قررت الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس، مساء يوم الأربعاء 12 مارس 2012، تأجيل النظر في قضية "براكة الساحل" الى يوم 24 مارس الجاري للاستماع إلى مرافعات الدفاع عن كل من المتهمين والقائمين بالحق الشخصي فضلا عن مرافعة النيابة العسكرية وخصصت جلسة يوم الأربعاء 12 مارس 2012 في فترتها الصباحية لسماع القائمين بالحق الشخصي الذين تمسكوا في شهاداتهم بما سجل عليهم من قبل قاضي التحقيق فيما طالب بعضهم بإجراء مكافحات بينهم وبين عدد من العسكريين الذين كانوا ماسكين بزمام الأمور زمن واقعة التعذيب في بداية تسعينات القرن الماضي. وأفاد كل من المتضررين الهادي القلسي وسالم كردون أن التعذيب الذي تعرضوا له أدى بهم الى قسم العناية المركزة بالمستشفى العسكري الذي تم تسجيلهم به تحت أسماء مستعارة مؤكدين أن ملفاتهم تبين تعرضهم للتعذيب وليس للتعنيف. وفور الانتهاء من سماع المتضررين تولت هيئة المحكمة، برئاسة القاضي نبيل القيزاني، استنطاق المتهمين الأربعة الموقوفين في هذه القضية. وباستنطاق عبد الرحمان القاسمي، الذي كان زمن أحداث براكة الساحل يشغل خطة مفتش مكلف بالأبحاث الميدانية بخصوص موضوع التطرف الديني بإدارة أمن الدولة، أنكر إشرافه على عمليات التعذيب أو قيامه بها مؤكدا أن عمله كان ميدانيا بحتا. ومن جهته صرح محمد ناصر العليبي أنه كان يعمل في الإدارة الفرعية لمقاومة الاجرام وتم نقله أواخر شهر ماي 1992 الى إدارة أمن الدولة دون أن يباشر أي عمل بها الى أن تمت إعادته أواخر شهر جوان من نفس السنة الى منصبه السابق نافيا أن يكون قد تلقى أية تعليمات من المتهم محمد علي القنزوعي بخصوص العسكريين المتضررين. وقد حظيت عملية استنطاق مدير عام المصالح المختصة بوزارة الداخلية زمن الواقعة محمد علي القنزوعي بنصيب الأسد في جلسة يوم الأربعاء 12 مارس 2012 والذي كشف أن مدير إدارة أمن الدولة عز الدين جنيح أعلمه آنذاك أنه تلقى انابة عدلية من القضاء العسكري لإجراء الأبحاث بخصوص الاشتباه في تورط عدد من العسكريين في تنظيم سري لقلب نظام الحكم مؤكدا جهله لأي تجاوزات أو أعمال عنف تجاه المتضررين طوال فترة الأبحاث. وذكر أنه اقتنع أن التهمة الموجهة الى العسكريين المتضررين وهمية فقام برفع الأمر الى وزير الداخلية عبد الله القلال مشافهة بعد أن طلب من جنيح معاينة المنزل الكائن ببراكة الساحل والذي ورد أنه كان مقر اجتماعات العسكريين السرية فاكتشف أن المنزل المذكور لا يتسع لعقد هذه الاجتماعات لصغر حجمه ولوقوعه قبالة مركز الحرس الوطني بالجهة. وباستنطاق وزير الداخلية الأسبق عبد الله القلال أفاد أنه لم يكن مختصا في الأمور الأمنية وأن تكوينه العلمي إداري واقتصادي بحت مؤكدا أنه طوال عمله بوزارة الداخلية لم تكن له أي سلطة إدارية وعملياتية عليها. وأضاف أن الرئيس السابق والمتهم الرئيسي في قضية الحال طلب منه زمن الواقعة عدم الاهتمام بالقضية قائلا له حرفيا "هذا شأني" نافيا أن تكون له أي صلة من قريب أو بعيد بهذه القضية لأن الرئيس السابق كان، على حد قوله، يتصل مباشرة بإطارات الوزارة والذين من بينهم محمد علي القنزوعي. وكان حسن الغضباني أحد محامي الدفاع قد ألح في طلب إضافة الحكمين عدد 76110 و76111 المتعلقين ببراكة الساحل ومحاضر الجلسات بتواريخ 14 و17 و18 و19 جويلية 1992 واستدعاء كل من حمادي الجبالي والصحبي عتيق وعبد اللطيف المكي والحبيب اللوز والصادق شورو وعبد الكريم الهاروني ومحمد بن سالم لسماع شهاداتهم بخصوص عمليات التعذيب لأنهم حوكموا في نفس القضية وسانده في ذلك جميع محامي الدفاع عن المتهمين غير أن هيئة المحكمة رفضت البت في هذا الطلب. وكانت الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بتونس قضت يوم 29 نوفمبر 2011 ، غيابيا، بسجن كل من المتهم الرئيسي في القضية، زين العابدين بن علي وعز الدين جنيح وزهير الرديسي وحسين الجلالي وبشير الرديسي كلهم في حالة فرار لمدة 5 سنوات مع الإذن بالنفاذ العاجل، فيما تراوحت الأحكام في حق بقية المتهمين الموقوفين عبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعبد الرحمان القاسمي ومحمد ناصر العليبي بين 3 و4 سنوات سالبة للحرية. كما قضى الحكم بتغريم جملة المتهمين بمبلغ 50 ألف دينار لفائدة كل متضرر في هذه القضية وهم علي الصالح بن سالم والمنجى جقيريم ورشيد تريمش، لقاء الضرر المعنوي الذي لحقهم. يذكر أن قضية "براكة الساحل" تعود أطوارها إلى سنة 1991 واتهم فيها عدد من ضباط الجيش الوطني بالتخطيط للانقلاب على نظام بن علي وتعرضوا على خلفية هذا الاتهام إلى عمليات تعذيب.