مساء الخميس عشرين من جوان 2013 أربع فتيات افريقيات يتحدثن لغة الهونولولو، أما أنا فقد كنت أفرك عينيّ المثقلتين من نوم طويل.. *** ما أثقل هذه المدن المليئة بالمتسوّلين، اللّيالي قاتمة اللّون ومليئة بذوات أظلاف متوحّشة.. إنّ حربك مع الثّيران أن تلوّح لها بقطع قماش أحمر والبقيّة تُكْمله الحِراب! *** لم يتبقّ لديّ من «نيكوس كازانتزاكيس» سوى «وكان متوحّشون بريش أحمر يتخطّون عتبة نفسي ويشعلون النّار ليشووا عليها بشرا» وأشياء أخرى تُعاش ولا تُقال. *** إذا أردت أن تعرف العالم .. كي تكون أكثر معرفة بالعالم عليك أن تتحوّل إلى حذاء عوض «ثعبان» كما تقول الكتب الصّينية القديمة. *** في الحادية والنّصف ليلا من يوم الاثنين الثّاني والعشرين من أفريل عام 2009، كانت محفظتي السّوداء المليئة بالدّم والملح، عنوانا للحياة، فقد كانت تحمل شيئا من طعامٍ لجسدي النّحيل، لذلك كنت أضعها على رأسي من شدّة المطر... لم تقلع الأمطار شجرة رأسي يومها ! لذلك أنا حيّ بالمصادفة... وميّت من كثرة الحياة ! *** في صباح الجمعة الواحد والعشرين من جوان 2013 تذكّرت أنّني لم أكن أنانيّا، وأنّني كنت أحبّ الشّعراء جميعا.... وبعد أن تأكّدت أنّ «هذه المملكة مملكة أسياد وعبيد» كان يجب أستعمل السّوط أو العصا... ولقد صرت أكره التّاريخ منذ ذلك اليوم. اللؤم، الجحود، النّكران، النذالة، الصّفاقة، الحسد، الحقد، الوهم... *** كان عليه أن يعترف لها (الذّبابة) منذ أول وهلة أنّه من فصيلة السّلاحف والزّواحف.. وأنّ مرارة المشي هي أفضل المرارات على الإطلاق... كان عليه أن يقول لها ذلك منذ البداية، لا أن يكذب عليها... لقد نسي أنّه كان مشّاءً... ومن يتوقّف عن المشي يأكله الذّباب! *** أعتقد أنّني لن أنام... هكذا فكّرت وأنا أمام المرآة أحملق في عينيّ المتورّمتين المحمرّتين من أثر جوع خرافيّ للنّوم... هكذا فكّرت وهما تحملقان في حشرات الصّيف... لن أنام... لذلك قمت صباحا وقد امتلأت جدران البيت ببقع حمراء من أثر الذّباب والحشرات الميّتة... ليلتها كان يجب أن أفعل ما فعلته... *** الأول علّمهُ أن ينقر بأصابعه ليلا فوق طاولةٍ رخامٍ، الثاني علّمهُ ردْم الهوّة بين لغة البرق وخشخشة الأوراق صيفا، الثّالث علّمهُ المشيَ دون خوف من نباح ظلّه تحت القمر: علّمهُ سباق الأحصنة، كيف يجهّز العرباتِ جيّدا قبل السباق، كيف يُطعم الأحصنةَ الأصيلةَ المدرّبةَ على السّباق، وعلّمهُ كيف يصهل عوض الأحصنة... لكنّه لم يعرف الجيادَ الأصيلةَ ولم يعرف الصّهيلَ يوما... لم يعرف أن الصهيل هو مغزى السّباق كلّه... ولأنّه لم يعرف عرقَ الجياد المطهّمة، فإنه لم يعرف أنواعَها وفوائدَها وتسمياتِها، إنه لم يعرف الحرْب يوم? ولم يعرف كيف يحبّ الجيادَ الأصيلةَ. *** البرّية... كل البرّية للمرأة التي تتحدّث بشهوة عن أمطار الصّيف... رائحتها عرق الصّنوبر ويداها البرق. *** هذا الكلب الذي يعوي في الفجر، فوق سطح العمارة، يبكي كما لو كان رجلا فقدَ عزيزا عليه، يبكي مثل جنديّ لم تُصبه رصاصة أو قذيفة أو لغم... ذلك الكلب الذي يبكي كلّ فجر فوق سطح العمارة... هو نفسه ذلك الكلب الذي كان يخرج معي لصيد الأرانب والحجل... وعندما هرم أصبح كثير النّباح... الكلاب التي تنبح هي التي لم تعد تذهب إلى الصّيد مع صاحبها.