انعقدت الهيئة الادارية الجهوية بجندوبة يومي 18 و 24 اوت 2008 برئاسة الاخ عبيد البريكي الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي وتضمن جدول اعمالها نقطتين محوريتين: المفاوضات الاجتماعية بين سندان الترقبات والمطامح ومطرقة الهوة السحيقة بين القدرة على تلبية واشباع الحاجات المادية والثقافية المتجددة أبدا والتحولات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي زعزعت نسيج مجتمعنا أفقيا وعموديا وفي مختلف الابعاد. الوضع النقابي العام على الصعيد الوطني والجهوي: أسئلة واشكالات عسيرة مثلت الاجابة عنها مخاضا صعبا لولادة طبيعية حينا وقيصرية احيانا اخرى. وفي كلمة الافتتاح وبمبادرة من المكتب التنفيذي قدم الاخ عياد الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة الى الاخوة اعضاء الهيئة الادارية الجهوية تقريرا حول نشاط الاتحاد الجهوي في مختلف أوجهه ومجالاته اسهاما منه في تكريس واقع ديمقراطية الممارسة النقابية واثراء للنقاش الذي قد يكون عقيما في غياب المعطيات والشواهد والارقام ثم احيلت الكلمة الى الاخ عبيد البريكي الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي رئيس الهيئة الادارية الجهوية الذي عبر عن عميق سعادته بوجوده بين اخوته واصدقائه ورفاقه بجهة جندوبة مذكرا بما يجمعه بهذه الجهة وبمناضليها من تقدير واحترام ومحطات نضالية على درب تصحيح المسار النقابي بالجهة منذ سنة 1996. وفي سياق تدخله قدم الاخ رئيس الهيئة الادارية الجهوية طرحا تفصيليا ضافيا حول مسار المفاوضات الاجتماعية مؤكدا ان الاتحاد العام التونسي للشغل ظل خلال الاشهر المنقضية منذ امضاء الاتفاق الاطاري الى الان ثابتا على مواقفه، امينا على مصالح منظوريه، مرابطا في خطوط الدفاع الاولى على مبادئه رغم الصعوبات التي واجهته ورغم تملص وتلكؤ وفود التفاوض على الضفة الاخرى سواء في القطاع العام او الخاص او في الوظيفة العمومية من مسؤولياتها التاريخية امام شعبها ووطنها في التعامل بجدية وبروح مسؤولية عالية مع ما يطرحه الطرف النقابي من محاور وملفات مصيرية. واوضح انه رغم بعض التقدم في بعض الجوانب الترتيبية الا ان تلبية المطالب الاساسية بالنسبة للطرف النقابي كالحق النقابي مثلا لا يزال يراوح مكانه. ولا يبدو ان النية متجهة الى التوصل الى حل في شأنه فلا معنى لان تصادق الدولة على الاتفاقية 135 في حماية المسؤول النقابي وان تتم عملية مواءمتها مع التشريعات الوطنية في الوقت نفسه من جانب واحد ودون اشراك الطرف الاصيل في الموضوع وهو الاتحاد العام التونسي للشغل بمعنى اوضح يمكنك ان تطلب لنفسك الطبق الذي تريده او تشتهيه لكن مسألة طعمه ولونه وبهاراته وكميته مسألة لا تعنيك. فهل تقبل؟ ذلك حديث اخر. ولا معنى أن تظل المنحة العائلية منذ ما يناهز الاربعة عقود على حالها وكأني بها أفلتت من حتمية قانون التغيير المستمر والتأثير والتأثر والحركة المستمرة، فان كانت كذلك فهي حتما ثورة علمية جديدة في علوم الفيزياء والرياضيات لم يتفطن لها احد وبالمحصلة فان قناعة القيادة النقابية اليوم للاتحاد العام التونسي للشغل يبدو انها كما ورد على لسان الاخ عبيد البريكي متجهة نحو مراجعة الأداء التفاوضي وتشغيل محركات النضال المعتمدة باتجاه الدفاع عن مصالح العمال بالفكر والساعد والتي بدأت تتلاشى تحت سياط العولمة المتوحشة. مؤكدا ان هذه المسؤولية يجب ان لا تظل في اذهان مناضلي الاتحاد مسؤولية القيادة بمفردها بقدر ما هي مسؤولية الجميع وعلى الجميع من نقابات اساسية وجهوية ونقابات عامة وجامعات واتحادات جهوية ان يعوا خطورة المرحلة ومن خلالها يمضون في تعبئة قواعدهم لخوض غمار معركة الدفاع عن الحق في الحياة الكريمة العزيزة الابية. وللاشارة فقط فان اغلب هذه الهياكل الى حد اللحظة لم ترق الى مستوى ما هو مطلوب منها في هذا الخصوص والحال انه لم يمنعها احد من تفعيل فعلها في هذا السياق فلا نضال بالوكالة عن احد ولا وكالة في النضال عن احد «وما يندبلكم كان ظفرك وما يبكيلك كان شفرك». اما في ما يتعلق بالوضع النقابي العام فقد تركز تدخل الاخ رئيس الهيئة الادارية حول احداث الحوض المنجمي بقفصة في مراوحة بين الاسباب والاطوار والنتائج. وقد لخصها الاخ رئيس الهيئة الادارية كما يلي: ان ما حدث بالحوض المنجمي لم يكن سوى نتيجة طبيعة لوضع غير طبيعي بتلك المنطقة من البلاد، حيث شحت فرص العمل وانعدام المشاريع التنموية ناهيك عن الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، كل هذه الاسباب وغيرها مثلت ارضية مثل أرضية لانتفاضة شعبية كانت مناظرة شركة فسفاط قفصة وما لفها من غموض الباعثة على تفجيرها. ومثلما تعلمنا من تاريخ الشعوب والامم كانت القناعة حاصلة ان مثل هذا الوضع الى زوال شرط زوال اسبابه وانه الى مزيد من التفجر والتفاقم اذا تم التفاعل معه بعنف وهو ما وقع بالحوض المنجمي بقفصة وهو تصرف مرفوض من قبل الاتحاد العام عبر عنه في بيان مكتبه التنفيذي في 6 جوان 2008 كما تعلمنا ايضا ان المنظمات العتيدة والمعتدة بنفسها لن تسمح بترك مناضليها تنهشهم سياط جلاديهم مهما كانت الظروف و «حين تضيع البوصلة يعتمد القلب» (مظفر النواب). وبعد هذا التدخل المطول للاخ رئيس الهيئة الادارية الجهوية فتح باب التدخلات لاعضاء الهيئة الادارية الجهوية حيث سجلنا ما يناهز الثلاثين تدخلا كانت مجمعة على تسجيل المواقف التالية: تأكيد ضرورة اعتماد خطة نضالية واضحة بخوض غمار المفاوضات الاجتماعية والتشديد على العودة لسلطات القرار قبل امضاء اتفاق في هذا الشأن. التمسك بالجانبين المادي والترتيبي في ابرام اي اتفاق وعدم الفصل بينهما شكلا ومضمونا مهما كانت الصعوبات واستعداد النقابيين لاسناد ودعم النهج بكل الوسائل النضالية المشروعة. التمسك بالتنصيص على الحق النقابي بمفهومه الشامل وفق رؤية الاتحاد العام التونسي للشغل سبيلا لامضاء اي اتفاق. تأكيد ضرورة ثبات وفود التفاوض في ملف التأمين على المرض وفق ما جاء في اتفاق 8 ماي 2004 وخاصة مسألتي الخارطة الصحية واعادة تهيئة وهيكلة المؤسسات الاستشفائية بما يضمن خارطة عادلة وخدمات صحية تحقق المأمول منها وتبرر حجم الحسم على الاجور للفرص. التشديد على العدالة الجبائية ومراعاة الفوارق الاجتماعية التي اتسعت هوتها واصبحت فوق الاحتمال. اعادة النظرفي السياسة التعليمية واعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية العمومية شكلا ومضمونا وتشريك الطرف النقابي في اعداد التصور ورسم الملامح وضبط الاهداف وعدم الاذعان للإملاءات الخارجية التي اتخذت من هذا الفضاء الاستراتيجي مدخلا لصهرنا في منظومة التابع المسلوب الشخصية والارادة. تأكيد ضرورة ايفاء الاتحاد العام التونسي للشغل بدوره الطلائعي في دعم مكونات نسيج المجتمع المدني المناضل وخاصة منها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان واسنادها ودعمها لتنجز مؤتمرها الخامس وفك الحصار المضروب على مقراتها وفروعها ومقرها المركزي وكذلك على مناضليها. المطالبة بفك الحصار المضروب على منطقة الحوض المنجمي وسراح جميع المساجين والموقوفين دون قيد او شرط والتعويض عنهم ماديا ومعنويا. الاعتزاز بالانتماء الى الاتحاد العام التونسي للشغل صرحا من صروح النضال من اجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. علوية القانون الاساسي والنظام الداخلي للمنظمة صمام امانها واحترام سلطات قرارها والاحتكام اليها عند الاختلاف سبيلها للحفاظ على وحدتها. تأكيد الدور الحاسم للاعلام وضرورة العمل بجدية على تطوير جريدة الشعب حتى لا تصبح جريدة السائد كما يردد الكثيرون. هذا ونشير الى انه وبعد النقاش الساخن الذي لف اشغال الهيئة الادارية الجهوية وخاصة في جزئها الثاني بتاريخ 24 جويلية 2008 والذي واكبه ايضا الاخ المولدي الجندوبي الامين العام المساعد المسؤول عن الدواوين والمنشآت العمومية وممتلكات الاتحاد والذي قدم بدوره خلالها عرضا حوى اطوار المفاوضات الاجتماعيه بقسمه واجاب عن بعض التساؤلات التي تم طرحها وكان عنصر اضافة ومساعدة جدية في انجاح اشغال الهيئة الادارية وتمت المصادقة على كل اللوائح والبيانات بالاجماع وعلى ذلك اسدل الستار على الهيئة الادارية الجهوية بجندوبة.