الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    نابل: 2457 تلميذ يجتازون مناظرة "النوفيام"    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    وزارة الصحة: علاج دون جراحة لمرضى البروستات في تونس    عاجل/ البرلمان يدرس إصدار تشريعات تمنع تسويق هذه المنتجات عبر الانترنات    تعرف على توقيت مباراة أنس جابر وبولا بادوسا في ربع نهائي الزوجي والقنوات الناقلة    الجامعات البريطانية ترفع الحظر عن احتجاجات غزة وتؤكد حرية التعبير    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    عاجل/ وزارة الخارجية تكشف وضع الجالية التونسية في إيران    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    بداية من الأحد: إجراء جديد لدخول مآوي مطار تونس قرطاج.. #خبر_عاجل    موعد انطلاق العمل بالبطاقات الإلكترونية مسبقة الدفع بمآوي مطار تونس قرطاج    النادي الإفريقي: لجنة الإشراف على الجلسات العامة تتوجه بخطاب إلى المنخرطين    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    إيران تقصف مبنى استخبارات لجيش الاحتلال في بئر السبع    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    عاجل: وزارة التعليم العالي تنتدب 225 عونًا في مناظرة مهنية جديدة.. طريقة التسجيل    شهر جوان 2025 في تونس: أجور وعطل رسمية وأيام مهمة    ما هو صاروخ ''سجيل'' الذي استخدمته إيران ضد إسرائيل لأول مرة؟    عاجل: برميل النفط يتجاوز 77 دولارًا وسط مخاوف من صراع إقليمي    غازي معلّى : ثبات إيراني، تردّد أمريكي، وعجز إسرائيلي    "وول ستريت جورنال": ترامب وافق على خطط الهجوم ضد إيران    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''الحمد لله على الأجواء الفرشكة..كلو ولا الشهيلي''    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    قافلة الصمود تعود إلى تونس وغسان هنشيري يؤكد المعنويات المرتفعة ويبشّر ب"قافلة الصمود 2"    هجوم صاروخي كبير على تل أبيب وبئر السبع    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    كأس العالم للأندية : هزيمة قاسية للعين الإماراتي على حساب جوفنتوس (فيديو)    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    كأس العالم للأندية: سالزبورغ يتصدر محموعته بفوز صعب على باتشوكا    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    لجنة الاشراف على الجلسات العامة والمنخرطين بالنادي الافريقي - قبول القائمة الوحيدة المترشحة برئاسة محسن الطرابلسي    الإعلاء    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    سأغفو قليلا...    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه المناطق    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية مستشفى فرحات حشاد بسوسة.. وغياب الدولة….عبد العزيز الرباعي
نشر في صحفيو صفاقس يوم 08 - 02 - 2017

حقا إن التطورات التي يشهدها ملف الطبيبة " عبير عمران" وعملية التضخيم الذي تسير فيه الأحداث ..تجعلنا نصاب بحيرة وإحباط شديد لما وصلت إليه أوضاع المجتمع التونسي وهذا الانفلات والانخرام الغريب لمفهوم الدولة وهذا التسيب الكبير الذي أصبح يجعل من أحداث عادية كان بالإمكان أن تمر دون أن يحس بها أحد إلى قضية وطنية محل أنظار الداخل والخارج لما رافقها من تضخيم وتهويل وتوظيف.
لم يعد هناك في بلادنا شيء في منأى عن التوظيف السياسي .. حتى الأمور الحياتية العادية… كما أننا أصبحنا نتلمس بكل وضوح الغياب التام للدولة وللقانون وللمؤسسات في بلادنا بشكل يدعونا جميعا إلى إطلاق صيحات الفزع.
