تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنقَرَة والرِّياض تَسْتَنجِدان بتل أبيب للحؤول دُونَ انتصارِ دِمَشق ومُوسْكو على الإرهاب!
نشر في حقائق أون لاين يوم 10 - 03 - 2016

أعلنتْ أنْقَرُةُ والرِّياضُ عَزْمَهُما على التدخُّلِ البرِّيِّ في سوريا ضدَّ تنظيمِ "داعشَ" الإرهابيّ بَعْدَ أن تَحَوَّلَ الرئيس التركي "طيّب رجَب أردوغان" إلى السعوديّة يوم 29ديسمبر/كانون الأول 2015.
وَمِن ثَمَّ أماطَ "أردوغان" القناعَ الأخيرَ عَن نَواياهُ الحقيقيّة عندَما أقَرَّ بأنَّ تَدَخُّلَهُ البَرِّيَّ لَن يكونَ ضدَّ "داعش" بل ضدَّ وحدات الحِماية الشعبيّة وخاصة ضدَّ حزب الاتحاد الدّيمقراطيّ ، أيْ ضدَّ القوى الوطنيّة السوريّة الكرديّة التي تُقاتِلُ "داعش" في المناطق السورية الحدوديّة مع تركيا ، ولكنَّ ارْتِطامَهُ بِرَفْضِ "واشنطُن" دَعْمَ هذه الخطوةِ التركيّة – السعوديّة المُشْتَرَكة ( لأنَّ الولايات المتحدة لا تريد أن تخسر الورقة الكرديّة كَوَرَقَة أخيرة بيدِها ، بل نصف ورقة لأن نصفَها الآخَر مع روسيا التي استَحْوَذَتْ على الملفّ السّوري بالكامل تقريباً ولأنَّ واشنطن لَنْ تُجَرّ لاهِيَ ولا الحلف الأطلسي إلى مُواجَهة مع موسكو إكراماً لِأوهام أردوغان الجَّشِعة والحَمْقاء في آنٍ مَعاً ) جَعَلَهُ يُحْجِمُ عَن "التدخُّل" مُؤَقَّتاً مِن دُونِ أن يكفَّ عن الهذيان بهذهِ "الفكرة" مُخَيِّراً القيادة الأمريكية التي خَذَلَتْهُ بينَ أن تَبْقى حليفة "تركيا" أو تُصبِحَ حليفة حزب "الاتحاد الديمقراطي" السوري الكردي الذي تأسَّسَ سنة 2003!.
وَلِذاتِ السَّبب الأمريكي تَراجَعَتْ الرِّياضُ "تكتيكيَّاً؟" عَن قَرارِها التَّدَخُّل البرِّي في سُوريّا إلا بمُوافَقَةِ السيِّد الأمريكي وتَحْتَ قِيادتِهِ ، مُفْصِحَةً هِي الأخرى عن أنّ تَدَخُّلَها البرِّي كانَ يَهدف إلى إسقاطِ النِّظام السّوري عندَما كابَرَ وزيرُ خارجيِّتِها "عادل الجبير" مُتَشاوِفاً بأنَّ الرّياض سَتُعَوِّض تَراجُعَها عن التَّدَخُّل البرِّيّ بتَسليحِ ِ "المُعارَضَة السّوريّة " بصواريخ أرْض – جَو ، وبما أنّ "داعش" لا تملك طيرانا حربيّاً فالواضح أنّ هَدف السعوديّة كانَ ضربَ الطيران الحربي السوريّ والرّوسيّ الذي يقصف قوات "داعش" على مَدار اليوم لكنَّ واشنطن صَفَعَتْ غُلامَها السُّعُوديّ ثانيةً بِتَحذيرِهِ مِن أنَّه ليسَ بِمَقدُور السعوديّة تَحويل الأسلحة التي تشتريها مِن واشنطن إلى طَرَفٍ ثالث.
وهكذا قَرَّر السلطان التركي وآل سعود الاستِقواءَ بشريكِهِما الأقوى في الاسطبل الإقليمي الأمريكي ، أعني الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي هُوَ الآخَر "غاضِبٌ" مِنَ الإدارَةِ الأمريكيّة التي لَجَمَتْ تهديداته بِضرْب المفاعلَ النَّووي الإيراني وقادَتْ عمليّةَ اتفاقٍ دَوليٍّ مَع طَهران رُفِعَتْ بِمُوجَبِهِ العقوبات الدولية عَن الأخيرة وَعَوْدَتِها بِقُوَّةٍ إلى الساحةِ الدّوليّة اقتِصاديّاً وسياسيّا وأمْنِيّاً ، وهي الحليفة للدَّولة السوريّة وروسيا وحزب الله وحلفائهم!.
