تحتفل السلطات الرسمية بالذكرى 78 لعيد الشهداء الذين رووا البلاد بدمائهم الزكية من أجل تحررها من نير الاستعمار و بناء الدولة الوطنية المنيعة . و اذ يقف المرء اجلالا لشهداء الوطن – وهم اكرمنا جميعا – فانه لا يمكنه التحكم في مشاعر الانزعاج الشديد و التوجس بالمستقبل التي تستبد به وهو يستحضر ما وصلت اليه البلاد اليوم في علاقة مع ما ضحى من اجله الاجداد فما تشهده الاوضاع الاجتماعية و الاقتصادية اليوم من تردي ينذر باوخم العواقب على استقلال البلاد و استقرارها و ذلك جراء السياسات المنتهجة من الائتلاف الحاكم والمتميزة خصوصا في هذا المجال بما يلي : 1 – التغييب الكامل للابعاد الاجتماعية في الخيارات المتبعة مازاد في اثقال كاهل الشعب و في تآكل مقدراته المعيشية و تفاقم الفقر و انتشاره خاصة في احزمة المدن و في الولايات الداخلية – 2- التسابق في زيادة التداين الخارجي من الدول و الصناديق المالية و تجاوز حجم هذا الدين الخطوط الحمراء بما يرهن مستقبل الاجيال القادمة وبما نال حاليا من سيادة البلاد جراء خضوعها للاملاءات الخارجية التي لا غاية لها الا ضمان سداد ديونها دون الالتفات الى انعكاساتها المدمرة على البلاد – -3- المضي فيما يسمى باصلاحات جبائية و استثمارية مملاة و مسقطة من الخارج تعطي للمستثمر الاجنبي امتيازات و تفتح له اسواقا على حساب المنتوج الداخلي و المستثمر الوطني المحاصر – – 4 – التقدم في مسارات المصادقة على اتفاقية التبادل الحر الشامل و المعمق مع الاتحاد الاوروبي بما سيجعل بلادنا سوقا للبضائع و الخدمات الاوروبية على حساب المؤسسات الوطنية الصغرى و المتوسطة الغير قادرة حاليا على المنافسة بما سيزيد في البطالة و الفقر و انسداد الافاق – 5 – غياب اية رؤية استراتيجية للنهوض الاقتصادي على قاعدة حماية السوق الداخلية و الرأسمال الوطني و جعله قطب الرحى في الخيارات العامة – -6 – غياب الارادة في التصدي لانتشار الفساد و التواكل و التردد في تغيير المنظومات الحاضنة لها . – أن كل هذه الظواهر و غيرها هي مؤشرات جدية على الاخطار المحدقة في المستقبل القريب بالبلاد من بوابة السياسات الاقتصادية و الاجتماعية فقط بما يجعل الوطن الذي استشهد من اجله الاجداد عرضة للافلاس و مهددا بفقدان السيادة و الاستقلال و حرية القرار في ادنى تجلياتها . فتونس اليوم على شفير الهاوية . – و في هذه الاوضاع فانه لا خلاص للبلاد الا بيقظة وطنية شاملة متعالية عن الحسابات السياسية الضيقة تجعل مصالح الوطن و استقلاله في صدارة الاولويات . يقظة حقيقية قادرة على استنهاض الهمم الشعبية و الرسمية لحماية البلاد و الذود عن استقلالها المهدد من مصادر مختلفة ليس أقلها البوابة الاقتصادية .