مرصد سلامة المرور: 458 قتيلا بسبب حوادث الطرقات خلال النصف الأول من 2025    أستراليا ونيوزيلندا تستعدان للاعتراف بالدولة الفلسطينية    قتله جيش الإحتلال.. الصحفي أنس الشريف يترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    جيش الاحتلال يرد على محمد صلاح بشأن استشهاد 'بيليه فلسطين'    اليوم: طقس صاف والحرارة بين 29 و 39 درجة    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    استراحة صيفية    حزب التّيار الشعبي يعلن عن تنظيم إضراب جوع تضامني مع أهالي قطاع غزّة يوم الأربعاء 13 أوت الحالي    من نحاسب؟ مهرجاناتنا... تجاوزات، فوضى وحوادث    كرة السلة: سفيان الجريبي رئيسا جديدا للجامعة    في الصّميم : ملعب قابس واحترافنا المزيّف    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كسرى.. وفاة رجل واصابة زوجته وابنته اثر اصطدام سيارة بجرار فلاحي    سابقة خطيرة في قطر على مستوى الأمن الداخلي للدولة    للطلبة الراغبين في تعديل اختياراتهم الجامعية: دورة إعادة التوجيه تبدأ غدًا    ذهاب الدور التمهيدي الاول لكأس الاتحاد الافريقي: النجم الساحلي يلاقي الاهلي مدني السوداني بملعب شهداء بنينة ببنغازي بليبيا    منوبة: اليوم انطلاق الدورة 35 من المهرجان الصيفي ببرج العامري    المزيو: لم أخذل المحاماة وقدنا السفينة لبر الأمان    انتخاب رؤوف الصيود رئيسا للجامعة التونسية للريشة بالطائرة    الالعاب العالمية (كرة اليد الشاطئية) : المنتخب التونسي ينهزم في الدور ربع النهائي امام نظيره البرتغالي 2-1    ودّع القهوة... وجرّب هذه المشروبات التي تعزز صحتك وتمنحك طاقة طبيعية    عاجل: زلزال بقوة 6.1 درجة يهز تركيا    قريبا في البرلمان: مشروع قانون لتشديد الرقابة على السائقين تحت تأثير الكحول    بين المتلوي وتوزر..اصابة 4 اشخاص في حادث مرور    وادي مليز: بين عرض للفروسية لفرسان خمير وسهرة الفن الشعبي.. تواصل فعاليات مهرجان شمتو    السيطرة على حريق جبل الفراشيش بسليانة دون خسائر بشرية    موجة حر قاسية تضرب هذه البلاد العربية بسبب ''القبة الحرارية''    عاجل: وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تفتح باب الترشح ل 9 خطط ...آخر أجل وكيفية التسجيل    الإدارة العامة للأداءات تعلن عن آخر أجل لإيداع التصريح الشهري بالنسبة لهؤلاء..    دراسة ليبية تُحذّر: بكتيريا في المنتجات البحرية تنجم تقتل في 48 ساعة    قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمعهد عبد العزيز بلخوجة بقليبية    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك توجه رسالة هامة لوزارة التربية..#خبر_عاجل    مهرجان مدنين الثقافي الدولي: الدورة 45 تحت شعار "مدنين، حكاية أخرى"    توزر: الأيام الثقافية بحزوة تختتم الليلة بعرض عرفاويات    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    عاجل: إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين بسبب ارتفاع الحرارة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ بعد الاعتداء عليه بالة حادة: وفاة الكلب "روكي"..    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    تونس: حجز 172 طناً من المواد وحملات رقابية مكثفة تُسفر عن 9 قرارات غلق في النصف الأول من 2025    إطلاق الدورة الأولى لمسابقة "Cactus INNOV " لاختيار أفضل الابتكارات في تثمين التين الشوكي    عاجل: التسجيل الإلكتروني لأداء فريضة الحج يبدأ قريبًا    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: تنزانيا تهزم مدغشقر وتتأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة    عاجل: النصر السعودي يتعاقد مع نجم برشلونة...التفاصيل    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    رفع 8000 متر مكعب من الفضلات ب133 شاطئا    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة    نجوى كرم تُشعل قرطاج بعد غياب تسع سنوات: ليلة حنين وأغانٍ خالدة أمام جمهور غصّت به المدارج    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    اكتشاف جديد    تونس الكبرى تسيطر على سوق التخفيضات.. تفاصيل الأرقام والمخالفات    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وسط حمى الانتخابات.. الصراع لازم والكياسة ممكنة!