إذَنْ في الظاهِر ، نَشأَ تَحالُفٌ إقليميٌّ ثُلاثِيٌّ على خلفيَّةِ غَضَبٍ نِسْبيٍّ مُشْتَرَكٍ مِن سياسةِ الرئيس أوباما وَطاقَمِهِ الذي مكّنَهُ تَحَرُّره مِن استِحقاقاتِ الانتخابات الرئاسيّة في بلادِهِ مِن أن يكونَ أقربَ إلى مُوسكو في مُقارَبَتِهِ الجديدةِ للوضْعِ الجديد في سوريا بَعْدَ النُّزُول الرُّوسيّ الحاسم إلى الميدان السوريّ ، هذا النُّزُولُ الذي نَجَمَ عَنْهُ انْحِسارٌ حادٌّ لسيطَرَةِ الجَّماعاتِ الإرهابيّة (داعش وجبهة النّصرة وغيرهما) على الجغرافيا السوريّة وَدُخُولَ تلكَ الجَّماعات مُرَبَّعَ هَزِيمَتِها النِّهائيّة.
لقد تَقاسَمَتْ الرّياضُ مع تل أبيب اللومَ على واشنطن والحذَرَ مِنْها لأنَّ الأخيرة سمَحَتْ بِعَودَةِ إيران مُنَافِساً إِقْلِيميّاً قَويّاً وطليقاً لهما ولِغَيْرِهِما في المنطقة ، وتقاسمَته مَع أنْقَرَة لأنَّ واشنطن أوْقَفَتْ اسطوانة التشكيك بشرعيّةِ الرئيس بشار الأسد عن الدّوران على ألسِنَةِ مسؤولِيها وتركت مصير استمراره في سدّة الرئاسة لِقرارِ الشعب السوري الديمقراطي وَحْدَه ، ولأنَّ الكونغرس الأمريكي عَزَمَ على وضع التنظيم الدولي لحركةِ الإخوان المُسلِمين على قائمةِ الإرهاب التي تَسَرَّبَ أنّها ستشمل أيضا تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة التونسية وجبهة النصرة في سوريا ( وتنظيما "الإخوان المسلمين" و"حزب التحرير الإسلامي" هما الجذعان اللذان نبتَتْ عليهما التنظيمات التكفيريّة الإرهابيّة مثل "القاعدة" و"داعش" وغيرهما مِن التنظيمات التي تعتمد المذهب الوهابي الرسمي لآل سعود وآل ثاني).
وكذلكَ لأنَّ واشنطن أعلنتْ دَعْمَها لوحدات الحماية الشعبيّة الكردية السورية التي تُقاتل ضدّ "المعارضة المسلّحة المعتدلة؟ " على غرار جبهة النصرة ، أحرار الشام ، جيش الإسلام ، كتيبة محمد ، كتيبة السلطان مراد إلخ ، التي تُعلِّق تركيا عليها رهانها الأخير . كما تُقاتل هذه الوحدات الكرديّة السوريّة الباسلة ضدّ تنظيمَ "داعش" الذي اختلقَتْهُ واشنطن نفسَها في المُخْتَبَر السعودي ، وبذلك تكون هذه الوحدات في تحالُفٍ مَوضُوعيّ غير رسمي مَع الجيش العربي السوري الذي يخوض المعارك على امتداد الجغرافيا السوريّة ضدَّ جميع الفصائل الإرهابية التكفيرية على الأراضي السورية وضدّ جميع مَن يُمَوِّلهم ويُسلّحهم ويقدّم لهم المؤونة ولجرحاهم العلاج ويجنّد المُرتَزَقَة للقتال في صُفُوفِهم كما تفعل تركيا وقطر والسعودية وإسرائيل وغيرها.
ولابأسَ أنْ نُضيفَ إلى أعلاه ما أورَدَتْهُ وثائقُ ويكيليكس بشأنِ ذُعْرٍ يقضُّ مَضاجِعَ آلِ سعود وبقيّة حكّام الكيانات الخليجيّة المُتَعاوِنَة على الإثْمِ والعُدْوَان مِن أن يَتَمَكَّنَ "النِّظامُ السُّوريّ بأيِّ شَكْلٍ مِنَ الأشكال مِنَ الصُّمُودِ وَتَخَطِّي هذه الأزمةِ ، فإنَّ مهمّته الأولى والأساسيّة ستكون بَعْدَ ذلكَ الانتِقام مِن الدُّوَلِ التي وَقَفَتْ ضدَّهُ ، والهَدَف الأوَّل لَهُ سيكونُ المملكة العربية السعوديّة وَدُوَل الخليج الأخرى...
ولذلكَ يجبُ استِخْدام كُلِّ الطُّرُق المُتَوَفِّرَة للإطاحَة بالنِّظام القائم في دمشق". (وَهُنا "أُطَمْئنُ" آلَ سعود بأنَّ الدّولة السوريّة وجيشها ورَمْزها الوطنيّ الرئيس بشّار الأسد سيكونون مُنْشَغِلينَ بَعْدَ النَّصْر المُؤزَّر على الإرهاب بتنظيماتِهِ والدُوَلِ الرّاعيةِ لَهُ ، بإعادةِ إعمار ما دَمَّرَتْهُ الحرْبُ الإرهابيّة الكونيّة مِنَ الإنسانِ والأرْضِ السّوريين ، أمّا انْهيار آل سعود وثاني ونهيّانِ وأردوغان وغيرهم فَقَدْ بَدَأَ بِفقدانِ سلطاتِهِم المَناعَة أمامَ جرثومَةِ الإرهاب الأسوَد التي أطلَقوها لِتَفْتكَ بِدُوَلنا وجيوشنا وشعوبنا فارْتدَّتْ عَليهِم وعلى كياناتِهِم التي ازدادتْ هَشاشَةً بَعْدَ أنْ أفْرَغَت طاقاتِها وإمكاناتِها كافَّة في حُرُوب قريبةٍ وَبَعيدَة لِصالِحِ المصالحِ الصهيو أمريكيّة وَحْدَها).
