تكاد تجمع جميع الأحزاب على طلب تأخير موعد الانتخابات البلدية لاسباب ظاهرة موضوعية و لاسباب خفية شخصية تتعلق أساسا بعدم جاهزيتها لهذا الحدث المهم، عدى طبعا الحزبين الحاكمين حركة النهضة و النداء الذين يسعيان الى اجرائها في موعدها حتى ولو كان الثمن تشويه المشهد السياسي و الحزبي و الاضرار مباشرة بمصالح الوطن. هذين الحزبين لم يخفيا حتى رغبتهما في تكوين قوائم موحدة لكن هته الرغبة اصطدمت برفض قطعي و شديد بالأخص من قواعد النداء. فكان الحل لتقاسم الغنيمة هو اللعب على صياغة القانون المنظم للانتخابات البلدية وهو قانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 مؤرخ في 14 فيفري 2017 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء. هذا القانون حيك على مقاس المصلحة الحزبية لحركة النهضة أولا و مباشرة ثم لمصلحة النداء ثانيا و بصفة غير مباشرة استنادا للتحالفات المتوقعة على ضوء لعبة التوافق مع النهضة. فقانون الانتخابات البلدية يعتمد على الانتخاب بالقائمة مع اعتماد أكبر البقايا و لا ينتخب فيه رئيس البلدية بطريقة مباشرة من طرف الناخبين بل ينتخب من طرف اعضاء المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تشكله. وهذا بطبيعة الحال سيؤدي مباشرة الى تكريس منهج المحاصصة بين النهضة و النداء تنفيذا لسياسة التوافق ولنظرية الطائر ذو جناحين بل سيكون اعتماد مقنعا فكرة القوائم المشتركة. نعم سيكون التحاصص على رئاسة البلديات على النحو الآتي: أعطيني بلدية سوسة أعطيك بلدية صفاقس و بلدية نابل مقابل بلدية بنزرت و تونس مقابل أريانة و هكذا دواليك ….. لقد أخطأت بقية الاحزاب حين تم تمرير القانون المنظم للانتخابات البلدية في غفلة منها ولم تنتبه لهذا الفخ الذي نصبته النهضة و النداء لها و ستدفع ثمن ذلك غاليا ان تمت الانتخابات وفق قواعد اللعبة المغشوشة. ليست الاحزاب لوحدها من ستدفع هذا الثمن بل الوطن وكل الشعب التونسي سيلحقه الأذى فهته الانتخابات ستبقي من تسبب في إفلاس تونس وفشل في ادارتها جاثما فوق قلوبنا حاكما غير شرعيا لنا يحكمنا فقط بقانون التحيل و الاستغفال بانتخابات شكلية لا تعكس حقيقة الارادة الشعبية. و ستكون نتيجة هته الانتخابات أقوى سندا و تمهيدا للانتخابات الرئاسية و البرلمانية التي ستليها بعد مدة قصيرة لإعادة الكرة و الغش مرة اخرى. إذا فتأخير هته الانتخابات لن يجنبنا الكارثة بل فقط سيؤجل موعدها لا أكثر ولا أقل، لان الكارثة لا تكمن في الموعد نفسه بل في قواعد اللعبة أي القانون المنظم لها.