شهدت مدينة الحمامات التونسية انعقاد الندوة الأولى لنقابات كوكاكولا بالمغرب العربي يومي 5 و6 مارس الحالي، وشارك في هذه الندوة ممثلون عن نقابات كوكاكولا بتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومصر. ونظرا للتفاوت الملحوظ في الأوضاع التي يعيشها عمال هذه الشركة العالمية من بلد الى آخر من بلدان المغرب العربي والقارة الإفريقية كان من الضروري تخصيص حيز من هذه الندوة لتقديم تقارير وطنية حول الأوضاع السائدة في كل مؤسسة ومناقشة هذه التقارير بإعتبارها خطوة ضرورية من أجل تبادل التجارب بين نقابيين كوكاكولا في منطقة المغرب العربي. ويبدو من خلال التقاريرالمقدمة ان القاسم المشترك بين عمال هذه المؤسسة هو تقاضيهم لأجور لا تتناسب البتة مع مكانة هذه الشركة العالمية التي تحقق ارباحا خيالية كما ان عددا كبيرا من عمال هذه المؤسسة يعملون في ظروف غير عادية إما بصفتهم عملة عرضيين أو في إطار المناولة. ويبدو من خلال التقارير المقدمة ان ظروف العمل والعلاقات الشغلية تعد أفضل نسبيا في كل من تونس ومصر بينما هي متردية بشكل يدعو الى الانشغال في المغرب الاقصى وسيئة في مورتيانيا. وإذا كانت العلاقات الشغلية بين العمال والمشغل تنظمها إلى جانب مجلة الشغل اتفاقية مشتركة خاصة في تونس تطبق في المعامل العشرة التابعة لشركة كوكاكولا والتي تشغل نحو 3 آلاف و500 عامل مرسم إضافة الى نحو 300 عامل عرضي ينتظم نحو 90 منهم في نقابات تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، فإن عمال الشركة في مصر والبالغ عددهم نحو 7 آلاف و500 موزعين على 11 مصنعا ينتمي معظمهم الى نقابات مهنية وانتقلوا من القطاع العام إلى القطاع الخاص بعد أن تخلت الدولة عن ملكية هذه المؤسسة. أما في المغرب فيشتكي عمال المؤسسة من استبداد الادارة وغطرسة المسؤولين فيها وصمت السلطة وقد شهدت الفترة الأخيرة لجوء الأخ سعيد مزيان الذي يشتغل بهذه المؤسسة منذ 30 سنة إلى الاضراب عن الطعام لمدة 18 يوما نقل على إثرها إلى المستشفى بمدينة الدارالبيضاء، وقد أعرب المشاركون في الندوة عن تضامنهم مع الأخ مزيان الذي وجّهوا إليه رسالة مساندة وتعتبر حالة الأخ مزيان الذي اضطر للاضراب عن الطعام للمطالبة بعودته إلى العمل بعد أن طرد منه تعسفا خير مثال على الأجواء المشحونة والمظالم المسلطة على عمّال المعامل السبعة وقسم التوزيع التابعة للمؤسسة في المغرب، ويؤكد الإخوة النقابيون المغاربة أن الادارة ترفض العمل النقابي كليا وتسعى إلى ترهيب العمال ومنعهم من الإنخراط فيها وتعمد إلى نقل من ينتسبون إلى النقابات خارج مدينة الدارالبيضاء العاصمة الإقتصادية للمغرب، ورغم كل المصاعب يتمسك العمال بحقهم المشروع في العمل النقابي ويخوضون النضالات تحت لواء نقاباتهم من اجل حقوقهم مثلما حدث سنة 2008 حيث اصيبت المؤسسة بشلل تام نتيجة اضراب عمالي دام 7 أيام وقد رضخت إدارة الشركة ووقعت مع ممثلي الإتحاد العام المغربي للشغل عدة إتفاقيات تحققت من جرائها زيادة في الأجور وبعض التحسينات البسيطة التي لا ترقى إلى ما يطالب به العمال ولا تحقق نقلة نوعية في علاقة الإدارة المتوترة مع النقابة. وفي موريتانيا يشير التقرير الذي قدم إلى ان عمال المؤسسة التي بعثت سنة 1974 تشغل حاليا 94 عاملا وعاملة مرسمين و29 آخرين يعملون في إطار المناولة ولا تزال اوضاع العمال متردية حيث لم يتمكنوا من الحصول على زيادات في الاجورولا يحصلون على العديد من المنح التي يتحصل عليها غيرهم ومع ذلك فإنهم يقبلون على الانتساب الى النقابة التي تسعى جاهدة للدفاع عن مطالبهم وأمكنها افتكاك بعض المكاسب. ودارت نقاشات مطولة بين المشاركين في الندوة حول تشخيص المشاكل والمصاعب التي تواجه العمل النقابي في مؤسسات كوكاكولا في المنطقة ومن بينها التشغيل بطريقة المناولة واغلاق بعض المصانع والقمع الذي تسلطه الادارة على الشغالين في ظلّ وقوف السلطة موقف المتفرج احيانا وقمع التحركات العمالية أحيانا اخرى مثلما يحدث في المغرب. وركز المشاركون على ضرورة دعم أواصر التعاون بشكل متواصل بين نقابات بلدان المنطقة وتطبيق ما جاء في نص البيان المشترك بين مؤسسة كوكاكولا والإتحاد الدولي للصناعات الغذائية والسياحية نصا وروحا وخاصة في ما يتعلق بالاعتراف بأن «لعمال وعاملات الشركة الحق في ممارسة حقوقهم في الانخراط النقابي والمفاوضات الجماعية دون ضغط او تدخل في شؤونهم». وكذلك «ضمان اطار للنقاشات المتواصلة حول الحقوق النقابية والمسائل الاخرى المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية» وهي النقاط التي ينبغي احترامها على المستوى الوطني بين ممثلي الإدارة المحلية والنقابات بإعتبار أن ذلك هو الطريق الوحيد لإحترامها على المستوى الدولي وهو ما يعطي لإتفاقية 15 مارس 2005 معناها الحقيقي.