القصرين: إصابة تلميذين إثنين بالة حادة داخل حافلة نقل    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    انتاج دجاج اللحم يعرف منحى تصاعديا خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    وزارة الفلاحة : 1350 مليون دينار كلفة تثمين مياه أمطار الجنوب الأخيرة    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انتخاب رئيس المجلس الوطني للجهات والاقاليم …مرور النائبين عماد الدربالي، واسامة سحنون الى الدور الثاني    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    عاجل/ قتيل وجرحى في حادث مرور عنيف بهذه الجهة    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    يورغن كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيدنا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. بحثا عن تعبيد الطريق إلى النهائي    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    تنبيه/ رياح قوية على هذه المناطق في تونس..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الاخيرة    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    مستجدات الوضع الصحي للأستاذ الذي تعرض للطعن على يد تلميذه..    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    غلق 11 قاعة بمعهد دوز و السبب ؟    رفعَ ارباحه ب 43%: بنك الوفاق الدولي يحقق أعلى مردود في القطاع المصرفي    ثبَتَ سعر الفائدة الرئيسي.. البنك المركزي الصيني يحافظ على توازن السوق النقدية    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    بعد فيضانات الإمارات وعُمان.. خبيرة أرصاد تكشف سراً خطيراً لم يحدث منذ 75 عاما    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهاجرون المغاربة في التنظيمات السلفية التكفيرية المقاتلة

تبدو ظاهرة انتقال المسلمين"للقتال في سوريا باسم "الجهاد"، ظاهرة، معقدة ومتداخلة في طبيعتها وأهدافها وفي الأطراف التي تديرها وفي حجم الأجانب المقاتلين سواء منهم العرب الحاملين لجنسية الدول العربية أو العرب الحاملين لجنسيات أجنبية أو غيرهم من الأقوام.
ويتوق أغلب أنصار التيار السلفي الجهادي التكفيري في العالم إلى حمل لقب "مهاجر" نظرا لوقع الهجرة في المخيال الإسلامي وهو ما يعني أنه بات من المجاهدين، وقد ينطبق الأمر أكثر على الذين يعيشون خارج "أرض الإسلام" ومنهم المهاجرون المغاربة في أوروبا.. وبحسب زعيم دولة العراق والشام "داعش" فإنَّ الأجانب هم مسلمون بارزون يسيرون على طريق النبي، وذلك من خلال هجرتهم ومساهمتهم في إقامة الدولة الإسلامية.
ورغم ما يتمتع به المهاجرون من بلدان المغرب الكبير في أوروبا من وضع معيشي مرضيّ و لائق في كثير من الأحيان،مقارنة بمواطنيهم المستقرين في بلدانهم الأصلية غير أنهم لا يترددون في الانتقال للقتال قي بؤر التوتر.
• فما هي العوامل التي تدفع الشباب المغاربة" المهاجرين" للالتحاق بساحات القتال وترك الرفاهية النسبية التي يعيشون فيها؟
• و ما هي ابرز القنوات المعتمد لتجنيدهم ؟
• وما هي أهم المواصفات الاجتماعية والثقافية لهؤلاء المقاتلين؟
• حدود تداعيات انخراط هؤلاء على الوجود العربي والإسلامي في أوروبا؟ وعلى الساسة الأوروبية تجاه القضايا العربية والقضية السورية تحديدا
I. حجم المقاتلين من يملك الحقيقة؟
1. المقاتلون الأجانب:
من الصعب تقدير الحجم الحقيقي للمقاتلين الأجانب في صفوف المنظمات التي تقاتل في العراق وسوريا فالمعطيات متضاربة ومتناقضة تقف وراءها،في الغالب، غايات وأهداف معينة. فأرقام التقارير الأمريكية والأوروبية عن عدد المقاتلين الأجانب في سوريا متناقضة ففي الوقت الذي يشير البعض أن العدد يتراوح بين 12 ألف مقاتل أجنبي من 81 دولة مختلفة.( ) يذهب آخر إلى أن العدد يصل إلى 15 ألف أجنبي منذ اندلاع الأزمة ينما بيّن تقرير أمريكي ثالث أن عدد المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا في سورية ضد الجيش العربي السوري منذ أفريل 2011 وحتى 31-12-2013 قد بلغ 248 ألف مقاتل أجنبي قُتِلَ منهم: 58 ألفا وغادر منهم 82 ألفا وهناك 12 ألفا مفقودا ، بينما لا يزال 96 ألف مقاتل أجنبي يقاتلون مع "النصرة" و"داعش" وغيرها من الفصائل المسلحة في سورية بواقع 87 جنسية.
