بعد انتشار ظاهرة اقتحام قوات الأمن للمقاهي والمطاعم لإخراج "المفطرين". أود الإشارة إلى بعض النقاط. 1- مازال الكثيرون يبحثون عن الفتاوى والنصوص الفقهية لتبرير "حق الإفطار" في رمضان. وهذا خطأ يقع فيه العوام و"المثقفون" على حد السواء باعتباره يكرّس منطق الفتاوى والتبرير ويفتح الباب أمام التسيب والتطرف الفقهي ، بما يساهم في عرقلة بناء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة. 2- ما يقوم به أعوان الأمن قد يراه الكثيرون تعديا على الحريات والدستور . وهذا الطرح طيب ومقبول، لكنه في حاجة إلى كشف المضامين الحقيقية التي اتخذت غلافات دينية وأخلاقوية وقانونية. 3- ما قام به أعوان الأمن هو إجراء سياسي وليس ديني. وبمعنى أصح هو ترهيب سياسي يهدف إلى الحفاظ على مصالح المتنفذين السياسيين والإجتماعيين والإقتصاديين. وهذا الترهيب هو رد فعل باهت، لكنه جذري ومؤثر، لفاشية اجتماعيا تبلورت سياسيا فأمنيا. وبتعبير آخر، هذا السلوك الأمني يدخل في إطار رد فعل غريزي للحفاظ على بيروقراطية الدولة من خلال اللعب على البارادايم الأخلاقوي السائد لدى الأفراد والمجتمع. فمن الأساليب التي تستعملها الأنظمة في المجتمعات المتخلفة للحفاظ على مشروعيتها ولحماية مصالح الفئات المتنفذة، التظاهر الشعبوي بالحفاظ على "الأخلاق" بما يساهم في تحويل وجهة التناقضات الحقيقية التي يشهدها المجتمع و إيجاد تعاطف غريزي ولاشعوري لكتلة اجتماعية واسعة مع النظام مهما كان فاسدا... وهذا حال المجتمعات المتخلفة.