للاجتماعات العامة طقوس وعادات معروفة سلفا وتكاد تكون هي نفسها من القيروان إلى بن قردان. وفي الاجتماع العام الحاشد لأعوان الشركة التونسية لصناعة السيارات الذي انعقد مساء الخميس 16 أكتوبر 2008 بقاعة الاجتماعات الكبرى بدار الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة حضرت هذه الطقوس والعادات ولكن حضرت معها أشياء أخرى أهم أكدت قبل انطلاق فعاليات الاجتماع تفرد الاتحاد العام التونسي للشغل كمنظمة عتيدة ومشعة . والبداية كانت بالعدد الهائل من أعوان الشركة الذين جاؤوا مرددين بصوت واحد شعارات تمجد الاتحاد العام التونسي للشغل. فاستمعنا إلى «بالروح بالدم نفديك يا اتحاد .. اتحاد مستقل والشغيلة هي الكل.. يا حشاد يا شهيد على دربك لن نحيد..» الأخ المهدي المكني : نستمد قوتنا من اتحادنا ..والستيا مستهدفة وأكد ان المرحلة الحالية لم تعد تسمح بالسكوت نشاز هذه المجموعة التي فيها من ليس له علاقة أصلا بالاتحاد وان التصدي لها سيكون بحزم حتى نمنع تكرار هذه الأشياء في الستيا. وأضاف ان هناك عملية منظمة تستهدف المؤسسة لإضعافها وبث البلبلة فيها من اجل التشجيع على التفريط فيها بابخس الأثمان وقال إننا كنقابة أساسية متفطنون لهذا الأمر وسنمنع حصوله بتوحد كل الأعوان خلف موقف نقابي موحد يدعو إلى المحافظة على حقوق الأعوان مهما كان الظرف الذي تمر به المؤسسة التي بنت مجدها بجهود أعوانها وعرقهم وتضحياتهم. وعبر من جانب آخر عن امتعاض أعوان الستيا والنقابة الأساسية من عدم الاستجابة إلى مطالبهم في عقد جلسات عمل هادفة وعملية وليس صورية بسبب تعمد ممثلي البنوك التغيب في كل مرة وحمل مسؤولية ذلك إلى التفقدية الجهوية والسلط الجهوية.وانتهى به الحديث عند المناولة والمفاوضات الاجتماعية والمطالبة بمنحة خصخصة المؤسسة في حال تم التفريط فيها. مثنيا على وقوف الاتحاد الجهوي للشغل إلى جانب أعوان الستيا ونقابتهم الأساسية في كل الخطوات النضالية التي خاضوها. الأخ الطاهر البرباري : نعم تم التفويت في الستيا لكن ؟ اعلن عن مشروع حكومي للتفويت في البقية المتبقية من المؤسسات العمومية ومن بينها الستيا التي قال بشأنها ان المعلومات التي بحوزته والتي لا يرقى إليها الشك تفيد انه تم في مرحلة أولى التفويت فيها ولكن تم العدول الذي لا يعني أبدا غلق باب خصخصتها وطمأن الأعوان على ان حقوقهم ستظل محفوظة وفق ما جاء به القانون الأساسي. وقال ان الجامعة العامة للمعادن موجودة أصلا من اجل حسم مثل هذه الملفات لما فيه صالح العمال ومنعهم من الوقوع فريسة أي عملية خصخصة للمؤسسات العمومية يتضررون منها . فعاد الهدوء عندها للقاعة واستغل الأخ الطاهر البرباري ذلك للتذكير بالأهمية الحيوية اجتماعيا واقتصاديا للستيا واصفا إياها بالركيزة الأساسية في اقتصاد البلاد ومطمئنا الأعوان على مصيرهم مطالبا إياهم بمزيد النضال و التوحد خلف نقابتهم الأساسية لإيجاد حلول نهائية لبعض المعضلات التي مازال لها وجود في المؤسسة ومنها خاصة المناولة واستشهد في هذا الباب بالمكسب المحقق في شركة الفولاذ والمتمثل في فرض الطرف النقابي على إدارة الشركة انتداب 32 عاملا كانوا يرزخون تحت جحيم المناولة. مقدما اعتذاره على سوء الفهم وشاكرا المكتب التنفيذي الجهوي عن سعة الصدر ورحابته. الأخ احمد المزروعي : قال وللنضال من أجلكم مستعدون لن أضيف جديدا حين أقول ان الستيا كانت ولا تزال تمثل هرما اقتصاديا وعمودا يصعب كسره أو فصله عن الأعوان. لان الستيا هي أعوانها وهؤلاء هم الستيا. وبفضل تضحياتهم وإخلاصهم لها ونضالهم صحبة النقابات الأساسية المختلفة في المؤسسة بدعم من الاتحاد الجهوي أمكن تحقيق عديد المكاسب النقابية المعتبرة التي تعد مفخرة بحق أتى بها توحدنا معا خلف استراتيجية نضالية نقابية محكمة. لذلك هذه فرصة حتى نذكر الجميع ان كل ما تحقق من مكاسب في الستيا لم يكن هبة إدارية وإنما صنيعة عمالية ونقابية صرفة. وأضاف ان خصوصية المرحلة بما يرافقها من إشاعات يومية مغرضة تجعل الأعوان محقين في النبش في عديد الملفات التي تهمهم وقال اذا لم يتحدث اعوان الستيا الذين هم أبناؤها عن سوء التصرف في المؤسسة ان وجد وعن حصصهم في الانتاج وحقهم في منحة الخوصصة وإصرارهم على رفض المتاجرة بهم اعتمادا عن سلاح المناولة الفتاك والمنتهك لأبسط حقوق الإنسان ، وتمسكهم بالتامين الجماعي