1 - قَد لا تجد "داعش" في أقوالها وأفعالِها مَرْجعيَّةً في القرآنِ والسنّة ، ولكنّها تجد "مرجعيَّةً ما تستنِدُ إليها في تاريخِ الإسلامِ منذ نَشأتِه ، أعْنِي قد تَجِدُ في "العُرْفِ" الإسلامِيّ ماتتكئ إليه ، إنّ صَحَّ "المُصطَلَح"الذي هُوَ "ابنُ ساعَتِهِ" كما تقول شخصيّةٌ تُجَسِّدُها "شكران مُرتَجى" في مُسَلْسَل "الخربة" السوري طبعاً. صحيح أنَّ التاريخَ يكتبهُ المُنْتَصِرونَ ، وبالتالي قد لا نَجد في صَفحاته ما يسوؤهُم ، لكنّ محمداً بن جرير الطبري في تاريخِهِ وتفسيرهِ لم يك أقلَّ دِقَّةً ومَوضُوعيّةً من محمد بن اسماعيل البُخاري في "صحيحهِ" ، إلا أنَّ في مارواه الطبري مايؤكّد على أنَّ الجانبَ المأساويّ مِنَ "التاريخَ الإسلاميّ" - وهُوَ الغالِب - يُعيدُ نَفْسَه على أيْدي "داعش" وماسَبقه من أحزاب الإسلام السياسيّ في شكلِ مَهْزَلَةٍ كارثيّة. إنَّ رَفْعَ المَصاحفِ على أسنَّةِ الرِّماح هو الرّحم القديم الذي يَتَّصِل به حَبْل سرَّة الإسلام السياسيّ المُعاصِر . أجَل . إنّ تنظيمَ "القاعدة" وتنظيمَ الدّولة الإسلاميّة" هما التجسيد السياسيّ المُعاصِر للإسلام تماماً كما أنَّ الصليبيّة والصهيونيّة هُما التجسيدان السياسيّان المُعاصِران للمسيحيّة واليهوديّة. هكذا أرادَ الغَرْبُ تَسييس الأديان السماويّة و"أرْضَنَتَها" قبلَ وَبَعْدَ أنْ أطْلَقَ "كارل ماركس" مَقُولَتَهُ الشهيرة :"الدينُ أفْيُونُ الشُّعُوب". 2 - وإذاكانَ تنظيمُ "القاعدة" الابْنَ النَّجيب للمخابراتِ الأمريكيّة في حَرْبها على النفوذ السوفياتيّ في كابول وَذريعَتها في احتِلالِ أفغانستان بحملةٍ "دوليّة" لِمُكافَحَةِ الإرهاب ، فإنَّ تنظيم "داعش" بن "القاعدة" هو حفيد "السي آي إي" المُوكَل إليه أن يكون ذريعة لاحتِلال سوريا بحَملة "دولية" جديدة لِمُكافَحَةِ الإرهاب ، مِن أجْلِ تَقسيمِها واستِكمال تقسيم العِراق وبقيّة دُول الشّرق الأوسط مِن الباكستان إلى مراكش ، وفي هذا السياق يتوسَّع "داعش" في دول المغرب العربي ، ويتمّ تنشيطُ فرْعٍ "جهاديّ " لتنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة الهندية بزعامة الباكستانيّ "عاصم عمر". 3 - وكما كانت واشنطن تقود حربها المَزعومة على تنظيم "القاعدة" الإرهابي بفتح مكتب لتنظيم "طالبان" في ظلّ قاعدة "العيديد" العسكريّة الأمريكيّة بمَشْيَخَة قَطَر ، فهي الآن تزعم أنها تقود حَرباً على "داعش" بينما قطر ذاتها تتوسّط بين "داعش" والدولة اللبنانيّة لإطلاق سراح الجنود اللبنانيين الذين اختطَفَتهُم مِن عرسال و"أشرف ريفي" وزير "العدل" اللبناني المنتمي إلى مِحور14آذارالذي تقوده فعليَّاً السفارة الأمريكيّة ببيروت يدعو غاضباً إلى محاكمة طلبة لبنانيين لأنّهم قامُوا بحَرق علم "داعش" مُتَذَرِّعاً بأنَّ هذا العلم الأسود يحمل اسمَ الله !.بَلْ إن واشنطن هذه عندما أعلنتْ عن تَشكيلَ تحالف دولي مَزعُوم ضدّ "داعش"، لَم تَفْعَل غير إطلاق اسم جديد وزائف أيضا على التحالف الذي كان يُسمى "أصدقاء سوريا". 4 - هي إذَن حيلَة أمريكيّة - إسرائيليّة جديدة وإعادة انتشار جديد للقوى الإقليمية والدولية التي لم تيأسْ بَعْد مِن مُحاوَلَة إطاحة الرئيس بشار الأسَد الذي استطاع بصُمُودِهِ على رأس الدولة السورية وجيشها الباسل أن يُحْبطَ حتى الآن جميعَ المَساعي الوحشية المسعورة الصهيونية الغَرْبيّة الخليجية التركية لتفكيك الدولة السورية ، وليست التصريحات الأمريكيّة الأخيرة عن تَخَوُّفٍ مَزعُوم مِن أن تصِل إلى أيدي "داعش" أسلحة كيميائيّة قد يكون الجانب الرسمي السوري قد احتفَظَ بها بدون علم الجهة الدولية المكلّفة بتدمير مخزونه من الأسلحة الكيميائية ، غير سيناريو هوليودي آخَر بدأ يُطلّ برأسه ، في مَوسمِ حَشْدِ الذرائع لتَدَخُّلٍ خارجيّ جديد في سوريا ، قد يُساعد عليه انشغال موسكو بالأزمة الأوكرانيّة.