وهكذا اتَّفَقَتْ أنقَرَة والرِّياض على ضَمِّ الكيانِ الصهيونيّ إلى هذا التحالف الذي ألصَقُوا بِهِ صِفَة "السنِّي؟" (وَوَاقِع الحَال أنَّ المُسْتَهْدَفِين في سوريا مِن هذا التحالُف الرّجعيّ الصهيونيّ هُم أوَّلاً الأغلبيّة "السنيّة" في المُجتَمَعاتِ الكرديّة والعربيّة التي تلتفّ حولَ الجيش العربي السوري ووحدةِ الحِماية الشعبيّة الكرديّة )...
فَتَوَجَّهَ العُنصريّ الطائفيّ "طيّب رَجَب أردوغان" الذي سُجِنَ وَمُنِعَ مِن العَمَلِ في الوظائف الحكوميّة بثبوتِ تهمةِ "الكراهية" ضدَّه - كيفَ لا وهو الذي كان يُردِّد في خطاباته الجماهيريّة خلال حملاته الانتخابيّة سنة1997 :" مساجِدُنا ثكناتُنا ، قِبابُنا خُوذاتُنا ، مَآذِنُنا حِرابُنا، والمُصَلُّونَ جُنُودُنا ...
هذا الجيش المُقَدَّس يَحرس دينَنا" – تَوَجَّهَ الرئيسُ التركيّ إلى تل أبيب حليفةِ أنْقَرَة التقليديّة . وَنَقَلَتْ صحيفةُ "هآرتس" الإسرائيليّة عن "حرييت ديلي نيوز" التركيّة أنّ " مولود جاويش أوغلو" وزير خارجيّة أردوغان قال في جلسة خاصّة عَقدَتْها حكومةُ الأخير :" قد تُعْلِنُ حُكُومَتا تل أبيب وأنْقَرَة في الأيّامِ القريبة التَّوَصُّلَ إلى اتِّفاقِ تَطبيعِ العلاقات وإنْهاء التَّوَتُّرِ الذي سادَ بينَهما منذ سنة 2010" عندما "أوْدَعَ" أردوغان رأسمالاً رَمزِيّاً مِن دَمِ مواطنين أتراك على سِلاحِ الجنود الصهاينة فوق سطْحِ سفينةِ مَرْمَرَة ، مُجَرِّباً حَظَّهُ هُوَ الآخَر بالمُتاجَرَة السياسيّة بالقضيّةِ الفلسطينيَّة.
علْماً أنَّ نجْلَ الرئيس التركي "نجْم الدّين بلال طيّب رجب أردوغان" المَعْرُوف بِعلاقاتِهِ التجاريّة مع رجل الأعمال السّعودي "ياسين القاضي" المُدْرَج على قائمة الإرهاب سنة 2001بتهمةِ تمويل "القاعدة" ، هذا النَّجْلُ ال "نَجْمُ " في عالم التّجارَة مع الإرهاب بما في ذلك تنظيم "داعش" ، لم يَتَوَقَّفْ بَعدَ الهجوم الإسرائيلي المُسَلَّح على سفينة "مَرْمَرَة" التركيّة عن الصَّفَقاتِ التجاريّة مع الإسرائيليين الإرهابيّين العنصريين كما أنَّ وزارة الدفاع التركيّة أجْرَت مُناورات عسكرية مع جيش الحرب الصهيوني بعد أن سالَ الدَّمُ التركي على السلاح الإرهابي الصهيونيّ فوق سطح السفينة التركيّة المَذكُورَة.
بل في ذروة تبادل القصْف الإعلامي بشأن مجزرة مرمرة أرسل أردوغان طائرات وفرق تركية مختصة لإطفاء حرائق جبل الكرمل الضخمة التي كان عجْزُ نتنياهو عن إطفائها سيُسقِطُ حكومتَهُ، وبعدَ مدّة عقدت تركيا مع شركة "آلتا" الإسرائيلية صفقة بمئة مليون دولار لتزويد تركيا بطائراتِ أواكس ، وفي سنة 2011وصل التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب مليار و800مليون دولار ليزداد في العام التالي 2012بنسبة 15بالمئة فيصبح مليارين وسبعة عَشر مليون دولار أمريكي. وقد وافقَ أردوغان على أن تحصل إسرائيل على البيانات الأمنية التي يجمعها الحلفُ الأطلسي من الأراضي التركيّة والتي هي معلومات أمنيّة تجسُّسِيّة على سوريا ولبنان والعراق وإيران وروسيا وتمسّ الأمْنَ الاستراتيجي لهذه البلدان.
ألا يُعْطي ذلك فكرةً بسيطة عن مَدى حرْص حزب "العدالة والتنمية" على إيجاد "حَلٍّ" عادل للقضيّة الفلسطينيّة.