وبالتوازي مع ذلك ذكر منسق توافد المقاتلين الأجانب في تنظيم "داعش"، ان ما يزيد عن 700 "مجاهد" يدخلون إلى سوريا شهرياً للانتساب إلى "الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى أن" هؤلاء ينتمون إلى 57 جنسية من مختلف دول العالم". كما أكد أحد قياديي "داعش" ان لدى التنظيم أكثر من 12 ألف "مجاهد"، من بينهم حوالي تسعة آلاف أجنبي ( ).ورغم هذا التصارب والاختلاف في الارقم والتقديرات يوجد شبه إجماع على أن ارض سوريا قد تحولت إلى اكبر فضاء لتجمع "الإرهابيين"، وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصف سوريا بأنها "مغناطيس الإرهاب".
2. المهاجرون المغاربة في القاعدة:
تعود علاقة المغاربة المهاجرين بالمنظمات السلفية التكفيرية،العابرة للقارات، وتحديدا تنظيم القاعدة الى سنة (1996) تؤكده رسالة تأييد لابن لادن وتنظيم القاعدة من قبل مهاجرين مغاربة في بلجيكيا ويعتبر التونسيان عبد الستار دحمان وبوراوي رشيد العوير من أوائل المهاجرين المغاربة المقيمين في اوروبا الذين قاموا بتنفيذ عملية اغتيال لصالح القاعدة وذلك باستهداف القائد العسكري الأفغاني السابق، أحمد شاه مسعود بكاميرا مفخخة قبل يومين من أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وكانت السلطات القضائية في بلجيكا، قد أدانت مجموعة الأصوليين عقب إلقاء القبض عليهم في أعقاب أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001، بناء على التهم التي وجهتها النيابة العامة لعدد من المتهمين في خلية يتزعمها احد الشباب التونسيين ، ومنها التخطيط لتفجير قاعدة عسكرية في منطقة كلاين بروغيل، واتهامات أخرى لخلية ثانية يتزعمها طارق المعروفي ، تتضمن تسهيل الحصول على وثائق وجوازات سفر مزورة لأشخاص لتسفيرهم الى باكستان وافغانستان للانضمام الى معسكرات. كان بلجيكيون من أصل مغربي هم المتهمين الرئيسيين في خلية بلجيكية تنتمي للجماعة المغربية للدعوة والقتال التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة ، نفذت التفجيرات التي استهدفت قطارات في مدريد في مارس / آذار عام 2004 قد أسفرت عن مقتل 191 شخصا، كما قتل 45 شخصا في هجمات الدار البيضاء التي وقعت في مايو / أيار 2003. الى جانب انتشار عدة خلايا قادها مغاربة مهاجرون في كل من فرنسا وايطاليا واسبانيا وهولندا والسويد والدانمارك.
2. المغاربة المقاتلون في سوريا والعراق:
تُقدر معظم مراكز الأبحاث المتخصصة أعداد المغاربة الموجودين في مختلف جبهات القتال في سوريا بحوالي 4000 شخص من مغاربة أوربا ومغاربة الداخل، وقد بدأت أعدادهم تتزايد باطراد منذ مطلع سنة 2012. التحق المغاربة في البداية بجبهة النصرة التي يقودها أبو محمد الجولاني، ثم بعد الإعلان عن تأسيس دولة الإسلام في العراق والشام ب"داعش" في ابريل 2013 التحق عدد من أولئك المغاربة بالتنظيم المذكور..
وفي آخر تقرير نشره المركز الدولي لدراسات الراديكالية، في لندن، اعتمد فيه على 1500 مصدر معلومات، بلغ عدد المقاتلين غير السوريين على الأراضي السورية أحد عشر ألف مقاتل بينهم قرابة الألفين من مسلمي أوروبا بعد أن كانوا لا يتجاوزون 440 قبل نهاية العام 2011، وكانوا آنذاك يمثلون ما لا يتجاوز 11في المائة من إجمالي المقاتلين غير السوريين ضد نظام بشار الأسد. ( )و ينحدر جزء كبير من المقاتلين «الأجانب» في تنظيم «داعش» من أوروبا الغربية وهم من أصول عربية وإسلامية، اكتسبوا الجنسيات الغربية بالهجرة أو الولادة.( )
أ‌- الفرنسيون الأكثر بين الجهاديين الأوروبيين
كان للمغاربة الحاملين للجنسية الفرنسية دور هام في حرب البوسنة ( ) وفقًا للبيانات التي أعلن عنها وزير الداخلية الفرنسي خلال تصريحاته في 15 مايو 2015 أمام لجنة تحقيق في البرلمان الفرنسي عن مراقبة المتطرفين، فإن عدد الفرنسيين المتورطين مع الجماعات المتطرفة ارتفع من 1683 أشخاص من الفرنسيين المقيمين داخل فرنسا بزيادة تقدر ب203 % مقارنة بشهر يناير 2014 اغلبهم من أصول مغاربية وبينهم 119 امرأة. كما أن 261 غادروا منطقة الجهاد بينهم 200 للعودة إلى فرنسا وقد يكون 85 قتلوا وهناك اثنان مسجونان في سوريا.( )
ب‌- هولاندا:
وتعتبر هولندا الدولة الأوروبية الثانية بعد فرنسا من حيث الوجود الإسلامي، مقارنة بعدد السكان.إذ يشكل المسلمون الجالية الثانية في البلاد.و يبلغ عدد المسلمين قرابة المليون من أصل 16 مليون نسمة. أما المسلمين الذين يتهمون بالتطرف فلا تتجاوز نسبتهم بين 5 إلى 15% من الأقلية المسلمة ويقدّر عدد المقاتلين في صفوف المجموعات التكفيرية السلفية في سوريا بنحو 200 مقاتل،حسب الحكومة، بينهم خمسون امرأة وينحدر 56 في المئة من المقاتلين الهولنديين في صفوف تنظيم "داعش" .
