مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا يقظ : مغارة الفسفاط و32 مستثمرا
نشر في صحفيو صفاقس يوم 13 - 05 - 2020

لم يكتفوا بالتغلغل داخل الحوض المنجمي ولم يقتصروا على بعض الصفقات، بل أصبحوا أسيادا للنقل المنجمي وأصحاب الشأن والمستحوذين على الحصة الأكبر من عائدات نقله. اما القطار الذي كان فيما مضى الناقل الأساسي للفسفاط، فقد أحيل على بطالة اجبارية طويلة الأمد..
من مجموع 378 مليون دينار قيمة صفقات نقل الفسفاط بين 2011 و2017، غنمت الشاحنات الخاصة 43 %، على حساب الناقليْن العموميين أي الشركة التونسية لنقل المواد المنجمية بنسبة 32% والشركة الوطنية للسكك الحديدية بنسبة 24%، وفق وثائق رسمية حصلت عليها أنا يقظ.
فبعد أن كانت سكة الحديد هي الناقل الأساسي للفسفاط، تقهقر القطار الى أسفل المراتب والأولويات في هذا القطاع الاستراتيجي متسبّبا في تراجع لافت في عائدات شركة سكك الحديد، وفي خسارة بالمليارات لدى شركة فسفاط قفصة جراء ارتفاع تكلفة النقل بالشاحنات بما إن سعر نقل الطن من الفسفاط بلغ 31 دينارا. كيف حدث ذلك اذن؟ ولماذا باتت الشركات الخاصة هي المهيمنة على نقل الفسفاط؟ من يتحمل مسؤولية ترجيح كفّة الشاحنات الخاصة على حساب الناقلين العموميين.
164 مليون دينار للناقلين الخواص
بينما يربض القطار بجبال المتلوي، غير بعيد عن مغسلة كاف الدور، مليئا بالفسفاط منذ 4 أكتوبر 2017 جراء تعطل الخط 15 الذي تضرّر من هطول أمطار غزيرة بالجهة وتنتظر قطارات أخرى في مستودعات الشركة، تكفّلت 32 شركة خاصة بنقل الفسفاط عبر الشاحنات* من الحوض المنجمي الى صفاقس وقابس في الفترة الممتدة بين 2011 و2017، محققة مداخيل ب164 مليون دينار، وفق وثائق رسمية حصلت عليها أنا يقظ من شركة فسفاط قفصة والشركة الوطنية للسكك الحديدية.
وقد حقّقت شركة الأخوة رضواني لنقل البضائع SOFRATRAM أعلى عائدات في نقل الفسفاط بلغت 31،4 مليون دينار، وذلك إثر امضائها عقود مع CPG بين 2011 و2017، تلاها مجمع الشركات الذي يشارك فيه النائب الفائز الانتخابات التشريعية الاخيرة عن قفصة لطفي علي بإيرادات تجاوزت 23 مليون دينار.
أما أضعف المداخيل فكانت من نصيب مجمع يضم أربع شركات، بعقد قيمته 440 الف دينار في جوان 2017.
بالتوازي مع هذه الصفقات التي تم ابرامها بين شركة فسفاط قفصة والعشرات من الشركات الخاصة، كان النصيب الضعيف للشاحنات العمومية في نقل الفسفاط، وقدرت عائداته ب122 مليون دينار بين 2011 و2017.
تعود ملكية هذه الشاحنات الى الشركة التونسية لنقل المواد المنجمية التي تم تأسيسها ابان الثورة، وهي مؤسسة عمومية، لمعاضدة مجهودات الدولة في نقل الفسفاط.
