا شروط في المؤتمر الوطني لمناهضة العنف. واليوم وبعد الاغتيال الثاني الذي طال المناضل الشهيد محمد البراهمي يوم كان الشعب التونسي يستعدّ للاحتفال بعيد الجمهورية، تواصل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات كفاحها من اجل ايقاف دوامة الاغتيالات بتحميل السلطة كامل المسؤولية فيما تعيشه البلاد. وقد توجّهنا يوم 26 جويلية برسالة مفتوحة إلى الرؤساء الثلاثة نطالبهم فيها بالرحيل والتي كانت مقترحاتها كالآتي: حماية حقوق النساء وعدم المساس من حريتهن ومكاسبهن، عدم المساس من المعاهدات والاتفاقات الدولية ، انجاز دستور ديمقراطي ضامن للحريات الفردية والعامة والحقوق الكونية، تركيز الهيئات الدستورية المستقلة والاعداد لانتخابات شفافة ونزيهة، تحييد الادارة عن الحزب الحاكم والغاء التعيينات المعتمدة على الولاء الحزبي، كشف الحقيقة والمحاسبة والمحاكمة العادلة في ملف شهداء الثورة وجرحاها، حماية حياة الافراد والفنانين والفنانات ونشيطات ونشطاء الحقل المدني والسياسي، ارساء امن جمهوري واصلاح المنظومة الامنية، التصدي للارهاب، الشروع في الاصلاحات الاقتصادية والجبائية تصدّيا لتفشي البطالة والفقر والتهميش وكذلك الفساد والتجارة الموازية. أما بالنسبة إلى حضورنا في اعتصام الرحيل،فان مناضلاتنا موجودات يوميا على عين المكان للالتقاء مع المعتصمين والمعتصمات والنقاش معهم حول جملة هذه المطالب وتفسيرها، كما كونّا خلية ازمة للمعتصمات وللمشاركات في الاعتصام ضدّ كل أشكال العنف من عنف سياسي، تحرّش و عنف لفظي الخ. جمعيتنا كانت حاضرة كذلك في لقاءات عديدة مع نواب ونائبات المجلس الوطني التأسيسي المعتصمين لدراسة الاوضاع، هذا علاوة على المشاركة الكبيرة في مسيرة النساء ضد الارهاب يوم 4 اوت ويوم 6 اوت بمناسبة مرور 6 اشهر على اغتيال الرفيق الشهيد شكري بلعيد. الاتحاد العام التونسي للشغل طرح مبادرة وصفها المتابعون بالإيجابية والواقعية، فكيف تفاعلتم معها بوصفكم مكتبا تنفيذيا للجمعية؟ - الاتحاد العام التونسي للشغل كان دوما المرجع لكل المناضلين والمناضلات وقد لعب دورا تاريخيا في كل اللحظات الحاسمة في تاريخ بلادنا، حتى انه لم تمرّ، ولن تمرّ، مرحلة دقيقة في تونس الا ويكون للمنظمة الشغيلة الدور الريادي آخذة من رصيدها النضالي الكبير. وبهذه المبادرة، فالاتحاد العام التونسي للشغل يتموقع باعتباره قوة مسؤولة ومعدّلة للموازين للخروج بالبلاد من المأزق الذي تعيش فيه، ونحن في جمعية النساء الديمقراطيات كنّا ومازلنا حليفات للاتحاد وبالتالي فنحن نحيّي هذه المبادرة ونثمّنها كما اننا دائمات التشاور مع المحامين ورابطة حقوق الانسان في هذا الصدد، وحتى ان اختلفت وجهات النظر فلن يؤثّر ذلك على الجوهر بل انه يمسّ الا بعض التفاصيل الشكلية، هدفنا في ذلك هو كيفية الخروج بالبلاد من المعاناة التي تعيشها ومن الطغيان والقهر والعنف والدكتاتورية من اجل ارساء دولة القانون و فرض المساواة وحماية الحريات ومكاسب بلادنا. مسألة حرية المرأة تحتل مكانة كبيرة في مجال الحرية السياسية والانتقال الديمقراطي في ما يُسمّى ببلدان الثورات العربية ومنها تونس، كيف ترون هذه العلاقة وماهي خطتكم للدفاع عن المساواة بين النساء والرجال في مرحلة الانتقال الديمقراطي في بلادنا، ولو تستعرضين اهم التهديدات التي تواجه حرية المرأة والنساء في الوقت الراهن؟ - كانت ولا تزال قضية النساء محور التجاذبات السياسية، ونحن كمدافعات عن استقلاليتنا، واعيات جدا بذلك ووجدنا ان في ذلك، وهو امر الفت انتباه المتابعين، وجدنا ان في ذلك أمورا ايجابية وسلبية في الوقت ذاته. فالكل يعلم كيف كان بن علي يستغل قضايا حقوق الانسان ويوظفها خدمة لمصالح نظامه ولتجميله خاصة في الخارج، وهذا الامر يبعث للقلق اذا ما تكرّر في مرحلة انتقالية كالتي تعيشها بلادنا حاليا . والخطر ايضا هو سعي الحاكم الحالي الى استغلال قضية حقوق النساء خاصة أننا نعلم هويته الاسلام-سياسية التي لا تؤمن بالمساواة بين النساء والرجال ونعرفها الاكثر تهجما على كل صوت يدافع المساواة التامة والفعلية ولنا في العالم أمثلة كثيرة على ذلك. وفي هذا السياق، فسيكون عملنا بالتالي اكثر حدة وستزداد يقضتنا وسينمو اكثر استعدادنا اللامشروط للتضحية من أجل قضية حرية المرأة، ولمن لا يعرف نضالاتنا فنحن نؤكد اننا لن نترك أي متنفّس أو مجال لأحد ان يعود بنا الى الوراء، فنحن متمسكات بحقوقنا ونسير بخطى ثابتة نحو تحقيق المساواة التامة والفعلية مهما كانت التهديدات من قبيل تغيير القوانين او ترهيب النساء في الأحياء وفي العمل وفي أي مجال... وقد برهنت التونسيات على تمسكهن بوحدتهم امام أي اعتداء او محاولة اعتداء على الحقوق وما رأيناه يوم 13 اوت يوضّح لأعداء الحرية ان المرأة التونسية لن تتنازل أبدا عن حقوقها المدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. مساحة حرّة لك أودّ ان انتهز هذه الفرصة لتوجيه تحية خاصة إلى صديقة الجمعية والمناضلة فيها دوما الصامدة بسمة الخلفاوي، كما أوجّه وباسمي وباسم مناضلات الجمعية تحية وفاء إلى عائلات ابنائنا وبناتنا من الجيش الوطني واقول لهم: عزاؤكم هو عزاؤنا.