وَفي اجتماعٍ عَقَدَتْهُ الحكومةُ التركيّة برئاسةِ بائع البطّيخ السّابق والمُتاجِر بالنَّفْط المُهَرَّب وَتَبْييض العمْلة لاحِقاً "أردوغان" لِلْبَتِّ في إعادَةِ تَطبيعِ العلاقاتِ مع الكيانِ الصهيوني العنصري الاستيطاني ، قال وزيرُ خارجيّته ال"جاويش أوغلو" : إنّ "الاتّفاقُ مع إسرائيل يَقْتَرِبُ مِن النِّهايةِ ، وخلال الأيّام القريبة سيعلن الطرفان التركي والإسرائيلي موافقتهما عليه رسميّاً". ولكن الاتّفاق الأوّليّ لتطبيعِ العلاقاتِ بينهما يشترط وقْفَ "النشاط الإرهابي " (ليسَ على الأراضي السُّوريّة طبعاً ) لحركة حماس ، وطرْد القيادي في حركة حماس "صالح العاروري" الذي يقيم في اسطنبول منذ إبعادِهِ (كأسير مُحَرَّر؟) عن الأراضي الفلسطينيّة.
وَفِي سِباقِ الحَجِّ العثمانيّ الأعرابيّ إلى تل أبيب وَتَحْضيرا للتدَخُّلِ البرّيّ (قبْلَ التراجُعِ عَنْه لاحِقاً) أدّى الغُلام "عادل الجبير" وزير خارجيّةِ آل سعود برفقة "خالد الحميدان" رئيس جهاز استخباراتِهِم زِيارةً سريّة إلى إسرائيل التقيا خِلالَها "بنيامين نتنياهو" ورئيس جهاز "الموساد" ومَسْؤولينَ إسرائيليين آخَرِين ، وكانَ أبْرَزَ ما طلبَهُ مُمَثِّلا آل سعود (الجبير والحميدان) مِن القيادة الإسرائيليّة تَدَخُّلاً عسكريّاً برِّياً إسرائيليّاً في الجنوب السُّوري مَع بَدْءِ الغَزْوِ الأعرابي – الانكشاري الذي كانت تعدّ له أنقرَة والرِّياض لإنقاذِ تنظيمَيِّ "داعش" و"جبهة النصرة" " اللذين باتا بين فَكَّيّ الكَمّاشة الوطنيّة السوريّة : الجيش العربي السوريّ ووحدات الحماية الشعبية السوريّة الكرديّة ... وفي سياق الإعداد للتدَخُّلِ البرّيّ زار "أبو بكر البَغدادي" زعيم تنظيم "داعش" مَملَكَةَ الاسْتِخْراء واسْتَقْبَلَه وليّ وليّ العَهد "محمّد بن سلمان" ، وكانَ مِن "ثِمار" هذه الزيارة تَسخين الأجواء تمهيدا للتدخُّل بِعمليات تفجير وحشيّة استهدَفَت بِتَعَمُّدٍ خبيث حيَّ الزهراء بمدينة حمص وحيّ السيّدة زينب بريف دمشق.
وفي 28فيفري/شباط2016 ردَّ الإسرائيليّون الزيارة بوصولِ وَفْدٍ إسرائيلي رسمي برئاسة شخصيّةٍ "رفيعة" إلى الرياض التقى خلالها المسؤولين السعوديين ،كما أكدت "القناة العاشرة " في التلفزيون الإسرائيلي التي قالت إن هذه الزيارة التي تأتي في سياق سلسلة زيارات مماثلة في الفترة الأخيرة و"لقاءات دافئة جَرَتْ بالفِعْل ولكن لا يُمكِنُ الحديث عنها" ، تؤكّد "العلاقات الحميمة جدّاً جدّا مع السعوديّة".
والقناة ذاتها أكدتْ أنّها تميط اللثامَ عن الزيارة الإسرائيليّة "السريّة " إلى السعوديّة "بِرِضى الرقابة العسكرية الإسرائيليّة" لأنَّ تل أبيب تريد أن تخرج العلاقات القائمة مع دول "الاعتدال العربي" وبَيْنَها جميع الكيانات الخليجيّة بدون استثناء إلى العَلَن "لتطويع الرأي العام العربي" ، لأنّ الهدف الإسرائيلي مِن هذه العلاقات هُوَ أن تكون مَدْخَلاً لِفَرْضِ "حَلٍّ إسرائيليٍّ" للقضيّة الفلسطينيّة على الفلسطينيين بِدُونِ تنازُلاتٍ إسرائيليّة بالمُقابِل.
وتقول القناةُ العاشرة الإسرائيليّة حَرْفيّاً :" إنّ المملكةَ السعوديّة بقيادَةِ الملك سليمان والأُمَراء الجُّدُد مِن حَوْلِهِ لا يَخْجَلُون مِن العَلاقة مع إسرائيل ، ولا يُبْدُونَ اهتِماماً بالقَضيّةِ الفلسطينيّةِ التي يَضَعُونها أسْفَلَ سُلَّمِ اهتماماتِهِم ، ويؤكدونَ للإسرائيليينَ كلّما التَقُوا بِهِم أنّهم غير مُهْتَمِّين بِما يَفْعَله الإسرائيليون مع الفلسطينيين بَلْ يُريدونَ إسرائيلَ إلى جانِبِهِم بَعْدَما تَرَكَتْ الولاياتُ المُتَّحِدة الأمريكيّة المنطقة ".
