في يوم الاثنين 12 جانفي الجاري، لم تكن الأحوال الجوية عادية بسليانة، فلقد تهاطلت الأمطار بغزارة على امتداد ساعات عديدة ممّا أدّى إلى فيضان بعض السيول وانقطاع بعض الطرقات. في ذلك الوقت كان التلاميذ بمدارسهم مطمئنين، يتابعون دراستهم في الظروف الاعتيادية، حتى الساعة السادسة مساء. لم يدر بخلد أي ممّن يقطن بعيدا أنّ سوء الأحوال الجوية قد يعوقه عن العودة إلى البيت وإلاّ لكان سارع بمغادرة المعهد ولو أدّى به الأمر الى التضحية ببعض الحصص الدراسية لتأمين وسيلة نقل تعود به إلى البيت. لذلك كانت مفاجأة هؤلاء التلاميذ الذين يقطنون بعيد الجيرة عندما علموا بأنّ الطريق مقطوعة وأنّ وسائل النقل لا تجتازها، وتحولت المفاجأة الى حيرة عندما تناهى إلى علمهم خبر انقلاب حافلة نقل زملائهم، فرأوا أن أسلم قرار هو المبيت بسليانة، فتحولوا إلى دار الشباب التي أوى مديرها مجموعة منهم بحسب ما تسمح به ظروف تلك الدار، وقبل مدير المعهد الثانوي ايواء مجموعة أخرى في حدود الإمكانات المتوفرة، وسعت مجموعة أخرى إلى المعهد الثانوي 2 مارس 34 بسليانة، ممنية النفس بأن يتم إيوائها تلك الليلة حتى تتجنّب برد الليل ومطره وظلامه وخطره، ولكن أملهم خاب عندما أقفل مدير المعهد الباب في وجوههم بكل برود. لم يكلّف نفسه حتى عناء الاتصال بالإدارة الجهوية أو بالسلط المحلية والجهوية واستشارتها في الموضوع. وما تجدر ملاحظته في هذا السياق أنّه في الوقت الذي كان المدير يتخذ هذا الموقف الغريب من التلاميذ الذين لا أستطيع لموقفه ذلك أن أقول أبناءه التلاميذ لأنّ روح الأبوة فقدت تماما في هذه المعاملة، في ذلك الوقت بالذات كان الوالي يشرف بنفسه على عملية نجدة التلاميذ الذين انقلبت حافلتهم ويتابع عملية البحث عن المفقودين حتى حوالي الساعة الرابعة فجرا فشتان بين الموقفين وشتان بين الأبوتين.