السلطات الفرنسية تبحث عن سجين أطلق سراحه عن طريق الخطأ    انفجارات عنيفة تهز مدينة حلب السورية    عاصفة رملية كثيفة تجتاح السعودية والعراق وقطر    في شهر جوان.. 3 مباريات ودية للمنتخب التونسي    الكرة الطائرة.. الترجي يتأهل الى نهائي الكاس    القيروان.. البرد يتسبب في اضرار بمحاصيل الحبوب والاشجار المثمرة    القصرين.. حجز 2147 قرصا مخدرا بحوزة شخصين على متن سيارة    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    بنزرت: إلغاء إضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين المبرمج ليوم الأربعاء 07 ماي    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    هبة يابانية    نسبة التضخم تتراجع الى مستوى 6ر5 بالمائة خلال شهر أفريل 2025    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    شراكة تونسية قطرية لتعزيز القطاع الصحي: 20 وحدة رعاية صحية جديدة خلال 3 أشهر    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ نتنياهو: هجوم جديد ومُكثّف على غزّة وسيتم نقل السكّان    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    عاجل/ رفض الإفراج عن هذا النائب السابق بالبرلمان..    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوار هيشر: 5 سنوات سجناً لطفل تورّط في جريمة قتل    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    باكستان تصعد حظرها التجاري ضد الهند    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح الزغيدي: الإمام مطالب بالرجوع إلى مجلة الأحوال الشخصية لا إلى القرآن(حوار)
نشر في حقائق أون لاين يوم 21 - 03 - 2017


كثيرا ما يبرز الناشط اليساري..
حاورته: يسرى الشيخاوي
كثيرا ما يبرز الناشط اليساري صالح الزغيدي بمواقفه الجريئة الناقدة لعدة توجهات فكرية وسياسية دون استثناء سواء من الصف اليساري أو من صف الإسلاميين داعيا في كل مواقفه الى ضرورة التصدي لكل الأفكار المهددة لمدنية الدولة. الزغيدي أسّس بعد الثورة جمعية مدنية لمراقبة الخطب في الجوامع ولم يتوانى في كل ظهور اعلامي عن توجيه انتقادات للأحزاب اليسارية ولحركة النهضة كما أنه يرى أن بعض تحركات نقابات التعليم قد أصبحت عبثية فكانت كل هذه المسائل محور حوار أجرته حقائق أون لاين معه. تحدّثت سابقا عن تكوين جمعية تتولى مراقبة الخطاب الديني في المساجد، ما ظروف نشأة الجمعية وهل مازالت تنشط ؟ سنة 2012 في ذروة خروج المساجد عن السيطرة في ظل حكم النهضة وانتشار خطابات الجهاد والدعاية للفكر الإسلامي والأحزاب الدينية داخل المساجد قررنا تأسيس جمعية الدفاع عن حياد الإدارة والمساجد لمراقبة الخطاب الديني فالإمام يعمل موظفا لدى الدولة ويجب أن يكون خطابه دستوريا ومتناغما مع قوانين البلاد لا مع الشريعة الإسلامية وهو مطالب بالرجوع في خطبه إلى الدستور ومجلة الأحوال الشخصية لا الى القرآن. وهيئة الجمعية متكونة من 11 عضوا بمن فيهم المحامي غازي مرابط والناشطين هيفاء بن عبد الله وسالم ونيس، وهي تنشط إلى اليوم. هناك من انتقد هذه الجمعية وقال إنها بوليس ايديولوجي على شاكلة أمن الدولة في عهد بن علي، بل هناك من اتهمكم بالتجسس على المصلين، ما ردكم على ذلك؟ حينما كنت كاتبا عاما لرابطة حقوق الإنسان دافعت عن المصلين، ونحن في الجمعية لم نتجسس على المصلين بل كان الخطاب المقدم من قبل الإمام بصفته موظّفا للدّولة هو هدفنا ونحن لم نقم بالتسجيل او التصوير داخل أي مسجد. إذا كيف كنتم تراقبون الخطاب الديني؟ نحن فقط كنا نكتفي بالقيام بذلك عن طريق الاذاعة التي تنقل خطبة الجمعة ونتابع الخطبة كما أننا نعول على علاقتنا الشخصية في كامل تراب الجمهورية، وحينما تصلنا أنباء عن وجود خطابات متطرفة في بعض الجوامع نتولى التثبت منها ثم نعد تقارير في التجاوزات الحاصلة في الخطاب الديني. وهل تتم عمليات المراقبة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينيّة؟ لا ولكننا بعد جمع المعلومات وعلى ضوء ما يتوفر لنا من معلومات عن الانفلات في الخطاب داخل بعض الجوامع نعد تقارير نرسلها إلى وزارتي الشؤون الاجتماعية والداخلية. وهل تلقيتم ردودا؟ لم نتلق اي رد إلى حد هذا اليوم. هذا بالنسبة للدفاع عن حياد المساجد فماذا عن حياد الإدارة؟ كنا في الجمعية نعول على علاقاتنا الشخصية ومصادرنا الخاصة وكنا نراقب التعيينات خاصة تلك المتعلقة بالمعتمدين ونحن نصدر بيانات تنديد في هذا الصدد وكنا نؤكد على ضرورة القطع مع الخلط بين جهاز الدولة من جهة وجهاز الحزب الحاكم من جهة أخرى.....ولاحظنا ان النهضة تسعى بصفة واضحة للتغلغل داخل أجهزة الدولة والادارة. اليوم تقارير رسمية فرنسية وبريطانية وأمريكية صنفت حركة النهضة خارج تيار الإخوان. ألا يعني ذلك انها تغيرت ويجب تغيير الموقف منها؟ النهضة هي القوة السياسية الوحيدة التي تريد أن تعيد تونس سنوات إلى الوراء وتهدد مدنية الدولة بل هي حركة فاشية دينية تريد أن تؤسس لنظام استبدادي ديني وأنا معارض بشدة سياسيا وفكريا لأي حركة دينية متطرفة ترفض فصل السياسة عن الدين وتوظف الدين سياسيا حتى انها تجعل منه موضوع صراعات سياسية عقيمة وفي الحقيقة لا اصدق أن النهضة تحولت إلى حزب مدني والدليل على ذلك موقف القيادية في النهضة محرزية العبيدي من المساواة في الميراث والذي عبرت عنه في تصريح لها منذ بضعة ايام فقط حيث أرجعت رفضها لذلك إلى تناقضه مع الدين، وبالتالي فالنهضة إلى اليوم حركة دينية إخوانية لا تقبل أي قانون إلا في حال كان يتماشى مع القرآن وهو ما يعني أنهم يسعون إلى تأسيس دولة دينية ترفض أي قانون أوتشريع يتناقض مع النصوص الدينية. وبالنسبة لي فاني ألاحظ بكل أسف وامتعاض ان أكبر نجاح حققه راشد الغنوشي هو أنه تمكن في ظرف عامين أو ثلاثة من التسويق لحركة النهضة الحزب ذي المرجعية الدينية على أساس أنه حزب مدني كغيره من الأحزاب الأخرى وفرض على المنظومة السياسية بعد 14 جانفي ان تتعامل مع حزب النهضة وكأنها حقا حزب عادي وهذا ما ساهم في نجاحها..وبالنسبة لي هناك اشكال كبير له طابع قانوني وهو مرتبط بالقانون المنظم للأحزاب في تونس والذي يحجر الترخيص لأحزاب ذات مرجعية دينية ....بعد ما أكدته محرزية العبيدي في تصريحها المذكور سابقا والذي تتمسك فيه بضرورة ملاءمة القوانين للمراجع الدينية ، هل يبقى شك في ان النهضة حزب ديني ومرجعياته دينية بامتياز ؟ ما حقيقة طلبك من فرنسا التدخل لسحب الرخصة من حركة النهضة؟ والله في الحقيقة لا يمكن أن أقبل حتى مجرد طرح مثل هذا السؤال الذي "فبركته " جماعة النهضة...العملاء لا يوجدون في صفوف اليسار المناضل بل وجدوا في صفوف القوى اليمينية و من بينها اليمين الاخواني...من يحتضن الإسلاميين اليوم ، سواء في سوريا أو العراق أو تونس ؟ انظر لعلاقة هؤلاء مع الأمريكان و بعض القوى الأوروبية ...أليسوا يرتعشون اليوم خوفا من ان الادارة الأمريكية الجديدة تسحب عنهم التأييد الذي كانوا يتمتعون به من ادارة أوباما الراحلة ؟ إذا ما موقفك من مشاركة أطراف محسوبة على اليسار في حكومة حركة النهضة حليف أساسي فيها؟ بالنسبة لي كل من يشارك في حكومة النهضة طرف فيها يقطع مع تاريخه، مع ذاته، مع شخصيته، مع حصيلة حياته، قبل حتى ان يكون قطعا مع اليسار....أنا من اليساريين الذين يعتبرون أن الموقف من الحركات الاخوانية والظلامية عموما يشكل خطا أحمر....نحن مع التحالفات والتحالفات الواسعة ولكن لا تحالف مع قوى رجعية ظلامية تريد العودة بتونس وبالعالم الى الوراء...لا ننسى أن اليسار تقدمي أو لا يكون... مع الأسف ،اليوم ضربت الانتهازية السياسية أطنابها في تونس وأصبحت قضية المساهمة في السلطة حتى مع ألد خصوم اليسار موضوعا للنقاش ، بل أن هناك حتى تكالب تجاه السلطة عند البعض ، وتغذيه الحركة الاخوانية بممارسة ضغط مستمر يشتمل على جرعة من الإرهاب الفكري والسياسي على القوى السياسية الأخرى خلق شرخا في بعض التنظيمات والمجموعات اليسارية..أنهي في هذا السياق بالقول أن تواجد عنصر أو عدد من العناصر من أصل يساري في حكومة النهضة لا يعني أبدا أن اليسار موجود في الحكومة ويشارك النهضة فيها، أنظروا للمشهد السياسي الحكومي والسياسي وسترون كيف أن راشد الغنوشي رئيس النهضة يساهم في تسيير البلاد، بما فيها تسيير الحكومة، وانه واضافة الى العديد من وزرائه داخل حكومة، فهو ودون ان يكون لا وزيرا في الحكومة ولا حتى نائبا في مجلس النواب "يحكم" و يساهم في اتخاذ اهم القرارات، هو يمثل أكثر من عشرة وزراء مجمعين. هناك من اعتبر أنه في سنوات الدكتاتورية كان تركيزك اكثر على مهاجمة الإسلاميين وهو ما مثل خدمة لبن علي للانتقام من خصومهم خاصة وأنك عارضت بشدة جبهة 18 أكتوبر التي كانت النهضة طرفا فيها؟ أنا مناضل يساري واجهت النظام الدستوري سواء في فترة بورقيبة او فترة بن علي وسجنت وعذبت وحوكمت العديد من المرات وأنا لا أنكر معارضتي الشديدة لحركة الاخوان المسلمين وفرعها التونسي. وقد شاركت وبصفة نشيطة مع العديدين من المناضلين اليساريين في حملة ضد هيئة 18 أكتوبر التي تحالف فيها جزء من اليسار مع النهضة وفي نفس تلك الفترة شاركت في إطلاق مبادرة سياسية نوعية تتمثل في ترشيح عميد كلية الآداب بصفاقس اليساري محمد علي الحلواني للانتخابات الرئاسية ونزلنا وقتها إلى الشوارع في العاصمة وفي قفصة وصفاقس وغيرها بلافتاتنا وشعاراتنا التي كنا نطلقها و أبرزها : " يا توانسا صوتوا محمد علي ، ما تصوتوش بن على " أو " 50 سنة حكم الدساترة ، يزي..." ، أو.. %99 ملا ديمقراطية ..". أذكر أن راشد الغنوشي ناور كثيرا، خاصة في البداية ، مع بن علي, ان ننسى فلن ننسى مقولة الغنوشي الشهيرة " أحنا عندنا ثقة في ربي في السماء و في بن علي في الأرض". اليسار تحالف مع نداء تونس في إطار جبهة الإنقاذ من أجل الإطاحة بحركة النهضة من الحكم، لكن اليوم نرى ان النداء وضع يده في يد النهضة ودخل الحكم في حين أن اليسار ظل خارجه، كيف تقرؤون ذلك؟ أنا في العموم أعتبر، وبعد مرور 7 سنوات على الانتفاضة، أن المنظومة السياسية التي تشكلت في هذه المرحلة منظومة هشة ورديئة تجد فيها أشخاصا لا علاقة لهم بالسياسة إطلاقا ، بما في ذلك بعض رؤساء الأحزاب، والنواب في البرلمان والوزراء لاعلاقة لهم بالسياسة ..