تحتاج الجامعة العامّة إلى تغيير دوري على رأسها لسببين اثنين: الأوّل موضوعي والثاني ذاتي. في المستوى الأوّل من المهمّ جدّا أن يعي الكتّاب العامّون الأول المتداولون على رأس الجامعة أنّ دورهم التربوي لا يقتصر على ما يقدّمونه من دروس داخل قاعات الدّرس وما يتحدّثون فيه في قاعات الأساتذة فحسب، بل بما يجب أن يوجهوه من رسائل تربويّة إلى المجتمع المدني، وهو الامتداد الطبيعي للأسرة التربويّة.
ومن أهم الرسائل هي ضرب المثل في تطبيق مفهوم الديمقراطيّة وحسن إجرائه في الواقع. ومن علامات ذلك التداول الطوعي على رأس الجامعة بشروط وقوانين واضحة. ومن أهم القوانين عدم ترشّح الكاتب العام الأول أكثر من مرّتين ليثبت أنّ منظومة حشّاد ديمقراطيّة قولا وفعلا، وأنّ ما ترفعه المركزية النقابيّة من شعارات هو قناعات راسخة في تقاليدها ومستقبلها.
وسيفسح هذا السلوك الديمقراطي الحضاري المدني الفرصة أمام أكثر من مناضل نقابي لنيل شرف تقلّد الكتابة الأولى وخدمة القطاع بتفان وإخلاص وتسجيل اسمه في السجل الذهبي لتاريخ النضال التربوي.
ولو انطلقنا مما هو موجود اليوم، فإننا نرى أنّ السيّد الأسعد اليعقوبي قد ناضل وصمد واستمات في الدّفاع عن حقوق الأساتذة لمدّة فترتين نيابيتين وشكر الله سعيه.
ومن المهمّ أن يعطي المثال في ترسيخ مبادئ الديمقراطيّة في المنظمة الشغيلة وفي الواقع السياسي المهدّد بمجموعة من الديكتاتوريات.
ومن المهمّ أن يسهم السيّد الأسعد اليعقوبي في مساعدة رفاقه الذّين ضحّوا معه ووقفوا إلى جانبه وكانوا شركاء فعليين وفاعلين فيما تحقق للسادة الأساتذة من مكاسب على الترقّي في السلم النضالي.
وإذا سلك هذا المسلك فإنّه سيدفع عن نفسه مجموعة من التّهم التي تتردّد بين النّاس وربّما بين الأساتذة أنفسهم.
ومن بينها الديكتاتوريّة والتسلّط والاستبداد بالرأي وتوظيف نضالات القطاع لصالح رصيده الشخصي وتهديد وحدة المركزيّة النقابيّة وتهديد السلم الاجتماعي بتصريحاته الناريّة والصّداميّة وغيرها من التّهم الأخرى..وتبديدها.
إن تفاعل السيّد الأسعد اليعقوبي مع هذا المقترح سيكون قدّ وجه إجابة واضحة لا غبار عليها لكلّ من أساء به الظنّ وحمّله ما لم يكن يهدف إليه.
وسيمهّد لخليفته العمل في أجواء طيّبة وإيجابيّة. وسيجبر كل متربّص بالقطاع على الرمي بما في يده من حجر وما في قلبه من غضب أو طمع وما في جوارحه من تهم.
وسيساعد في ترميم ما انهدم من صورة المربّي في السنوات الأخيرة، لتعود إلى ما كانت عليه من صفاء ونقاء.
وإذا ما تجاهل السيّد الأسعد اليعقوبي هذه الدعوة التاريخيّة فإنّه يكون قد ارتكب خطأ في حقّ نفسه وتاريخه وتاريخ النقابة العامة للتعليم الثانوي.
وفي انتظار ذلك سنواصل في القسم الثاني من الدعوة الحديث في السبب الذّاتي الدافع إلى ضرورة التغيير على رأس الجامعة العامّة للتعليم الثانوي في منشور لاحق...