ولم يُخْفِ الطّرَفانَ أنَّ عَدَوَّهما المُشتَرك هُوَ دمشق وطهران و"حزب الله" ، وأنَّ القضيّة الفلسطينيّة ستكون أوَّل كبْش فِداء على مذْبَحِ إعلان هذه العلاقةِ القديمة ، وقد تقدَّمَ آلُ سعود إلى نُظَرائهم الإسرائيليين بِطَلَبٍ خَجُول لإخْراجِ هذه العلاقة مِن الغُرَفِ المُغْلَقَةِ إلى العَلَن وهُوَ أنْ تَظْهَرَ "إسرائيلُ " وكأنّها " تُحاوِلُ العَمَلَ على إيجادِ حَلٍّ للنِّزاعِ مَع الفلسطينيِّين".
وكانَ أوَّل ثِمار هذه الزّيارات استِخدام الريّاض سياسة إدارة علاقاتها الدّولية وتنفيذ سياساتِها الخارجيّة بالرِّشا وشراء ذِمَمِ الأفراد والجماعات والأحزاب والحُكُومات لِتَشويهِ "حزب الله" اللبنانيّ وتاريخه النّاصِع في مُقاومَةِ الاحتِلال الإسرائيلي وإصدار "فَتاوي" مِن مؤسساتٍ دينيّة وسياسية محليّة وإقليميّة وَدَوليّة تَصِمُهُ بالإرهاب كما يَصمُ أردوغان وحدات الحِماية الشّعبيّة الكرديّة السوريّة بالإرهاب كي يَتَساوى في ميزانِ الرأي العامّ حزبُ الله وحزبُ الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية الذين يقاتلون هُم والجيش العربي السوري ضدَّ مُرتزِقَةِ "داعش" و"جبهة النّصرة" وبقيّة الفصائل الوهابيّة التكفيريّة ، مع داعش وجبهة النّصرة وبقيّة الفصائل التكفيريّة الإرهابيّة التي تدعمها السعوديّة وبقيّة الكيانات الخليجيّة والكِيانان العثماني والصهيوني.
ولكنّ النتيجة التي لم يتوقَّعْها حَمْقى آل سعود أنْ يَتَحَوَّلَ عدوانُهُم الإعلامي والدبلوماسي الجديد على "حزب الله" إلى استفتاء جماهيريّ لِصالِحِ الحزبِ حتى في بَلَدٍ مثْلَ تونس ، وذلكَ لِسَبَبٍ بَسيطٍ أنّى لِمُلُوكِ وأمَراءِ الاستِخْراء أن يُدْرِكوه ، وهذا السبب هُوَ أنَّ انْتماء الأغلبيّة الجماهيريّة الإسلاميّة (العربيّة والكرديّة والأمازيغيّة) في غَرْبِ آسيا وشمالِ أفريقيا ليست انتِماءً طائفيّاً سنّيّاً ولا انْتِماءً طائفيّاً شيعيّاً ، بَلْ هُوَ انتِماءٌ إلى فلسطين بُوصَلَة أحرار العالم ، و "حزْب الله" اللبنانيّ بِبُطُولاتِ مُقاتِلِيهِ وَدِماء شُهَدائهِ في سُوحِ النِّضالِ ضدَّ العَدُوِّ الصهيونيّ وضدَّالإرهاب الذي يحرف البوصلةَ عن فلسطين باتَ واحِداً مِن رُمُوزِ النِّضالِ مِن أجْلِ فلسطينَ ، بينَما آل سعود منذ مؤسس كيانِهم السلطان عبد العزيز الذي كتب إلى مندوب "بريطانيا العظمى" في وثيقة "عطاء" : " لا مانع عندي من أن أعطي فلسطين لليهود المساكين أو غيرهم "(وكأنَّ فلسطينَ ناقَةٌ في قطيع بَعيره!) ، منذ ذلك السلطان الأرمَد "حتى تصيح الساعة" على حدّ تعبيره في رسالته المذكورة سيبقى آل سعود في الوعْي الجَّمْعِيّ للأجيال العربيّة والكرديّة والأمازيغيّة رموزاً كريهة لِلجّهالةِ والغَدْرِ وصناعةِ الفِتَنِ وتسويقِها وللعُبوديّة والعَمالةِ والتَّبَعيّةِ للصهاينةِ والمُستَعْمِرينَ ولو صَرَفُوا آخِرَ سَنْتٍ مِن ثَمَنِ آخِرِ برميلِ مِن احتياطيّهم النَّفْطي على شِراءِ الذِّمَمِ.