ج- البلجيك:
وصل عدد الأفراد من حاملي الجنسية البلجيكية الملتحقين بسوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا والعراق أكثر من 500 نفر منهم 80 % من أصول مغربية وتتراوح أعمارهم تتراوح بين 20 و29 سنة، ولقي حوالي 20 من البلجيكيين حتفهم في سوريا. ويعتبر فؤاد بلقاسم من أنشط الأفراد في إدارة شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر في كل من العراق وسوريا.
د- الأسبان:
يشير تقرير المعهد الملكي الإسباني للدراسات الدولية والإستراتيجية "الكانو"، الى أن معظم الجهاديين الأسبان هم من أصول مغربية أو جزائرية ، وقد تلقوا تدريباتهم في إسبانيا أو في الجزائر أو البوسنة، والغالبية العظمى منهم انخرط في خلايا إرهابية منظمة.
وتشير دراسة علمية أن حوالي 5٪ فقط من الجهاديين الأسبان الذين توجهوا إلى أراضي القتال بسوريا والعراق ولدوا في إسبانيا، وان 13٪ منهم يحملون الجنسية الإسبانية، والبقية هم من اصيلي المغرب والجزائر أو البوسنة.( )
3. تصنيف المهاجرين المغاربة:
يمكن تصنيف "الجهاديين"من أصول مغاربية المقيمين في في أوروبا إلى نوعين بحسب مكان قدومهم:
الأول: مغاربة مهاجرون ب"الصفة": وهم الذين جاؤوا إلى أوروبا للدراسة ، أو كطالبي لجوء سياسي هاربين من اضطهاد دولهم منهم من عمل في سلك الأئمة أو في غير ذلك من المهن المدنية...
الصنف الثاني: مغاربة مهاجرون ب"الوراثة": أي الذين ولدوا في أوروبا لآباء مهاجرين ويتمتعون بجنسيات بلادهم الكاملة، وتربوا في المجتمعات الأوروبية.
ويظهر أن الصنف الأول قد لعب دورا مركزيا في تجنيد الصنف الأول.
فما هي الأسباب والعوامل التي دفعت بهؤلاء للتحول الى سوريا و الانخراط في الحرب الدائرة هناك؟
II. العوامل:
تقف وراء ظاهرة تطرف المهاجرين المغاربة وانتمائهم للتنظيمات السلفية التكفيرية عوامل متداخلة. ففي بداية الحرب، ذهب عددٌ منهم لأغراض إنسانية( )ومع احتدام الحرب وتحويلها إلى حرب ذات بعد ديني و طائفي، تغير سبب التحاق هؤلاء لبؤر الصراع في العراق وسوريا خاصة:
1- ردود الفعل على بعض الإجراءات التي اعتبرت مسيئة للمسلمين كحظر الحجاب في بعض المدارس، أو السماح بتوزيع الأفلام المسيئة للإسلام. أو نشر الصور المسيئة للرسول (ص)دفعت كثيراً من الشباب المسلم إلى اخذ مواقف متطرفة من المجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها.
2- شعور بعض المهاجرين من أصول عربية بالتهميش خاصة بسبب الإجراءات التي تتخذها بعض الدول الأوروبية التي تعيش هواجس ومشاعر الاسلاموفوبيا.