نشر في حقائق أون لاين يوم 26 - 11 - 2014

أثناء الحملات الانتخابية تتكاثف الخطابات العامة التي تروّجها الأطراف المتنافسة و تتلقفها الصحف و مختلف وسائل الإعلام و تضمن لها انتشارا واسعا تزداد حظوظه كلما كان الخطاب مختصرا و بليغا و شاملا لشحنة من الصّراع.
و في كتب الصحافة نجد مقياسا من مقاييس الخبر يتمثل في و جود أو غياب "قيمة الصراع" بمختلف مستوياته مثل انتصار فريق كرة قدم على آخر أو انهزام مرشح أمام مرشح آخر في الانتخابات أو تقدم فنان على بقية زملائه في قائمة الفائزين بجائزة و كلها صيغ مهذّبة للصراع الذي يمكن أن يأخذ شكل الحرب و القتل و كل أشكال العنف التي تحفل بها الأخبار.
هذا التعامل الصحفي مع الصراع ليس سوى وجها علنيا و شعبيا لموضوع أخطر و أعمق نجده في كتب الفلسفة و التاريخ و علم النفس و الأدب حول حضور الصراع في حياة الإنسان سواء على مستوى الفرد أو المجموعة. ففي الحياة الشخصية يتحدث علم النفس عن عقدة أوديب التي تحدد طبيعة العلاقة المزدوجة بين الأب و الابن و المحبة و الود لا ينفي التمرّد و الرفض و هي أول تجربة صراع يخوضها الفرد. و على مستوى الجماعي كتب الكثير عن دور الحروب بين الدول أو بين الطبقات الاجتماعية كعنصر محدد في صناعة التاريخ.
الصراع بمختلف مستوياته في الليونة أو الحدّة ظاهرة فعلية لازمة بل و قد تكون نافعة لأنها تسمح بالتغيير و تدخل حراكا في المجتمع. و لكن المجتمعات العصرية و إن أقرّت بالصراع فهي تسعى إلى تنظيم أشكاله و تحديد خطورته و تسعى إلى تعويض الصراع المادي الذي يتجسّم في التقاتل بصراع رمزي عبر مختلف أشكال الإنتاج الفكري و الفني و هكذا يتحقق الحراك الاجتماعي بأقل ضرر.
و قديما عبّر الشعر العربي عن هذا المنحى الحضاري الذي جعل الإنسان يحجم عن التقاتل و يتجنب سفك الدماء و لكنه يلجا إلى الصراع الرمزي و كأنه يترك حرب الميادين الساخنة و يخوض حروبا من ورق قد يستهزئ بها الكثيرون و يرونها علامة جبن و ضعف بينما هي أرقي أشكال التفاعل الإنساني الذي يحكّم العقل و اللسان عوضا عن تحكيم السيف و نجد صدى لهذه الأفكار في البيتين التاليين لأبي تمام في مطلع القرن الثالث هجري و التاسع ميلادي:
"قوم إذا خافوا عداوة بينهم....سفكوا الدما بأسنة الأقلام
و لضربة من كاتب بلسانه....أمضى و أنفذ من رقيق حسام"
و اليوم نجد العديد من ساحات الحروب الرّمزية التي يأخذ فيها الحوار العام أشكالا متعددة مثل مناقشات المقاهي و البيوت و الرسائل القصيرة عبر الهاتف و صفحات الفايسبوك و المقالات الصحفية و الحوارات التلفزية و الإذاعية و الكتب و المحاضرات و الاجتماعات العامة و تحتل ذروتها في الحملات الانتخابية و هي ساحات وغى يستبدل فيها السيف بالجمل القصيرة عابرة القنوات و الصفحات الاجتماعية .
