نظّم قسم النزاعات والتشريع والدراسات والتوثيق يومي 23 و24 ديسمبر 2009 بأحد النزل بالحمامات الشمالية وبإشراف من الأخ حسين العبّاسي الأمين العام المساعد المسؤول عن القسم وبحضور الأخ عباس الحناشي الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بنابل، ورشة عمل نشّطها الأخ المنجمي العمامي المدير التنفيذي للقسم. وتناولت البحث في المتطلّبات البيداغوجية والتنظيمية لتملّك مفهوم المسؤولية المجتمعية. ومثلت هذه الورشة، التي حضرها بالمناسبة الأخ محمد السحيمي الأمين العام المساعد المسؤول السابق عن القسم والمسؤول الحالي عن قسم العلاقات الخارجية، حلقة جديدة من التمشّي الذي كان القسم قد انطلق فيه ونظّم حوله نشاطات موجّهة للإطارات النقابية عبر استكمال إعداد 15 منشطّا حول المسؤولية المجتمعية للمؤسسة. ومنذ البداية، رسمت الورشة لنفسها مجموعة من الأهداف تركّزت بالخصوص على تهيئة وإعداد هذا الفريق من المنشطين الذين ينتمون إلى قطاعات البنوك، التعليم الأساسي، المعاش، الفلاحة، أطباء الصحة، البريد، التعليم الثانوي، الكهرباء والغاز، النقل، المعادن، السكك الحديدية، الصحة العمومية، المهن والخدمات والشباب العامل. هذا الفريق المتجانس الذي انقسم إلى فرق عمل سيعمل بالتنسيق مع القسم على امتداد 3 أشهر على ملاءمة أدلة التكوين التي أتى بها دليل المنشط النقابي حول المسؤولية المجتمعية للمؤسسة مع مقتضيات التشريع التونسي والواقع المحلّي وسيعدّ وسائط بيداغوجية لفائدة التكوين والتنشيط موجّهة للإطارات النقابية وخاصة النقابات الأساسية. افتتح الورشة الأخ الحسين العبّاسي الذي وضعها في إطارها العام مذكّرا بالنشاط التكويني السابق الذي شارك فيه الفريق الحاضر حول تملّك مفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسة والإعداد الجيّد لهم للتوجّه فيما بعد إلى النقابيين لتكوينهم، وأشار إلى العراقيل التي من الممكن أن تعترض هذا الفريق والإمكانيات التي سيوفّرها الإتحاد لتذليلها وتسهيل المهام بما أنّه ليس بالأمر الهيّن أن تقع ملامسة مسائل ومواضيع جديدة يخوض فيها الإتحاد. الأخ عبّاس الحناشي أشار في مداخلته إلى أهمية هذا الموضوع باعتباره يفرض نفسه في كل الأوقات وليس فقط في أوقات الأزمة بين أصحاب العمل والنقابات بما أنّه أيضا يمسّ كلّ الجوانب المحيطة بالمؤسسة. خطّة عمل انطلقت الورشة بعرض للمستجدّات الأخيرة حول خطّة العمل المتعلّقة بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسة قدّمه الأخ المنجي العمامي، أوضح فيه عناصر تطوّر هذا المفهوم بتونس وأسباب مساندة الإتحاد له رغم الجدل القائم حوله، لما فيه من مبادئ وقيم مطروحة كاحترام معايير العمل الدولية وحماية البيئة، الى جانب أنّ هذا المفهوم يساعد على إرساء حوار بنّاء حول عدّة مسائل مثل التكوين المهني والنهوض بالموارد البشرية وضمان الصحة والسلامة المهنية والمساواة بين الرجال والنساء في المعاملة علاوة على المحافظة على البيئة. وأبرز الأخ العمامي أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل يرى أنّ المسؤولية المجتمعية للمؤسسة هي بامتياز أداة للتحديث النقابي باعتبارها تساعد على التأسيس لنظرة جديدة لدور المؤسسة في المجتمع وتوفّر توازنا بين الهدف الاقتصادي للمؤسسة والمقتضيات الاجتماعية والبيئية والإنسانية التي لا يمكن إنكارها وبالتالي ستتكوّن مقاربة مجتمعية جديدة للمؤسسة تقوم على مفهوم المواطنة في اتّجاه يعدّ أكثر عدل وثراء وتنوّع. وأشار المحاضر في عرضه للوسائل البيداغوجية المعتمدة للنهوض بثقافة المسؤولية المجتمعية للمؤسسة أساسا ودليل تكوين المنشطين الذي تمّ إعداده مع مركز «طورينو» للثقافة العمّالية بإيطاليا التابع لمنظمة العمل الدولية والذي تضمّن 5 وحدات عمل تعلّقت بمسائل الحوار الاجتماعي والتكوين المهني والمساواة في المعاملة يبن النساء والرجال والصحة والسلامة المهنية والمحافظة على البيئة، وهي نفس الوحدات التي سيشتغل عليها فريق العمل المشارك في هذه الورشة على امتداد 3 أشهر بالتنسيق مع القسم. المشاركون في الورشة ذكّروا بتخوّفاتهم السابقة خاصة تجاه رفض أصحاب العمل الى حدّ الآن القبول بمنطق المسؤولية المجتمعية للمؤسسة وأساسا في القطاع الخاص الذي مازال مقيّدا بلغة لا تعترف بلغة القانون والحوار الجماعي وتبحث عن الربح الأقصى بكل السبل، مشيرين إلى ضرورة ملامسة أكثر عدد ممكن من النقابيين واعتماد أساليب مبسّطة في شرح وتبليغ مفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسة. مساهمة الأخ محمد السحيمي الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم العلاقات الخارجية، والذي كان حاضرا في فعاليات الورشة، ساهم بقسط وافر في الأشغال وأكّد أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل من حقّه أن يستفيد من المؤسسة لجعلها مؤسسة مواطنة تقوم على الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي وكذلك السياسي مشيرا الى الفضل الكبير للنقابيين في تنبّههم لأن يكون التمشّي حول المسؤولية المجتمعية تمشّ سليم لا يمسّ قوانين الشغل المحلية والدولية، ووعد بأن قسم العلاقات الخارجية سيدلي بدلوه في هذا الموضوع ومن ذلك التنسيق من أجل التعاون مع النقابات الدولية حول موضوع المسؤولية المجتمعية للمؤسسة. «إيزو 26000» خلال الحصّة الثانية لليوم الأوّل للورشة، ناقش المشاركون سبل ملائمة وتحيين مصوغات دليل المنشط حيث اتفقوا على تعديل مصطلحاته التي لا تتماشى والواقع التونسي بما أنّ ترجمة مفرداته كانت ترجمة شرقية، لذلك سيكون عمل اللجان في إحدى عناصره منصبّا على تعديل المصطلحات لتتطابق من جهة مع المرجعيات الوطنية والدولية من جهة أخرى. ثمّ قدّم الأخ المنجي العمامي عرضا ثانيا حول مراحل إعداد المواصفة الجديدة «إيزو 26000» التي لم يُصادق عليها بعد والتي تُعتبر إحدى المرجعيات للمسؤولية المجتمعية للمؤسسة. هذه المواصفة الدولية والصادرة كمشروع عن المنظمة العالمية للتقييس، بدأت مرحلة الإعداد لها منذ 2005 لتعالج مجموعة من المواضيع المرتبطة بمسائل مجتمعية وبيئية تهدف للنهوض بالتنمية المستديمة، وقد شارك في صياغتها أكثر من 400 خبير من 80 دولة يمثّلون أصحاب العمل، العمّال، الحكومات، المنظمات غير الحكومية، المستهلكين ومراكز البحث والجامعات. والملاحظ أنّ البلدان النامية والتابعة هي الأكثر في الإنخراط في هذا المشروع باعتبار أنّ الخروقات والتجاوزات آتية من البلدان المصنّعة وبالتالي فإنّ أكثر الإحترازات حول هذه الآلية آتية من النقابات بسبب التخوّف من أن تعوّض هذه الآلية قوانين الشغل والمعايير الدولية للعمل. إلاّ أنّه في المقابل تبقى صفة هذا المشروع الدولية دلالة على قيمتها الإعتبارية لاعتمادها كمرجعية للجوانب الإجتماعية والبيئية والإنسانية. كما استعرض المحاضر آخر المستجدّات حول هذا المشروع الذي تناوله اجتماع ماي 2009 وتقريرا عن نتائج التصويت للإنتقال أو لعدم الإنتقال إلى مسودة مواصفات قياسية دولية وهي المرحلة الرابعة من مراحل صياغة المواصفات القياسية. وقد ناقش المشاركون، بعد هذا العرض، جملة التخوّفات حول هذه المسألة وخلفيات صدورها التي من الممكن ان تنزع شيئا فشيئا المعايير الدولية للعمل والتي لها صبغة إلزامية، الأمر الذي يستدعي وجوب الإحتياط والتنبّه، خاصة وأن أي مبادرة مثل هذه لها بالتأكيد خلفيات تدافع عن مصالح مطلقيها رغم المضامين الرنّانة. أدوار ومهام انقسم المشاركون الخمسة عشر إلى مجموعات تناولت كلّ مجموعة منها مسألة المعايير الدولية والمسؤولية المجتمعية للمؤسسة والحوار الإجتماعي والنهوض بالمساواة والتنوّع في مكان العمل واحترام شروط حفظ الصحّة والسلامة المهنية وبتنمية الموارد البشرية وتطوّر الكفاءات ومجموعة خاصة بالبيئة. وخلال اليوم الثاني للورشة، قدّم المشاركون الخطوط العامة لمنهجية وعمل هذه المجموعات وجملة الصعوبات والحدود التي يطرحها كل عنوان مجموعة في علاقة بحقوق العمّال ومكتسباتهم وارتباطها بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسة. وستقوم هذه المجموعات بالعمل على التعمّق في الموضوعات المذكورة على امتداد 3 أشهر وسيتابع القسم أعمال كلّ مجموعة والتي ستركّز خلال أشغالها على صناعة أدوات بيداغوجية للمساعدة على عملية التنشيط كما ستستعين بباقي أقسام الإتحاد ذات العلاقة بموضوع البحث مثل قسم الصحة والسلامة المهنية، إلى جانب الإستعانة بمنظمات المجتمع المدني لتسهيل هذا العمل وتحضير تمارين ملائمة للواقع. وقد شدّد الأخ المنجي العمامي في هذا الإطار على التركيز في العمل وضبطه في الآجال المحدّدة ليقع فيما بعد تنظيم جلسة عامة للمصادقة على هذه الأعمال المبرمجة. وفي ختام الورشة، نوّه الأخ حسين العبّاسي بلُجمة فريق العمل وبالجوّ الأخوي الذي ساد ثالأشغال وساعد على إنجاحها وشدّد على أن يكون هذا العمل مُوجّها إلى المناطق ذات الكثافة العمّالية لملامسة النقابات التي تنشط فيها وأكّد أنّ أدوات العمل المطلوبة ستكون متوفّرة سواء من القسم أو من باقي الأقسام الأخرى حتى يكون المشروع في النهاية ناجحا ويأخذ الصدى المطلوب.