الموت سنة الله في خلقه، وباب كل الناس داخله وحوض كلنا وارده. ولكن أن يتحول الموت إلى مناسبة للشماتة فتلك مسألة لا يرضاها خلق كريم، وأما أن تتحول إلى فرصة للنفاق والتزلف فأمر غير مستغرب من ذوي الطبع اللئيم، وما أكثرهم! توفي طفل هو حفيد "الريّس" مبارك، قلنا رحمه الله وأحسن الله عزاء أهله ولعل الله قد أراد به خيرا إذ أخذه قبل أن يُسأل عن الظلم وعن المال من أين اكتسبه وفيما أنفقه! لاشماتة في الموت! الموت لا يستشير وقد يختطف الأحبة بالقصف أو بالمرض أو من غير علة! تعالت الأصوات مزايدة على بعضها ومبدية التعاطف مع "الجد" المكلوم! آخر خبر في الراديوهات والتليفزيونات والجرائد والمجلات "محمد" مات! جميع المؤسسات والأفراد والجمعيات مدعوون للتضامن وابداء الحزن على المصاب الجلل! ... كيف لا "والموت" قد اختار طفلا كان يمكن أن أن يكون ذا شأن! ... أو لعله كان يُعدّ ليكون الجيل الثالث من آل مبارك على عرش مصر وكان سيُلقّبُ ب "محمد مبارك الثاني"! مداخلات كثيرة ومتعددة صدرت عن إعلاميين وسياسيين غاية في الغرابة والعجب! شيخ أزهري يقول بأن الله يحب الريّس ويريد أن يدخله الجنة لذلك أخذ حفيده! أما "الزعيم العروبي" السيد مصطفى البكري فقد قال:" 28 سنة والريس يطبطب علينا وقد جاء اليوم الذي نرد فيه الجميل ونطبطب عليه" نعم لم يكل "الريّس" طيلة الثماني وعشرين سنة من حكمه من "الطبطبة" على شعبه! ولكن ليس بيد "حنينة" وإنما بمطارق من حديد! ... حتى أن "طبطبته" قد أحدثت آثارا وخدوشا على وجه مصر يصعب على الأطباء الماهرين إزالتها ومحو آثارها ليعود وجه مصر إلى حسنه وجماله! بعد أن يغيب "حسني وجمال"! لو أن الريس ارتقى فوق الخلافات و"طبطب" على أهالي غزة التي حُرق أطفالها أمام عينيه وماتوا جوعا ومرضا بسبب حصاره، لكان يمكن أن ننسى ما كان منه ، ولكن الأرواح أرواح والدماء دماء ومن جوّع كمن قصف ومن قال أقتل كمن قتل! تعددت الأسباب والموت واحد! وإنا لله وإنا إليه راجعون