مرّت علينا هذه الأيّام ذكرى انتفاضة أهالي النفيضة ضدّ قوى الاستعمار والبغي، ذكرى شهداء النفيضة الذين قضوا دفاعا عن الأرض والعرض ورَوَوا بدمائهم الطاهرة أرض هذا الجزء الغالي من الوطن العربي. ولَطالما ردّدنا نحن النقابيون في مثل هذه المناسبات الوطنية أنّ الحق لا يتجزأ، وأنّ كفاحنا واحد وعدونا واحد من النفيضة إلى جنين إلي غزة إلى بغداد. وليس ذلك شعارا نتغنّى به فقط، وإنّما هو مبدأ ثابت في مسيرة الحركة النقابية في تونس، وفي مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل منذ تأسيسه. فالشهيد الخالد فرحات حشاد الذي أشرف على نضالات عمّال وأهالي النفيضة الخالدة هو الذي أشرف بالتعاون مع الشيخ الفاضل بن عاشور في سنة 1948 على تنظيم حملات التبرّع والتطوّع للجهاد في فلسطين دفاعا عن المقدّسات العربية والإسلامية المهدّدة آنذاك من العصابات الصهيونيّة؟ واليوم بعد مرور أكثر من ستين سنة على اغتصاب فلسطين سنوات مليئة بالمعاناة والقمع والتنكيل والجرائم الصهيونية البشعة من جهة، لكنّها حافلة بالصمود والمقاومة والتضحيات من جهة ثانية مازالت القدس تئنّ تحت وطأة الاحتلال الصهيوني البغيض، ومازال المسجد الأقصى المبارك يتعرّض للإنتهاك والتدنيس على أيدي المستوطنين الصهاينة، بل تصاعدت هذه الاعتداءات بشكل غير مسبوق حتى أنّ المسجد الأقصى بات مُهدّدا بالهدم. ولاشك أنّ دعم الدول الغربية، والصّمت المُريب والمُعيب لجلّ الأطراف الرسمية وغير الرسمية على الساحة العربية والإسلامية، كل ذلك شجع الكيان الصهيوني على التمادي في تنفيذ مخطّطاته الإجرامية بحق أهلنا في فلسطين وبحق القدس والمسجد الأقصى. نُحيي هذه الأيّام العديد من المحطّات المهمة في تاريخ منظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل: ذكرى شهداء النفيضة، وذكرى استشهاد الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد، ثمّ ذكرى تأسيس الاتحاد ليكون صرحا لمُقاومة الاستعباد والظلم وللدفاع عن قيم العدل والحرية والاستقلال. لاشك أنّنا في مثل هذه المناسبات وخلال التظاهرات والفعاليات المختلفة، نسعى إلى استلهَام الدروس والسّير على درب شهدائنا وفي مقدّمتهم الشهيد الخالد فرحات حشاد. إنّ درب حشاد هو درب التضحية والاستشهاد، نهج الدفاع عن الكرامة وعن المقدسات. واليوم نرَى كرامة العرب والمسلمين ومُقدّساتهم تُنتهك صباحا مساء، والمسجد الأقصى المبارك، مسرى نبيئنا محمد صلى الله عليه وسلم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يُقتحم ويُدنس يوميا وتُجرى تحته الحفريات ويهدّد بالهدم، وهو يستصْرخ العرب والمسلمين كافة بل وأحرارَ العالم. إنّ من الثوابت الوطنية والقومية لمنظمتنا الدفاع عن استقلال بلادنا وكذلك دعمُ مقاومة الاحتلال في فلسطين والعراق ولبنان... وكان للإتحاد دورٌ مهم في هذا المجال خلال مسيرته النضالية، وبالتالي أنّه من واجبنا القومي والديني والإنساني المساهمة في انقاذ المسجد الأقصى من برَاثن الاحتلال الصّهيوني. ونحن إذ نُبارك بعض التحركات المناصرة للقدس والأقصى، ندعو إلى تفعيل دور الإتحاد، انطلاقا من ثوابته الوطنية والقومية، في التصدّي للمخططات الاستعمارية والصّهيونية، وفي مقاومة التطبيع مع العدوّ الصّهيوني، وفي الدفاع عن المقدسات العربية والإسلامية، وذلك بإقامة التظاهرات والتجمعات الشعبية وحملات التبرع والتطوع دعما لصمود أهلنا الصّامدين والمُرابطين. كما ندعو إلى تفعيل دور الاتحاد في الدفاع عن فلسطينوالقدس والأقصى لدى النقابات والمنظمات الدولية. عاش الاتحاد العام التونسي للشغل خير مناصرٍ لقضايا أمّتنا عاشت فلسطين عربيّة من النّهر إلى البحر المجد والخلود لشهدائنا الأبرار