ولكنَّ الخَللَ (المُؤقَّت؟) في هذه المُعادَلَة هُوَ العلاقة الوثيقة بينَ أنقرة وطَهران وخاصّة على المستوى الاقتصادي ، والتي تَراجَعَتْ مُؤخَّراً بسبب العقوبات على إيران وليس بسبب الموقفِ التركي العِدواني إزاء سوريا أو الودّي إزاءَ تل أبيب ، وعلى الرُّغْمِ مِن هذا التراجُع لم تهبطْ قيمَةُ التبادُلِ التّجاريّ بينهما عن حَدِّ العشرة مليار دولار ، وفي زيارة رئيس الوزراء التركي "أحمد داوود أوغلو" إلى طهران ولقائه بالرئيس الإيراني "حسن روحاني" أعلن أوغلو عن عزْمِ الطَّرَفَيْنِ عَلى رفْعِ قيمةِ التبادُلِ التجاري بينهما إلى خمسين مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة ، وبيّن أنّ "تركيا بوابة إيران إلى أوروبا، وطهران بوابتنا إلى آسيا، وهذا يضمن لنا إمكانيات استثنائية في مجال النقل والدعم اللوجستي".
وقال إنّه في ملفات النقل البري والجوي والسكك الحديدية قرر الطرفان اتخاذ خطوات مهمة خلال الفترة المقبلة، كما سيتمّ تعزيز الروابط بين مرفأي مرسين وطرابزون في تركيا وبندر عباس في إيران من خلال خَطيّ قطارات سريعة في البلدين . وتحدَّثَ عن وُجُودِ تكامُل مَصرفيّ بين البلدين، يُعَدُّ من أهم العوامل التي ستدعم التجارة بينهما، معربا عن اعتقاده بأنّ رجال الأعمال الإيرانيين سيحوّلون في الفترة المقبلة اسطنبول إلى مَرْكز لمعاملاتهم المصرفية وتداولاتهم المالية. و قال إنه تمّ الآنَ تجاوز العقبات ويرغب في توقيع استثمارات في مجال الطاقة تتيح لشركات تركية الاستثمار في إيران وإنه بحث خلال زيارته توقيع صفقة جديدة بين البلدين تشمل تصدير الغاز إلى بلاده بأسعار تفضيلية.
إذَنْ ، وعَلى الرّغمِ مِن مَحاذيرِ سياسَةِ الجحود والنّكران والنّفاق التي يعتمدُها أردوغان وحزبُه (كَأيِّ حزْبٍ إخوَنجي)التي تجلّتْ مُؤَخَّراً بالغَدْرِ الوحشيّ بالحليفين الجارين والصديقين "الحميمين" : سوريا وروسيا قبلَ أن يقلبَ لَهُما ظَهْرَ المِجن على التوالي ، فإنَّ إيران الآن ليستْ أقلَّ براغماتيّة في سياساتِها الخارجيّة الإقليميّة والدّوليّة لا مِن أردوغان ولا حتى من الإدارات الأمريكيّة ذاتها ، فما بالك بَعْدَ أن تصبِحَ تَحْتَ قيادةِ الليبراليين كما تُراهِنُ الولاياتُ المُتَّحِدَة ؟.
وَواقِعُ الحال أنَّ ما يجْمَعُ هذه القِوى الإقليميّة الأربَع ( تركيا والسعودية وإسرائيل ...وإيران) أنَّها جَميعها تقوم على الفكر الديني وتُوَظِّف الدِّين أو المذهب الديني أو الطائفي لأغراضٍ سلطَويّة أو في خدمةِ مشاريعَ سياسيّة تتقاطَع استراتيجيا مع المشروع الصهيوني في المنطِقة على الرُّغم مِن تبايُن الشّعار السياسي المَرْفُوع هُنا عن الشِّعار المَرْفُوع هٌناك.
وإذا كانت إيران قد تباينَتْ في بدايةِ "الثورة الإسلاميّة" بغلق سفارة الكيان الصهيوني في طهران ورفْع عَلَم فلسطين فوقها ، فإنّها سُرعان ما حاوَلَتْ في سياق حماسَتِها لنظريّة "تصدير الثّورة" آنذاك التدخُّل في الشّأن الفلسطينيّ ، وحتّى بَعْدَ بُلوغ "الثورة" سنّ الرشد وانتقال الخطاب الثوريّ إلى خطاب دولةٍ رصينة هِي "جمهوريّة إيران الإسلاميّة" طَغى مَنْطقُ الوصاية على علاقة طهران بمنظّمة التحرير الفلسطينيّة الممثّل الشرعيّ الوحيد للشعب الفلسطيني ، وتَحَوَّلَ إلى عَداء مُعْلَن بِتَبَنّي طَهران حركةَ "حماس" التي نشأت أصلاً لِتحقيق هَدَف إسرائيلي – أردني مُشتَرَك هُوَ : التشكيك بِكَوْنِ منظمة التحرير الفلسطينيّة ممثّلا شرعيا وحيداً للشعب الفلسطيني وتمزيق الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة ، وتعويم القضيّة الفلسطينيّة وَحَرْفِها عَن مَسارِها الوَطَني وَطَرْحَها كقضيّة ذات طابع ديني إسلامي ، لِتَنْخَرِطَ حركةُ "حماس" لاحِقاً في مُؤامَرَةِ "الربيع العربي" التي تهدِفُ مُباشَرَةً إلى تصفيةِ القضيّةِ الفلسطينيّة ، وَتَنْقَلِبُ على العمود الفقري لِمِحْوَر المُقاوَمَةِ وَالمُمَانَعَة ، أعني دمشق ، وتُعلنُ اصطَفافَها معِ المُعَسكر التكفيري الإرهابي المَدعوم علناً مِن أمريكا وإسرائيل ، وتنقل مَقرات قيادتها في الخارج إلى قطَر وتركيا ...ولكنّ طَهْران تَتَفَهَّم وتستوعب وتجد "الأعذار؟" كما ستجد الآن لأردوغان . وَعلى الطريقة الخليجيّة تُريدُ طَهرانُ استباحَةَ الفلسطينيين مُسْتَغِلَّةً ظُرُوفَهُم الصّعْبَة بِمُحاوَلَةِ تَجاوُز مُنظمة التحرير الفلسطينيّة والسلطة الوطنية الفلسطينيّة لتَقديمِ مساعدات لعائلاتِ شهداء وجرْحى انتِفاضةِ القُدْس لِشِراءِ ولاءاتِهِم بِمَنأى عن المُؤسسات الوطنيّة التي تُمَثّلهم لكنّ الفلسطينيين الذين كُلّ طفل منهم مَشروع يَسوع وحُسين جديدين صَرَخُوا في وَجْهِ هذا السلوك الإيراني "هيهات مِنّا الذلّة!".
