يعود التلاميذ إلى الأقسام في سنة دراسية جديدة.. و بهذه المناسبة نريد من كل تلميذ أن يتذكّر أحلامه و طموحاته الإيجابية في الحياة و يسعى إليها بالكدّ و الجدّ في العلم الذي لا بديل عنه للنجاح في الحياة المهنية و الاجتماعية لاحقا.. أيها التلميذ ! لا تيأس إن لم تفهم الدرس 9 مرّات أن تحاول للمرة العاشرة عسى أن تنجح فيها.. مشكلة العديد من أبنائنا أنهم يرمون المنديل سريعا و يملّون.. المحاولة تلو المحاولة تجلب الفلاح.. و كذلك الصبر و الإرادة و تحدّي العراقيل المختلفة.. طريق النجاح مليء بالأشواك.. أحدثكم عن تجربة و ليس هذا كلاما نظريا.. المربي يبذل أقصى مجهوداته لإيصال المعلومة و يخرج من هذه المهنة الشاقة بكثير من الأمراض أقلها ضغط الدم و السكري و التهاب الحنجرة.. لا تحمّلوا فشل الأبناء للأستاذ فماهو إلا حلقة في تعليم الأبناء.. هناك البرامج الرسمية الممطّطة و المعقّدة أحيانا كثيرة.. هناك ضعف البنية التحتية و سوء حالة التجهيزات هذا إن وُجدت أصلا.. هناك فنانو الرداءة و بعض وسائل الإعلام التي ميّعت الشباب و ألهته عن الجدّ و العمل.. هناك بعض الأولياء الذين لا يتابعون صغارهم و لا يتحاورون معهم و لا ينصحونهم.. هناك مشاكل في النقل.. هناك مشاكل صحية بدنية أو نفسية لبعض أبنائنا.. هناك التلميذ نفسه الذي لا يركّز في القسم و لا يعبأ بما يُقدّم له هدفه الشغب و الفوضى و هناك منهم الكسول الذي لا يراجع دروسه و لا يبحث.. هناك قرناء السوء الذين يُفسدون أخلاق التلميذ… هناك المسكرات و المخدّرات و الانحرافات بمختلف أنواعها… النجاح بيد التلميذ أساسا.. بتركيزه و إصراره على الهدف.. عليه أن يبذل كل جهده.. و بعد ذلك يلتجئ إلى الدروس الخصوصية التي تصلح بعض الأخطاء و تجوّد الأداء و تدعّم النجاحات.. و لكن الذي يحصل أن التلميذ يتكاسل و يريد ما يشبه الامتحان في تلك الدروس ساعدهم في ذلك عقلية بعض المعلمين و الأساتذة.. و لكن أغلبهم نزيه و شريف.. بل إن سبب انتشار هذه الدروس أساسا هو رغبة التلاميذ و الأولياء فيها بكل الطرق ظنا منهم أنها الحل السحري الذي يجلب النجاح مقابل المال.. و كثير منهم يغضبون ممن لا يقدّمها.. لقد ساد التّسيّب في بلادنا عامّة و في مدارسنا و معاهدنا خاصّة و بقدر ما ندعو إلى الحوار و تفهّم بعض الوضعيات بقدر ما ندعو إلى فرض مزيد من الانضباط و تشديد العقوبات و الرّدع لمن يخالف قواعد الحياة المدرسية.. نريد أن تكون الأجواء أكثر نقاء بين أعضاء الأسرة التربوية و لا تتنازعهم التجاذبات و الأهواء كما يحصل في بعض المؤسسات.. نريد إعادة الاعتبار للأنشطة الثقافية و الاجتماعية و الرياضية و الابتعاد عن اللغة الخشبية الركيكة المعقدة في بعض برامجنا الرسمية.. نريد إعادة الاعتبار للمطالعة و حب الكتاب و اللغات.. فالعربية و الفرنسية و الانقليزية و حتى الدارجة التونسية أصبحت في خطر.. و لغة بعض الشباب أصبحت هجينة بلا روح بل هي أحيانا لغة عنيفة بذيئة.. و لهذا غاب التواصل الايجابي و النقاشات البناءة.. و أهم ما يجب إعادة الاعتبار له هو الأخلاق عملا بمقولة أحمد شوقي " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا " نريدها سنة النجاحات و الإبداعات..