انقضى عهد التعسف و الرأي الواحد وأصبحنا في عهد المؤسسات و التشاور.و لكن و مع الأسف لا يزال القطاع الإستشفائي الجامعي يعاني من ممارسات بالية عفا عنها الزمن وأصبحت تعيق تطور القطاع الصحي العمومي. وتتمثل هذه الممارسات بالسيطرة المطلقة التي يفرضها رئيس القسم الإستشفائي الجامعي على تسيير القسم وعلى مساعديه ومن بينهم أساتذة مساعدون وأساتذة مبرزون و أساتذة محاضرون لهم من الخبرة والكفاءة والأقدمية ما تفتخر به المجموعة الوطنية . فيعمد بعض رؤساء الأقسام الإستشفائية الجامعية إلى إقصاء مساعديهم و وضع العراقيل أمام أنشطتهم إذا ما خالفوهم الرأي أو تفرّدوا بنشاط علاجي أو بحثي معيّن وقد يصل الامر إلى تجميدهم عن النشاط ومنعهم من العمل بأساليب تعسفية وفي خرق تام للقانون حيث لا تعتمد إجراءاتهم العقابيّة على التراتيب القانونية وانما يستندون إلى الإدارة المحلية بما يمثله هذا السلوك من تصرف لا مسؤول وهدر لطاقات كبيرة بذلت المجموعة الوطنية الغالي والنفيس من أجل تكوينها وهو ما ينعكس سلبا وبصورة خطيرة على سير المؤسسة الصحية الجامعية وعلى اقتصاد البلاد. إننا نعتبر أن المقترحات التالية تمثل مشروعا لحلول ممكنة قد تساهم في تجاوز الصراعات و النزاعات داخل الأقسام الإستشفائية الجامعية: أولا: وضع حد للممارسات التعسفية لرؤساء الأقسام والتنبيه عليهم من طرف وزارة الصحة العمومية بأنه ليس لهم الحق في لعب دور الخصم والحكم في نفس الوقت ولا في إيقاف أي طبيب جامعي عن العمل إلا باحترام التراتيب التأديبية القانونية للوظيفة العمومية وإلا انقلب الوضع إلى فوضى وصراعات ونزاعات تنتهي بما يؤثر سلبا على السير العادي للأقسام الإستشفائية الجامعية وعلاج المرضى. ثانيا : تحديد صلوحيات رئيس القسم التي لا حدّ لها الى حدّ الآن نظرا لغياب النصوص القانونية المحددة لهذه الصلوحيات وملء الفراغ القانوني في هذا المجال بما يوضح مسؤولية رئيس القسم و ما يحفظ الإستقلال المهني والعلمي للطبيب الجامعي داخل القسم و ما يحفظ حقوقه من التعسف ومن تجاوزات السلطة التي يعمد إليها بعض رؤساء الأقسام. ثالثا : ترسيخ ثقافة التشاور والحوار داخل القسم الإستشفائي الجامعي و تشجيع العمل الجماعي كما ينص على ذلك القانون المنظم للمستشفيات و القانون المنظم لمخابر البحث العلمي. رابعا: إرساء هيئة قانونية في القسم الإستشفائي الجامعي هي عبارة عن هيئة القسم، تضم أعضاء القسم، وتجتمع بصورة دورية لتناقش نشاطات القسم، وتدوّن قراراتها في محاضر ترسل إلى وزارة الصحة العمومية و ذلك للتقليص من النفوذ الفردي المطلق لرئيس القسم. خامسا : إرساء مبدإ التداول على رئاسة القسم عوضا للوضع الحالي الذي و بمقتضى التجديد كل 5 سنوات وتقريبا بصورة آلية -لرئيس القسم فإنه يبقى مباشرا حتى التقاعد. وإذا أخذنا بعين الاعتبار القانون الجديد لنظام التقاعد للأساتذة الأطباء الجامعيين والذي يتيح للطبيب الجامعي المباشرة إلى سن 65 سنة فإن بعض رؤساء الاقسام سيبقون في مركز رئاسة القسم 20 سنة أو أكثر مما يؤثر سلبا على نشاط القسم. ولذلك نقترح إرساء مبدإ التداول على مسؤولية رئيس القسم الإستشفائي الجامعي و ذلك بحصرها في فترة لا يقع تجديدها إلا مرة واحدة بعد التقييم. ونقترح أن لا تتجاوز هذه الفترة 3 سنوات على غرار عميد كلية الطب أو مدير القسم بالكلية أو غيرها من المسؤوليات الوظيفيّة بالقطاع الإستشفائي الجامعي. إننا ندعو وزارة الصحّة العموميّة و النقابة العامة للأطباء والصيادلة الجامعيين للإنكباب على هذا الملف لتدارس هذه الظاهرة واتخاذ الحلول الناجعة لتجنّب هذه المظاهر السلبيّة التي تفشت مؤخرا في بعض الأقسام حتى تواصل أقسامنا الإستشفائية الجامعية أداء مهامها على أحسن وجه.