ريم طفلة فلسطنيّة تُقيم مع عائلتها في مدينة روستوك الألمانية منذ أكثر من اربع سنوات، تحدّثت بسلاسة في لغة غوته إلى المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل حول وضعها الإنساني الصعب بعد رفض السلطات الألمانية منحها حقّ اللجوء والتهديد بترحيلها لمخيّمات اللّاجئين في لبنان، ردّ ميركل أو المرأة الحديدية كما يحلو للألمان تسميتها كان قاسيا في قسوة الفولاذ وفظّا في فظاظة خطاب ساسة الغرب الَّذِين باتوا ينهلون من مفردات معجم اليمين العنصري المعادي للمهاجرين دون أدنى حرج. المستشارة الألمانيّة لم تكن تتحدّث لريم، عندما قالت لها بكلّ برود "أنت تعلمين أنّ هناك الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، إذا قلنا لكم تعالوا جميعا، وقلنا للآخرين تعالوا من إفريقيا...فهذا أمر غير ممكن وإجاباتنا الوحيدة هي التسريع بالنظر في ملفّات اللّجوء والبعض عليهم مغادرة البلاد ..."، بل إلى الملايين من الناخبين الألمان الَّذِين يعتقدون عن جهل أنّ المهاجرين هم غزاة جاؤوا لسرقة رغيف خبزهم، كلمات ميركل أعادت إلى ذاكرتي المقولة الشهيرة لرئيس وزراء فرنسا السابق ميشال روكار Michel Rocard "فرنسا لا يمكنها أن تستوعب كل بؤس العالم" La France ne peut pas accueillir toute la misère du monde.
ريم دافعت بكلّ شجاعة عن حقّها في الحلم وفي العيش الكريم كبقيّة أترابها الحاضرين معها ولكن أمام صلافة السيدة المستشارة لم يبق لها سوى دموعها فأجهشت بالبكاء وهنا وجدت ميركل نفسها أمام عدسة كاميرا التلفزيون الألماني في وضعيّة لا تحسد عليها، فحاولت مواساة ريم ولكن للأسف سبق السيف العذل وأدمى الكلام الجارح براءة طفلة لا تفهم قبح عالم السياسيين. أثار سلوك ميركل إستهجانا لدى جزء كبير من الرأي العام الألماني والغربي ممّا إضطرّ وزيرتها لشؤون الهجرة واللاجئين والإندماج ذات الأصول التركيّة "إيدان أزغوز" للتصريح لاحقا بأنّ ملفّ لجوء الطفلة الفلسطينيّة ريم في طريقه إلى الحلّ لأنّها تتكلّم اللغة الألمانيّة بطلاقة. المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل نسيت أنّ مأساة ريم هي جزء من مأساة ملايين الفلسطينيين الَّذِين شردتهم العصابات الصهيونيّة وإغتصبت أرضهم مستغلّة جريمة الهولوكست البشعة الّتي نفذتها ألمانيا النازيّة إبّان الحرب العالميّة الثانية في حقّ الملايين من اليهود، جرائم الجيش النازي الألماني هي الّتي خلقت الظروف الموضوعيّة لتنفيذ وعد بلفور سيئ الذكر والّذي يقضي بخلق كيان صهيوني عنصري سوف يعمل منذ تأسيسه على استدامة عقدة الذنب لدى الرأي العام الغربي لتبرير جرائمه ضدّ الفلسطينيين. علي السيدة ميركل أن تعي أنّ دموع ريم هي بصمات في مسرح الجريمة.