وتم بعث شركة نقل المواد المنجمية في جويلية 2011، في صفقة قامت خلالها الدولة بشراء شاحنات مستعملة من ناقلين خواص وبإدماج سواقهم، فضلا الحاق إطارات من شركة فسفاط قفصة، ما جعل هذا الناقل العمومي يواجه منذ انبعاثه مشاكل جمّة تراوحت بين ماهو لوجستي (وسائل نقل مهترئة) وما هو متعلق بتأطير العملة، ينضاف اليها افتقاره الى ورشات اصلاح لصيانة المعدات، وفق ما ذكره المدير المركزي للتزود والإنتاج بشركة قفصة رؤوف عبد النبي على هامش حلقة نقاش نظمتها أنا يقظ بمدينة قفصة في 5 سبتمبر 2019.
وقد كانت قيمة الصفقات التي تم ابرامها بين شركة فسفاط قفصة والشركة التونسية لنقل المواد المنجمية في اطار كالآتي:
* في 2016: صفقة بقيمة 61 مليون دينار
* في 2014: صفقة بقيمة 577 ألف دينار
* في 2013: 11 مليون دينار
* في 2011: 44،3 مليون دينار
ونظرا لعجز الشركة التونسية لنقل المواد المنجمية عن تحقيق برنامجها السنوي في نقل الكميات الفسفاط المتفق عليها مع شركة فسفاط قفصة، كثيرا ما كانت تلجأ الى تأجير شاحنات خاصة لتحقيق ما تم الاتفاق عليه.
من جهته تدحرج القطار الى المرتبة الثالثة لنقل الفسفاط، محققا إيرادات جملية ب 92 مليون دينار بين 2011 و2017، بينما سبق له ان غنم حوالي نصف هذه المداخيل في سنة وحيدة أي في 2010 التي وفرت فيها الشركة الوطنية للسكك الحديدية (SNCFT) 41،5 مليون دينار من نقل المواد المنجمية.
منذ 2011 ابرمت شركة SNCFT خمس اتفاقيات مع CPG لنقل الفسفاط داخل الحوض المنجمي ونحو المعامل الكيمياوية بقابس وصفاقس. كان يفترض ان تنتعش خزينة شركة سكك الحديد بما لا يقل عن 190 مليون دينار بين 2011 و2017، لكن الحصيلة كانت في حدود 92 مليون دينار فقط.
تشير تقارير مراجع الحسابات حول القائمات المالية للشركة بين 2013 و2016 الى تحقيق SNCFT للإيرادات التالية في نقل الفسفاط:
سنة 2011: 12 مليون دينار
سنة 2012: 15 مليون دينار
سنة 2013: 15،5 مليون دينار
سنة 2014: 19،8 مليون دينار
سنة 2015: 14 مليون دينار
سنة 2016: 16 مليون دينار
سنة 2017: 0 مليون دينار
هذا التراجع الكبير لنصيب القطار يمثل نقطة اختلاف لافتة بين ادارتي شركة فسفاط قفصة والشركة الوطنية للسكك الحديدية. إختلاف لمسته أنا يقظ على هامش حلقة النقاش التي نظمتها في قفصة. فلئن يفسر رؤوف عبد النبي عن CPG الأسباب الداخلية لتراجع النقل الحديدي بعدم توفير شركة سكك الحديد لما يكفي من القطارات رغم الحاجة الملحة لها من قبل شركة فسفاط قفصة، فقد برّر محمد الهادي الفالحي المسؤول بالإدارة الجهوية للسكك الحديدية بقفصة هذا التقهقر بعدم تلاءم فضاءات التفريغ بكل من شركة فسفاط والمجمع الكيمياوي مع عربات القطارات المتوفرة حاليا بالأسواق العالمية والتي تنوي سكك الحديد اقتناءها.
لغز أسعار النقل
اللافت في مختلف العقود التي أبرمتها شركة فسفاط قفصة مع الناقلين الثلاث عدم توحيد الأسعار. فلئن تراوحت أسعار الشحن والنقل للشركات الخاصة بين 10 و31 دينارا للطن الواحد، بالنسبة للنقل من قفصة الى قابس أو صفاقس، فقد تراوحت بين 12 د و26 د بالنسبة للشركة التونسية لنقل المواد المنجمية، بينما لم يتجاوز سعر نقل الطن على متن القطار عشرة دنانير.