وَحتّى بَعْدَ أن تَواطأتْ حركةُ "حماس" بِصَمْتِها عَن مُحاوَلة السعوديّة وَصْم "حزْب الله" بالإرهاب ، صَمَتَتْ طهرانُ عَنها.
وَبَيْنَ طَهْرانَ التي تَجاهَلَتْ كُلَّ جرائمِ أردوغان ضدَّ وُجُود "حليفِها؟" في دمشق ، مُتَواطِئةً مَوضوعيّاً مع تلكَ الجرائم بل ومع الجرائم العثمانية التكفيريّة ضدَّ نُبّل والزهراء وكفريا والفوعة، بين طهران هذه وَبين أنْقَرَة تَواطُؤٌ عَريق ضدَّ الأكراد؟ ، بل ضدَّ حزب العمّال الكردستاني في تركيا وضدَّ وحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا الذين كانوا شريان نُبّل والزهراء وَصِلَتَهُما مع الشروط الأساسيّة لاستمرار الحياة.
إنَّ حليفَ دمشقَ الإقليميّ لا يُمكِنُ أن يكون في الوقتِ نَفسِهِ حليفَاً لِتركيا عَدوِّ دِمَشْقَ الوُجُوديّ الذي هو أيضاً حَليفٌ لإسرائيل وحَليفٌ للسعوديّةِ الحليفة لإسرائيل والعَدوّة مِثلها لِدِمَشقَ وَطَهْران. وكي يكتملَ هذا المشهَدُ الذي يَبدو مُعَقَّداً نُضيف إلى تلويناتِهِ أنَّ قيادةَ إقليم كردستان العِراق اليمينيّة برئاسةِ مسعود البرزاني حليفةٌ تاريخيّة لإسرائيل وحليفة حديثة لأردوغان ضدَّ حزب العمّال الكردستاني واليسار الكردي الأوجلاني عموماً في تركيا وسوريا، وَحُوثِيّو اليَمَن الذين دُمِّرَ الأخير بِذَريعَةِ أنّهم خَطَر يجب القضاء عليهِ ولو كَلّف ذلك كلّ مَظاهر الحياة مِن بَشَر وحَجَر وشجَر يُجْرُون مُباحثاتٍ في الأردن مع وفود الحكومة السعوديّة كي يكونوا ضمن تسوية يُديرون شُؤون الخراب اليمنيّ مع الرئيس "عبد ربّه منصور هادي" .
وأمّا الحديثُ عن وساطة إيرانية بين أنقرة وموسكو ، فهذا للاستِهلاكِ الإعلاميّ ، بينما الحديث عن وساطة ممكنة لتليين المواقف البينيّة بين الرياض وبين طهران حاليّاً ،(أو بين طهران وتل أبيب مُستَقبَلاً؟) فهذا مُمْكِن. وهذا كُلُّه سيكون برعاية أمريكيّة كامِلَة بَعْدَ إنجاز الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة على الرغمِ مِن حالةِ الحَرَدِ مِن أوباما التي تحكم سلوكات حُلفاء أمريكا القدامى والمُرَشحّين مُجَدَّداً في المنطقة.
إذَنْ أرى ضَغطاً سُعُوديّاً وخليجيّاً على مُنظّمَةِ التحرير والسلطةِ الوطنيّةِ الفلسطينيّتَيْن لصالحِ "حَلٍّ إسرائيليّ" للقضيّة الفلسطينيّة ، وبِموازاتِهِ رِعايَة تركيّة – خليجيّة لِصَفْقَةٍ بين حركة "حماس" والكيان الصهيوني كشريك فلسطيني بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية لإقامة الدولة الإسلامية السنّيّة "الفلسطينية" في قطاع غزّة إذا نجَحَتْ خطّةُ إقامة الشرق الأوسط الجديد ، وفي الوقت نفسه توظيفها كعامِل ضَغط إضافي على قيادة المنظّمة والسلطة الفلسطينيّتين.
