أضحت ظاهرة التقليد ظاهرة عالمية حيث طالت 10 بالمائة من حجم المنتجات العالمية، وتعود مصادر هذه السلع بالأساس إلى القارة الاسياوية لاسيما الصين لكنها تفرعت وانتشرت حاليا في عديد بلدان العالم عززها التطور التكنولوجي حيث أصبحت المنتجات تباع أيضا بالاعتماد على الأنترنات. ولم تكن تونس بمنأى عن هذه الظاهرة إذ أصبحت فضاء لترويج منتجات مقلدة لعلامات وطنية وأجنبية تتأتى أساسا عن طريق التوريد. وتجدر الإشارة إلى أن أهم وأبرز القطاعات التي تتعرض للتقليد هي مواد التجميل والصحة إلى جانب المواد الحديدية والصحية وهي المواد التي تتواجد في طليعة المواد المقلدة الى جانب المواد الكهربائية والمنتجات الجلدية هذا بالإضافة إلى المواد الغذائية والمواد المكتبية وكذلك المواد المنزلية والكهرومنزلية وقطع الغيار، علما وأن المواد الحديدية والمواد المكتبية يقع صناعة معظمها في تونس وتحمل ماركات تونسية إلا أنها وللأسف تتعرض إلى ظاهرة التقليد وتدخل السوق التونسية عن طريق التوريد. أكثر من 4.6 مليون وحدة من منتجات مقلدة وقد عالجت الإدارة العامة للمنافسة والمراقبة الاقتصادية 64 عريضة من جملة 76 عريضة واردة في شأن ممارسات التقليد وأجرت 18 ألف زيارة تفقد أفضت إلى مصادرة أكثر من 4.6 مليون وحدة من منتجات مقلدة ومعدات تستعمل لصناعتها ورفع أكثر من 1650 مخالفة اقتصادية في شأنها، كما نظمت 15 حملة مراقبة قطاعية وقامت ب12 عملية تعهد تلقائي. ولهذه الظاهرة انعكاسات سلبية خطيرة على السوق الداخلية لاسيما وأنها تعود بالضرر على النسيج الصناعي والتجاري باعتبارها منافسة غير شرعية وتدخل على مناخ الاستثمار التشويش مما يؤدي إلى عدول المستثمرين عن الاستثمار وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى فقدان مواطن الشغل هذا بالإضافة إلى تهديد صحة وسلامة المواطن. خطة وطنية متكاملة وللتصدي إلى هذه الظاهرة وضعت الحكومة التونسية خطة وطنية متكاملة هدفها التقليص والحد من الانعكاسات السلبية وترتكز على أربعة محاور لعل أهمها مراجعة وتحديث الإطار القانوني المؤسساتي الحالي في اتجاه تجريم الممارسة وتأهيل السلط الرقابية وتوسيع صلاحيتها في المجال إلى جانب تشديد العقوبات وإحداث الهياكل المساندة حيث تم تنقيح القانون عدد 36 لسنة 2001 المتعلق بحماية علامات الصنع والتجارة الذي أعطى للسلط المراقبة التعهد التلقائي وصلاحيات الحجز إلى جانب الرفع في الحد الأدنى للعقوبة من 10 إلى 50 مليون . ومن أهم الإجراءات التي اتبعتها الحكومة التونسية في الخطة الوطنية المعتمدة أيضا تعزيز وتدعيم العمل الرقابي من خلال معالجة العرائض وتنظيم الحملات بصفة دورية الى جانب تدعيم التعاون الداخلي والخارجي مع الهياكل الوطنية والخارجية هذا بالإضافة إلى إقرار برنامج تحسيسي وإعلامي للتشهير بالظاهرة لتوعية المستهلك تمثلت في المشاركة في 11 برنامج إذاعي وتلفزي في مختلف الإذاعات والتلفازات التونسية وإصدار أكثر من 300 مقال صحفي بالإضافة إلى تنظيم 3 معارض تحسيسية حول التقليد. ويعود تفشي هذه الظاهرة بالأساس إلى الفهم الخاطئ للتبادل التجاري الحر إلى جانب التطور التكنولوجي وكذلك الإقبال المفرط من قبل المستهلك على هذه المنتجات بحثا منه على الماركات التجارية العالمية بأرخص الأثمان.