3- ازدياد منسوب العنصرية الأوروبية ضد الأجانب الأمر الذي يجعلهم أكثر قابلية للانقلاب على مجتمعات تتشدق بالديمقراطية ولا تستطيع الخلاص من العنصرية على الأرض. ( )ولعل أحد أسباب هذه الظاهرة يكمن في التمييز على المستوى الاقتصادي وسوق الشغل. وكانت الدراسات القديمة تظهر أن درجة التدين تقل لدى الشباب المتعلم ممن لديه وظيفة مستقرة، لكن التقارير الجديدة تفيد بأن الشباب المسلم ذا التعليم العالي يشعر بالحرمان النسبي، وهو شعور يتولد من خلال الاعتقاد بأنه على الرغم من بذل جميع الجهود، فإنهم يحظون بفرص قليلة مقارنة بالسكان الأصليين، مما يدفعهم للتطرف فى التعبير عن الغضب والإحباط.
4- عوامل ذاتية: “تحقيق الذات” و”البحث عن البطولة والمغامرة” و”الرفاهية”
5- العوامل الثقافية:
يرى احد ابرز المختصين في قضايا "الإسلام السياسي" ان التفسيرات الثقافية وحدها لا يمكن اعتمادها لتبرير او تفسير "جاذبية تنظيم الدولة الإسلامية. فحتى الشباب الذين لا توجد لديهم خلفيات هجرة ينجذبون إلى الجهاد كما يرى ان لا علاقة للتطرُّف الإسلامي بفشل الاندماج". وبالعكس من ذلك اعتبرت إحدى المختصات في علم النفس أن تنامي التطرف في صفوف شبان فرنسيين من أبناء الجاليات المسلمة يعود إلى الهاجس المتزايد من قبل هؤلاء بسؤال الهوية، وطرحهم لقضايا تؤرقهم بشأن طبيعة التعامل مع الثقافة الأصلية.( ) كما أن الجيل الثانى من المهاجرين المغاربة لا يشعر بالانتماء العرقى للوطن الأم، كما هو الحال مع الجيل الأول، حيث يستبدلونه بالهوية الدينية، ويتبنون نشاطا دينيا ملحوظا يتفوق على الجيل القديم. فالشباب يعتزون بالانتماء للإسلام والمجتمع الإسلامي العالمي، حيث نجحت الجماعات الدينية فى تقديم إجابات واضحة لهم وشعور راسخ بالانتماء.
كما يعتقد البعض ان الانتماء إلى هذه التنظيمات الإرهابية، التي تدعي الشرعية الدينية، يرتبط بالبحث عن الهوية المفقودة أو التي تعتبر تحت التهديد، ويمثل هذا الانتماء، الإجابة السهلة عن السؤال حول الهوية أو القطيعة مع الماضي.
6- الاسباب السياسية:
يتجاهل البعض تاريخ العنف السياسي في القرن العشرين - وخاصة ضمن السياقات الاستعمارية لذلك يعتقدون ان لا علاقة للسياسة الخارجية الأوروبية الراهنة ولا للجرائم الاستعمارية بالتطرُّف الإسلاموي باعتبار ان "المتطرِّفون الشباب لا يتحدَّثون بتاتًا حول الحرب الجزائرية، حتى وإن كان جدُّهم أصله من الجزائر. وفي العادة لا يعرفون أي شيء قطّ حول ذلك". في حين يرى البعض
ان تنظيم "الدولة الإسلامية" هو "أحد الأعراض (المرضية) الناجمة عن أسلوب عمل الحداثة "العادي"، أي عن النظام العالمي، بدلاً من اعتباره عنصرًا خارجيًا، يُدمِّر هذا النظام من الخارج أو من فترة ما قبل الحداثة. ويثبت ذلك من خلال استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية وانتهاك الحدود الوطنية، التي تعود إلى القرن العشرين، وكذلك من خلال علاقاته باقتصاد البترول: كلُّ هذا يدل على أنَّ تنظيم "الدولة الإسلامية" هو ابن العولمة".
وبرغم وحشية هذا التنظيم غير ان هؤلاء يعتبرون ان الغرب هو الذي خلق هذا الوحش فهو" وُلد في حالة الفوضى والمذابح التي أعقبت غزو العراق في عام 2003. وساهمت النخب الحاكمة في السعودية وفي دول الخليج في عقيدته الطائفية وفي تمويله. وهذه النخب هي أقرب حلفاء الغرب في المنطقة - بعد إسرائيل. وكذلك تلعب هنا روسيا وايران دورًا مهمًا من خلال دعمهما نظام بشار الأسد.