هذه المنظومة اخترقها المال السياسي والإعلامي، وانتشرت فيها السياحة الحزبية وترعرعت في صلبها وفي ممارساتها الجهوية والعروشية والزبونية، وهيمنت فيها الممارسة النفاقية والتعاملات والتحالفات اللامبدئية. وأنا اسمي ما حصل في تونس انتفاضة لان الثورة لا تسقط ديكتاتورية مدنية لتنصب مكانها وبعد 9 أشهر حكومة اخوانية ظلامية حاملة لمشروع يعيد البلاد الى الوراء. وفي ما يتعلق بمسألة التحالفات بصفة عامة اليسار لديه أعداء وخصوم..عندما يبرز على الساحة عدو يمثل خطرا جسيما، على اليسار وكل الديمقراطيين والمتمسكين بالمكاسب الحضارية والاجتماعية، وعلى الرغم من صراعاتهم السابقة، أن يتحدوا ويتحالفوا في جبهة موحدة لمواجهة الخطر المشترك. وبالنسبة لي نداء تونس حينما تحالف مع حركة النهضة في إطار المنظومة السياسية العفنة والتوافق بما هو "تكمبين" فإنه تنكر للقوى الديمقراطية بل تنكر لمئات الآلاف من ناخبيه وناخباته وأعتقد شخصيا أن الوضع الذي تردى فيه حزب نداء تونس بانشقاقاته وتشرذمه وفضائحه كان من أهم اسبابه الرئيسية تنكر هذا الحزب لالتزاماته التي بني على أساسها. اليسار بما هو عليه اليوم هل هو قادر على ان يكون قوة فاعلة وهل هناك مشروع واضح لليسار للعب دور فاعل في الساحة السياسية وقيادة البلاد؟ نحن مازلنا بعيدين كل البعد عن الحكم والحديث عن ذلك من قبيل الأوهام ،فالمطروح اليوم على اليسار وبصفة أكيدة وعاجلة أن يسعى قبل كل شيء الى إعادة بناء اليسار التونسي المشرذم والمقسم والضعيف. فمن الضروري من أجل ذلك أن يضع اليسار اليوم أرضية فكرية وسياسية يضبط فيها هويته ليس على أسس دغمائية تجاوزتها الأحداث بل على أساس عدد من الخيارات الجوهرية التي تجعل اليوم من اليسار يسارا يتميز عن غيره من التيارات الفكرية والسياسية. ولا بد من الانتباه إلى ضرورة أن يرفض اليسار الجديد الانصهار في المنظومة السياسية العفنة التي تحدثت عنها سابقا. الانصهار في منظومة رديئة كهذه ، تزيدها رداءة ما تحتله النهضة فيها من مكانة مركزية و فاعلة.على اليسار أن يضبط لنفسه ومناضليه هدفا رئيسيا يتمثل في السعي المستمر لتقوية حضوره وصفوفه داخل المجتمع، و خاصة في الأوساط النسائية والشبابية ويعزز مساهمته في نشاط الحركات الجمعياتية والمجتمع المدني. كان لك تجربة نقابية في السابق من هذا المنطلق ما موقفك من الصراع الدائر اليوم بين نقابات التعليم الثانوي ووزير التربية ناجي جلول؟ كلما يذكر أمامي اسم ناجي جلول تعود الى ذاكرتي تصريحاته الرنانة حول عزمه الراسخ على أنه لن يقبل أبدا أن يشارك في حكومة تتواجد فيها النهضة...بل أنه أكد أنه في حالة ما قبل نداء تونس التحالف مع النهضة ، فانه يغادر النداء فورا لأنه لا يتصور نفسه قادرا على البقاء في حزب متحالف مع النهضة...وبقي في نداء تونس بل لم يكتف بذلك بل "توزر" مع رفاقه الجدد في النهضة... أما صراعه الحالي مع نقابة اليعقوبي ، فهو صراع باطل في أساسه ، و"لاخير في سيدي ولا في جوادو" وما تقوم به نقابات التعليم الثانوي عبث ويتناقض مع مفهوم العمل النقابي.صحيح انه من دور الاتحاد أن يمارس السياسة خاصة وأنه كان ذراع اعتصام الرحيل الذي أطاح بحكومة النهضة، لكن هذه المواقف السياسية العامة تبقى من مشمولات المركزية النقابية لا النقابات القطاعية. بعض النقابيين على غرار لسعد اليعقوبي يستعملون النقابة لخدمة أغراض سياسية، فاليعقوبي مثلا ينتمي لحركة الشعب وهو يسعى للإطاحة بناجي جلول من أجل عودة سالم الأبيض إلى الوزارة. وأنا أشدّد على أنّه لا ينبغي أن يصبح الاتحاد مجمع إقطاعيات حزبية ونقابية لخدمة أهداف لا علاقة لها بالعمل النقابي. انتقدت المناضلة