وأرى في الوقتِ نَفسهِ مُحاولة لِتَحْويلِ الصِّراع ضدَّ الإرهاب الوهابي التكفيري الذي في طريقهِ إلى الحسم لِصالح الدولة السورية والقُوى الوطنيّة التي تُناهِضُ الإرهابَ وداعميه في الداخل والخارج ، إلى حَرْبٍ أهليّة بدأت تُطِلُّ برأسِها البَشِع بِقيامِ ما يُسَمّى "المجلس الوطني الكردي" التابع للائتلاف "السوري" العميل للرياض والدوحة وأنقرة وتل أبيب وواشنطن وأربيل إلخ بقصفٍ وحشيّ على مُواطنيّ حيّ "الشيخ مسكين" في حَلَب بذ ريعةِ ولاء الحيّ ذي الأغلبيّة الكرديّة لوحدات الحماية الشعبية أو الاتحاد الديمقراطي.
وقد حذّرت الرفيقة "إلهام أحمد" القياديّة في حزب الاتحاد الديمقراطي مِن هذا الخطَر الدّاهِم والمُستجِدّ. وهذا في رأيي واحد مِن السيناريوهات الرامية إلى اختراقِ مناطق سيطرة وحدات الحماية الشعبية الكردية السورية لتحويل مسار الحرب وتحالفاتها القائمة مِن حَرْب على الإرهاب إلى حرب أهلية يكون أوّل نتائجها فَكِّ الحِصار عن داعش وجبهة النصرة وأخواتهما مِن الجماعات الإرهابية التكفيريّة الأصْغَر.
ولذلكَ أرى في عمليّة وَقف إطلاق النار مُناوَرة أمريكيّة في ظلِّ حَرَد حُلَفاء واشنطُن مِنْها وبالتالي تكون واشنطن غير مسؤولة عن تصرّفاتهم حتى المتعلّقة بخرقِهِم وقف إطلاق النار (بينما الأمريكيّة تُدير ذلكَ كلّه !) لالتقاط الجماعات الإرهابية أنفاسَها ولَمْلَمَة نَفْسِها ، أمَلاً بِمُعْطَيات وتحالفات جديدة بينَ القوى الأيديولوجيّة الدينيّة مُجتمِعَةً (وحزب الله سيكون الاستثناء الذي يُؤكِّدُ القاعِدَة) ضدَّ القوى العلمانيّة مُجْتَمِعَةً المُعادية بطبيعتها للإرهاب التكفيري الإسلامي والعنصري الصهيوني والتي تعدّ فلسطين وقضيّتها العادلة بوصلة نضالية مُتَقاطِعَةً في ذلكَ مع "حزب الله".
إنَّ المَطلوب أمريكيّاً في المَرحلة القادمة التي تَلِي الانتخابات الرئاسية الأمريكيّة تحالُفاً إقليميا واضحا برعاية واشنطن يشمل تركيا ، إيران "الليبرالية"، السعوديّة ، إسرائيل ، واليمين الكردي في المنطقة والإخوان المسلمين بمن فيهم حركة "حماس" ومثيلاتها مِن الفصائل التي تتصدَّرُ الخلافة الإسلامية أولويّاتها ، بينما تبقى المسألة الوطنية في المؤخرة إن لم تغب تماما.
ويُفكِّرُ هؤلاء بأن يشنّوا حرباً ضروساً قد تتوسّع جغرافيا إلى خارج الحدود السورية كافة (بمشاركةِ داعش وجبهة النّصرة وسواهما من الجماعات التكفيرية والمرتزقة) لاجتثاث وإبادَة وحدات الحماية الشعبية الكرديّة والاتحاد الديمقراطي ، و"حزب الله" الذي سيكون عبئاً على إيران الجديدة مادام مُرتبطاً نضاليّاً ووجوديّاً بالقضايا المُترابطة في سوريا ولبنان وفلسطين ، ولإلحاقِ الهزيمةِ (خابَ ظنُّهُم ) بالجيش العربي السوري والوجود العسكري الروسي ، وفصائل منظمة التحرير الفلسطينيّة في سوريا ولبنان وحزب العمال الكردستاني في تركيا والعراق وإيران.
ولذلك على روسيا أن تكون أكثرَ يقظة وحزماً مِن هؤلاء الذين "يتمَسكَنُوا حتى يتمَكَّنوا" وفي مُقدّمتهم واشنطن ، وعلى وحدات الحماية الشعبيّة الكرديّة والاتحاد الديمقراطي خاصّةً أن يحذروا مِن الحصادِ الأمريكي السريع(قاعدتين جويّتين أمريكيّتين في مناطق نفوذ الوحدات الكردية!) وأن يُنسّقَ الآتي ذكرُهُم مباشرةً فيما بينهم سياسيا وعسكريا : الجانب الروسي والجيش العربي السوري ووحدات الحماية الشعبية الكرديّة وحزب الله والحزب القومي السوري الاجتماعي ومنظمة التحرير الفلسطينية وحزب العمال الكردستاني، وإلا ستكونُ لحظة النّصر على الإرهاب الأمريكي الصهيوني التكفيري العثماني الأعرابي الأسود ، التي كُنّا – ولازلْنا – نشمُّ عطْرَها ونَرى بَشائرها بالبصائر مِنّا ، أبْعَد ، وَدونها مسافات أَمَرّ!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.