ما زال غبار طائرة "ترامب" لم ينقشع بعد وهاهي آثار توصياته بدأت تظهر على المنطقة… السعودية التي رأت فيما حصل خلال احتضانها للقاء "ترامب" بقادة الدول العربية والإسلامية على أرضها إعادة لاستلامها زمام المبادرة في المنطقة واستردادا لدورها المركزي الإقليمي القيادي والمهيمن فيها وبتفويض أمريكي..ودعم تام منها.. الغريب أن الرياض التي كادت قبل أيام قليلة تدخل في أزمة حادة مع الإمارات العربية المتحدة على خلفية اتهامها بمساندة جماعة الحراك الجنوبي الذين أعلنوا بعثهم "اللمجلس الانتقالي الجنوبي" الذي رأت فيه السعودية تهديدا لمشروعها في اليمن بقيادة حليفها ورجلها في المنطقة "منصور هادي" بعد تخليها عن " علي عبد الله الصالح" هاهي اليوم تفتح واجهة أخرى في اتجاه إمارة قطر التي رأت أنها لا تخضع كفاية لإملاءاتها ولا تكيف سياساتها حسب ما هو مطلوب منها سعوديا… السعودية نجحت في تدمير اليمن وإدخاله في حرب أهلية طاحنة كما أن دورها فيما يحدث في سوريا غير خاف على أحد.. وهاهي اليوم تريد إشعال النار في عقر دارها فقطر ورغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها إلا أنها تعد جزءا أساسيا ومهما من منظمة مجلس التعاون الخليجي… ومن شبه الجزيرة العربية… السعودية اعتقدت أنها بهرولتها في ركاب ساكن البيت الأبيض الجديد ستكون زعيمة للمنطقة بلا منازع وأنها سترضخ الجميع لإرادتها… هي لم تستوعب الدرس مما حدث لها في عهد "أوباما" .. كما أنها لم تقرأ جيدا ما حدث في تركيا العضو المهم والقديم في حلف الناتو ومن كان يقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة على النظام فيها .. ولم تقرأ جيدا التغيرات المفاجئة للتحالفات الأمريكية في المنطقة وخاصة بين الأطراف المتناحرة في سوريا… يبدو أن الأيام القادمة ستكون حبلى بالجديد… لأنه مهما ذهب في ظن السعودية أنها مدعومة ومسنودة من أكبر قوة عالمية فإن الأطراف الإقليمية الأخرى في المنطقة والتي لا يمكن البتة الاستهانة بها وبقوتها وبثقلها لن تقف صامتة أما هذا التعجرف وهذه العربدة.. كما أن إضعاف البيت الخليجي وتفتيت لحمته الداخلية لن يكون إلا في صالح الأطراف المعادية للسعودية بالدرجة الأولى ولمنطقة الخليج العربي بدرجة ثانية خاصة وأن الأطماع حول هذه المنطقة الغنية كثيرة وكبيرة.. المثير للاستغراب أيضا هو الترحيب الكبير والسعادة الكبيرة التي أبدها الكثيرون عندنا مما حدث بين بعض الدول العربية التي تدور في فلك السعودية وبين قطر من سحب لسفراء هذه الدول من قطر.. فالنظام القطري بالنسبة لهم هو داعم للإرهاب وهو من يقوم بتمويل الإرهاب في العالم وخاصة في سوريا وفي اليمن وفي ليبيا .. وهنا نحن نتساءل لو أن الأمر كان كذلك فلم لم تتحرك السعودية وباقي الأطراف الداعمة لها إلا اليوم؟؟ ألم تكن كل تلك الأطراف بمن في ذلك قطر وإلى الأمس القريب تنسق كل تحركاتها بشكل تام وتعد العمود الفقري لتحالف الذي تقوده السعودية لمقاومة الإرهاب؟؟؟ ألم تكن السعودية تتهم إيران بالوقوف وراء نشر الإرهاب والتحريض عليه ودعمه في المنطقة؟؟ اليوم تغير الوضع وأصبحت قطر هي من يقوم بذلك؟؟ .. ثم ألم ينوه الجميع بالدعم الذي لقيته تونس من طرف القيادة القطرية في حين تخلى الجميع عن تونس في أزمتها المالية والاقتصادية الخانقة؟؟ الأكيد أن الحسابات السياسية والولاءات المصلحية الشخصية والصراعات الإيديولوجية هي من تحدد مثل هذه المواقف المبنية على الانتهازية واللؤم والطعن في الظهر.. ختاما نقول وحتى لا نتهم بالوقف مع أحد ضد أحد.. لأننا وبصدق ..نقول أن من يدفعنا إلى قول هذا هو حبنا وتعلقنا بهذه الأرض وغيرتنا على لحمة ووحدة وطننا العربي التي أصبحنا نرى كيف ينفرط عقدها يوما بعد يوم وكأن تاريخ مماليك الأندلس يعيد نفسه بيننا اليوم… إن أمر السعودية يهمنا وأمر قطر يهمنا وأمر اليمن يهمنا وأمر سوريا الحضارة والمجد يهمنا… وكل الذين يتقاتلون ويتناحرون هم جزء لا يتجزأ منا.. وإن كل قطرة دم تسفك وكل روح تزهق وكل بنيان يدمر هو خسارة لنا … فمتى يتوقف هذا الجنون؟؟؟ ومتى يستعيد العرب رشدهم؟؟؟