تهانيّ لكم بحلول شهر رمضان المبارك ورجائي ان تعبروه بعقولكم فتحافظوا على أموالكم وتستروا ما في جيوبكم وتقتصدوه إلى أيام العيد وخاصّة إلى أيام العودة المدرسية، والتي سترافقها حتما فواتير الماء والكهرباء والتطهير والتلفزة والتليفون وربّما قسط التأمين الخاص بالسيارة و»زيارتها الفنية». تهانيّ الخالصة بحلول الشهر الحرام، رغم انني لا أعلم ان كان حل فجر الجمعة أو تأخر، نظرا لتعذّر الرؤية، إلى فجر السبت. والحق أقول أنّه من هذه الناحية قد أكرمنا بمراعاة ظروفنا الصيفية فأبى و»صمّم» إلاّ أن يأتي في «الويكند برولونجي» حتى يمكننا على مدى يومين او ثلاثة من أن ننام صائمين، او نصوم نائمين فنتعوّد بهذا على ذاك إلى يوم الاثنين، ووقتها يصير لكل حادث حديث، فلا تبخلوا عليّ بإضافاتكم في الموضوع، جعل اللّه صومكم مقبولا وذنبكم مغفورا ورزقكم محفوظا. وكعادتنا في مثل هذا الشهر الكريم، انقلبت الامور خلال الاسبوع الذي يختتم كما أسلفت بنهاية ممططة، وتكاثرت الحاجات والطلبات والسفرات والرحلات والتفقدات والمراجعات والمحاسبات، فما من محلّ قصدته إلاّ ووجدته مكتظا، وما من طريق سلكته إلاّ وصادفته مكتظا، حتى عيادات الاطباء والمستشفيات نالت نصيبها من الزائرين، الكل يتذرّع برمضان، فهذا يبحث عن سبيل او عذر أو حجّة للصوم رغم إصابته بالسكري والضغط وشحم الدم أو دم الشحم والسمنة والارهاق والعجز البدني، وآخر يبحث عن سبيل أو عذر أو حجّة للافطار رغم تأكّد سلامته وخلوّ بدنة من اي مرض، وثالث يبحث عن الأحوال الجوية في العشر الاوائل ورابع يحسب الأطوال الحقيقية لكلّ يوم من أيام رمضان، الذي لا أعرف ان كان حل فجر الجمعة أو تأخر لتعذّر الرؤية، الى فجر السبت. نقاش أزلي في الموضوع شهدناه كامل الاسبوع. الفلكيون وأنصار الحساب قالوا أنّه يأتي يوم السبت وقدّموا على ذلك، العديد من الدلائل ورفض آخرون منطق الحساب وتمسكوا بالرؤية التي تجنّدوا لها شيبا وشبابا منذ عصر الخميس، والكلّ مستعين بكشاف أو مسبار أو منظار أو ما شابه. أمّا الفريق الثالث فقد أصرّ على أنّ رمضان هذه السنة يحلّ، بل يجب أن يحلّ، يوم الجمعة، ومن بين أعضائه الخالة مباركة. قالت «لم يحدث، منذ ولدت ان بدأ شهر رمضان بيوم السبت» الغالب على الظن يا خالة مباركة أنّه آت يوم السبت هذا العام. أعوذ باللّه، أستغفر الله، لولا أنني اعرف أمّك وأباك لقلت لك كلاما آخر. ما المشكلة في يوم السبت؟ ألا تكفّ عن هذا الهراء. هل تعلّمت ما تعلّمت لتناقش هذه المسائل لم أناقش أيّ مسألة، يا خالة، قلت فقط انّ رمضان يمكن ان يبدأ يوم السبت. صلّي على النبي، يا ولد، اسمعيني جيّدا، أنا قلت يمكن ان يبدأ، وإذا حصل الأمر فما المشكلة؟ ما يحصلشي ولو حصل مستحيل، كيف نبدأ الصيام بيوم سبت؟ هو يوم كسائر الايام ولكن لا نبدأ به، هل سمعت يوما ان الصيام بدأ بيوم السبت؟ هو يوم كسائر الايام بل هو أول أيام الاسبوع في عدة دول إسلامية، ولا أعلم أنّ به نقيصة أو ذميمة او فيه ذكرى معينة. هو يوم مكروه من قال لك ذلك؟ عند هذا الحدّ من النقاش، انضمّ إليها بعض ممن كان يجالسنا وأيّدها في رأيها ولما سألت أحدهم ان يوضح لي المسألة اكتفى بالقول «حكاية معروفة وغير قابلة للنقاش». طيب، لكن ماذا نفعل بأيام السبت الاخرى والتي تتخلل الشهر الكريم. إنّها في «الوسط» وليست في البداية وما الفرق ان تكون هنا أو هناك تدخل أحد الحاضرين ليزيد الطين بلّة فعقّد عليّ المسألة: ليست في البداية ولن تكون في النهاية حينئذ وجب أن نحذف يوم السبت من الاسبوع «يزّي من التخلويض متاعك» أنا أحبّ أن أفهم المسألة، لماذا لا تكون البداية في رمضان بالسبت، وزدت يا عمّ فلان، فأكدّت ان نهاية الشهر الكريم لا يمكن ان تكون بالسبت. على خاطر باش نصومو، نعيّدوا! وانشاء الله، بل أكيد ان رمضان يحلّ يوم الجمعة حتى نحتفل بالعيد يوم الجمعة. إذا بدأ رمضان بالجمعة فلا يمكن ان يكون العيد بالجمعة. مالك تخرّف، هكذا عشنا وهكذا شفنا وهكذا تربينا وهذا ما ورثنا أبا عن جدّ من قاعدة . قاعدة مغلوطة وحسابيا وعمليا لا يمكن ان يكون العيد يوم جمعة إذا بدأ رمضان بيوم جمعة. نحن لا نعتمد الحساب في هذه الحالة لابدّ من الحساب الرؤية أصحّ والقاعدة ثابتة. طيب كم عدد أيام الصوم؟ هو شهر بالتمام والكمال اي ثلاثون يوما وفي بعض الحالات تسع وعشرون. فكم من يوم جمعة في الشهر؟ أربعة أو خمسة [(1 8 15 22 29) (2 9 16 23 30)]. أنا أذهب معك الى الحالتين النادرتين وأوافق على أن تكون البداية بيوم الجمعة، والنهاية كما تقول يا عم فلان بيوم الجمعة، عندئذ يكون الصائمون صاموا 28 يوما فقط. لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. انظر مليا، إذا اعتبرنا الجمعة الاول هو يوم 1 فإنّ الجمعة اثاني وهو الموالي يصير رقم 8 والثالث رقم 15 والرابع 22 والخامس 29 وليس ثلاثين، ولانّ الجمعة الخامس هو يوم العيد كما تزعم فانّ الصوم يكون قد اقتصر على 28 يوما فقط بما أنّ الجمعة الخامس هو اليوم التاسع والعشرون. عجب ! أين العجب، هذا حساب لا شك فيه ولا اختلاف، فهل صمت طوال عمرك 28 يوما فقط كل سنة؟ إذن ووفق هذا الحساب، أصبح مطالبًا بالصوم 72 يوما إضافية ضاعت عنّي بهذه الطريقة، فعمري الآن 81 سنة وبدأت الصوم في التاسعة منه. أو إطعام العدد المناسب من المساكين. الحمد لله أنّه لم يعد في البلاد مساكين مثل الذين كان يطعمهم جدّي، وإلاّ لكان لزاما عليّ انفاق ثروة من أجل ذلك. 72 يومًا إذا كانت كل رمضانات عمرك ب 29 يوما أمّا إذا كانت ب 30 يوما فيلزمك 144 يوم للتعويض. لا أظنني ارتكبت مثل هذا الخطإ، بل لقد كنت أصوم أياما كثيرة في شهري رجب وشعبان وأياما أخرى بعد العيد ويوم عرفة وغيره. تلك مسألة أنت أدرى الناس بها. استغفر الله، لقد جعلتني أشك. أنا أعرف أنّك مواظب وأنت أعرف الناس بنفسك ولكنك تتحدث عن قاعدة مغلوطة. لقد تربّينا عليها وتربّى عليها أباؤنا وأجدادنا، أنا أذكر انّ جدّي كان يردد هذه القاعدة. ربّما يقصد عيدا آخر، كعيد الاضحى فيمكن أن يصادف الاحتفال به نفس اليوم الذي بدأ فيه شهر رمضان. أو ربّما هي وجه من وجوه ايمان العجائز ابتدعه أولو الامر حتّى ييسّروا الصوم على الناس ويقصّروا مدّته في نظرهم، لأنّ الظروف الحياتية كانت أصعب وكان لابدّ من ترغيب الناس بطريقة أو بأخرى في الصوم وباقي قواعد الدين عموما. ظلّت الخالة مباركة طيلة المدة التي استغرقها النقاش مع عم فلان تنظر إليّ شزرًا وتستيعذ باللّه من الشياطين والحسابات لكنها لم تنبس ببنت شفة. حفيدها الذي كان يجالسنا همس لي أن أسألها عن سنة ميلادها. ردت بنوع من الحدّة، وهل عندك حساب خاص بها؟ لا، أنا أريد فقط أن أعرفها «تي ماهو عام الروز» أنا وحفيدك لم نشهد عام الروز هذا حتى نعرفه تحديدًا «عام لا مؤونة فيه إلا الأرز» قلت لك لم نشهده ويصعب علينا ضبطه. «عام إلّي عرّس بابا وماتت أمّي،» كيف؟ هذه حكاية لا تستطيع فهمها، افسح المجال أنا ذاهبة لقضاء شؤوني. كل عام وأنتم بألف خير وصحة وعافية.