- ضراوة وبشاعة الحرب التي قادها بشار الأسد ضد الشعب السوري، حركت لدى بعض الفئات نوعا من الحقد والرغبة في مواجهة هذا النظام. ( )
- ويظهر ان التقاعس الدولي لضمان حد أدنى من الحقوق الإنسانية في سوريا دفعت بالشباب المسلم الأوروبي من أصول مختلفة ومغاربية تحديدا لأن يكون ضحية للتضليل من جانب المتشددين الذين يستغلون حالة الإحباط لدى هؤلاء الشباب.
والأمر المثير للدهشة، أن استطلاع رأيٍ أجرته وكالة فرنسية تُدعى (ICM)، كشفت أن حوالي 16% من المواطنين الفرنسيين يدعمون "داعش". وفقاً للاستطلاع ذاته يتعاطف نحو 7% من العينة التي أجراها المركز من البريطانيين والألمان مع داعش. وقد تسوقنا تلك النتيجة الملفتة للاستطلاع إلى اتجاهين؛ أولهما، أن عددا لا يُستهان به من الأوروبيين قد كفر بسياسات الدول الكبرى ووجد أنها لا تختلف عن داعش سوى في الوسيلة وطريقة تسويقها، لذا كان تعاطفه مع داعش ربما نكاية في الدول الكبرى، وقد يذهب الاتجاه الثاني إلى إيمان البعض بأن قوات داعش تتعامل في إطار رد الفعل قبل الفعل وأن سلوكها هذا الآن ربما نتج عن السياسات الأمريكية في العراق والتهميش الذي حدث للسنة تحت حكومة المالكي.
III. آليات استقطاب المتطوعين الأجانب:
1. توظيف وسائل الاتصال و التواصل الحديثة:
- التجنيد الإلكتروني: وذلك بالاعتماد على عدة وسائل، ومنها اليوتيوب، ويمثل، على سبيل المثال، موقع Salafi media UK، أرضية لشبكات المهاجرين، وفي جانفي 2014م، وصل متابعو قنواتهم على اليوتيوب إلى 2,281.
- وبحسب تحليلات باحثي المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي التابع ل”كينغز كوليج”، فإن الصراع السوري هو الأكثر استخداما لوسائل التواصل الاجتماعي في التاريخ، حيث إن المقاتلين الغربيين يوثقون مشاركتهم على أرض المعركة وقت حدوثها في حسابات “فيسبوك” و”تويتر”، وهي مصدر أيضا للمقاتلين للحصول على معلومات من ناشرين غير رسميين أو من أشخاص لا ينتمون إلى أي جهة.
- وهناك "الناشرون الجدد"، ويُعَدُّ ناصر بلوشي مصدر الإلهام الأساسي لشبكات المقاتلين الأجانب في سوريا، الذين يعملون على تجنيد المقاتلين عبر الإنترنت، فعلى سبيل المثال تأثر بأفكار ناصر البلوشي خلال شهر واحد فقط 2.690 من المتابعين له على موقع "تويتر"؛ حيث نشر تغريدات مكتوبة بالإنجليزية. و يتابع 60% من المجاهدين الصفحة الشخصية لاحمد موسى جبريل، وهو مسلم من أصل أمريكي، على تويتر، و نحو 200,000، متابع على صفحة الفيس بوك الخاصة به.
- المواقع الرسمية،للمنظمات، مثل موقع "أنصار الحق" الفرنسي، الذي يحتوي على خطوات بسيطة لكيفية اعتناق الإسلام وتتبع التعاليم الدينية، ويجذب الموقع المتطرفين من خلال مقالات، وفيديوهات، ويعتبر هذا الموقع وجهة المتطرفين الإسلاميين الفرنسيين. ( )
- المنتديات وغرف الشات، التي ما زالت تستخدم كآلية للنقاش بين المتطرفين، باللغة الإنجليزية والفرنسية، ومثال على ذلك مركز الفجر الإعلامي، وكذلك ummah.com ومن ثَمَّ يتبين أن وسائل الإعلام الاجتماعي مثل (فيسبوك وتويتر) تسهم في نشر الأيديولوجيات المتطرفة، وتجنيد المقاتلين، وجمع الأموال للجماعات المتشددة( ).
2- دور بعض المساجد والأئمة: برغم أن الأغلبية العظمى من المساجد لا تعيِّن أئمة متطرفين، فإنها تعتبر "حاضنة" للمتطرفين والجهاديين، فهي وسيلة للتعرف على بعضهم ونشر أفكارهم. كما لبعض الأئمة في السويد والنرويج مثلا دورا في التحريض ( )كما أصبحت المدارس تحتل المركز الثاني في تجنيد الراغبين في السفر للانضمام إلى الجهاديين في سوريا والعراق.
3- دور الدعاة :بينت دوائر الامن الهولندية أنه كان لهجرة النشطاء الإسلاميين من الشرق الأوسط إلى هولندا دور في نشوء الشبكات والمنظمات السلفية والإسلامية في مطلع ثمانينات القرن المنصرم.