وإلحاحهم على التعجيل بتحريك المفاوضات الاجتماعية . فمن سيتحدث عن كل هذا وأكد على ان الإنصات لمشاغل أعوان الستيا ومتابعة مشاغلهم والشعور بمعاناتهم عن قرب يعتبره الاتحاد الجهوي واجبا مقدسا سنواصل المضي فيه حوارا ونضالا حتى الاطمئنان النهائي على الحقوق الكاملة لأعوان الستيا الأخ محمد الجدي : عندنا أغلى العمال عاد بالحضور إلى كلمة كان يقولها باستمرار في الجلسات المنعقدة في تونس أو في مقر الولاية وهي سوسة هي الستيا والستيا هي سوسة وأضاف لا يمكنني تصور مدينة سوسة بدون هذه المؤسسة العريقة المميزة في نضالها ورجالها ومناضليها النقابيين وحتى في اجتماعاتها مثلما هو حاصل الآن. وأكد ان الاجتماع فرصة للأعوان ليتحدثوا بصراحة ودون رقيب وبلا خوف قائلا ان دار الاتحاد ليست دار أفراح رغم أننا نحب الفرح ولكنها دار مناضلة مهمتها الأساسية احتضان العمال بمختلف مشاربهم ومؤسساتهم والإحاطة بهم والبحث عن الحلول الفاعلة لمشاكلهم متى وجدت .فاهتزت القاعة على وقع هذا الكلام الرصين والمسؤول بالهتافات التي تمجد الاتحاد . بعد ذلك طالب الأخ محمد الجدي أعوان الستيا بضبط النفس والتنبه العقلاني المسؤول لكل ما يحاك داخل وخارج مؤسستهم. وقال ان المسالة هي أعمق من مجرد فرضية كبيرة للتفويت في مؤسسة عريقة في الجهة. وحصر عمق المسالة وجوهرها في السياسة الخاطئة المبنية على التفويت في المؤسسات العمومية مهما كان نوعها وطبيعة إنتاجها. وطالب بضرورة وضع حد لهذه السياسة لان كل النظريات المتخلفة منها والمتقدمة في علم الاجتماع الصناعي تقول ان مؤسسة بنيت على كاهل وجهود وتضحيات العمال لا يمكن التفويت فيها والانتقال بها إلى مرحلة أكثر سوداوية وقتامة . وأضاف مؤكدا على ان تواصل إدخال مؤسساتنا العمومية في مخبر تجارب التفويت للخواص سيكون له انعكاس نفسي كبير على آلاف العمال من شانه ان يؤثر بدوره سلبا على المر دودية العامة للإنتاج داخل تلك المؤسسات. وعرج مذكرا المجتمعين من أبناء الستيا بتوجه الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لم يكن يوما عدوا للمؤسسات بل كان دوما مناديا بأعلى صوت بضرورة تقدمها وازدهارها وفق شراكة مسؤولة تضمن في المقابل حقوق العمال وتساهم في خلق مناخ اجتماعي سليم يعود بالنفع على بلادنا التي يحبها النقابيون كما لم يحبها احد ويعمل فيها العمال بكل جد كامل أيام الأسبوع بما في ذلك يوم الأحد .مبديا احترازه الشديد في المقابل على التناقض الحاصل بين درجة النمو التي يشهدها مجتمعنا الراقي وبين التقهقر بوضعية العمال إلى الوراء وحمل مسؤولية ذلك الى عدم وجود حماية حقيقية فعلية للعمال خارج إطار الاتحاد ونجاح السماسرة في التحول إلى اخطبوط ولوبي مهيمن أصبح يطمح إلى خصخصة العمال بعد استثماره لخصخصة المؤسسات.وقال ان هذا لن يحدث مادام على الخارطة النضالية في بلادنا منظمة مشعة هي اتحادنا العظيم. وعرج بعدها على ملف التشغيل الذي أصاب معظم التونسيين بمرض الاكتئاب النفسي نتيجة استحالة الحصول على شغل كما توقف عند التقاعد المبكر للعمال وخطورة ذلك على صيرورة المؤسسات وعلى جراياتنا في قادم السنوات . ودعا الأخ محمد الجدي المجتمعين إلى ضرورة التعاطي مع وضع الستيا كجزء من كل وليس كلا من جزء باعتبار وجود مؤسسات أخرى تعيش نفس الصعوبات وهذا يتطلب تضامن كل العمال في كل القطاعات حتى نتحول بالنضال ونرتقي به من نفسه الفردي إلى نفس جماعي نادينا به كثيرا في الاتحاد الجهوي الذي لن يتخلى عن دوره في دعم العمال ونقاباتهم الأساسية وذلك حتى يظل مثلما تعودتموه المتنفس الحقيقي والحضن الدافئ لتحركاتكم ونضالاتكم . وحصر في خاتمة حديثه أهم المحاور المتفق عليها في الاجتماع والتي تحتاج الى حلول وهي : * ترسيم ما تبقى من الأعوان الوقتيين وإدماج عمال المناولة ضمن أعوان المؤسسة * التوزيع العادل في حصص السوق الداخلية من الحافلات والشاحنات الخفيفة والثقيلة * الدخول في المفاوضات الاجتماعية في اقرب الآجال. * منحة خصخصة المؤسسة. وتنقيح القانون الأساسي. معلنا قرار دخول أعوان الستيا في إضراب شرعي وقانوني يومي 29 و 30 أكتوبر 2008 بمقر المؤسسة وهو قرار تم التصويت عليه بالإجماع وقوبل بارتياح شديد من قبل الأعوان . علما ان وقفة احتجاجية تم الاتفاق عليها أيضا في الاجتماع تستغرق ساعة في المؤسسة قد تم تنفيذها وحققت أهدافها المرجوة