فالحوار حاجة فردية و اجتماعية و نتائجه المباشرة و غير المباشرة مفيدة للجميع، فمهما اختلفت مواقف المتحاورين و تناقضت، فهي الطريق الأفضل للوصول إلى الحقيقة الإنسانية الجماعية الذي يساهم في صياغتها كل طرف بقسط. فالمتحاورون خصوم في الظاهر و لكنهم شركاء في الواقع لأن شرط الحقيقة تعارض الأفكار و تناقضها، و هم خصوم على المدى القصير لحظة الاختلاف و حلفاء على المدى البعيد عندما تفرض الحقيقة نفسها على كل راغب فيها.
الحوار أساس الوجود و التفاعل بين البشر ويهدف إلى مشاركة الآخرين في عبء الحياة و المساهمة في نسج الذكاء الإنساني الجماعي. و هو الذي يسمح أن ينصهر العقل الواحد في العقل الجماعي و هذا هو الأهم. و ما بقي من شجار و مشاكسات و انفعالات و نرجسيات ترافق الحوار و قد تتصدّر الاهتمام ظرفيا و لكنها تبقى ثانوية من منظور التاريخ و إن شغلت الناس لفترة.
و أقل ما يمكن ان تكسبه من الحوار أن تفصح عن آرائك و تعلم بها غيرك و قد يساعدك الحوار على تعديل مواطن الضعف في حججك أو أسلوبك و لخصومك الفضل في ذلك فهم مختبر أفكارك تحتكّ بعقولهم و تكتشف جدوى ما تعرضه عليهم و قدرتك على إقناع غيرك إذا كنت تريد أن تتجاوز مجرد التراشق "بالحقائق" غير المؤكدة.
و أرقى ما تحققه عن طريق الحوار أن تنشر أفكارك في عقول غيرك أو أن تثري عقلك بأفكار غيرك فتزيد إلى ذكائك ذكاء الآخرين و هذا أرقى أشكال التضامن الإنساني.
و إن كانت الحاجة إلى الحوار و التفاعل مشتركة فان الأسلوب المعتمد و العبارات و الصور التي تؤثث الخطابات العامة قد تنحرف بالحوار فيتحول إلى حديث ينغلق على الذات في نرجسية خانقة أو يوجه إلى الأنصار قبل الخصوم و يتكاسل على تقديم الحجج المناسبة أو يروّج لصور عنيفة و مهينة للخصوم و أحكام معلنة في شكل حقائق و بديهيات أو يغلب عليه خطاب الوعظ و شيطنة الخصوم.
فغضبك مهما كانت أسبابه شرعية خاصة إذا اقتنعت أن الخصم بادرك بالأذى ،لا يبرر اهانة مخاطبك و إسماعه ما لا تريد أن تسمع أنت من غيرك، مهما كنت على حق. قد تبتهج بإزعاج غيرك عن طريق السب و الشتم ،و لكنك في الحقيقة كشفت عن ضعف موقفك و أضعت فرصة ثمينة لتقديم حجّة إضافية تدعم بها أفكارك.
و إذا كان كل شخص جدير بالاحترام كذات إنسانية و لكن الأفكار لا يمكن التعامل معها بنفس النواميس لأنها معرّضة إلى التقليب و النقد و المعارضة و الرفض و التعديل و التجاوز...كيف نهاجم الأفكار دون التعسّف على أصحابها؟ و المعادلة ليست سهلة بين واجب النقد إزاء الأفكار قبولا و رفضا و لزوم الاحترام لذوات كل صاحب رأي ميت أو حي، مشهور أو نكرة.
كيف ننجح في تنقية الصراع الفكري الذي يحّرك المجتمعات إلى الأفضل و تساهم فيه كل الأطراف و التيارات، بما يعلق بهذا الصراع أو يرافقه و ينتج عنه من حساسيات شخصية و انزعاج و تجريح و قدح و استنقاص و ردود فعل انفعالية، قد تطغى على الجدل و الحوار و تعيقه عن أهدافه فيصبح الثانوي و الذاتي أهم من الرئيسي و الموضوعي؟ مسؤولية كل المتحاورين و المتناظرين.
