انتهت الى مكاتبنا في الايام القليلة الفارطة اضمامة متميزة من الاصدارات الجديدة التي تعززت بها المكتبة التونسية والعربية عموما، وتقاطعت مدارات هذه الاصدارات بين ما هو تحليل فكري ونصوص شعرية وقراءات نقدية وكذلك ترجمة لنصوص عالمية، وهذه الاصدارات هي لكل من المفكر الراحل محمد الشرفي والشاعر المنذر العيني والروائي والمترجم وليد سليمان والشاعر الهادي دانيال وايضا الشاعر والاعلامي وليد الزريبي. الاسلام والحرية في عمق خصوصيات الدين الاسلامي ومميزات الحضارة الاسلامية، وفي مدار الاصوليات المنبثقة من الدائرة الدينية وفتحا لنافذة يتبنّي فيها الاسلام على تبني مبادئ الحرية والديمقراطية ويتماشى فيها مع مقتضيات العصر، أعادت دار الجنوب للنشر اصدار المؤلف المتميز للدكتور الراحل محمد الشرفي «الاسلام والحرية» بعد ان أضاف (قبل رحيله) لمتن الكتاب جملة من التعديلات والتنقيحات التي تطلبتها المتغيرات الدولية لعل ابرزها احداث نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001 لاحالتها المباشرة والحادة على العنف الممارس باسم الاسلام. كتاب محمد الشرفي هو بحث معمق في اشكالية تطوير الفكر الديني وتحديث المجتمع الاسلامي وقد قسمه المؤلف الى اربعة فصول الى جانب المقدمة والخاتمة وتناول ضمنه الاصولية الاسلامية (الفصل الاول) والاسلام والقانون (الفصل الثاني) والاسلام والدولة (الفصل الثالث) والتربية والحداثة (الفصل الرابع) ليخلص الكاتب الى ان اللائكية هي طريق النفاذ من مأزق التوظيف السياسي للاسلام. ايروس في الرواية نافذة مهمة وأساسية تلك التي يُجتهدٌ المترجم والأديب وليد سليمان في فتحها للقارئ التونسي في حلتها المتجددة، هي نافذة الأدب اللاتيني، أدب التفاصيل وفورة الحب، وهو يُشرع ابوابا لهذا القارئ الذي يخال انه مطلع وملمٌ بدقائق أدب امريكا اللاتينية، ولهذا غامر الناشر الشاب وقام بترجمة مختارات من مقالات للكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسا المرشح لجائزة نوبل للآداب منذ سنوات. الكتاب بعنوان «ايروس في الرواية» ضم مقدمة خطية من ماريو بارغاس يوسا الى اصدقائه التونسيين الذين لم يلتقيهم، وايراد مقدمة المؤلف تأكيد من المترجم والناشر على مدى احترامه لحقوق التأليف. الكتاب ضم سبعة مقالات كانت قد صدرت سنة 1990 في كتاب بعنوان «حقيقة الأكاذيب» وقد قام بترجمتها وليد سليمان عن الطبعة الثانية التي صدرت سنة 1992، وتدور مقالات الكتاب في فلك النقد الادبي المفعم بطابع ايروسي وقد طالت رواية الموت في البندقية لتوماس مان والمحراب لوليام فوكنر ومدار السرطان لهنري ميلر وحسناء من روما لألبارتو مورافيا ولوليتا لفلاديمير نابوكوف وبيت الجميلات النائمات لياسوناري كاوباتا والمفكرة الذهبية لدوريس ليسنغ، وضمن مقالات يوسا المترجمة يقف القارئ على اسرار الكتابة الروائية ومختلف تمظهرات الايروسية في هذا الجنس الأدبي. بيت الماء عن دار النهضة العربية بلبنان صدر للشاعر التونسي منذر العيني منجز شعري اختار له من العناوين «بيت الماء» وأهداهُ الى «جنيات العالم» وضمن هذا المنجز يبرهن منذ العيني ان طريق الاختلاف هو مسربه الأوحد في فكرة نصه وايقاع كلامه وتشكيل رؤيته الشعرية وقد يكون هذا المنجز تتويجا لما قدمه ضمن مجموعته السابقة «ايقاع الصدفة» ذلك انه يذهب بعيدا في النص النثري المٌطلِّ من شرفات الشعر... حيث يعيد ترتيب سيرته امام نزق سكون الكائن ويدفع لوعته ان تمشي فوق الماء لتصل بيتها بعيدا عن ضوضاء المكرور والمعاد. كتب منذر العيني ضمن «بيت الماء»: «الصمت واحد جامد حارن جامح حالك جائع حاسم مثل مبالغة هوميرية بردا وسلاما النار تحضن صوت الخطوات». حميد سعيد بين الشعري والسياسي لم يجد هادي دانيال الشاعر السوري المقيم بتونس بدًا من توظيب كتاب متميز عن الشاعر العراقي حميد سعيد، ذلك ان هذا الشاعر يعتبر علامة فارقة في تاريخ الشعر العربي المعاصر منذ ستينيات القرن الماضي، كما ان هذا الكتاب التوثيقي هو تحية من مؤلفه الى المقاومة الوطنية العراقية، وقد أهدى الكتاب الى روح الشاعر السوري الراحل خليل حاوي. وقد ضمَّن الشاعر هادي دانيال منجزه هذا جملة من المداخل للشاعر حميد سعيد ولشعره ومواقفه من خلال الكشف عن أسرار القصيدة لدى حميد سعيد وادراج أول حوار للشاعر مع هادي دانيال وملامح من سيرته الى جانب جملة من الصور النادرة للشاعر وقصيدة بخط يده بعنوان «رسالة اعتذار الى أبي جعفر المنصور». المثقف العربي والسؤال السياسي عن الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم أصدر الشاعر والاعلامي وليد الزريبي كتابا بعنوان «المثقف العربي والسؤال السياسي» وهو في شكل استطلاع أو استبيان حاول من خلاله المؤلف ان يقف على الصورة الحقيقية للمثقف العربي ومدى عمق مواقفه وتأثيرها في حركة الفكر وفي الشأن العام السياسي او الثقافي من خلال المداخل التي حاول وليد الزريبي ان يدخل منها كعلاقة المثقف بالسلطة. وقد أصدر الشاعر وليد الزريبي خمسة مجاميع شعرية وأصدر 14 كتابا في الصحافة الثقافية وكتابا في الصحافة الفنية، ويندرج كتاب «المثقف العربي والسؤال السياسي» ضمن الصحافة السياسية.