موقع لبناني: شخصية معروفة تجسست لصالح إسرائيل وأطاحت برؤوس حزب الله    وزير الخارجية يلتقي نظيره الجيبوتي بمناسبة مشاركته في أشغال القمة العربية ببغداد    الفرجاني يؤكد استعداد تونس للعمل مع منظمة الصحة العالمية في مجال تصنيع اللقاحات    يوم دراسي للترويج للسياحة بالقصرين    قريش بلغيث رئيس مجلس إدارة شركة التجميع بالقيروان ل «الشّروق» الأولوية لتخزين القمح    وزير التجهيز من نابل ..تقدّم أشغال مشروع طريق قربص بأكثر من 80 %    لا يشتري القدس من باع بغداد    الرابطة الثانية    بعد تفكيك شبكتين دوليّتين في تجارة المخدّرات...أسرار جديدة عن عمليتين أمنيّتين ضد تجّار السموم    القبض على تاجر مخدّرات محلّ 10 مناشير تفتيش..    بعد طغيان المادة على كل المبادئ .. الربح السريع يسقط القيم    في انتظار فكّ اللغز .. رفض الإفراج عن فتحي دمق    الوقاية من الأمراض المعدية: خطوات هامة لحماية صحتك    مجموعات غنائيّة هاوية بصفاقس ابدعت في آدائها ….الازهر التونسي    "إعلان بغداد" يطالب بوقف فوري لحرب غزة ويدعم المحادثات الأميركية الإيرانية    تحسّن الوضع المائي في تونس: سدود تقترب من مليار متر مكعّب بعد الأمطار الأخيرة    بوعرادة تحت شعار تراثنا وهويتنا: ايام تثقيفية و ندوات فكرية    الحرارة تتجاوز الثلاثين: تونس تستعدّ لموجة حرّ شديدة بعد الأمطار الأخيرة    أسباب فقدان الوزن المفاجئ    صفاقس : الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" …دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    طقس الليلة    القصرين: وزير السياحة يعلن حيدرة بلدية سياحية    مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية.. معرض أكابر شلبي في رواق يوسف الرقيق    مغلق منذ عقد و نصف.. نزل الغابة يعود النشاط    مدير تعداد السكان: نحو التشجيع على الإنجاب ومراجعة سياسات السبعينات.. #خبر_عاجل    مصر.. تحقيق في حادثة مشجع "رقص عاريا" احتفالا بالفوز    قربص.. البحر يلفظ جثة امرأة مجهولة الهوية    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    عاجل/ قمة بغداد: عبّاس يدعو المقاومة الى تسليم سلاحها    تعداد السكّان: أبرز الأرقام.. #خبر_عاجل    قضية رحمة لحمر: أصابع الاتّهام موجّهة إلى 31 شخصا    حادث مرور قاتل في القيروان.. #خبر_عاجل    النفيضة: سيدي سعيدان تحتفل بثروتها الخزفية    الملعب التونسي: 5 لاعبين يعودون ضد النجم    تونس: شلل في حركة الميترو رقم 1 و 6    رسمي: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    تونس الكبرى والساحل في الصدارة: تفاصيل توزيع السكان في مختلف الجهات    عاجل/ تعداد سكّان تونس: الإناث يتجاوزن الذكور بهذه النسبة..    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يزور القيروان    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    صفاقس عرض "وشام" في افتتاح تظاهرة "جذور وأجنحة"    الرابطة 2 (الجولة 25): شبيبة القيروان تواصل الصدارة في المجموعة الثانية، وصراع مشتعل على البقاء    أي مستقبل للمؤثّرين؟    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    أحوال طقس الليلة    قرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    استعدادات استقبال موسم حج لعام 1446هجرية...تفاصيل    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    جريمة مروعة: شاب يقتل صاحب مقهى والسبب لا يصدق..!!    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    









القاموس الفرنسي وعبء الإنسان الأبيض!!!
من هنا نبدأ
نشر في الشعب يوم 23 - 09 - 2006

تشهد الساحة السياسية والثقافية الفرنسية هذه الأيام جدلا واسعا بشأن تعريف مصطلح «الإستعمار» الوارد في النسخة الجديدة لسنة لأشهر قاموس فرنسي وعالمي «le petit Robert « ، إذ قدّم هذا القاموس تعريفا للإستعمار على نحو استفزازي بغيض، على الأقل للشعوب المستعمرة سابقا والتي لاتزال تعاني إلى الآن ويلات التدخّل في حق تقرير مصيرها، حيث يشرح هذا القاموس مفهوم الإستعمار على أساس أنه «إعادة الإعتبار واستغلال وتنمية البلاد التي تحوّلت إلى مستعمرات».!!!