4- دور بعض المدارس السلفية: خاصة في بريطانيا وفرنسا، حيث ينشر هؤلاء أفكارًا معادية للغرب، ويتحدثون في بعض الأحوال بلسان "داعش". وقد كان، ولا يزال، دور هذه المساجد والعناصر والجماعات هو استقطاب الشباب المسلم إلى صفوفهم والقيام بتحضيرهم إما ليسفروا كجهاديين إلى مناطق التوتر أو القيام بوظائف داخل تلك الخلايا على المستوى الأوروبي. ( )
وحسب تقرير صدر في الصحيفة الألمانية BIRD، توجد مدارس إسلامية متطرفة في مدينة هامبورج، وهي ثاني أكبر مدينة في المانيا اذ يوجد على الأقل 25 مدرسة تنتمي للفكر السلفي والجماعات الإسلامية الأخرى المحافظة، وأن هناك سبعَ مدارس على الأقل تشن حربًا دينية ضد المدرِّسين وزملاء الدراسة غير المسلمين في شتى أنحاء المدينة.
5. التواصل المباشر ودور الشخصية النموذجية: وتبدو هذه التقنية عند البعض عاملا حاسما.يقوم العائدون من سوريا بدور مركزي في تحفيز مزيد من المتطوعين للتوجه إلى ساحات القتال السورية. يلجأ المراهقون لجماعات تقدم لهم شخصية كاريزمية ، تملك رؤية ذات أبعاد إنسانية تجسد المجتمع المثالي الذي ينشده السباب ويمتلك القائمون على تجنيد الشباب قدرة واضحة على طرح رؤية للتطورات العالمية قادرة على استقطاب الشباب إلي " ثقافة فرعية بديلة" تقوم على فكرة أن هناك حربا يخوضها العالم ضد الاسلام وأن الخلافة الإسلامية هي الملاذ الأخير لحماية المسلمين من الصليبيين.
6. دور السجون الأوروبية: يساعد تواجد المتطرفين والإرهابيين في السجون، على نشر أفكارهم وبرغم أن عدد المسلمين في بريطانيا يشكل نحو 4% من عدد السكان، غير أنهم يمثلون نحو 13,1% من إجمالي المسجونين، ويشكل المسلمون الفرنسيون في السجون نحو 53%. ورصدت صحيفة "دير شبيجل" الألمانية في 2 جويلية الجاري وجود اتجاه لدى المتطرفين لاستقطاب النزلاء في السجون الألمانية للانضمام للجماعات الجهادية عقب قضاء فترة عقوبتهم. ( )
7. قدماء المساجين:كما بينت نفس الدراسة ان عدد هام من المهاجرين الذين يذهبون للقتال هم ممّن كانوا يعيشون حياة غريبة عن الدين الاسلامي ، وبعضهم كان مدمنا على الكحول وله علاقات نسائية متعددة، قبل أن يشعروا بانهم أخطأوا في حياتهم فيدفعهم شعورهم بالذنب للتكفير عن سيئاتهم مما يجعلهم عرضة لاستقطاب جماعات متطرفة تخبرهم بان هذا الأمر هو الطريق الصحيح.هؤلاء الشباب ليسوا من الأمة الإسلامية. ولا توجد لدى معظمهم أية ثقافة دينية، ونادرًا ما كانوا يذهبون إلى المساجد. وجميعهم تقريبًا كانوا مجرمين صغار. وكانوا يشربون الكحول ويتعاطون المخدرِّات.
8. دور الجمعيات:
توجد بعض الجمعيات المتطرفة التي تقوم بدور هام في نشر الفكر السلفي من ذلك جماعة "المهاجرون في بريطانيا"، ، ومجموعة "فرسان العزة" في فرنسا، وجماعة "ملة إبراهيم" في ألمانيا. وأيضا تنظيم مماثل وهو “الشريعة من أجل فرنسا” وحركة “ستريت دعوة” (أي الدعوة في الشوارع) التي تنشط في ألمانيا والسويد.
وتحمل أولى جماعات السلفية الجهادية في هولندا اسم “هوفتادكروب”، وهي شبكة من المتطرفين الشباب يديرها محمد بويري، الشاب الهولندي من أصول مغربية الذي اغتال المنتج السينمائي ثيو فان غوخ في العام 2004. وجمعية "شريعة 4 في بلجيكا" التي قامت بعدة اعمال غير قانونية من ذلك محاولتها منع محاضرة للكاتب بنو بارنار في جامعة «أنفارس» (مارس 2010 حاولت). والقيام بأعمال عنف بعد أن قامت الشرطة بالتثبت من هوية امرأة منقبة في ماي 2012 و بعد عرض شريط «براءة المسلمين» الذي تهجم على الإسلاميين المتشددين في سبتمبر 2012 للتنظيم علاقات متينة مع تنظيمات إسلامية مشابهة في هولندا و بريطانيا وفرنسا وألمانيا ولبنان.
