يمكن اعتبار مباراة الترجي الرياضي ومستقبل المرسى في خانة مباريات الخدعة أو الفخ وقد تأكدنا من ذلك بصفة قطعية بعد أن ذهب في اعتقاد لاعبي الترجي أنّهم سيكونون في فسحة ترويحيّة وتناسوْا بأن أي مباراة في كرة القدم تُحسم فوق الميدان وليس بالكلام، رغم الفرق الواضح في موازين القوى بين الفريقين على الأقل على الورق هذا من الناحية النفسيّة والتي ربّما لم يقع الإعداد لها مسبّقا من طرف الاطار الفنّي للترجي الذي لايزال يجهل الكثير عن الفرق التونسيّة وعن كيفيّة تعاملها فنيّا مع الترجي الرياضي التونسي. على الصعيد الفني، لا أحد ينكر النقلة النوعيّة التي أحدثها البرازيلي كابرال ومساعده ماهر الكنزاري على أداء المجموعة الذي أصبح يتميّز باللعب الجماعي مع المحافظة على الكرة وعدم التخلّص منها «عشوائيا». كذلك يُحسب لكابرال تعويله على مجموعة من اللاعبين الشبّان الذين أبلوا البلاء الحسن في غياب بعض لاعبي الترجي التقليديين الذين عجزوا على تقديم اضافات تُذكر مع بداية الموسم الحالي، كذلك في غياب الانتدابات القيّمة والتي نظرا لضيق الوقت لم تتمكّن هيئة حمدي المدّب من القيام بها رغم تحمهسها لذلك. في المقابل، يجب الإعتراف بكون الترجي يمرّ بمرحلة انتقاليّة ورغم ذلك تمكّن في ظرف وجيز من تحقيق نتائج ايجابية باستثناء تعادل جرجيس ومستقبل المرسى اللذين سيكون لهما الأثر السّلبي في رصيد نهاية الموسم. وعندما نقول تشريك لاعبين شبّان، نقول افتقادهم للخبرة الكافية، وقد تأكّد ذلك خاصة في مباراة الترجي والملعب القابسي حين كاد الفريق يفرّط في نتيجة المباراة لفائدة الضيوف بعد أن فقد لاعبوه السّيطرة على منطقة وسط الميدان ممّا مكّن أبناء طارق ثابت من تهديد مرمى الكسراوي في غياب المساندة اللازمة من لاعبي وسط الميدان للمدافعين. هنا تجدر الإشارة إلى أنّ لاعبي الترجي الذين أصبحوا يحسنون التصرّف عندما تكون الكرة بحوزتهم مازالوا يجدون صعوبات كثيرة في افتكاكها عندما تكون الكرة بحوزة المنافس، وهذا أكبر مشكل يعاني منه الفريق، خاصة عندما يجد أمامه فريق متماسك الخطوط لكنّه متوسط الامكانيات، مثلما حدث في مباراة مستقبل المرسى الذي كاد يختطف الفوز من الترجي جرّاء لامبالاة بعض لاعبيه في عملية افتكاك الكرة. هذه النقطة بالذات هي التي يجب على المدرّب «كابرال» التفطّن لها والسّعي لتفاديها من خلال تعويله على لاعبين من ذوي النزعة الدفاعية، وبالإعتماد على أكثر من لاعب في الإرتكاز لأنه بمثل ماشاهدناه في مباراتي الملعب القابسي ومستقبل المرسى خاصة في الربع الساعة الأخير من المباراتين، قد لا تسير الأمور في الاتجاه الصحيح خاصة أمام المنافسين التقليديين كالنادي الافريقي والنجم الساحلي والنادي الصفاقسي والاتحاد المنستيري الذين يُعتبر مردودهم الفردي والجماعي أفضل بكثير من الملعب التونسي وجندوبة الرياضية وقوافل فصة والملعب الابسي ومستقبل المرسى. ولأنّ قدر الترجي يبقى دائما وأبدا في اللعب على الألقاب ولاشيء غيرها، وجب على حمدي المدب أن يسعى من الآن لتدعيم الرصيد البشري الحالي للترجي بلاعبين محليين وخارجيين، كما أنصحه بأن لا يستمع كثيرا للذين يوهمونه بأنّ الترجي ليس في حاجة لإنتدابات أخرى استنادا لانتصارين أو ثلاثة كانت تحققت بفضل الرغبة الملحّة للاعبين في تحقيق نتائج ايجابية والروح الجديدة التي زرعها البرازيلي كابرال لأنّه بمثل ماهو متوفّر بالترجي في الوقت الحالي وفي غياب انتدابات قيّمة، قد يستعصى على الفريق مجاراة نسق منافسيه التقليديين على الألقاب المحلية وخاصة الألقاب القارية التي ابتعدت عن الترجي منذ فترة ليست بالقصيرة. هنا تصبح الوقاية خير من العلاج وبإمكان الترجي تحقيق أمنية جماهيره التي أصبحت تُقبل على مباريات الفريق بأعداد قياسية، قد لا يتواصل دعمها للترجي إذا ما غابت النتائج الإيجابية، ولن يكون ذلك إلاّ بمراجعة بعض الأمور الفنية التي لا مفرّ من إصلاحها قبل فوات الأوان وخصوصا تلك التي تتعلّق بالتنظيم الدفاعي لكل الفريق ابتداء بالمهاجمين، مرورا بلاعبي وسط الميدان وصولا للدفاع الذي لا يمكنه تحمّل ضغط خطوط الهجوم المنافسة المباشر والذي كان بالإمكان تفاديه لو قام كل لاعب بالترجي بدوره الدفاعي على الوجه الأكمل. ولو أنّ عودة خالد بدرة إذا ما تأكدت فإنّها ستكون مفيدة جدّا للمجموعة.