ولئن سيتكبّد «آلان ري» ناشر القاموس، خسائر سحب كل النّسخ الموزّعة على المكتبات والمتوفّرة بالأسواق، خاصة أمام الحملة التي تشنّها عليه «الحركة المعارضة للعنصرية والصداقة بين الشعوب» الناشطة في مجال حقوق الإنسان، فإن الخلفية الإستعمارية ونزعة الهيمنة والحنين الفرنسي/الغربي إلى ماضي الإستعمار والإستغلال يبدو أنها لم تخبو بعدُ، كما أنّه لن تُجدي نفعا في ستر عورة الذهنية الإستعمارية محاولة هذا الناشر إن أقدم عليها بإضافة تعديلات على مصطلح الإستعمار بما سيقتطعه من نص الكاتب «الأسود» ايمي سيزار، مثلما لم تُجد نفعا محاولات الحكومة الفرنسية في تهدئة الجاليات بخصوص قانون فيفري المُمجّد للإستعمار ابّان الأحداث التي حصلت في فرنسا في الأشهر الماضية.
والإستعمار لا يختلف عاقلان على أنّه يتّصف بالسيطرة السياسية وبالقوة العسكرية على سكان بلد معين بهدف استغلالهم أو تكوين احتياطي منهم لإقامة امبراطورية في الخارج وذلك في اطار تقاسم العالم بين بعض القوى الرأسمالية (أواخر القرن التاسع عشر)، على أن الحركة الإستعمارية رافقت مراحل التّوسع الرأسمالي منذ نهاية القرن الخامس عشر. وقد أخذ الإستعمار تسميات مختلفة لتبرير طبيعة تدخّل الدول القوية في شؤون الدول الضعيفة، مثل الإستعمار الجديد وشبه استعمار واستعمار مباشر واستعمار غير مباشر... لتبقى بالأخير الوضعية الإستعمارية مُحدّدة بالعلاقات القائمة على الإضطهاد السياسي والنهب الإقتصادي والتوجيه الثقافي والتشويه الحضاري. ولئن نجح الإستعمار في احتلال بلدان وفي طرد سكانها الأصليين بل وفي ابادة شعوب بأكملها، فإنه أدخل بالمقابل، عديد المجتمعات في طور التّشكل أو في إعادة التّشكل والتّحرّر الوطني من خلال حركات المقاومة والمناهضة التي تستعر هنا وهناك...
فهل لنا أن نعزل التفسير الجديد للإستعمار الذي يقدمه القاموس الفرنسي لمستخدميه عن الرغبة الجامحة لدى فرنسا و الدول الغربية لإعادة تاريخ الإضطهاد والإستغلال تحت حجّة «اعادة الإعتبار وتنمية المستعمرات»؟؟ وهل لنا أن نفصل تهاطل الجيوش الأممية وقوات اليونيفال (استعمارية الأصل) في لبنان ودارفور والصومال وأفغانستان ... عن ذهنية السيطرة والإحتلال من جديد ؟؟
إن الإختراق الثقافي الذي يُمهّد للتدّخل، ومن ثمّة السيطرة العسكرية، ليس بدعة جديدة تبدأ مع «آلان ري» سليل نابليون بونبارت، بقدر ما يُمثّل استراتيجية قديمة ونمط تفكير «تيموسي» يُبرهن كل مرّة على نجاعته وفاعليّته، وأسوأ ما في هذه الذهنية أنّها تجد لها تربة خصبة لدينا نحن العرب لطبيعة تعاملنا القداسي مع مقولات الفكر الغربي عموما والفرنسي خصوصا وأيضا لطبيعتنا الدفاعية الإنتكاسية في مواجهة القوى الخارجية.
ففرنسا التي أبهرت علماءنا وجعلتهم ينتفضون في عمائمهم على «عقمنا العقائدي» وعلى «سلوكاتنا البدائية»، وفرنسا التي كوّنت محرّرينا وانتلجنسيتنا العربية ونخبتنا اليسارية في خمسينات القرن الماضي، هاهي تتحدّى مرّة ثانية رغبتنا كشعوب اضطهدتنا فيما مضى في بناء دولتنا وقوميتنا وهويتنا بعيدا عن أية وصاية فرنسية أو أمريكية أو يابانية وبعيدا عن رد الإعتبار المزعوم هذا الذي يسوّقه لنا هذا القاموس...
فهذا التفسير الجديد/ القديم لمفهوم الإستعمار الذي يقدّمه قاموس «le petit Rober» انّما يؤكد على مقولة «عبء الإنسان الأبيض»، بمعنى أنّه يوحي بضرورة استمرار «رسالة المتقدم في الأخذ بيد المتخلف» وبضرورة «اعادة الإعتبار» للشعوب المتخلفة من قبل الشعوب المتقدمة...
وهذه الإستراتيجيا الإستعمارية بغطائها الأخلاقوي تتغذّى من أطروحة فرانسيس فوكوياما في كتابه «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» الذي يمجّد في متنه «مجتمع النّمور النّيتشوي»، المتكوّن أساسا من «القبيلة البيضاء والشقراء وربّما الصفراء كذلك»!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.