هذه الأسعار تكشف فارقا بخمس دنانير بين الشاحنات الخاصة والشاحنات العمومية وفارقا بعشرين دينارا بين الشاحنات الخاصة والقطار، ما تسبب في خسارة مضاعفة للمال العام، في وقت تعاني فيه شركة فسفاط قفصة والشركة التونسية لنقل المواد المنجمية والشركة الوطنية للسكك الحديدية من أزمات مالية خانقة. اذ استنجدت CPG بالاقتراض من البنوك من أجل خلاص مرتبات موظفيها في أفريل 2019، بينما يتحدث العديد من عمال شركة نقل المواد المنجمية عن التبعية المالية لشركتهم الى CPG المشغل الأساسي والممول لها.
وفضلا عن ضعف المداخيل خلال السنوات المنقضية، كانت 2017 سنة فارقة بالنسبة للسكك الحديدية بما انها لم تشهد أي مداخيل تذكر من نقل الفسفاط، وذلك إثر تعطل القطار في الخط 13 على مستوى محطة منزل بوزيان من مدينة سيدي بوزيد جراء الاحتجاجات والخط 15 على مستوى المتلوي بسبب تضرّر بالسكة نتيجة الأمطار.
في الأثناء التقت العديد من الأسباب لتطيل الراحة الاجبارية للقطار، معبّدة الطريق امام العشرات من المستثمرين الخواص لاحتكار نشاط النقل.
متضرّرون من توقّف القطار
وقفت أنا يقظ، خلال تنقلها الى الحوض المنجمي واتصالها بالعشرات من المتدخلين في قطاع الفسفاط بين موظفين بشركة فسفاط قفصة والشركة التونسية لنقل المواد المنجمية وسواق قطارات وسواق شاحنات وناشطين بالمجتمع المدني لأكثر من أسبوع في أفريل المنقضي على عدة معطيات متعلقة بنشاط نقل الفسفاط. اذ لا يمكن التعاطي مع ملف بحجم نقل الفسفاط دون التركيز على أمرين اثنين من شأنهما تفسير التعطيل المتواصل لقطار الفسفاط، الا وهما تحديد هوية المتضررين والمستفيدين من توقف القطار
تضم قائمة المتضررين من تعطل عمل القطار خمس أطراف رئيسية: تأتي شركة فسفاط قفصة في طليعة المتضررين، بما انها أصبحت مدفوعة دفعا الى عقد صفقات بالمليارات مع أصحاب الشاحنات الخاصة لنقل الفسفاط وبأسعار مرتفعة جدا. اذ يصل سعر الطن الى 31 دينار. وبعملية حسابية بسيطة كان يفترض ان تنخفض القيمة لصفقات النقل بين 2011 و2017 من 164 مليون دينار الى الثلث تقريبا لو تكفل القطار بمهمة النقل عوضا عن المئات من الشاحنات الخاصة بما ان سعر طن الفسفاط على متنه لا يتجاوز عشرة دنانير، وكان في السابق في حدود الخمسة دنانير. هذه الخسائر المالية تأتي طبعا في ظرف اقتصادي صعب تعيش على وقعه شركة فسفاط قفصة التي انحصرت مداخيلها في السنوات الأخيرة.
يكشف التقرير السنوي ل CPG عن تراجع المبيعات بنسبة 55% وتراجع الإنتاج بنسبة 63% سنة 2015 مقارنة ب2010 جراء تواصل الاعتصامات والاحتجاجات بمدن الحوض المنجمي، ما تسبب في خسارة مالية سلبية ب108 مليون دينار في صافي الدخل بنفس السنة.
ثاني المتضررين من تعطّل القطار هي الشركة الوطنية للسكك الحديدية التي وجدت نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه شركة فسفاط قفصة وعلى تسيير قطاراتها على أكثر من خط.
