ما هو بديهي أن البلدان التي يمر اقتصادها بفترة كساد لمدة معينة بإمكانها تحقيق قفزة هامة في النمو وبلوغ نسب نمو عالية تفوق في بعض الأحيان الرقمين (أي نسبة تفوق 10%) خاصة إذا كانت قادرة لتعبئة الموارد الداخلية والخارجية مثل تونس. لكن تعطيل النمو أسبابه غير مباشرة وغير واضحة للبعض. ما يتداول حاليا أن تونس ستسجل سنة 2018 عجزا بحوالي 12 مليار دينار في ميزانية الدولة وستظطر لتعبئة حوالي 6 مليار دينار من السوق الداخلية أي من البنوك التي عوض تمويل الاقتصاد (شركات ومشاريع) ستمول ميزانية الدولة. وهذه الطريقة (تمويل ميزانية الدولة) دأبنا عليها، بصفة مكثفة طبعا، منذ سنوات الثورة المزعومة. علما وأن البنوك إمكانياتها محدودة ولا تستطيع تمويل الإثنين معا (الدولة والاقتصاد) وهي دائما تحبذ إقراض الدولة بصفتها حسب القاعدة le plus solvable. لهذا نعيش حاليا تشدد أكثر فأكثر من البنوك لتمويل القطاع الخاص. وهو أحد الأسباب الرئيسية لتراجع استثمارات القطاع الخاص الذي كان يساهم بأكثر من 60% من جملة الاستثمارات قبل سنة 2011. وهذا ما لا يعرفه ولا يعرج عليه الكثيرون من أشباه خبراء الاقتصاد. وهو سبب من أسباب ليس تراجع النمو فقط بل وحتى إمكانية إفلاس البنوك وبالتالي الاقتصاد في صورة عجز الدولة عن الخلاص من جهة وعدم تحقيق نسبة نمو مرتفعة من جهة ثانية لأنها الوحيدة (نسبة النمو) التي تنعش طاقة البنوك في الاقراض. وبالتالي ليس الوضع الاجتماعي والارهاب والتهريب الأسباب الوحيدة لضعف الاستثمارات بل وخاصة لجوء الدولة إلى تعبئة الموارد الداخلية بصفة مكثفة لتغطية عجز الميزانية.