فالأفكار التي تنتشر و تستقر في عقول الناس في حقبة تاريخية ما، ليست سوى محصّلة تأليفية لصيغ فكرية ساهمت فيها كل التيارات المتصارعة في الظاهر و لكنها متحالفة فعليا في نسج الذكاء الإنساني و هذا أرقى أشكال التضامن البشري مهما احتدّ التقاتل "بأسنة الأقلام" و ألألسن.
و قد يسمح الحوار بالتألق النرجسي و إبراز عضلات كل محاور و قد يمكّن من إقصاء الآخرين و تقزيمهم و لكن هذه ليست أرقى وظائفه و لا أكثرها نفعا. فالحوار يسمح خاصة باكتشاف الحقيقة المخفية في عقول كل الفرقاء.
فالكلمات ليست حجارة نقذف بها وجوه الآخرين و لكنها حجارة نبني بها الوفاق بين الأفراد و المجموعات، و العنف اللّفظي يبدأ سبابا على الصحف و المنتديات الالكترونية و صفحات الشبكات الاجتماعية و ينتهي بالضرورة إلى عنف مادي في الطريق العام و يشرّع إلى قانون الغاب.
فمهما اقتنعت بصحة أفكارك و بخطأ غيرك و مهما كنت حريصا على إنقاذ الآخرين من ضلالتهم عليك الاقتناع أن الحوار لا يسمح بإلغاء كل أشكال الاختلاف لأن الاختلاف رحمة و لأنه الطريق الوحيد إلى الحقيقة على الأرض. و من المفيد أن نتذكّر في كل حواراتنا نصيحة الإمام الشافعي: أنا على صواب مع احتمال الخطأ و محاوري على خطأ مع احتمال الصواب. هذا الاحتمال مهما كان ضئيلا فهو شرط رحلة الأفكار بين عقول البشر.
و تتيح اللغة العربية بثراء مصطلحاتها، العديد من المفردات التي تسمح بالتعبير عن الرأي و إبداء النقد لأفكار و أقوال الآخرين فعلى كل صاحب رأي أن يختار المستوى المناسب و لا يترك الغضب و المزاج يتحكّم في خطابه.و إذا كان الصراع لا مناص منه فيمكن للخطاب أن يكون على مستوى من الأناقة و الكياسة. فلسانك بديل عن السيف بل هو "أمضى و أنفذ" حسب قول الشاعر.
يساعدك الجدول التالي على اختيار المستوى المناسب لحدّة النقد الذي تريد أن توجّهه إلى غيرك إذ يمكن أن يكون النقد معتدلا أو شديدا أو لاذعا أو بذيئا.
مستوى نقد معتدل
ينقد
ينتقد
يقيّم
يناقش
ينفي
يردّ على
لا يوافق
لا يتبنى
يعاتب
يلوم
يجادل
يرفض
يخالف
يعارض
يكمّل
يعدّل
يتجاوز
يضيف
يثري
يحاسب
يعيب على...
يستغرب من...
يستخفّ ب...
يقلّل من...
ينزعج من...
يحتجّ




مستوى نقد شديد
يتّهم
يناهض
يكره
ينتقص
يستنقص
يسخر
يستهزئ
يتهكّم
يشكّك في...
يخطّئ
يندّد
يدحض
يفنّد
يستنكر
يتبرّأ من...
يتصدّى الى...
يكذّب



مستوى نقد لاذع
يدين
يقاضي
يشهّر ب...
يستهجن
يقزّم
يقدح في...
يحقّر
يتحامل
يتهجّم
يجرّم
يعادي




مستوى نقد مشين
يتجنّى
يهدّد
ينتهك حرمة
ينتهك عرض
يثلب
يعنّف
يشتم
يسبّ
يخوّن
يكفّ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.