قبل دخول قطار الفسفاط في سبات لسنوات كان يؤمّن يوميا 6 رحلات لنقل الفسفاط من مغسلة كاف الدور بالمتلوي والرديف وام العرائس بالإضافة الى سفرتين يوميتين لنقل المسافرين وسفرة أخرى على متن القطار السياحي "الجرذون الأحمر" الذي يستغل لنقل المسافرين والسواح بين المتلوي وتوزر للتمتع بجمال جبال ثالجة واستكشاف الكهوف التاريخية.
ومثلما أسلفنا الذكر كان يفترض ان تنتعش خزينة شركة سكك الحديد بما لا يقل عن 190 مليون دينار بين 2011 و2017 من نقل الفسفاط، لكن الحصيلة كانت في حدود 92 مليون دينار فقط، فضلا عن الخسائر الحاصلة في قطاع نقل المسافرين من الجنوب الى مختلف الاتجاهات.
إجمالا حققت شركة السكك الحديدية نتائج سلبية في موازناتها المالية تجاوزت 200 مليون دينار بين 2013 و2016، وفق تقارير مراجع الحسابات حول القائمات المالية للشركة. الى ذلك شهدت الشركة خسائر غير مباشرة مرتبطة بضرب ثقافة المؤسسة جراء الانقطاع المتكرر لنشاط القطار، وفق تأكيد أحد المديرين الجهويين للشركة بقفصة.
ولئن سعت شركة سكك الحديد الى رفع العشرات من القضايا ضد ضالعين في تعطيل عمل القطار، فيبدو ان مختلف الشكايات لا تزال في انتظار البت القضائي. كما كانت وتيرة مجهوداتها لاصلاح السكة المعطبة في المتلوي منذ أكتوبر 2017، بطيئة. وقد علمت أنا يقظ من مصادر بالشركة برفع ادارتها لعشرات الشكايات ضد متسببين في تعطيل عمل القطارات، في هذا السياق توجهت المنظمة بمطلب نفاذ الى الرئيس المدير العام لشركة SNCFT منذ 15 مارس 2019 للاستفسار عن عدد القضايا المرفوعة ضد الأطراف المتسببة في تعطيل عمل قطار نقل الفسفاط بين 2011 و2017 ومآلها وعن الاثباتات الحاصلة لدى الشركة عن ضلوع بعض الناقلين الخواص في تعطيل القطار، فخيّر فرج علي الرئيس المدير العام لSNCFT عدم الإجابة وتهرّب من عقد لقاء مع المنظمة.
من جهة أخرى تشير بعض المصادر الى تعطّل صفقة اصلاح السكّة المعطّبة بالمتلوي لسنتين كاملتين، جراء ضعف مشاركة العارضين، ما أدى الى اعتبار الصفقة غير مثمرة في مناسبتين، فضلا عن ارتفاع السعر المقترح من العارض الوحيد والذي بلغ 30 مليون دينار.
فئة أخرى وجدت نفسها متضررة من التوقف المطول للقطار، ممثلة في السكان المحليين وموظفي الشركة الوطنية للسكك الحديدية والمسافرين. إذ بات الكثير من المسافرين على متن القطار مضطرين لتكبد نفقات مضاعفة للتنقل عبر سيارات اللواج، بينما ارتفعت أصوات محلية للتنديد بتسبب المئات من الشاحنات الخاصة التي تجوب يوميا طرقات قفصة في تآكل البنية التحتية والانتشار المتواصل للأتربة السامة ما حوّل سماء المدينة الى قبة ضبابية دون انقطاع، في تعميق واضح للتلوث البيئي أحد ابرز المتسببين في انتشار الامراض التنفسية والجليدة وحتى السرطانية.
في هذا السياق علمت انا يقظ ان المجلس البلدي بقفصة قد وجد صعوبات في تطبيق قرارات له بمنع شاحنات الفسفاط من عبور وسط المدينة.
كما تحدث العديد من سواق القطارات في لقاء مع أنا يقظ عن تراجع جراياتهم بصفة ملحوظة جراء توقف نشاط القطار ما أدى الى نقلتهم الى محطات أخرى خارج مدينة قفصة رغم الانعكاسات المالية والاجتماعية لهذا الاجراء.