9. منظمات الإغاثة الإنسانية: تركز الجماعات الجهادية في سوريا على استقطاب الناشطين والمتطوعين في جهود الإغاثة الإنسانية في لبنان وتركيا والأردن من خلال دور قيادات التيارات السلفية في التواصل مع الناشطين الأكثر تعاطفًا والقابلين للاستقطاب، ودعوتهم لزيارة سوريا، وتفقد واقع المأساة الإنسانية، ثم تقوم التنظيمات الجهادية في سوريا، خاصة تنظيم داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام، بإقناعهم بالانضمام لصفوف المتطوعين، وتلقينهم المعتقدات التكفيرية، وتدريبهم على المهارات القتالية، وتصنيع المتفجرات، أو إعدادهم لتنفيذ تفجيرات انتحارية.
IV. بعض المواصفات:
1- الأصناف: يمكن التمييز بين ثلاث أصناف من المقاتلين في سوريا:
• أولا الشباب المتحمس من غير الجهاديين،وهو صنف تأثر عاطفيا بأحداث العنف في سوريا وتولدت له رغبة في المشاركة في القتال هناك من دون أن يكون متأثرا ضرورة بالإيديولوجية الجهادية.
• الصنف الثاني يشمل بعض المعتقلين السابقين على خلفية أفكار "جهادية" إلا أنهم لم يمارسوا العنف، وقد تجذر الفكر الجهادي لدى العديد منهم أثناء فترة السجن –وهذا ثمن عدم الحوار مع السلفية الجهادية داخل السجون.
• الصنف الثالث:يتكون من أفراد مؤمنين بالعنف المسلح ليس فقط في بؤر التوتر وإنما في مجتمعاتهم أيضا،لحد الساعة يمثلون تيارا هامشيا ضمن التيار السلفي الجهادي ولا يمتلكون قيادات بارزة لحد الآن.
2- السن: العديد من المقاتلين من الدول الغربية هم من الجيل الثاني أو الثالث للمهاجرين، وقليل منهم كان لديه اتصال مسبق مع جهات في سوريا. جزء كبير منهم من المراهقين في الخامسة عشرة من العمر. ومن أمثلة ذلك ان فتاة تدعى سونيا وهي من أب جزائري وأم ألمانية وتبلغ 16 عاما تم القبض على الفتاة وبحوزتها أوراق مزورة لمغادرة البلاد وبعد التحقيق معها تبين انها كانت في طريقها الى سوريا للحاق بفتيات أخريات سبقنها الى هناك. كما معدل أعمار ان 6 من جملة سبعة أشخاص المتورطين في تنفيذ اعتداءات باريس يتراوح هو نحو 23 سنة.
3- وللمرأة تصيب:
وعلى الرغم من أن أغلب المقاتلين الذين سافروا إلى سوريا والعراق هم من الرجال، فإن التنظيمات السلفية التكفيرية قد نجحت في جذب المرأة إلى صفوفها ، اذ تشير من 10 إلى 15% من المقاتلين الأوروبيين عنصر نسائي، منهم 30 على الأقل من السويد. وأكدت وسائل إعلام فرنسية أن أكثر من عشرين طالبة فرنسية من أصول مغربية التحقن، بداعش في العراق وسورية.
ويشار الى أن السلطات الأمنية الفرنسية كانت قد كشفت، عن وجود 100 فتاة وامرأة يحملن الجنسية الفرنسية يقاتلن في صفوف «داعش»، من بينهن 25 في المائة من أصول مغاربية.
كما عرفت بريطانيا ظاهرة «الجهاديات» من ذلك التوأم سلمى وزهرا حلاني (16 سنة) منزل أسرتهما في مانشستر في شمال إنكلترا وسافرتا إلى تركيا. وسرعان ما تبيّن أن الأختين قصدتا سورية حيث سبقهما أخوهما الأكبر علي (21 سنة).
وكان للمرأة دور كبير وراء حادث باريس الإرهابي، الذي خلف ما يزيد على 130 قتيلًا، على رأسهن "حسناء أيت بولحسن" 26 عامًا، التي أصبحت أول انتحارية في أوروبا، بعد أن فجرت نفسها باستخدام سترة ناسفة خلال مداهمة الشرطة لها في شقة في حي "سان دونيه" بحثًا عن مشتبة بهم في الهجمات التي وقعت في باريس.
