لا أدري لما التعجّب من عدم بثّ قناة "التاسعة" لحوار تلفزي أجرته وسجّلته مع رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي.. وأعلنت عن بثه الليلة منذ أيام.. – فباعث القناة معز بن غربية سبق وأن جعل تونس تسهر للفجر على وقع شريط فيديو قال فيه أنّ هناك أشخاص يتبعونه لاغتياله. . وانّ هناك تواطئا معهم من جهات نافذة.. وأنه يملك أسرارا ومعلومات عن اغتيال شكري بلعيد وأحداث أخرى سيكشفها للعموم.. ثم سكت بن غربية وقضى أسابيع سياحة وراحة واستمتاع و"سبا" في سويسرا.. وعاد إلى تونس لينكر كلّ تصريحاته ويتراجع فيها.. ويقول أنّه مريض نفسيا وعصبيّا.. وأنه يتوهّم ويهذي.. قال ذلك للعموم.. وقاله أيضا أمام القضاء رسميا مستشهدا بشهادات طبية.. – والحقيقة أن بن غربية لم يكن ينوي كشف الحقائق بقدر ما كان يهدف إلى الابتزاز والضغط والبحث عن تسويات وتحقيق أهداف.. فلما حقّق ما يبتغي.. ابتلع لسانه وأنكر أقواله ولو بتقمّص دور المريض النفسي.. – الأرجح أن بن غربية فعل نفس الشيء مع المنصف المرزوقي.. فهو لم يكن يسعى لإحراج السبسي وحكومة الشاهد بتصريحات مثيرة وقوية من غريمهم السياسي الأوّل والأقوى المرزوقي.. بقدر ما كان يسعى إلى الضغط على السبسي والشاهد ونداء تونس واللوبيات التي تقف معهم.. ويبحث كعادته عن تحقيق أهداف وتسويات وصفقات مادية ومعنوية.. – فعن أي ضغوط تتحدّث قناة التاسعة لمنع بثّ حوار مبرمج وسجّلته مع المرزوقي؟؟ هل السبسي والشاهد ورئاستي الجمهورية والحكومة والحزب الحاكم.. سيحاكمون أو سيسجنون معز بن غربية أو سيغلقون قناته التلفزية؟؟ الجواب هو طبعا "لا".. – لكن فوائد ومصالح عدم بثّ الحوار هي أكثر من فوائد بثّه بالنسبة لشخص مثل معز بن غربية.. وهو رجل يبحث عن الفائدة والمصلحة.. – الحقيقة أنّ الخطأ ليس خطأ بن غربية.. بل هو خطأ المنصف المرزوقي وفريقه السياسي والإعلامي الذي رضي بتسجيل حوار في قناة تلفزية يموّلها لوبي من أصحاب الفكر والعصبيّة الجهويّة المعروفين بمعاداتهم للديمقراطية وللمرزوقي شخصيا.. ويديرها مثل معز بن غربية.. ويقدم أهم برامجها أمثال برهان بسيس والمكي هلال وهيثم المكي المعروفين أصلا بمواقفهم السيئة الشهيرة من المرزوقي.. لذا ففي أضعف الإجراءات والاحتياطات.. كان على المرزوقي وفريقه وإن قرّروا التعامل مع قناة التاسعة وبن غربية على الرغم من كلّ ذلك.. أن يشترطوا البث المباشر للحوار.. على الأقلّ ليأمنوا الصنصرة والتلاعب في المونتاج..