شكلت معركة القانون التوجيهي للتعليم العالي متبوعا بأمره التطبيقي والمطالب المادية الخصوصية لمدرسي القطاع اهم ركيزتين للحركة المطلبية لنقابتنا طوال السنة الجامعية المنقضية، وواصل الجامعيون خلالها تحركاتهم الاحتجاجية ضد تعنت سلطة الاشراف في الاستجابة للمطالب وضد طريقتها في ادارة التفاوض، فكان اضراب يومي 19 و 20 نوفمبر 2007 المحطة النضالية الابرز أردفتها تحركات اخرى جهوية ومحلية الي جانب الحملات الاعلامية والايام الدراسية والشكوى لدى منظمة العمل الدولية... وقد قادت كل تلك الانشطة والتحركات الطرف الوزاري الى مراجعة موقفه مراجعة جادة وان كانت نسبية بخصوص المطالب المادية وبخصوص علاقته بنقابتنا. المطالب المادية الخصوصية: بخصوص هذه المطالب، نجحت الجامعة العامة في حمل سلطة الاشراف على تغيير مواقفها منها بصفة جدية وذلك من الانكار الى الانصات ثم الاقرار، كما نجحت في ان تجعل قيادة الاتحاد تتبنى هذه المطالب وتضعها في مقدمة المطالب الخصوصية لهذه الجولة من المفاوضات الجماعية ثم تمكنت خلال هذه الصائفة من اقناع الطرف الحكومي بوجاهة هذه المطالب وبضرورة ادراجها ضمن المطالب الخصوصية التي تهم اساسا أربعة قطاعات والتي سيقع التفاوض في شأنها خلال هذه الجولة التفاوضية التي تشارك الجامعة العامة في مختلف مراحلها (اللجنة الفنية ثم اللجنة العليا) وذلك رغم رفض سلطة الاشراف امضاء محضر اتفاق معنا بحجة وجود ازمة تمثيل نقابي، وما يهمنا اكثر من الاقرار المبدئي بحقنا في الزيادة الخصوصية، هو مقدارها الذي يجب ان يكون معتبرا ومجزيا للمجهود الاضافي الذي يطلب من الجامعي في أداء مهامه، وتحقيق ذلك لا يتوقف على التفاوض بكفاءة واقتدار فحسب، بل يتطلب التفاف الجامعيين بمختلف مشاربهم حول هياكلهم النقابية في النضال الميداني متى لزم الامر. البرنامج الدراسي: كما تميزت السنة المنقضية بمواصلة البرنامج الدراسي للجامعة العامة وذلك في اطار العمل التقييمي لمسيرة ومردود الجامعة التونسية عبر الخمسين سنة التي مرت على نشأتها. تم ذلك انطلاقا من الندوة التي نظمت حول الحريات الاكاديمية واسفرت عن توصية انشاء مرصد لتلك الحريات نعمل على تجسيمه وإعلان بدء نشاطه بمناسبة احياء 5 اكتوبر اليوم العالمي للمربي، وسيتواصل البرنامج الدراسي بمناسبة خمسينية الجامعة التونسية بأشكال متعددة خلال هذه السنة، الى جانب العمل الدراسي الذي علينا القيام به استعدادا ومواكبة لصدور القوانين الاساسية الخاصة بمختلف اسلاك التعليم العالي، كما نزمع الشروع في تقييم أولي ومرحلي لمنظومة «أمد» التي تدخل خلال هذه السنة في نهاية تطبيق مرحلتها الاولى بالنسبة لعدد من المؤسسات الجامعية. المستجدات: كما شهدت نهاية السنة الجامعية المنقضية وفترة الصيفية مستجدات عديدة علينا ان نقف عند اهمها واستخلاص المواقف المستوجبة بخصوصها: ففي موضوع الشكوى التي تقدمنا بها الى منظمة العمل الدولية لحل مسألة تمثيلية نقابتنا للقطاع والحق النقابي والحق في التفاوض صدر تقرير اولي في جوان 2008 عن لجنة الحرية النقابية بالمنظمة الدولية تطالب فيه الحكومة التونسية بالتفاوض مع الجامعة العامة وبإبرام اتفاق بين الطرفين حول جملة المطالب العالقة وبإدراج المطالب المادية الخصوصية في المفاوضات الجارية، كما طالبت اللجنة الحكومة بمدها ببعض التوضيحات حول بعض المسائل الغامضة وغير الموثقة والحجج الواردة في ردها على شكوى الجامعة العامة، وطالبتها بالعمل على غلق الملف القضائي في اسرع وقت وانهاء كل اشكال الميز والعقاب ضد الجامعيين بسبب انتمائهم الفكري ونشاطهم النقابي. على صعيد اخر عملت وزارة الاشراف على استصدار الامر التطبيقي المتعلق بتنظيم الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث (أمر عدد 2716 لسنة 2008 مؤرخ في 1 اوت 2008) وذلك دون استكمال مراحل التفاوض المتفق عليها بشأنه مع الجامعة العامة، فجاء دون طموحات الجامعيين ولم يستجب لرؤية ومقترحات النقابة الا في جزء يسير منه، كما استصدرت الوزارة اوامر تتعلق بالتعليم العالي الخاص وبإحداث الوكالة الوطنية للنهوض بالبحث والتجديد وبالانتحال العلمي (Plagiat) وبشروط الترشح للجان الانتداب. هذا الى جانب ما صدر عن الوزارة من نصوص تخص الساعات الاضافية وتعميم الترفيع في ساعات العمل للملحقين واجراءات اسناد صفة استاذ متميز... وكانت الجامعة العامة قد اجرت اتصالات مع سلطة الاشراف في هذه المواضيع واصدرت بيانات ومواقف في شأنها في الابان. من ناحية اخرى استغلت وزارة الاشراف فترة العطلة الصيفية لاحالة عدد من الزملاء النقابيين على مجالس التأديب على اساس تُهَم كيدية ومضخمة وتدخلت الجامعة العامة الى جانب المكتب التنفيذي قصد ايقاف الاجراء ومازالت تتابع هذا الملف. كما واصلت الوزارة تطبيق توجهها الانتقائي في التمديد في سن التقاعد للجامعيين على اسس غير علمية وغير موضوعية، وهو موضوع المتابعة بالتنسيق مع المكتب التنفيذي للاتحاد. لئن تمكنت الجامعة العامة من تحقيق عدد من المكاسب النوعية خلال السنة المنقضية والسنة التي سبقتها فذلك بفضل الدرجة المتقدمة من النضج والنضالية التي أعرب عنها الجامعيون والفعل التراكمي لتحركاتهم المشروعة والمدروسة. واعتقادنا اننا قادرون خلال المرحلة القادمة وهذه السنة الجامعية بالذات على تحقيق المزيد من المكاسب كمّا ونوعا ان نحن واصلنا على نفس النهج الصحيح الذي التزمنا به الى حد الان: ثبات على المبدإ، مطالب مستحقة، يقظة متواصلة واشكال نضالية متنوعة ومتناسبة وذلك من اجل: زيادات مجزية في الاجر قوانين اساسية تضمن ظروفا ملائمة للتدريس والتأطير والبحث. علاقة أرقى مع سلطة الاشراف اساسها الاعتراف الصريح بالحق النقابي.