وتصل نسبة الإناث إلى 18 في المائة من إجمالي المقاتلين البلجيكيين. وأشارت بعض الصحف الأوروبية إن المئات من النساء الشابات الأوروبيات، من بينهن مراهقات لا تتجاوز أعمار بعضهن 13 سنة، قد اختفين ثم ظهرن بعد فترة قصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب ما يسمى ب»الجهاديين» في «تنظيم الدولة الإسلامية» في الأراضي السورية، وقلة منهن في العراق.
4. ظاهرة الأشقاء المهاجرون الإرهابيون
ومن الظواهر التي ميزت القائمين المهاجرين المغاربة في أوروبا بالأعمال الإرهابية التي قام بها هي ظاهرة "الأخوة الإرهابيين"، أي أن يكون المهاجمون الشقاء أو إخوة، أو يتم ظهور أحدهما في فترة لاحقة، ضمن عمل إرهابي جديد.فالأخوين إبراهيم وخالد بكراوى، المتهمان بتنفيذ الهجمات الانتحارية في مطار بروكسل، لم يكونا الوحيدين الذين لهما رابط أخوي. ففي مطلع عام 2015، اتهمت السلطات الفرنسية سعيد وشريف كواشي بالهجوم على صحيفة شارلي إيبدو، والذين قتلا فيما بعد في اشتباكات مع الشرطة الفرنسية. كما أن صلاح عبد السلام، والذي ألقت الشرطة البلجيكية القبض عليه بتهمة المشاركة في هجمات باريس في نوفمبر 2015، هو أيضا شقيق إبراهيم عبد السلام، أحد الانتحاريين المفترضين في تنفيذ تلك هجمات باريس، والتي خلفت حوالي 130 قتيلا.وهناك حالة التحاق الطفل يونس أباعود (13 عاما) بأخيه عبد الحميد أباعود بسوريا الذي قتل على يد قوات الأمن الفرنسية رفقة ابنة خالته الجهادية حسناء أيت بولحسن في هجمات باريس، في 19 نوفمبر2015. والإخوة أحميدان الأخوان محمد ورشيد أولاد عكشة من منفذي أحداث مدريد 2004 الإرهابية والأخوان مرّاح.
وتفسّر هذه الظاهرة بعدة عوامل منها :
- طبيعة الارتباط الأسري بين الشقيقين او اكثر والتي قد تكون قوية ومتينة..
- قوة التأثير المعنوي والعاطفي للأخ الكبير على الأخ الصغير
- دور عامل الثقة بين الاثنين واطمئنان الأخ المنظّم (السلفي التكفيري) للأخ الصغير الأمر الذي يساهم في استقطاب الإخوة لبعضهم البعض في تلك التنظيمات كما تطمئن التنظيمات بدورها لوجود الإخوة وذلك لتفادي الاختراق الأمني
- سهولة التواصل المباشر بين الأشقاء دون الحاجة لوسائل التواصل الحديثة التي عادة ما تكون مراقبة من قبل أجهزة الأمن الأمر الذي يضاعف من تأمين سرية العمليات ونجاحها.
- سعى التنظيمات الإرهابية على تجنيد الأشقاء في صفوفها لسهولة تمرير الأفكار والمعطيات في ما بينهم... و يضاعف من تأمين سرية العمليات ونجاحها،. ( )
خاتمة:
استشعرت الدول الأوروبية خطر تورّطها في المستنقع السوري ويظهر أنها بدأت تدفع ثمن تورّطها ذاك لذلك بدأت في اتخاذ العديد من الإجراءات،الداخلية والخارجية، لصدّ مواطنيها من السفر إلى سوريا غير أن ذلك لن يوقف هذا المد ولن يقلّص من حجمه ومن آثاره داخل تلك الدول أو بالنسبة للبلدان المغربية التي ستستقبل رغما عنها أبناءها المطرودين من أوروبا بعد سحب من بعضهم الجنسية عنهم.كما أن عودة هؤلاء الذين تلقوا تدريبا عسكريا متميزا قد يؤدي إلى مضاعفة انتشار العنف في الدول الأوروبية مستقبلا.كما أن عمليات العنف التي قامت بها العناصر المغاربية المهاجرة العائدة إلى مناطق استقرارها في أوروبا قد تعزز من صعود حكومات اليمين المتطرف، وما سيفرضه ذلك من تبنى تلك الحكومات اليمينية لإجراءات أكثر تشددا وصرامة تجاه المهاجرين المسلمين عامة والمغاربة.

* د. عبد اللطيف الحناشي: أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن، الجامعة التونسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.