اليسارية روضة الغربي لتقديمها شهادتها في جلسات الاستماع العلنية التي تنظمها هيئة الحقيقة والكرامة، ما مردّ هذه الانتقادات؟ لا ثقة لي في هيئة شكلتها حركة النهضة كما تريد، ثم كيف لأطراف عذّبهم بن علي وبورقيبة أن يكونوا حكما وفصلا . من الواضح أن المهمة التي حددت لهذه الهيئة من طرف النهضة التي شكلتها وضبطت تركيبتها تتمثل في تمكين النهضة من تصفية حساباتها الخاصة مع النظام السابق ، وإبراز "سواد" المشهد ما قبل 14 جانفي حتى يمكن إبراز ما حققته النهضة من ايجابيات الخ.... بالنسبة لي النهضة عن طريق هيئة كرامتها تسعى إلى تبييض الوضع الحالي الذي فيه حركة النهضة طرف في الحكم من خلال فسح المجال للمقارنة بين ما قبل 14 جانفي وما بعده..,أتساءل أذا كان من الضروري فتح ملفات ما قبل 14 جانفي و ما أقترفه النظام الدستوري طوال 50 سنة من قمع وعنف وتعذيب و غير ذلك ، فلماذا لا نفتح ملفات الأعمال البشعة والجرائم النكراء التي اقترفتها النهضة في تلك الفترة السوداء من نزل سوسة والمنستير الى باب سويقة ال حلق الوادي ؟ واحنا فتحنا فتحنا لماذا لا نفتح ملفات الجرائم التي اقترفتها النهضة وترويكتها: الرش ، 9 افريل 2012 و الاغتيالات السياسية الثلاثة : نقض وبلعيد والبراهمي...؟ لكن مدير الأمن العمومي حينها محمد علي القنزوعي برأ النهضة من أحداث باب سويقة؟ المحاكمات في هذه القضية تمت بناء على الملف الذي قدمه القنزوعي... إذن هناك احتمالان إما أنه تم التلاعب بالقنزوعي أو أنه كان يفبرك الملفات حينها وعليه أن يعترف بذلك. ولكن ذلك لا ينفي كون هيئة الحقيقة والكرامة وجدت لخدمة حركة النهضة ومن هذا المنطلق أنا ومجموعة من اليساريين قاطعنا هيئة الحقيقة والكرامة. ألا ترى أن في هذه المقاطعة تغييبا لجزء من الحقيقة؟ ربّما.. لكن هناك أكثر من 12 كتابا ليساريين تحدثوا فيها عن معاناة اليساريين وعن التعذيب والسجون والقمع في عهدي بورقيبة وبن علي. لو تحدّثنا عن المبادرة التي تم إطلاقها من اجل كشف حقيقة الاغتيالات السياسية؟ هناك ندوة صحفية ستنعقد قريبا وسيتم فيها الإعلان عن تكوين "اللجنة الوطنية من أجل الحقيقة والعدل حول الاغتيالات السياسية الثلاثة: نقض و بلعيد والبراهمي " والهدف من هذه اللجنة الكشف عن الحقيقة خاصة وأننا شعرنا أن هناك إرادة سياسية لطمس الحقيقة بعد تحالف النهضة والنداء وكونا هذه اللجنة من اجل منع كل محاولة في هذا الاتجاه....من اللافت للنظر ان التعامل مع هذه القضايا الثلاث من طرف مختلف السلط غير عادي بل هو مثير للاستغراب....من حقنا ان نتساءل حول ما يروج في عديد الأوساط القضائية والقانونية والسياسية من إمكانية طرح توافقات وكم كثرت التوافقات في قالب صفقات سياسية بين الحليفين في السلطة : النهضة ونداء تونس لطمس الحقيقة حول هذه الاغتيالات السياسية بامتياز ، و"التغطية" على بعض المسؤولين النهضويين و مسؤوليتهم المباشرة او غير المباشرة في هذه الاغتيالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.