أثار قرار الحكومة التونسية رفع حظر التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة وإلغاء القرار الذي تمّ اتّخاذه يوم 28 مارس الماضي، ترحيب عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية التونسية التي رأت فيه نصرًا للحرية والقانون، وذلك في الوقت الذي يعقد فيه المجلس التأسيسي جلسة مساءلة لوزير الداخلية، علي العريض، حول الأحداث التي شهدتها العاصمة التونسية، والتي أثارت استياء العديد من مكوّنات المجتمع المدني. وفي هذا السياق عبّر الحزب الجمهوري عن ارتياحه "لتراجع وزير الداخليّة عن قرار غلق شارع الحبيب بورقيبة في وجه التّظاهر السّلمي"، وقال في بيان رسمي وقعته ميّة الجريبي، الأمينة العامّة "يعتبر هذا القرار خطوة في الاتّجاه الصّحيح". كما أعلن الحزب الجمهوري، وهو ائتلاف يضم عدد من الأحزاب الوسطية، "تمسّكه بتكوين لجنة تحقيق مستقلّة فعلا للوقوف على حقيقة الأحداث، تتولّى تحديد المسؤوليّات وإطلاع الرّأي العام على نتائج أعمالها في أقرب وقت"، مؤكّدا أنّ "وحدة القوى الديمقراطيّة ويقظة المجتمع المدني تبقى الضّمانة الأساسيّة لصون الحرّيّات العامّة والفرديّة وحماية مكاسب الثّورة". من جانبها، قالت حركة المسار الديمقراطي الاجتماعي (ائتلاف يضم حركة التجديد الشيوعية وحزب العمل وعدد من المستقلين) إنّها "تسجل بإيجابية تراجع الحكومة عن قرارها الجائر" وأضافت "يُعتبر هذا القرار نصرا للحرية والقانون"، مهنّئة "كافة القوى الحية في المجتمع السياسي والمدني بهذا المكسب". وجدّدت الحركة طلبها بإرسال "لجنة مستقلة للتحقيق الجدي والموضوعي وتحديد المسؤوليات في الأحداث التي جدت يوم 9 أبريل 2012 في وسط العاصمة وفي كل مواطن الإخلال بمبدأ حياد الإدارة والجهاز الأمني والتداخل بينه وبين الأحزاب"، داعية "كافة مكونات المجتمع المدني والقوى الديمقراطية إلى اليقظة الدائمة دفاعا عن الحريات العامة والفردية". من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، "هو قرار جريء وحكيم من وزير الداخلية" وأضاف "من شأنه (القرار) أن يجنب تونس الكثير من التوترات والتجاذبات". يُذكر أنّ العديد من الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني والقوى الحيّة، قد أجمعت على أنّ قرار منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة "يهدف للتّضييق على حرّيّة التّعبير والتّظاهر". وعلى الصعيد نفسه، حيّا حزب المجد "قرار مجلس الوزراء ووزير الداخلية بالتراجع عن إجراء منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة، أحد الرموز المكانية لتحرر التونسيين وآخر محطات سقوط دولة الاستبداد"، وعبّر الحزب، في بيان رسمي له، "عن تقديره لكل من ساهم في الدفاع عن حق التظاهر السلمي في كنف الحفاظ عن النظام العام والسلم الاجتماعية والوحدة الوطنية". وكان عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي قد نظّموا يوم الثلاثاء، مسيرة رمزية بالشارع الرئيسي للعاصمة والتقوا بالوزير العريض، أين عبروا عن استنكارهم للعنف اللفظي والجسدي الذي تعرض له يوم أبريل 2012 عديد المواطنين والحقوقيين والصحافيين والشخصيات الوطنية من بينهم نواب بالمجلس من قبل قوات الأمن ومجموعات من المدنيين يشتبه في انتمائهم للحزب الحاكم. كما طالبوا بالاعتذار لضحايا القمع وبإلغاء قرار منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة بوصفه قرارا غير قانوني ومعاد لأبسط الحريات العامة التي اكتسبها الشعب بفضل ثورته المجيدة فضلا عما في إصرار الوزارة على فرض تطبيقه بالعنف يوم عيد شهداء الحركة الوطنية من استخفاف بمشاعر الشعب ومس من رموزه. وفي هذا السياق يعقد المجلس الوطني التأسيسي التونسي، مساء الخميس، جلسة مساءلة لوزير الداخلية، علي العريض لمناقشة الأحداث التي جدت بشارع الحبيب بورقيبة والانهج المحاذية له يوم 9 أبريل لمناسبة مسيرة عيد الشهداء والتدخل العنيف من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين. وكان من بين المتظاهرين اللذين تعرضوا للعنف صحفيون ومحامون وحقوقيون ونشطاء من المجتمع المدني. وتأتي جلسة المساءلة بالرغم من قرار مجلس الوزراء "فتح تحقيق في أحداث العنف التي وقعت، يوم الاثنين الماضي، بالعاصمة بين الشرطة ومتظاهرين الذين أرادوا الاحتفال بعيد الشهداء في شارع الحبيب بورقيبة". وكان وزير الداخلية، قال يوم الأربعاء إنه "تقرر تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث العنف إضافة إلى نشر كاميرات مراقبة في شارع الحبيب بورقيبة والسماح المشروط للتظاهر فيه". من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، سيمر ديلو، "إنّ تركيبة اللجنة وأعضائها سيتم الإعلان عنه لاحقًا"، فيما أكد علي العريض أن اللجنة ستكون "محايدة" و"مستقلة".