فتّش عن المستفيد
على الجانب الاخر من الصورة اجتمعت أطراف أخرى لتؤبّد أزمة قطار الفسفاط، عبر انتفاعها مباشرة أو بطريقة غير مباشرة من قطع سكة الحديد. نتحدث عن أربع جهات أساسية منتفعة، بدء بمالكي شاحنات نقل الفسفاط مرورا بأصحاب سيارات اللواج وبعض المحتجين وصولا الى عدد من السياسيين.
فقد خلص استبيان أجرته منظمة أنا يقظ في الحوض المنجمي خلال شهر أفريل المنقضي واستجوب 50 شخصا الى اتهام 65 % من المستوجبين أصحاب الشاحنات الخاصة لنقل الفسفاط بالوقوف خلف الاحتجاجات المتسببة في تعطيل القطار، بينما اتهم 15 % منهم أصحاب اللواجات بتحريض المحتجين على غلق السكة وحمل 12 % منهم مسؤولية إيقاف قطار الفسفاط الى بعض المحتجين المستغلين لورقة إيقاف القطار للحصول للمطالبة بالتشغيل أو التنمية. وذهب 8 %من المستجوبين حد توجيه أصابع الاتهام نحو بعض السياسيين بالوقوف خلف عمليات تجييش متعمدة للمحتجين لقطع سكة القطار.
أما عن إمكانية ضلوع بعض الشركات الخاصة لنقل الفسفاط، فقد تواترت اتهامات العديد من المستجوبين لبعض المستثمرين وعلى رأسهم نائب عن مدينة قفصة باستعمال ورقة الاحتجاجات لتعطيل القطار. البعض أشار الى لجوء هذا النائب الى شراء ذمم محتجين لمنع مرور القطار، بل هناك من تحدث صراحة عن وجود احتجاجات مدفوعة الاجر من بعض أصحاب الشاحنات الخاصة وراء تعطيل الخط 13 على مستوى معتمدية منزل بوزيان. تهمة تشبث بدحضها بعض المحتجين في تصريح لأنا يقظ مبينين ان تحركاتهم الاحتجاجية كانت ذات مطلبية اجتماعية وتنموية. وقد طالت حتى منع الشركات الخاصة لنقل الفسفاط من المرور عبر منزل بوزيان.
يذكر ان القطار قد استأنف عمله عبر الخط 13 منذ ماي المنقضي إثر تدخل القوات الأمنية لفك الاعتصام المنتصب على السكة منذ أكثر من سنة.
نائب أخر أُتُهم بالاستعانة بعدد من المعتصمين لإغلاق سكة الحديد في أكثر من مناسبة. وحتى يظهر في صورة المنقذ وصاحب الحل والربط في قفصة كان يلعب دور المفاوض مع المحتجين الذين عادة ما يوقفون تحركاتهم بعد تدخله. أحد المستجوبين ذكر انه لاحظ علاقة مريبة بين النائب وعدد من المحتجين، الذين كانوا في الصفوف الامامية في افتتاح المكتب الجهوي للحزب الذي ينتمي اليه هذا النائب. هذه الاتهامات ايدها المكلف بالاعلام بشركة فسفاط قفصة، بحديثه عن ارتباط مشكل تعطل النقل المنجمي بتجاذبات سياسية ساهمت في توظيف هذا الملف من قبل أكثر من طرف سياسي، وذلك خلال نفس حلقة النقاش التي خصصتها أنا يقظ لمناقشة واقع قطاع نقل الفسفاط.
طيف أخر من المستفيدين من الغلق المستمر لسكة الحديد، وهم أصحاب سيارات اللواج الذين يشتركون مع القطار في نقل المسافرين. اذ تحدثت مصادر بالشركة الوطنية للسكك الحديدية عن معاينتهم لتوافد عدد من سيارات الأجرة على محطات القطار كلما تم اغلاق السكة، وذلك لنقل الركاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.