في البداية كانت الأخبار تتحدث عن قيام ولي بتقديم شكوى ضد مستشفى "فرحات حشاد" يتهم فيها الإطار الطبي بالإهمال الذي نتج عنه وفاة مولوده بعد عملية الولادة القيصرية التي أخضعت لها زوجته من أجل إنقاذ حياتها… ثم بدأت الأخبار تتواتر عن وجد إهمال طبي وأن المولود الذي قيل أنه ميت لم يكن كذلك وأنه كان على قيد الحياة … ثم تطورت الأمور إلى إيقاف الطبيبة التي قامت بالتصريح بوفاة الرضيع … ومن ثم أصبح الموضوع محل متابعة من طرف كل التونسيين بعد أن قام الإعلام بالنفخ فيه.. لتتوالى ردود الأفعال بعد ذلك من زيارة لوزيرة الصحة للمستشفى المذكور والقيام بفتح تحقيق في الموضوع… ليتبع ذلك تحركات قطاع الأطباء الشبان … ثم بعد ذلك تحرك قطاع الأطباء برمته .. ليتم في نهاية المطاف شن الإضرابات والتحركات الإحتجاجية والتهديد بالتصعيد … وهكذا يتحول الموضوع من موضوع عادي إلى ما يشبه المعركة… فالمواطن يطالب بحمايته من الإهمال والاستغلال الطبي والأطباء يطالون بقانون يحميهم في صورة الوقوع في الخطأ الطبي .. والسلطة تخبط خبط عشواء … وهذا يتهم القضاء.. والآخر يشتم الأطباء… وهكذا أصبح الوضع كأننا في ساحة حرب…
الأكيد أن هذا الذي يحدث برمته هو نتيجة حتمية للوضع السياسي الهش والمتردي الذي تعيشه البلاد والذي أفقد المجتمع أي إحساس لديه بوجود الدولة الراعية وأفقد الناس ثقتهم بعضهم ببعض.. فتحولت العلاقات بين المواطنين من علاقة تكامل وتعاون وتضامن ووحدة إلى علاقات ريبة وشك وخوف وعدائية… وهذا ما زاد إعلامنا المنفلت المفلس في تدعيمه وصب الزيت عليه…
اليوم الولي ينظر للمربي على أنه عدو وللطبيب على أنه عدو وللعون الإداري على أنه عدو …وهلم جرا من القطاعات … فلم تعد هناك تلك الثقة المتبادلة والتي تجعل الواحد منا مطمئنا عندما يضع نفسه أو فلذة كبده بين يدي مرب أو ممرض أو طبيب أو منشط أو مدرب…. لقد أصبح الشك والريبة والتوتر هو ما يربط بين المواطن وكل من يقدم خدمة في أي مجال من المجالات… وما كان لذلك أن يحدث وما كنا لنصل إلى هذا الوضع الذي وصلنا إليه لو أنه لم نر ذلك التحريض الذي قامت به العديد من الأطراف لتشويه قطاعات بأكملها وفي بعض الأحيان من المشرف الأول على ذلك القطاع من أعضاء حكومة ووزراء…
هذا من ناحية .. من ناحية أخرى.. الجميع في بلادنا من أعلى هرم السلطة إلى أي مواطن يعلم علم اليقين مدى اهتراء البنية التحتية لكل القطاعات الحيوية في بلادنا من صحة وتعليم وإدارة وتطهير وطرقات وأسطول نقل وسكك حديدية وغيرها… بما يؤثر تأثيرا مباشرا على أداء تلك القطاعات والعاملين بها لوظائفهم .. ولكن الغريب أن الدولة والسلطة الحاكمة ورغم علمها بكل تلك الهنات والنقائص الخطيرة فإنها تهرول مباشرة لتحميل الموظفين والمشرفين ومباشرة مسؤولية الحوادث والمصائب التي تقع نتيجة تلك النقائص وذلك الضغط المسلط على العمال والموظفين… دون أن يرف لها جفن أو يهتز لها ضمير… بما أن المعركة على الكراسي والغنائم لا تترك وقتا للمسؤولين للالتفات للكوارث الاجتماعية الناتجة عن كل ذلك التقصير والإهمال التي تعد السلطة أول المسؤولين عنه…
كم من حوادث على طرقاتنا و على سككنا الحديدية وفي مستشفياتنا وحتى في أسواقنا وفي شركاتنا وفي بحارنا راح ضحيتها العشرات من الأبرياء نتيجة هذا الغياب التام للدولة وللقانون وللمراقبة وللمتابعة وللصيانة؟؟؟ ولكن لا يكفي ذلك مصابا حتى يتم تقديم العمال والموظفين أكباش فداء من بعد ذلك للتغطية على فشل الإدارة والسلطة في القيام بمسؤولياتها؟؟؟
إن الذي يحدث اليوم أصبح ينبئ بالخطر… فتكرار مثل هذه الحوادث وتفاقمها يدل على أن لا شيء يتغير نحو الأفضل في البلاد … وهذا الاحتشاد والتكتل الذي أصبحت تعتمد عليه القطاعات المختلفة من صحة ومربين ومحامين وقضاة وأمنيين … من ألأجل حماية مصالحهم وقطاعاتهم جعل المواطن يحس بأنه الحلقة الضعيفة الوحيدة والتي يمكن التضحية بمصالحها وحقوقها في نهاية المطاف.. وهذا مؤشر خطير على تفكك المجتمع وتمزقه …
إن المطلوب اليوم من كل الأطراف أن تتحلى بالرصانة والموضوعية والمصداقية وأن يتم التعامل مع القضية بشكل عادي وطبيعي فإن كان هناك إخلال وتهاون متعمد من الطبيبة فعليها أن تتحمل نتيجة تهاونها.. وإن كان الخطأ غير مقصود وغير متعمد فعلى المواطن أن يتحلى بالإيمان وأن يتقبل ما كتبه الله له وأن يستلزم الصبر…
أما السلطة الحاكمة فإننا نقول لها إن تواصل هذا الاستهتار بمطالب ومشاكل ومآسي المواطنين وهذا الغياب الفظيع للدولة ولمؤسساتها ولإحاطتها ولبرامجها ولمراقبتها ولمحاسبتها لنفسها ولغيرها… يسير بنا نحو الهاوية .. حيث يتحول المجتمع إلى تجمعات من المصالح والقطاعات يحارب بعضها بعضا ويلقي بعضها اللوم على البعض الآخر بما يدمر كل أسس الدولة وركائزها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.